Emarat Al Youm

«بيت الأمان».. ملجأ النساء المعنَّف

- زهير دوله - غزة

بن مباني الجامعات غرب مدينة غزة، ومقر وكالة غوث وتشغيل الاجئن )أونروا(، شارع إسفلتي يفي إلى مبنى مؤسسة «بيت الأمان» للحماية المجتمعية للنساء المعنفات، الذي يؤوي داخل مرافقه عشرات النساء، اللواتي تعرضن للعنف النفسي والجسدي من قبل الأهل أو الزوج.

داخل مبنى بيت الأمان حكايات عميقة التفاصيل، لفتيات تعرضن عى مدار سنوات للعنف والضرب من الأب والأشقاء والزوج، فكل فتاة خاضت رحلة عذاب مختلفة عن الأخرى، ففي إحدى غرف المبيت داخل المؤسسة، تجد فتاة لم تبلغ سن السابعة عشرة، لم تقوَ عى تحمل عنف والدها ضدها، وفي غرفة أخرى سيدة تبيت هي ورضيعها، بعد أن ضاقت ذرعاً بسياسة التعامل القاسي الذي رافقها من بيت زوجها إلى منزل شقيقها، ليكون «بيت الأمان» هو ملجأهن الأخر ليجدن فيه الصدر الحنون والحضن الدافئ، ومحاولة التعافي من أثر العنف الجسدي والنفسي، الذي لايزال يرافقهن حتى اللحظة.

حكايات مؤلمة

الفتاة )م.أ(، البالغة من العمر 17 عاماً، واحدة من بن 18 فتاة يوجدن بشكل دائم داخل المؤسسة ضمن برنامج المأوى والمبيت، لجأت إليها بواسطة معلمتها في المدرسة، التي كانت تشاهد بشكل يومي أثر ضرب عى جسدها وحرق في شعرها، تعرضت له من قبل والدها، الذي كان يمارس ضدها أبشع أنواع العنف.

حكاية معاناة الفتاة بدأت وهي في سن الثانية عند انفصال والديها،

فكانت ضحية لزوجة الأب التي عاملتها أسوأ معاملة عى حد وصفها، لتعيش رحلة عذاب تمثلت في تعرضها لضرب قاسٍ من قبل والدها بالآلات الحادة، والتعليق من الأيدي والقدمن في سقف المنزل، وليس هذا فحسب، بل كان يحرقها بالسجائر في شعرها.

«الإمارات اليوم» التقت الفتاة )م.أ(، وهي طالبة في مرحلة الثانوية العامة، عقب عودتها من دوامها الدراسي إلى بيت الأمان، فمن يقابلها يشاهد وجهاً طفولياً لا تعرف مامحه سوى الراءة التي أنهكها العنف القاسي.

تقول الفتاة الشابة بنرة خافتة: «إن منزل والدي كان عبارة عن سجن وأقى، فبادئ الأمر حرمني من مشاهدة والدتي، ومن ثم كنت أعاني مرارة المعاملة القاسية من زوجة أبي التي كانت تضربني، وتميز بيني وبن أطفالها في كل شيء، عدا إجباري عى القيام بكل أعمال المنزل».

وتضيف: «الفتيات ينتظرن يوم الجمعة وأيام الإجازات، عى أحر من الجمر، لقضاء أوقات جميلة مع عائاتهن، لكن أنا كنت أكره أن تأتي تلك الأيام، ففيها يبدأ العنف والضرب وفي وقت مبكر، فكان والدي إرضاء لزوجته يعلقني في سقف المنزل من الأقدام والأيدي بعد تكبيلها، ولا يفكها إلا بعد أن تسوء حالتي وأبي بكاء شديداً، وفي مرات أخرى كان يحرقني بالسجائر في شعري، لدرجة أنه أصبح هناك فراغ في رأسي بسبب الحرق».

بكت الفتاة الشابة بحرقة، لتكمل حديثها، قائلة: «أسوأ أيامي هي التي قضيتها مع والدي، فقد عشت معه في جحيم لا يوصف، فلم أتذوق يوماً طعماً للفرحة، ولم أشعر بأن لي أباً يساندني مثل

صديقاتي وزمياتي».

وتكمل الفتاة الشابة حياتها اليوم داخل مؤسسة «بيت الأمان»، وإن كانت ناقصة من دون والديها، محاولة التغلب عى أثر المعاناة التي تعرضت لها، فداخل «بيت الأمان» تقي يومها كأنه منزلها، فلها غرفة خاصة بها للنوم والدراسة، إضافة إلى المرافق الخاصة من مطبخ، وغرفة حاسوب، وصالة تلفاز، ومشغل خاص للمشغولات اليدوية.

وإلى جانب غرفة الشابة )م.أ(، توجد غرفة خاصة للسيدة )ن.ع(، التي تعيش بداخلها هي وطفلها الرضيع الذي يبلغ من العمر ٦ أشهر، بعد أن طردت من منزل زوجها، وكذلك شقيقها الذي لجأت إليه بعد أن طلقها زوجها.

السيدة )ن.ع - 34 عاماً(، تعمل محامية شرعية، تعرضت للعنف بالضرب القاسي من زوجها وشقيقاته، ومن شقيقها أيضاً، لتجد «بيت الأمان» وجهتها للفرار من ذلك الجحيم.

تقول المحامية )ن.ع(، وهي تحمل رضيعها: «أنا محامية شرعية، أعيد حقوق النساء في المحاكم وأمام القضاة، لكنني عاجزة عن إعادة حقوقي من زوجي الذي ظلمني، وشقيقي الذي ضربني وطردني بسبب مراث أبي».

وسردت رحلة عذاب تعرضت لها في منزل زوجها، قائلة: «كان زوجي يضربني دوماً، وأقى أنواع الضرب عندما كان يسحبني من شعري ويضرب رأسي في جدران المنزل، عدا حرماني من أبسط مقومات الحياة، وكان سبب هذا العنف شقيقاته اللواتي لم يعجبهن زواجه مني». تعدد حالات العنف

مؤسسة «بيت الأمان» للحماية المجتمعية للنساء المعنفات، هي مؤسسة حكومية إيوائية استشارية، تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، تأسست عام ٢٠11، ويقدم «بيت الأمان،» المؤسسة الوحيدة لإيواء النساء المعنفات في غزة، المساعدة للمرأة المعنفة لنيل حقوقها وحفظ كرامتها، وذلك بحسب مديرة مؤسسة بيت الأمان للحماية المجتمعية للنساء في غزة، هنادي سكيك.

وتستقبل المؤسسة حالات تعاني خافات زوجية، ومشكات أسرية، واعتداءات جنسية.

وتقول سكيك: «جاءت فكرة المؤسسة، لإيجاد جسم حكومي يحمي المرأة التي تتعرض للعنف بأشكاله كافة: الجسدي، والنفسي، والجنسي، ومساعدتها في الحصول عى حقوقها المسلوبة، وإعادة دمجها في المجتمع ومؤسساته .»

وتشر إلى أن الحالات التي

جاءت فكرة «المؤسسة»، لإيجاد جسم حكومي، يحمي المرأة التي تتعرض للعنف بأشكاله كافة: الجسدي، والنفسي، والجنسي، ومساعدتها في الحصول على حقوقها المسلوبة، وإعادة دمجها في المجتمع ومؤسساته.

 ??  ??
 ?? أرشيفية ?? فتاة في سن ال 17 تقيم في بيت الأمان بعد تعنيفها من والدها.
أرشيفية فتاة في سن ال 17 تقيم في بيت الأمان بعد تعنيفها من والدها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates