Emarat Al Youm

«عزبة أبوآدم».. عائلة فلسطينية واحدة تواجه 4 مستوطنات

- زهير دوله ⬛ محافظة سلفيت

رغم بشاعة ما يتعرض له الحاج عبدالرؤوف يومياً من اعتداءات إسرائيلية وأطماع استيطانية، فإنه يرفض الخروج من أرضه، ويصر على البقاء داخل الكهف القديم برفقة من تبقى من أولاده وأحفاده حتى تتوارث الأجيال المتلاحقة حكاية أرضه، وتحافظ عليها من النهب والضياع.

«ولدت في هذه الأرض، وسأبقى بداخلها حتى لو تبقى لي منها مر واحد، فمنذ 40 عاماً رحل جميع أشقائي إلى الدول العربية، لكنني آثرت البقاء إلى جانب والدي عى الرحيل، ومنذ ذلك الوقت لا أبرح هذه البقعة الصغرة المحاطة بالاستيطان، حفاظاً عى إرث الآباء والأجداد من النهب والمصادرة.»

يتمسك الحاج الفلسطيني عبدالرؤوف صاح ) 71 عاماً( وأسرته المكونة من سبعة أفراد بأرضه، داخل عزبة «أبوآدم» )تيمناً بكنية والده( الواقعة شرق قرية «سرطة»، غرب محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية، كأصغر تجمع سكاني فلسطيني، وفقاً لتصنيف جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، والذي يتوسط تجمع استيطاني كبر، استولى عى جل أراضي صاح البالغة مساحتها 150 دونماً.

الكهف وسيلة البقاء

انطلقت «الإمارات اليوم» من شرق قرية «سرطة» شمالاً، مروراً بطرق متعرجة، وصولاً إلى تلة مرتفعة يعلوها منزلان جدرانهما متهالكة، يمتد تاريخهما إلى أيام الدولة العثمانية، تعود ملكيتهما بالتوارث إلى والده أبوآدم صاح، إلا أن الاحتال يمنعه من ترميم كليهما أو أحدهما منذ عشرات السنين.

عام 2016 ضاقت الأرض بما رحبت بالمواطن صاح، جراء اتساع حدود الأطماع الاستيطاني­ة، ومنعه من التوسع فوق أرضه، سواء بالبناء أو الرميم، فاضطر بعض أولاده وعائاتهم الصغرة إلى اللجوء إلى «سرطة» للعيش بداخلها، لعدم توافر مساحة للعيش فوقها في عزبة والدهم.

الحاج الفلسطيني عبدالرؤوف، أصغر أبناء الراحل «أبوآدم»، اتجه عقب ذلك للبحث عن ملجأ يحميه من بطش الاحتال، ويكون ماذه هو ومن وجد إلى جانبه من أبنائه وأحفاده، للبقاء داخل أرضه لا الرحيل منها، فلم يجد سوى استصاح كهف أثري قديم قريب من منزليه بمساحة قدرها 100 مر مربع، والذي بات مأواه الوحيد منذ شهور عدة.

صاح يؤكد في حديثه مع «الإمارات اليوم» أن خياره هذا لم يُنهِ معاناته، بل كان بداية لمأساة جديدة يتجرع مراراتها وعائلته، فالكهف يطل مباشرة عى شارع استيطاني يعلو أراضي «أبوآدم» اسمه «عابر السامرة»، الذي يسلكه المستوطنون بالآلاف يومياً، خال تنقلهم بين أربع مستوطنات تاصق أرضه منذ عشرات السنين، وتزحف تجاهها.

ويضيف: «إن هذه المستوطنات التي تعد الأكر والأخطر في محافظة سلفيت تحاصر )عزبة أبوآدم( من أربعة اتجاهات، فمن الشرق مستوطنتا بركان الصناعية، وبركان السكنية، ومن المنطقة الجنوبية مستوطنة بروخين، ومن الجهة الجنوبية الشرقية مستوطنة أرائيل، إحدى أكر المستوطنات الجاثمة عى أراضي سلفيت، وكذلك مدن الضفة الغربية.»

أطماع استيطانية ممتدة

ما تبقى من مساحات قليلة داخل أرض المواطن الفلسطيني صاح تشكل مطمعاً دائماً لسلطات الاحتال، كونها محاطة بهذا الكم من المستوطنات، والشارع الاستيطاني الذي التهم 50 دونماً من أرضه.

ويقول الحاج عبدالرؤوف «إن الاحتال يسعى بشتى السبل لاستياء عى أراضٍ كاملة، فقد أعادها مجدداً إلى دائرة الاستهداف، والتي تشهد يومياً تجريف قوات الاحتال لمساحاتها، وتقطيع أشجارها، خدمة لتوسعة المشروعات الاستيطاني­ة » .

ويسرسل صاح: «منذ أسابيع قليلة جرفت قوات الاحتال مساحات شاسعة من أرضي، واقتلعت 200 شجرة زيتون يفوق عمرها 100 عام، بحجة إنشاء شبكات مياه للمستوطنات التي تبتلع أرضنا » .

إرث للأجيال المقبلة

رغم بشاعة ما يتعرض له الحاج عبدالرؤوف يومياً من اعتداءات إسرائيلية وأطماع استيطانية، فإنه يرفض الخروج من أرضه، ويصر عى البقاء داخل الكهف القديم برفقة من تبقى من أولاده وأحفاده حتى تتوارث الأجيال المتاحقة حكاية أرضه، وتحافظ عليها من النهب والضياع.

ويقول الفلسطيني صاح، «قبل عام 1967 كانت هذه الأرض رحبة، نزرع الثمار والأشجار، ونعيش برفاهية وأمان، حتى غزا الاحتال مدن الضفة الغربية، فمزق أوصال أراضينا، وشتت وجودنا فوقها، ولم نعد نمتلك من حقوقنا وممتلكاتنا بداخلها سوى الفتات، ورغم ذلك تسابق القوات الإسرائيلي­ة الزمن لحرماننا منه أيضاً .»

ويضيف الحاج عبدالرؤوف: «لن أقبل أن تضيع سنوات عمري التي أفنيتها متشبثاً بأرض والدي وجدي هباء منثوراً، سأصمد برفقة أولادي وأبنائهم نتحدى كل مخططات الاستياء والتجريف والمصادرة، ولن نركها مهما كان الثمن غالياً، فغداً سأرحل عن الدنيا، ليبقى أحفادي حلقة الوصل للدفاع عن حقوقنا وأرضنا حتى النفس الأخر .»

 ?? ⬛ الإمارات اليوم ?? شارع عابر السامرة الاستيطاني صادر ثلث أرض «أبوآدم».
⬛ الإمارات اليوم شارع عابر السامرة الاستيطاني صادر ثلث أرض «أبوآدم».
 ?? ⬛ الإمارات اليوم ?? أثناء اقتلاع آليات الاحتلال أشجار الحاج عبدالرؤوف.
⬛ الإمارات اليوم أثناء اقتلاع آليات الاحتلال أشجار الحاج عبدالرؤوف.
 ?? ⬛ الإمارات اليوم ?? 100 متر مربع تحت الأرض تحمي عائلة صلاح من الاستيطان.
⬛ الإمارات اليوم 100 متر مربع تحت الأرض تحمي عائلة صلاح من الاستيطان.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates