«الظفرة 2019».. لوحات تراثية مطرّزة بالفخر والفرح
بمجرد أن تعلن أسماء الإبل الفائزة ترتفع صيحات الفرح من مُلاكها، وتتطاير «الغتر والعقالات» في الهواء، تعبيرا عن سعادة أصحابها بالنصر الكبير.
على وقع الرزفة والعيّالة والأهازيج الشعبية والاحتفاء بمفردات الراث الإماراتي، وصلت فعاليات الدورة ال13 لمهرجان الظفرة 2019 إلى محطة الختام اليوم بمدينة زايد في منطقة الظفرة، وسط إقبال كبير من الجمهور، الذي لم يقتصر على أهل المنطقة فقط، لكنه ضم العديد من أبناء دول الخليج، والسياح من جنسيات مختلفة.
وشهدت مزاينات الأبل في مهرجان الظفرة، الذي تنظمه لجنة إدارة المهرجانات والرامج الثقافية في أبوظبي، مشاهد فريدة تعكس العاقة المميزة بن المشاركن في المسابقات، و«حالهم» وصقورهم، وهي مشاهد ينفرد بها المهرجان، وتمثل مصدر إعجاب ودهشة للحضور من السياح وممثلي وسائل الإعام من مختلف دول العالم. ومن أبرز تلك المشاهد مسيرات احتفالات مُاّك الإبل بالفوز في أشواط المزاينات، فبمجرد أن تعلن أسماء الإبل الفائزة ترتفع صيحات الفرح من ماكها، وتتطاير «الغر والعقالات» في الهواء، تعبيراً عن سعادة أصحابها بالنصر الكبير، وتتواصل الاحتفالات عقب المسابقة فتخرج مواكب الاحتفالات على وقع الأهازيج والرقصات الشعبية والراثية لتجوب المكان، ثم تنتقل إلى عزب ومخيمات ماك الإبل لتتواصل حتى المساء.
شارع المليون
تمثل مواكب الإبل وهي تتهادى في « شارع المليون » ، أحد المشاهد التي ينفرد بها مهرجان الظفرة،
إذ أصبح هذا الشارع مقصداً لكل عشاق الإبل ومالكيها، واكتسب اسمه من الصفقات الضخمة التي يشهدها كل عام خال المهرجان، وتصل إلى ماين الدراهم، ويحرص ماك الإبل على الخروج بحالهم إلى الشارع، سواء لاستعراض ما تتمتع به من مواصفات جمالية، أو بهدف البيع والشراء، لاسيما في ظل وجود أعداد كبيرة من عشاق الإبل في المكان.
وشهد شارع المليون هذا العام حضوراً متزايداً من ماك الإبل، فاق الدورات السابقة من المهرجان، بفضل مبادرة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للمهرجان، بزيادة الجوائز لدعم ماك الإبل لاقتناء أهم السالات العربية الأصيلة، وفتح المجال واسعاً أمام الأعداد المتزايدة من المشاركن في
مزاينات الإبل التي يشهدها المهرجان، وكذلك نتيجة للتعديات التي استحدثتها إدارة المهرجان هذا العام في الشروط التي تتعلق بعدد الإبل المشاركة، إذ تم خفضها من 50 جماً في الأعوام السابقة إلى 30، وزيادة أشواط إضافية للمزاينات، إضافة إلى فتح المجال أمام المشاركن في شوط البيرق وكل المشاركن بشكل عام
للمشاركة في هذه الأشواط، ما أدى إلى زيادة أعداد المشاركن.
مشاهير الطبخ الشعبي
من المسابقات الفريدة التي يشهدها مهرجان الظفرة 2019، مسابقة الطبخ الشعبي، التي دارت في أجواء من المنافسة الحامية، خصوصاً في ظل مشاركة مجموعة من الطباخن المحرفن )الشيفات( الذين تباروا في تقديم وجبة الرياني الراثية مع لمسات خاصة بكل منهم، ووفرت إدارة المهرجان كل المستلزمات المطلوبة لإنجاز الوجبات. ومن أبرز المشاركن في المسابقة الشيف الكويتي إسماعيل الشيبة المعروف باسم )الطباخ الشيبة(، الذي حضر للمشاركة في المهرجان بدعوة من إدارته للمشاركة في المسابقة والإشراف على الطبخ في «مكشات الظفرة»، ولفت الأنظار إليه بابتسامتهالدائمة،وتعليقاتهالمرحة خال العامل مع الموجودين في المكشات، ورغم أنه من أصحاب الهمم، فإنه بات يتمتع بشهرة واسعة بفضل مهارته منذ أن بدأ في 1986 وكان عمره يقارب 10 سنوات، ولمساته الخاصة في ما يقدمه من وجبات، معتراً أن نجاحه يمثل دافعاً لأصحاب الهمم، الذين يمكنهم تحقيق النجاح في كل المحالات طالماً توافرت لديهم الإرادة.
مكشات
يمثل ركن مكشات الظفرة ملتقى للشباب ومحبي الراث من
مختلف أنحاء الخليج العربي، الذين يتجمعون حول النيران التي تتوسط المكان، ويتم إعداد الشاي والمشروبات الساخنة عليها، بينما تتوزع الجلسات العربية والراثية على جانبي المكان.
وشهد المكان العديد من المسابقات التقليدية، مثل الطبخ وإعداد القهوة والشاي، وغيرها، ليكون مثابة تجربة تخييم في الر ضمن موقع المهرجان، ومن وقت إلى آخر يتفاعل الشباب مع الأجواء بالانخراط في رقصات تراثية جماعية أو ثنائية، بينما يحيط بهم الجمهور لالتقاط مقاطع فيديو وصور لنشرها عر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتمثل المكشات جزءاً مهماً من الراث الإماراتي والخليجي، إذ تكرس العديد من المفاهيم لدى الشباب؛ مثل الاعتماد على النفس، وممارسة عادات وتقاليد الآباء والأجداد على الواقع، كآداب المجالس، وإعداد القهوة العربية الأصيلة، وطريقة تقديمها، وطريقة السام، بجانب تعزيز ثقافة الصحراء، وإقامة المجالس الشعرية، وإلقاء القصائد، والركيز على بعض المفردات الراثية ذات الصلة بالإبل.