الرابحون والخاسرون من قوة الدوالر
بــــلــــغ مـــــؤشـــــر ســــعــــر الــــــــــــدوالر األمـــــــــريك، أمـــــــــــــــــام ســــــــــت عـــــــــمـــــــــات مــــــهــــــمــــــة أخــــــــــــــرى، مــــــســــــتــــــويــــــات لــــــــم يــــــصــــــل إلــــــيــــــهــــــا مــــــنــــــذ 20 عــــــــامــــــــا. فــــمــــنــــذ بـــــــدايـــــــة الـــــــعـــــــام الـــــــجـــــــاري، ارتـــفـــع املـــؤشـــر بـنـسـبـة 8%، كــمــا ارتــفــع أيضا خال األشهر الـ21 املاضية بنسبة ،%14 فــضــا عــن ارتــفــاعــه مـقـابـل الـن الـــيـــابـــاين وحــــــده، أكــــر مـــن %13 خـــال .2021
ويــوم األربـعـاء املــايض، قـرر صناع الـــــــــســـــــــيـــــــــاســـــــــة الـــــــــنـــــــــقـــــــــديـــــــــة يف الــــــــــــــواليــــــــــــــات املــتــحــدة، رفـــع أســـعـــار الــفــائــدة بـمـقـدار نـــصـــف نـــقـــطـــة مــــئــــويــــة. ومــــــن املــــرجــــح أن تـــــــــؤدي تـــــحـــــركـــــات مـــجـــلـــس االحــــتــــيــــاطــــي الــــــــفــــــــيــــــــدرايل األمــــــــــــــــريك األخـــــــــــــــــــرة، الـــــتـــــي تــهــدف إىل تــشــديــد األوضــــــاع الـنـقـديـة، إىل تحفيز أكرب للدوالر، بحيث تسبب الــــزيــــادات املــســتــمــرة يف أســـعـــار الــفــائــدة خـــــفـــــض مــــــعــــــدل الـــــتـــــضـــــخـــــم املــــــرتــــــفــــــع يف الــــــبــــــاد. وتـــــتـــــوقـــــع صـــحـــيـــفـــة «نـــــيـــــويـــــورك تــــايــــمــــز» األمـــــركـــــيـــــة، أن يــــــــؤدي ارتــــفــــاع أســــــــعــــــــار الـــــــفـــــــائـــــــدة إىل جــــــعــــــل األســــــهــــــم والسندات ومعدالت الرهن العقاري أكر تقلباً.
وعىل الرغم من أن تدفق األموال األجنبية إىل الشركات واالستثمارات األمـــركـــيـــة، عــــزز ارتـــفــــاع قــيــمــة الـــــدوالر سابقا، لكن يف واقع األمر، فإن هناك مجموعة متنوعة من اإلجراءات، قد زعــــــــــزعــــــــــت اســـــــــتـــــــــقـــــــــرار أســـــــــــــــــــواق األســـــــهـــــــم
والسندات معا، وعززت قيمة الدوالر مقابل العمات األخرى، ومنها زيادة أسعار الفائدة، والحرب يف أوكرانيا، والـــــعـــــقـــــوبـــــات الـــــدولـــــيـــــة املـــــفـــــروضـــــة عــىل روســـــــــيـــــــــا، إضــــــــافــــــــة إىل ارتـــــــــفـــــــــاع أســــــعــــــار السلع األساسية، واإلغــاق العام يف الــــــــــصــــــــــن، والـــــــتـــــــبـــــــاطـــــــؤ االقــــــــــتــــــــــصــــــــــادي يف أوروبا واليابان.
وعــــــىل خـــلـــفـــيـــة تـــعـــر االقــــتــــصــــادات الــــــــعــــــــاملــــــــيــــــــة، وحــــــــــالــــــــــة عـــــــــــــدم االســــــــتــــــــقــــــــرار الــجــيــوســيــايس، ارتــفــع الـطـلـب الـعـاملـي عــــــــــىل األصــــــــــــــــــول اآلمــــــــــنــــــــــة نــــــســــــبــــــيــــــا وذات الـــــعـــــوائـــــد املــــرتــــفــــعــــة، وعــــــىل الـــــرغـــــم مــن احتمالية أن يكون االقتصاد األمريك يف وضــــــــــع مـــــحـــــفـــــوف بــــــاملــــــخــــــاطــــــر، لـــكـــنـــه يتعافى جـيـدا مـن الــركــود الـنـاجـم عن جـــائـــحـــة كــــورونــــا بـــاملـــقـــارنـــة مــــع الـــبـــلـــدان األخـــــــــــــرى، والتـــــــــــــزال أســـــــواقـــــــه مـــســـتـــقـــرة نــــســــبــــيــــا، وأســــــعــــــار الـــــفـــــائـــــدة املــــعــــروضــــة عىل السندات الحكومية «سخية».
ومـــــــــــن املـــــــتـــــــوقـــــــع أن يــــــــــــــؤدي الـــــــتـــــــزام مجلس االحتياطي الفيدرايل بمحاربة الــــــتــــــضــــــخــــــم، عـــــــــن طــــــــريــــــــق رفــــــــــــع أســــــعــــــار الـــــــفـــــــائـــــــدة، إىل زيـــــــــــــادة عـــــــوائـــــــد ســـــنـــــدات الـــــــخـــــــزانـــــــة، مـــــــا يــــجــــعــــلــــهــــا أكـــــــــر جــــاذبــــيــــة مــــــــقــــــــارنــــــــة بــــــــالــــــــســــــــنــــــــدات ذات الـــــــعـــــــوائـــــــد املــنــخــفــضــة لـــــدول مـــثـــل أملـــانـــيـــا والـــيـــابـــان والـــــــصـــــــن، الـــــتـــــي عــــمــــلــــت عــــــىل تـــســـهـــيـــل الـــــــــظـــــــــروف الــــــنــــــقــــــديــــــة املــــــحــــــلــــــيــــــة، ولــــيــــس تشديدها.
وتــــــــــــبــــــــــــلــــــــــــغ عــــــــــــــــــــائــــــــــــــــــــدات الــــــــــــســــــــــــنــــــــــــدات الحكومية ملدة 10 سنوات يف الواليات املتحدة، نحو ،%3.1 لكنها تصل إىل نحو %1.1 يف أملانيا، وأقل من %0.25 يف الــــــــــــيــــــــــــابــــــــــــان، وحــــــــــتــــــــــى الــــــــــعــــــــــوائــــــــــد عــــىل الــســنــدات الـصـيـنـيـة، الــتــي كــانــت أعــىل مــــــــــــــن تــــــــــلــــــــــك املــــــــــــــــــوجــــــــــــــــــودة يف الــــــــــــــواليــــــــــــــات املتحدة، انخفضت أيضاً أخراً.
ويــــــــجــــــــعــــــــل الــــــــــــــــــــــــــدوالر الـــــــــــقـــــــــــوي مــــن الــــــــــــــــــــواردات األمــــــركــــــيــــــة أرخـــــــــــــص، لـــكـــنـــه يـجـعـل مـــن الــــصــــادرات أقـــل قــــدرة عىل املـــنـــافـــســـة يف األســــــــواق الـــعـــاملـــيـــة. ورغــــم أنـه يقلل من الضغوط التضخمية يف الــــــــــواليــــــــــات املـــــــتـــــــحـــــــدة، لــــكــــنــــه يــــســــهــــم يف ارتـــــــــفـــــــــاع الـــــعـــــجـــــز الـــــــتـــــــجـــــــاري األمـــــــــــــريك، الذي وصل إىل مستوى مرتفع جديد يف مارس املايض.
وقال كبر االقتصادين يف شركة «روزنــــــــــــــــــــــــــــــــربغ» لــــــــــأبــــــــــحــــــــــاث، يف تـــــــورنـــــــتـــــــو بــــكــــنــــدا، ديـــفـــيـــد روزنــــــــــربغ، إن «أمــــركــــا أمة من املستهلكن، وأكر من نصف ما يستهلكه األمركيون كل عام يأيت مـــــن الـــــــخـــــــارج». وأضـــــــــــاف: «مــــــع ارتــــفــــاع الــــــــــــــــــــــــــــــــدوالر، تــــــنــــــخــــــفــــــض كـــــــلـــــــفـــــــة الــــــســــــلــــــع املــــــــســــــــتــــــــوردة، وتـــــظـــــهـــــر هـــــــــذه الــــتـــكــــالــــيــــف املرتاجعة يف مؤشر أسعار املستهلك».
وأفادت شركة «مورغان ستانيل» إلدارة الــــــــــــروات، بــــــأن ارتــــــفــــــاع الــــــــدوالر خـفـف مــن بـعـض اآلثــــار الـتـضـخـمـيـة يف الواليات املتحدة، الناجمة عن ارتفاع ⬛ أرشيفية
أســـــعـــــار بـــعـــض الــــســــلــــع، مـــثـــل الـــنـــفـــط، والــتــي يـتـم تـسـعـرهـا بـــالـــدوالر، لكنها حذرت من أن تخفيف حدة السياسة الـــنـــقـــديـــة ســيــضــعــف الــــــــــدوالر، وهـــــو مـا قــــــــــــــد يـــــــــــــــــــــــؤدي إىل تــــــــضــــــــخــــــــم مـــــــصـــــــحـــــــوب بالركود.
وكــــان رئـــيـــس مــجــلــس االحــتــيــاطــي الـــفـــيـــدرايل، جـــــروم بـــــاول، قـــد قــــال يف مؤتمر صحايف، أخـــرا، إن «التضخم مـــــرتـــــفـــــع لـــــلـــــغـــــايـــــة، بــــحــــيــــث يـــــتـــــعـــــذر عـــىل (االحــــتــــيــــاطــــي الـــــفـــــيـــــدرايل) الـــــرتاجـــــع عــن الــتــعــامــل مـــعـــه»، مـــعـــربـــا عـــن اعــتــقــاده أن هـــــــنـــــــاك فـــــــرصـــــــة جـــــــيـــــــدة الســــــتــــــعــــــادة استقرار األسعار دون حدوث ركود.
إىل ذلك، قال املدير املايل لشركة «آبــــــــل»، لـــوكـــا مــــايـــســــرتي، إن «ارتــــفــــاع الـــــدوالر أضـــر بـــإيـــرادات الــشــركــة خــال الـــــــربـــــــع األول». وأضـــــــــــــاف أنـــــــــه يـــصـــعـــب الوضع بالنسبة للعديد من الشركات الـــــعـــــاملـــــيـــــة، مــــــشــــــرا إىل أن اضـــــطـــــرابـــــات ســـــــاســـــــل الــــــــتــــــــوريــــــــد، وارتـــــــــــفـــــــــــاع مــــعــــدل التضخم، يضاعفان القلق بشأن تأثر ارتـــــفـــــاع الـــــــــدوالر عــــىل أربــــــــاح الـــشـــركـــات العاملية.
يف الـسـيـاق ذاتـــه، قــال املــديــر املــايل لشركة «بروكرت آند جامبل»، أندريه شــولــن، إن «أســعــار الــصــرف األجـنـبـي تــتــحــرك بــشــكــل أكــــرب ضـــدنـــا»، مــرجــحــاً أن تـــــصـــــل خـــــســـــائـــــر شـــــركـــــتـــــه، مـــــــن رفـــــع الــــفــــائــــدة عـــــىل الـــــــــــدوالر، إىل نـــحـــو 300
مليون دوالر.
وتـنـتـقـل خــســائــر الـــصـــرف األجـنـبـي إىل سـوق األوراق املالية، فقد وجدت دراســــــة أن شـــركـــات مـــؤشـــر «ســـتـــانـــدرد أند بـوروز »500 يف بورصة نيويورك، التي لديها أقل اعتماد عىل اإليــرادات األجـــــــنـــــــبـــــــيـــــــة، تـــــمـــــيـــــل إىل األداء الــــجــــيــــد عندما كان الدوالر قويا، وهو ما يبدو أنه يحدث اآلن.
وقالت كبرة مسؤويل االستثمار يف شـــــركـــــة «مـــــــورغـــــــان ســــتــــانــــيل» إلدارة الروات، ليزا شاليت، إن «الدوالر لن يستمر يف االرتفاع إىل األبد. ورأت أنه قـــــــد يــــــكــــــون مـــــــن املــــنــــطــــقــــي املــــــراهــــــنــــــة عـــىل االتجاه املعاكس».
وأفــــــــــــــــــادت شــــــالــــــيــــــت بـــــــــــأن اســــتــــثــــمــــار األمـــــــــــــــوال يف األســـــــــــــــواق الــــــتــــــي تـــعـــرضـــت للضرر، مثل اليابان، قد يكون خطوة مــعــاكــســة جـــيـــدة مـــع الـــصـــرب والـــثـــبـــات، وبــــــــــــــــاملــــــــــــــــثــــــــــــــــل، فــــــــــــــــــــــــإن أســــــــــــــــــعــــــــــــــــــار األســــــــــــهــــــــــــم والـــــســـــنـــــدات يف الــــعــــديــــد مـــــن األســـــــــواق الــنــاشــئــة، الـــتـــي تـــضـــررت مـــن الـجـائـحـة والحرب يف أوكرانيا، أصبحت جذابة.
وبــــيــــنــــت أن «األســـــهـــــم والــــســــنــــدات الصينية قــد تـكـون فــرصــا جـيـدة أيـضـا. وقــــــــالــــــــت شـــــــالـــــــيـــــــت: «أظــــــــــــــن أنـــــــــــه عــــنــــدمــــا تـــخـــرج الـــصـــن مــــن عـــمـــلـــيـــات اإلغــــــاق، ويــــبــــدأ اقـــتـــصـــادهـــا يف االنـــتـــعـــاش حـــقـــا، فـــــــقـــــــد تـــــــــجـــــــــذب اقـــــــــــتـــــــــــصـــــــــــادات األســـــــــــــــــواق الناشئة األخرى معها».