Emarat Al Youm

استراتيجية ترامب في التركيز على نفط سورية تشوّه سمعة بلاده

• حديثه عن الاستيلاء على النفط يؤكد أفكار «الإرهابيين»

- بول بيللار* * باحث في مركز الدراسات الأمنية في جامعة جورجتاون ترجمة: حسن عبده حسن عن «ذي ناشونال إنترست»

سيطرت الفوضى عى أهداف وجود الجنود الأمركين في سورية، وما إذا كانت الأهداف المعلنة هي الحقيقية فعاً. وفي الأصل كان من المفهوم أن القوات الأمركية موجودة في سورية من أجل قتال تنظيم «داعش»، بعد أن تمكن التنظيم من تأسيس دولة صغرة عى جزء كبر من الأراضي السورية والعراقية. وبعد ذلك أعلن الصقور في إدارة الرئيس دونالد ترامب، بمن فيهم ترامب نفسه، أن الجنود الأمركين كانوا في سورية «لمراقبة إيران»، وتضمنت التغيرات التالية لمهمة القوات الأمركية، ليس مراقبة إيران فقط، وانما إجبار إيران وروسيا عى ترك مواقعهما في سورية، استناداً إلى بعض الآليات غر المبررة.

وفي الفرة الأخرة، بات ترامب تحت ضغط كبر من أجزاء مختلفة من الطيف السياسي الامركي لإبقاء القوات الأمركية في سورية، في تناقض واضح مع نواياه التي ذكرها سابقاً، بإصراره عى الخروج من سورية، وأوامره لإعادة نشر الجنود الذين كانوا في المنطقة التي يعيش فيها الاكراد في شمال سورية. وتعتبر هذه الضغوط السياسية والتوجهات المتناقضة بمثابة الوصفة لحالة أكر ضبابية، مما كان عليه الحال سابقاً، حول هدف مهمة الجيش الأمركي في سورية، أو كيف يجب أن تكون.

وأصبح ترامب، الذي يريد أن يعتصر أكبر قدر ممكن من الفوائد السياسية الممكنة من مقتل زعيم «داعش»، أبوبكر البغدادي، في مكان أكر أماناً مما سبق، خصوصاً بعد إعانه أن «العالم أصبح أكر أمناً الان بعد البغدادي». وبدأ يقاوم الفكرة التي تفيد بأن المهمة الأصلية لمحاربة «داعش» في سورية لاتزال ضرورية، عى الأقل بالطريقة العامة التي ظهرت فيها تلك المهمة بداية. ولهذا فان المهمة المعلن عنها تطورت مرة أخرى، ولأسباب جديدة ظهرت حتى قبل مقتل البغدادي. ولايزال عدد من الجنود الأمركين مرابطن في شرق سورية وفق هذه الأسباب، التي تفيد بحفظ الأمن عند مصادر النفط السورية المتواضعة.

أبعاد «داعشية»

ولاتزال هناك أبعاد «داعشية» لهذه الأسباب، والتي تقول إن «داعش» كان يستفيد من عوائد هذا النفط الواقع تحت سيطرته، لكنه بحاجة إلى انشاء دولته الصغرة كي يقوم بذلك. وأي سيناريو يمكن ل«داعش» أن يستغله مرة أخرى، لابد ان يركز عى وقوع حقول النفط السورية تحت سيطرته، يعني إعادة انشاء الدولة الخاصة بالتنظيم، الامر الذي يعني أن العالم سيقوم مرة أخرى بإنشاء مهمة كبرة لمحاربة «داعش».

وفي وضعه الحالي كحركة تمرّد وكمجموعة إرهابية، يكون التنظيم بوضع لا يسمح له باستغال النفط، باستثناء حالات صغرة جداً، أي عى الطريقة النيجرية حيث يتم السطو عى أنابيب النفط.

سرقة النفط

وهذا يطرح سؤالاً مفاده ما الذي تنوي إدارة ترامب القيام به بالنفط الذي قامت «بحمايته» من خال القيام باحتال عسكري للمنطقة. وهذا بدوره يثر أسئلة مقلقة ما إذا كانت الولايات المتحدة منخرطة في سرقة النفط السوري زمن الحرب، الأمر الذي يناقض القانون الدولي.

ولكن ثمة تداعيات مقلقة وتستحق الاهتمام، خصوصاً بسبب حجم الصفقة التي يحاول ترامب أن يصنعها من خال حربه عى «داعش»، وكيف أن هذه الحرب قد جعلت العالم «أكر أمناً». ومن وجهة نظر مكافحة الإرهاب، فان الاستياء عى أي نفط يعتبر أسوأ سبب ممكن لتبرير الوجود الأمركي في دولة أجنبية. وعبّر ترامب قبل أيام عن موقفه من حراسة القوات الأمركية للنفط في سورية بأسوأ طريقة ممكنة.

ترويج

وتروج المجموعات الإرهابية لفكرة متجذرة لديها مفادها أن الولايات المتحدة والغرب، بصورة عامة، يأتون الى الدول العربية لنهب مواردها. وتعارض هذه المجموعات وبشدة وجود الجنود الامركين في الدول الإسامية، وكرر أسامة بن لادن هذه الفكرة.

واثار تركيز الإرهابين عى النفط موجة من الهجمات إلارهابية ضد المنشآت النفطية، ولكن فكرة سرقة موارد المسلمن قد دفعت نحو قيام هجمات تستهدف الولايات المتحدة، بغض النظر أين تتم هذه الهجمات.

ولعب ظهور ترامب امام الصحافة قبل أيام، دوراً لمصلحة تأكيد هذه الفكرة، حيث استحضر حرب العراق، وتحدث عما وصفه بانه وجهة نظره في ذلك الوقت، القائلة إنه اذا كانت الولايات المتحدة ستحتل العراق، عليها أن «تحصل عى النفط»، مضيفاً انه بالنسبة لنفط سورية فانه يمكن أن يساعد الأكراد، ولكنه «يساعدنا لأننا يمكن أن نحصل عى جزء منه أيضاً. وما أنوي القيام به هو عقد صفقة مع شركة اكسون موبيل، أو أي شركات اخرى كبرة للذهاب الى هناك، واستخراج النفط عى أكمل وجه». وفي حقيقة الأمر فان أي خبر للدعاية لدى «داعش» او حتى «القاعدة» يعجز عن كتابة هذه الكلمات لنقل الفكرة الى الجمهور بأفضل مما فعل ترامب.

وحتى لو كان هناك أي مقاتلن ل«داعش» تخلوا عن قضيتهم رداً عى وصف ترامب البغدادي عند قتله بأنه كان «يصرخ، ويبي، ويعول»، فإن هناك الكثرين الذين سيشعرون بالغضب بسبب هذه الأدلة، التي تؤكد لهم ما دأب قادتهم عى قوله حول نهب الولايات المتحدة لموارد المسلمن. ولكن أولوية ترامب ليس التحدث إلى هؤلاء، وانما كانت دائماً إلى قاعدته الجماهرية.

تروّج المجموعات الإرهابية لفكرة متجذرة لديها مفادها أن الولايات المتحدة والغرب، بصورة عامة، يأتون الى الدول العربية لنهب مواردها.

بات ترامب تحت ضغط كبير من أجزاء مختلفة من الطيف السياسي الأميركي لإبقاء القوات الأميركية في سورية، في تناقض واضح مع نواياه التي ذكرها سابقا، بإصراره على الخروج من سورية، وأوامره لإعادة نشر الجنود الذين كانوا في المنطقة التي يعيش فيها الأكراد في شمال سورية.

 ?? أرشيفية ?? الاستيلاء على النفط يعتبر أسوأ سبب ممكن لتبرير الوجود الأميركي في سورية.
أرشيفية الاستيلاء على النفط يعتبر أسوأ سبب ممكن لتبرير الوجود الأميركي في سورية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates