Emarat Al Youm

«فن الفروسية» يكشف ما وراء صورة الفارس على جواده

- ■ إيناسمحيسن أبوظبي

عى الرغم من ارتباط الفروسية في أذهان الكثرين بالحروب والصراعات؛ يأتي معرض «فن الفروسية: بن الشرق والغرب،» الذي يفتح أبوابه للجمهور غداً في متحف اللوفر أبوظبي، ليتجاوز هذه الفكرة المباشرة، ويفتح مجالاً أوسع لرؤية ما هو أبعد من صورة الفارس عى صهوة جواده، للتعرف الى الفروسية من أوجه مختلفة باعتبارها ثقافة متكاملة، ومكانة اجتماعية لا يحصل عليها الفارس إلا وفق شروط ومعطيات محددة، كما يكشف المعرض، عر تنسيق القطع المعروضة به، عن نقاط التشابه العديدة التي تجمع بن الفروسية، والثقافة التي ارتبطت بها، في الشرق والغرب. المعرض الذي افتتحه صباح أمس رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، محمد خليفة المبارك، في «اللوفر أبوظبي ،» ويستمر حتى 30 مايو المقبل، يشرع أمام زواره أبواب التاريخ لاكتشاف ما هو أبعد من النظرة الشائعة للفروسية، عر أكثر من 130 قطعة فنية وأثرية؛ ويسلط الضوء عليها خارج إطار المعارك والحروب، من خلال مجموعة واسعة من القطع الفنية والأثرية التي تعكس الطبقة الاجتماعية للفرسان في العصور الوسطى، ويسمح للزائر بالاطلاع عى نمط حياة مجموعة من الأشخاص الذين لعبوا دوراً محورياً في المجتمع آنذاك، في الشرق كما في الغرب. 3 أقسام

يضم المعرض ثلاثة أقسام، يلقي من خلالها الضوء عى فروسية العصور الوسطى وثقافتها في أوروبا المسيحية كما في العالم الإسلامي في الشرق، بداية من نشأتها وتحولها إلى طبقة اجتماعية مرموقة، إلى جانب تجليها عى أرض المعركة وفي أخلاقيات الفرسان في تلك العصور، إلى جانب التعريف بقيم الفروسية مثل الشجاعة والنبل والكرم والشهامة، ليبن أوجه الشبه بن الثقافتن حيث يضم المعرض قطعاً من أوائل القرن الحادي عشر وحتى القرن السادس عشر، تشمل دروعاً ومخطوطات ومعاهدات، إلى جانب شعارات الفروسية وقطع زخرفية مستوحاة من فن الفروسية، بما يمثل دراسة تاريخية مقارنة بن ثقافة الفروسية في الشرق وفي الغرب. «ركوب الخيل» هو عنوان القسم الأول من المعرض؛ ويتصدره درع حصان عثماني من أواخر القرن الخامس عشر من مجموعة اللوفر أبوظبي، معروض إلى جانب درع فارس من أوروبا من الربع الأول من القرن السادس عشر مُعار من متحف الجيش في باريس، ومن خلالهما يمكن للزائر اكتشاف أوجه الشبه بن الشرق المسلم والغرب المسيحي، كما يستعرض هذا القسم، من خلال القطع الفنية والأثرية، نشأة الطبقة الاجتماعية الخاصة بالفرسان، حيث تمثل جذور الفروسية المترسخة في الشرق وتلك الخاصة بالعرب رمزاً للتغرات التاريخية التي شهدتها تلك العصور، ومن القطع البارزة في هذا القسم طبق يحمل صورة ملك ساساني يصطاد الكباش، ويعود إلى منتصف القرن الخامس، ويصور ملكاً ساسانياً مع درعه عى صهوة حصانه. أما في الغرب، فقد أدى انحلال الإمراطوري­ة الرومانية إلى نشوء طبقة اجتماعية خاصة بالفرسان تتشارك القيم الشرقية التي تقوم عى الإخلاص لله، والتي يمكن التماسها من خلال المخطوطات، مثل «قصة الكأس المقدّسة» (فرنسا، النصف الأول من القرن الرابع عشر(. كما يدعو المعرض زواره بعد ذلك لاكتشاف التبادلات الفنية والإبداعية بن الفروسية في الشرق من جهة، وفي الغرب من جهة أخرى، من خلال الأدلة الواضحة عى هذه الثقافة. ففي الغرب، استُخدمت شعارات النبالة كشكل من أشكال التمييز الاجتماعي. وفي الإطار عينه، غالباً ما قامت شعارات النبالة الشرقية عى تفسر تلك الرموز الغربية، مثل زهرة الزنبق، التي كان يُشار إليها بالزهرة الفرنسية، والتي استخدمها العديدمن السلاطنفي القرن الرابع عشر. ساحات القتال

يحمل القسم الثاني من المعرض عنوان «القتال»، ويتضمن قطعاً فنّية خاصة بالمعارك وفن القتال، مثل أسلحة الهجوم والدفاع والمعدات الخاصة بالخيول في القتال. فالمعدات هي من أبرز مميّزات الفرسان، وهي تبنّ أوجه الشبه بن الثقافتن الشرقية والغربية. إذ يرى الزائر «أجزاء حمّالة سيف» (إيران، القرن الرابع عشر( تحمل نقش «لا إله إلا الله، له الحكم»، وفي سياق مماثل، يجد العديد من الدروع الأوروبية التي تحمل شعارات دينية، مثل «معركة داوود وجالوت » و«القديس جرجس يصرع التنن» (جمهورية التشيك، منتصف القرن الخامس عشر(. إلى جانب ذلك، يضم المعرض قطعاً تجسّد اللقاء بن الجيوش المسلمة والمسيحية، مثل سقوط الأندلس والحروب الصليبية، كما ترز التلاقي وصور التبادل الثقافي والإبداع الفني. حياة الفارس

يخرج القسم الأخر من المعرض من إطار الحروب والقتال ليستعرض جوانب من «حياة الفارس » بعيداً عن ساحة القتال، متتبعاً تطوّر ثقافة الفروسية، ومبيّناً أوجه الشبه بن هذه الثقافة في الشرق وفي الغرب،

من خلال العديد من القطع التي تتنوّع ما بن التسلية مثل الصيد بالصقور والمبارزة ومسرات الفرسان عى الخيول، وبن علم دراسة الخيول والشطرنج.

ويُقام معرض «فن الفروسية: بن الشرق والغرب» بالتعاون مع متحف كلوني - المتحف الوطني للعصور الوسطى في باريس، ووكالة متاحف فرنسا، وهو من تنسيق إليزابيث تابوريه ديلاهاي، رئيسة أمناء متحف كلوني - المتحف الوطني للعصور الوسطى ومديرته السابقة، بمساعدة الدكتورة كارين جوفن، أمينة متحف لقسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر، وميتشل هوينه، رئيس أمناء متحف كلوني - المتحف الوطني للعصور الوسطى.

ثقافة الفروسية اعتبرت مديرة إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في متحف اللوفر أبوظبي، الدكتورة ثريا نجيم، أن «فن الفروسية في الشرق كما في الغرب تطلب مهارات مشابهة، ليس فقط من الناحية الجسدية، بل الدينية والفكرية أيضا، فقد كانت ترتكز في المنطقتين على مبدأ الشرف والشجاعة والإيمان»، لافتة الى أن زائر المعرض يطلع على مقارنة لطرق تجلي الفروسية في القطع الفنّية في الثقافتين، إذ يسلط الضوء، خارج إطار المعارك والحروب، على تطوّر ثقافة الفروسية مع تطوّر المجتمعات في العصور الوسطى، من خلال الأدب والموسيقى والفنون.

 ?? تصوير: إريك أرازاس ?? 130 قطعة فنية وأثرية تعكس الطبقة الاجتماعية للفرسان. ▪
تصوير: إريك أرازاس 130 قطعة فنية وأثرية تعكس الطبقة الاجتماعية للفرسان. ▪
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates