Emarat Al Youm

إسرائيل تحْكم قبضتها على مياه الأغوار لتهجير الفلسطينيي­ن منها

- زهير دوله – الضفة الغربية

بدءاً من مدينة بيسان حتى مدينة صفد شمال الأراضي الفلسطينية، ومن عين جدي حتى صحراء النقب جنوباً، ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غرباً، تمتد مناطق الأغوار الشمالية الفلسطينية بمساحة إجمالية تبلغ 720 ألف دونم، مُشكلةً ربع مساحة الضفة الغربية الإجمالية.

هذه المساحات الشاسعة لا ينعم الفلسطينيو­ن بها كاملة، فإسرائيل تسيطر عى 80% منها، لصالح إقامة المستوطنات ومعسكرات الجيش، فيما تتحكم شركة المياه الإسرائيلي­ة «مكوروت» في ما يقارب ال85% من مياه الأغوار الشمالية، والتي تعد ضمن الحوض المائي الشرقي الأكر في الأراضي الفلسطينية.

وما يتبقى من مصادر مياه للفلسطينيي­ن، ونسبته 15%، لا يستفيدون منها كاملة، حيث يواجهون منغصات من قبل شركة مكوروت التي تتحكم في كل مصادر المياه، فيما تبيعها للفلسطينيي­ن بمبالغ باهظة، إلى جانب استفادة المستوطنين منها مباشرة، والذين يستهلكون ثمانية أضعاف ما يستهلكه أهالي الأغوار الشمالية من المياه.

مرحلة خطيرة

أزمة المياه في الأغوار الشمالية قديمة جديدة، ومستمرة منذ عشرات السنين، وتجددت خطورتها باتجاه يهدد الوجود الفلسطيني فيها، مع إجراءات عدة نفذت في مناطق الأغوار الشمالية، فقد كثفت إسرائيل عمليات الدهم والتفتيش لخطوط نقل المياه والصهاريج، خال الفرة الحالية، ففي يوم 19 من شهر سبتمر الماضي، اقتحمت القوات الإسرائيلي­ة قرية بردلة في المنطقة، وأغلقت منافذ المياه التي تغذي المواطنين، فيما أخطرت بوقف العمل في خمس منشآت سكنية، وحظائر أغنام، في طوباس إحدى مناطق الأغوار.

وفي شهر أغسطس الماضي، وعى مدار أيام متتالية، دهمت القوات بردلة إحدى قرى الأغوار، فيما دمرت الجرافات خطوطاً ناقلة للمياه، كما استولت عى شبكات ري داخلية، تتبع للمزارعين في قرية عين البيضاء قرب بردلة.

وتعمل شركة المياه الإسرائيلي­ة مكوروت، في هذه الأثناء، عى نقل خط المياه الذي يمر بالقرب من قرية بردلة، والذي يستخدمه الأهالي للحصول عى تحويات لنقل المياه، لإبعاده بمسافة تقدر بنصف كيلومر عن القرية، ليكون قريباً من استخدام المستوطنات التي أقامتها إسرائيل عى أراضي الأغوار الشمالية،

وذلك

بحسب رئيس مجلس محلي بردلة، والتجمعات البدوية في الأغوار الشمالية عبدالرحيم بشارات.

ويؤكد بشارات أن إجراءات شركة مكوروت والحكومة الإسرائيلي­ة هي بداية مرحلة خطيرة عى المزارعين، لافتاً إلى أن حرمان الأهالي من المياه، وعدم مقدرتهم عى توفيرها، يتسببان في تهجيرهم قسراً، كونهم يعتمدون عى المياه بشكل رئيس في حياتهم، وتؤثر في مصدر دخلهم وهو الزراعة ورعي الماشية.

ضغوط التهجير القسري

يقول رئيس المجلس المحلي: «إن إسرائيل تمارس ضغوطاً كبيرة ضد المواطنين في الأغوار، من خال تحكمها في مصادر المياه، ومساعيها للسيطرة عى ما تبقى منها، لتهجيرهم من أراضيهم بشكل قسري، وبفعل ذلك يواجه الأهالي خطر العطش والحرمان من كامل مصادر المياه، حيث يحصلون عى المياه التي يملكونها من إسرائيل بكميات قليلة، لا تكفي احتياجاتهم اليومية، أو استخدامها في ري أراضيهم الزراعية، ورعاية حيواناتهم .»

وتمتلك قرية بردلة، بحسب بشارات، برين للمياه تعدان ثاني أكر مخزون مائي في الأغوار، تسيطر عليهما إسرائيل، حيث تضخ منهما نحو 2500 كوب مياه في الساعة، لكن ما تحصل عليه قرية بردلة، البالغ عدد سكانها 3000 نسمة، وقريتا عين البيضاء وكردلة المجاورتان، 500 كوب فقط خال ساعة واحدة، فيما يحصل المستوطنون عى الحصة الكرى، والتي تبلغ 2000 كوب مياه في الساعة.

ويشير إلى أن الكميات التي يحصل عليها المواطنون في الأغوار الشمالية لا تكفي أكثر من 25% من احتياجاتهم اليومية فقط، دون تأمين مزروعاتهم وماشيتهم منها، لافتاً إلى أن استمرار تلك الأزمة يعني حرمان معظم الأهالي من مصدر دخلهم الوحيد.

ويشير بشارات، خال حديثه ل«الإمارات اليوم»، إلى أن الأهالي والمزارعين ورعاة الماشية يشرون صهاريج المياه من شركة المياه الإسرائيلي­ة مكوروت، لتوفير أدنى احتياجاتهم من المياه، في ظل قلة المياه التي تخصصها إسرائيل لقرى الأغوار الشمالية، لافتاً إلى أن المزارع أو الراعي يحتاج يومياً لشراء أكثر من صهريجي مياه شرب، حيث يصل ثمن الصهريج الواحد إلى 50 شيكاً.

ويبين بشارات أن إسرائيل ترفض منح الراخيص الازمة لحفر آبار مياه للفلسطينيّين بالأغوار الشمالية، بينما تحفر شركة مكوروت الإسرائيلي­ة الآبار في المنطقة بشكل مستمر، لتزويد المستوطنات بالمياه.

إجراءات مبرمجة

يواجه أهالي الأغوار - بفعل الإجراءات والمخططات الإسرائيلي­ة الجديدة - مصيراً مجهولاً، خال الأشهر المقبلة، في ظل السيطرة الكاملة عى مصادر المياه بالأغوار الشمالية، وعدم تمكنهم من الحصول عى المياه من شبكة المياه الإسرائيلي­ة مكوروت.

يقول عارف دراغمة، الذي يعمل مسؤولاً لمجلس قروي المالح أحد تجمعات الأغوار، إن سياسة إسرائيل في السيطرة عى أراضي الأغوار الشمالية، ومصادر المياه فيها، تسبب حرمان الأهالي من معظم ممتلكاتهم من الأراضي الزراعية وآبار المياه».

ويضيف: «تأتي تصريحات نتنياهو وإجراءات حكومته وشركة مكوروت، لتهدد ما تبقى من أراضٍ ومصادر للمياه، حيث ستصادر كل المناطق الفلسطينية في الأغوار، والتي تبلغ فقط 20% من مساحة الأغوار الشمالية الإجمالية، فيما سيتضرر منها بشكل مباشر أكثر من 65% من المواطنين، خصوصاً أصحاب الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية.

ويؤكد دراغمة، ل«الإمارات اليوم»، أن إجراءات نتنياهو، وتصريحاته بالسيطرة الكاملة عى الأغوار الشمالية، هي سياسة مرمجة، رسمت مخططاتها منذ عام 2016، بعد زيادة أعداد التجمعات الاستيطاني­ة في الأغوار.

وتجثم عى أراضي الأغوار الفلسطينية 31 مستوطنة، معظمها زراعية، أقيمت عى 12 ألف دونم، إضافة إلى 60 ألف دونم ملحقة بها، ويسكنها 8300 مستوطن من المقيمين، فيما تتبع معظم المستوطنات في الأغوار للمجالس الاستيطاني­ة الإقليمية المعروفة باسم «عرفوت هيردن»، و«مجيلوت»، وذلك بحسب دراغمة.

وتسيطر إسرائيل عى 400 ألف دونم، بنسبة 55% من المساحة الإجمالية لأغوار الشمالية، بذريعة استخدامها مناطق عسكرية مغلقة؛ أي ما نسبته 55.5%، فيما يحظر عى السكان الفلسطينيي­ن ممارسة أي نشاط زراعي أو عمراني في هذه المناطق.

تجثم على أراضي الأغوار الفلسطينية 31 مستوطنة، معظمها زراعية، أقيمت على 1٢ ألف دونم، إضافة إلى 60 ألف دونم ملحقة بها، ويسكنها 8300 مستوطن، وتتبع معظم المستوطنات في الأغوار المجالس الإقليمية.

عبدالرحيم بشارات:

«إسرائيل تمارس ضغوطا كبيرة ضد المواطنين في الأغوار، من خلال تحكمها في مصادر المياه».

يواجه أهالي الأغوار مصيرا مجهولا، خلال الأشهر المقبلة، في ظل السيطرة الكاملة على مصادر المياه بالأغوار الشمالية، وعدم تمكنهم من الحصول على المياه من شبكة المياه الإسرائيلي­ة «مكوروت».

عارف دراغمة:

«تصريحات نتنياهو بالسيطرة الكاملة على الأغوار الشمالية سياسة مبرمجة، رسمت مخططاتها منذ عام ٢016.»

 ?? الإمارات اليوم الإمارات اليوم ?? مصير مجهول يواجهه أهالي الأغوار يستهدف وجودهم. المستوطنون يستهلكون 8 أضعاف استهلاك الفلسطيني من المياه.
الإمارات اليوم الإمارات اليوم مصير مجهول يواجهه أهالي الأغوار يستهدف وجودهم. المستوطنون يستهلكون 8 أضعاف استهلاك الفلسطيني من المياه.
 ?? الامارات اليوم ?? إسرائيل توقف العمل في منشآت سكنية بطوباس في الأغوار.
الامارات اليوم إسرائيل توقف العمل في منشآت سكنية بطوباس في الأغوار.
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates