Emarat Al Youm

«سينكامور» ينجز في 200 ثانية مهام تنفذها الحاسبات التقليدية في 10 آلاف سنة

أطلقته «غوغل» ويثبت صحة نظرية «التفوق الكمي»

- من المصدر القاهرة - الإمارات اليوم

تباينت خال الأيام الماضية، ردود أفعال العلماء والباحثين حول النتائج الجديدة التي أعلنتها «غوغل» في مجال بحوث الحوسبة الكمية. وقالت الشركة خالها إن حاسبها الكمي «سينكامور» نفذ في 200 ثانية فقط، مهام كانت ستستغرق 10 آلاف عام عى أسرع حاسب عماق «سوبر كمبيوتر» موجود في العالم الآن.

إثبات عملي

واعتر باحثون أن هذه التجربة تُعد إثباتاً عملياً للتصورات والفرضيات النظرية الخاصة بفكرة «التفوق الكمي» الساحق للحاسبات الكمية، عى الحاسبات التقليدية، التي قال بها كثير من العلماء خال العقود الماضية.

فيما رأى آخرون أن مجرد «إثبات المفهوم» لا يعني الوصول لأجهزة قابلة للتشغيل في الحياة اليومية، لأن الحاسب نفذ المهمة في درجة برودة تصل لأجزاء من )الصفر المطلق( ولفترة عمل تُقاس بالثواني فقط، والسرعة الهائلة في التنفيذ، صاحبها أخطاء في النتائج وكُلفة تشغيل باهظة.

وكان فريق علماء الحوسبة الكمية التابع ل«غوغل» قد نشر الثاثاء الموافق 23 الماضي، ورقة بحثية أكاديمية بمجلة «نيتشر» العلمية، موثقة من 77 باحثاً ومؤلفاً، وتمت مراجعتها من عدد مماثل من النظراء، وقدّم خالها تفاصيل النتائج التي توصلوا إليها في تصميم وتشغيل الحاسب الكمي «سينكامور»، وكيف أنه قام بتنفيذ عملية حسابية لتوليد الأرقام عشوائياً خال 200 ثانية فحسب، وهي عملية تحتاج من الحاسبات الفائقة «سوبر كمبيوتر» المتاحة عالمياً الآن 10 آلاف عام لإنجازها.

وأكد علماء «غوغل» أن هذه النتائج تثبت صحة أمرين، الأول، نظرية الحاسبات الكمية عموماً، والثاني، فرضية «التفوق الكمي» الساحق عى الحاسبات الحالية.

الحوسبة الكمية

وتُعد أفكار الحوسبة الكمية معروفة نظرياً منذ فترة طويلة، لكنها شهدت نقلة كبيرة في تأصيلها وإدخالها حيز البحث مع جهود عالم الفيزياء الشهير، ريتشارد فاينمان، التي بدأها عام 1981. حينما تحدث في خطاب ألقاه في

معهد « ماساتشوستس » للتقنية، عن الحاسبات الكمية ودورها في محاكاة الطبيعة. وخال العقدين الأخيرين شارك كثير من الشركات في بحوث الحاسبات الكمية، وكان عى رأسها «آي بي إم»، و«إنتل»، ثم «غوغل» التي دخلت هذا النشاط منذ 13 عاماً.

وتقوم الحوسبة الكمية، عى نظرية مخالفة للنظرية التي عرفتها صناعة الحاسبات منذ ظهورها، ففى الحاسبات الحالية، يتم تخزين المعلومات في صورة وحدات تعرف بال«بت»، التي تعر عن الصفر أو الواحد. أما في الحاسبات الكمية فيتم تخزين المعلومات في صورة وحدات تعرف بال«كيوبت» التي لا تعر عن الصفر والواحد فقط، بل عن كليهما، مضافاً إليهما حالة أو حالات )تراكبية كمية( من كليهما معاً. وهذا يعني أنه عند القيام بعملية معينة، تضطر الحاسبات الحالية

إلى البحث خال كل الحلول الممكنة واحداً تلو الآخر.

أما الحاسبات الكمية، فتعمل كما لو كانت تفكر في كل الإجابات الممكنة في التوقيت نفسه، ما يجعلها أسرع مئات وربما آلاف المرات. فعى سبيل المثال، فإن واحداً من الحاسبات فائقة الأداء التي تعد الأسرع عى وجه الأرض الآن تحتاج إلى مليار )ألف مليون( سنة لتتمكن من كسر شفرة إلكترونية مكونة من 400 عدد فقط. أما الحاسب الكمي فيحتاج إلى سنة واحدة فقط لتكسير هذه الشفرة المعقدة.

أمّا فكرة «التفوق الكمي» فقد صاغها الفيزيائي الأميركي، جون بريسكل، وقدمها كمصطلح للمناقشة والبحث لأول مرة عام 2012. وكان تعريفه لها أنها «النقطة التي يمكن للحاسبات الكمية أن تقوم عندها بأداء مهام لا يمكن لأسرع وأقوى الحاسبات الفائقة الحالية )سوبر كمبيوتر( أداؤها دون النظر إلى مدى جدوى تلك المهام » .

إنجاز «غوغل»

وعر أعضاء فريق الحاسبات الكمية ب«غوغل» عن شعورهم بالحماس حيال التحول في أبحاثهم من الحالة النظرية إلى التجربة. وقال الدكتور ديف بيكون، الذي يقود عمل برنامج الحاسبات الكمية ب«غوغل»، إنه «ضرب رأسه بالحائط» من فرط الحماس عند تنفيذ التجربة، لا ليء إلا لأنهم كانوا يطوّرون الخوارزميا­ت ويجرون البحوث وكأن الحاسب الكمي غير موجود فعلياً، أما الآن فيمكن تشغيله عملياً ومعرفة ما يحدث. من ناحية أخرى، علق كثير من العلماء والباحثين عى هذه النتائج عقب نشرها في مجلة «نيتشر»، ونقل تقرير لموقع «سي نت نيوز» cnet.com عن أستاذ الفيزياء بجامعة «مونبلييه» بفرنسا، الدكتور ميشيل دياكونوف، قوله إن «الحاسبات الكمية لن تصبح تياراً رئيساً في صناعة الحاسبات في يوم من الأيام، وأنه لا يعتقد بأن هذه الحاسبات ستصبح عملية، وفكرة اثبات )التفوق الكمي( مصطنعة إلى حد ما وتنتمي الى الضجيج أكر منه إلى العلم، فالحاسبات الكمية تواجه قيوداً ومعوقات علمية خطيرة، منها أن )الكيوبت( أو الوحدة الأساسية لمعالجة المعلومات الكمية، غير مستقرة، وسهلة )الانزعاج(، ويتطلب إيقاف تشغيل العمليات مؤقتاً مع الأجهزة الأساسية يومين عى الأقل حتى يقوم النظام بالتدفئة دون حدوث أي ضرر، ثم إعادة التشغيل يومين إضافيين للتهدئة.»

واستند دياكونوف في هذه النقطة إلى ما قالته عالمة أبحاث الكم في «غوغل»، ماريسا جوستينا، من أن عمر «الكيوبت» المفيد في التشغيل يصل إلى 10 مايين من الثانية فقط حتى الآن، وأنه يجري العمل عى إطالة هذا العمر قدر الإمكان. يُضاف إلى ذلك، أن «الحوسبة الكمية» مكلفة للغاية، فجهاز «سينكامور» يرسل إشارات تحكم إلى الشريحة الكمية باستخدام مئات الكبات التي يكلف كل منها 1000 دولار لكل قدم، ما يعني أن وصول الحاسبات الكمية إلى وظائف الحوسبة اليومية سيستغرق سنوات من الاستثمار في البحث والتطوير الثقيل والمستدام، ولذلك، بحسب دياكونوف، لن تجد حاسباً كمياً يحل محل حاسبك المحمول أو المكتبي في أي وقت قريب.

في السياق نفسه، أكد تقرير لأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم، أن هذه المعوقات جميعاً تجعل الحاسبات الكمية عى بعد عقد من الزمن، عى الأقل، من الآن.

 ??  ?? الحاسب نفذ المهمة في درجة برودة تصل لأجزاء من الصفر المطلق ولفترة عمل تُقاس بالثواني فقط.
الحاسب نفذ المهمة في درجة برودة تصل لأجزاء من الصفر المطلق ولفترة عمل تُقاس بالثواني فقط.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates