الحرب في أوكرانيا تنعش فكرة تأسيس اتحاد سياسي أوروبي
باإلضافة إلى إرسال إشارة إيجابية إلى أوكرانيا، فإن إنشاء هذا المجتمع سيسمح بتسوية معضلة توسيع االتحاد األوروبي، ومسألة االنضمام السريع جدا لالتحاد التي تقلق دوال عدة. المشروع مستوحى منّ مقترح للرئيس فرانسوا ميتران في عام 1989 حين تمنى، بعد سقوط جدار برلين
طــــرح مـــشـــروع اتـــحـــاد ســـيـــايس أوروبــــي يف عـــــــــــــــام 1989 بــــــــعــــــــد ســـــــــقـــــــــوط جـــــــــــدار بــــــــرلــــــــن، وفـــــــشـــــــل يف مــــــــا بـــــــعـــــــد. غــــــــر أن الفكرة عادت لتطرح بعد ثالثة عقود يف إطار الحرب يف أوكرانيا، ومعضلة عملية توسيع االتحاد األوروبي.
طـــــرح املــــشــــروع مـــن جـــديـــد االثــنــن يف خــــــطــــــاب ألـــــــقـــــــاه الــــــرئــــــيــــــس الــــفــــرنــــي إيمانويل مـاكـرون اقــرح فيه تأسيس «مـــــجـــــتـــــمـــــع ســـــــيـــــــايس أوروبــــــــــــــــــــــي» ُيـــــــقـــــــّدم لـــــــــــلـــــــــــدول الــــــــــراغــــــــــبــــــــــة يف االنــــــــــضــــــــــمــــــــــام إىل االتــــــــــحــــــــــاد األوروبـــــــــــــــــــــي «شــــــــكــــــــال آخـــــــــــر مـــن التعاون».
وقد يسمح مشروع كهذا، الذي التزال مالمحه غر واضحة، «للدول األوروبــيــة الديمقراطية املــؤيــدة لنظام قـــيـــمـــنـــا، بــــإيــــجــــاد مـــســـاحـــة جـــــديـــــدة مــن التعاون السيايس واألمن».
املــــــــشــــــــروع مــــســــتــــوحــــى مـــــــن مــــقــــرح لــــلــــرئــــيــــس الـــــفـــــرنـــــي الـــــســـــابـــــق فــــرانــــســــوا ميران يف عـام 1989 حن تمنى، بعد
ســــقــــوط جـــــــدار بــــرلــــن، جـــمـــع كــــــل دول الـــقـــارة األوروبــــيــــة داخـــــل اتـــحـــاد. غـــر أن الـــطـــرح الـــــذي تـــم الـــرحـــيـــب بـــه يف بـــادئ األمر، لم ير النور.
ويقول رئيس الحكومة اإليطالية الـــــــســـــــابـــــــق إنـــــــريـــــــكـــــــو لـــــيـــــتـــــا الـــــــــــــــذي يـــشـــغـــل مـــــنـــــصـــــب أحــــــــــد رؤســـــــــــــــاء مـــــعـــــهـــــد «جــــــــاك دولـــــــــــــــــــــــــــور» يف بــــــــــــاريــــــــــــس «كــــــــــــانــــــــــــت فــــــكــــــرة فــرانــســوا مـــيـــران جــيــدة جــــدا لــكــن كــان فــــــيــــــهــــــا مــــــشــــــكــــــلــــــتــــــان: كـــــــــانـــــــــت روســــــــــيــــــــــا يف االتـــحـــاد، وجــــاء الــطــرح يف وقـــت مبكر جدا بحيث لم تكن إعادة توحيد أملانيا قد حصلت بعد».
وتـــــرى نــائــبــة رئـــيـــس مــعــهــد «جـــاك دولـور» لألبحاث، كريستن فرجي، أن الــدول املعنية بالفكرة «كــان لديها هــــوس مــــــزدوج، هــــوس االنـــضـــمـــام إىل حـــــــــلـــــــــف شـــــــــــمـــــــــــال األطـــــــــــــــلـــــــــــــــي، وهـــــــــــــوس االنـضـمـام إىل االتــحــاد األوروبــــي، ولـم تكن هذه الفكرة تبدو مكثفة ورسمية بشكل كاف».
ال انضمام تلقائي
ويــعــود طــرح شبيه إىل الـسـاحـة بعد ثالثة عقود، إنما بشكل شفاف أكرث. فــــوفــــق مــــــاكــــــرون، االنــــضــــمــــام إىل هـــذا املــجــتــمــع الــجــديــد لـــن يــكــون بــــأي حــال مــــــن األحــــــــــــوال «حـــــكـــــمـــــا مــــســــبــــقــــا» عــى «الـــــعـــــضـــــويـــــة املـــســـتـــقـــبـــلـــيـــة يف االتــــــحــــــاد األوروبـــــــــــــــي، ولـــــــن يـــــكـــــون مـــغـــلـــقـــا أمـــــام الذين تركوا االتحاد األوروبي».
وأضــــــــــــــــــــــــــاف مـــــــــــــــاكـــــــــــــــرون أن الـــــــــــــــــدول املدعوة لالنضمام إىل مجموعة كهذه هــــــــــــي أوكــــــــــــرانــــــــــــيــــــــــــا ودول أخــــــــــــــــــــرى مـــــثـــــل البوسنة والهرسك، التي قد ال تنضم إىل االتحاد األوروبي قبل عقود.
وُتــــــــــــــعــــــــــــــّد عــــــمــــــلــــــيــــــة االنـــــــــــضـــــــــــمـــــــــــام إىل االتحاد األوروبـي مفرق طرق للدول املــرشــحــة لــالنــضــمــام، والـــتـــي يــجــب أن تــتــســلــح بـــالـــصـــرب قـــبـــل الــــوفــــاء بــاملــعــايــر املطلوبة.
يف الــــوقــــت الــــحــــايل، خـــمـــس دول مرشحة رسميا لالنضمام إىل االتحاد األوروبــــــــــــــــــــي، وهـــــــــي ألـــــبـــــانـــــيـــــا ومــــقــــدونــــيــــا الـــشـــمـــالـــيـــة، ومـــونـــتـــيـــنـــيـــغـــرو وصـــربـــيـــا، وتــــركــــيــــا، فـــيـــمـــا الـــبـــوســـنـــة والــــهــــرســــك، وكــــوســــوفــــو، مــــرشــــحــــتــــان مــحــتــمــلــتــان. وانضمت إليهما أوكرانيا، وجورجيا، ومولدافيا، وجميعها قدمت طلبات انــضــمــام إىل االتـــحـــاد يف أعـــقـــاب بــدايــة الغزو الرويس ألوكرانيا.
وقـــــال رئـــيـــس الـــــــوزراء الـبـلـجـيـيك، ألكسندر دو كــرو، قبل أيــام «الـيـوم، يـــــجـــــب أن نــــــغــــــرس أوكــــــرانــــــيــــــا جـــــــّيـــــــداً يف أوروبـــــــــــــــــــــــــا، كـــــــمـــــــا مــــــــولــــــــدافــــــــيــــــــا، أو دول الـــــبـــــلـــــقـــــان الــــــغــــــربــــــيــــــة، بــــــهــــــدف الــــســــمــــاح ملــــواطــــنــــيــــهــــا بـــــاالســـــتـــــفـــــادة مـــــبـــــاشـــــرة مـــن مــــــســــــاحــــــتــــــنــــــا الـــــــديـــــــمـــــــقـــــــراطـــــــيـــــــة وســــــوقــــــنــــــا الــــــــــــواحــــــــــــدة، مــــــــن خــــــــــالل إشـــــــراكـــــــهـــــــم يف بعض مؤسساتنا».
ويــــعــــتــــرب إنــــريــــكــــو لـــيـــتـــا أن تـــأســـيـــس هـــــــــكـــــــــذا مـــــــجـــــــمـــــــوعـــــــة مــــــمــــــكــــــن أن يــــــكــــــون ســــريــــعــــاً جــــــــــداً، ويــــمــــكــــن عــــقــــد اجـــتـــمـــاع أّول «اعــــــــــــــتــــــــــــــبــــــــــــــاراً مـــــــــــــن الــــــــــــخــــــــــــريــــــــــــف» يف
بروكسل.
ويــمــكــن لــالجــتــمــاع أن يـــضـــم دول االتـــــــــحـــــــــاد األوروبـــــــــــــــــــــي وتـــــــســـــــع دول غـــر مـــــنـــــتـــــســـــبـــــة إلـــــــــيـــــــــه (ألــــــــبــــــــانــــــــيــــــــا ومـــــــقـــــــدونـــــــيـــــــا الـــشـــمـــالـــيـــة ومــــونــــتــــيــــنــــيــــغــــرو، وصــــربــــيــــا، وكـــوســـوفـــو، والـــبـــوســـنـــة، ومــولــدافــيــا، وأوكـــرانـــيـــا، وجـــورجـــيـــا)، بحسب قـول ليتا.
تسوية
ويــبــقــى مــعــرفــة كــيـف سـتـتـلـقـى الــــدول املعنية االقراح.
وتـقـول فرجي «يمكن النظر إىل الــفــكــرة عـــى أنــهــا حـــل وســـط إيــجــابــي، شــــــــــــــــــــــــــــــرط أن يـــــــــــــــتـــــــــــــــم مــــــــــــنــــــــــــحــــــــــــهــــــــــــا شــــــــــــكــــــــــــالً ومــــضــــمــــونــــا»، مـــتـــســـائـــلـــة «هــــــل يــنــطــبــق بـــــــنـــــــد املـــــــــســـــــــاعـــــــــدة املــــــــتــــــــبــــــــادلــــــــة الــــــــــــــــــــــوارد يف معاهدة االتحاد األوروبي عى أعضاء هـــــــــــذا املـــــجـــــتـــــمـــــع الــــــــجــــــــديــــــــد؟ إنـــــــــــه ســـــــــؤال مفتوح».
وتــــــــــتــــــــــســــــــــاءل أيـــــــــــضـــــــــــا رئـــــــيـــــــســـــــة فـــــــرع
بروكسل يف مركز اإلصالح األوروبي، كــامــيــنــو مــــورتــــرا «مــــــاذا نــعــنــي بــتــعــاون سيايس؟ وكيف سنجعله يعمل؟».
وتـــضـــيـــف «قــــد تــــرى بـــعـــض الــــدول الـــــــــتـــــــــي مــــــــنــــــــعــــــــت مـــــــــــن دخــــــــــــــــــول االتـــــــــحـــــــــاد األوروبــــــــــــــــي لـــــســـــنـــــوات أن هــــــــذا اإلعــــــــالن تقدما، لكن علينا أن نرى خلفياته».
بـــــــــــاإلضـــــــــــافـــــــــــة إىل إرســــــــــــــــــــــــال إشــــــــــــــــارة إيجابية إىل أوكرانيا، فـإن إنشاء هذا املـــجـــتـــمـــع ســـيـــســـمـــح بـــتـــســـويـــة مــعــضــلــة تـــوســـيـــع االتـــــحـــــاد األوروبـــــــــــي، ومـــســـألـــة االنــضــمــام الـسـريـع جـــدا لـالتـحـاد التي تقلق دوال عدة.
لـــــــم ُتــــــخــــــف بـــــــاريـــــــس يـــــــومـــــــاً رفـــضـــهـــا لـــتـــوســـيـــع جــــديــــد قـــــد يــــزيــــد مـــــن تــعــقــيــد عمل املؤسسات األوروبية.
ويــــــــرى إنــــريــــكــــو لـــيـــتـــا أن املـــجـــمـــوعـــة الجديدة التي يطرحها ماكرون تقدم فــــرصــــة «ألخــــــــذ الـــــوقـــــت الـــــــــالزم لــــلــــدول غر املستع ّدة، لتستع ّد».