Emarat Al Youm

«ذي نيو هيومانيتير­يان».. منصة تستحق الاهتمام

- المرصد خالد محمود

تستحق منصة «ذي نيو هيومانيتري­ان» الإعامية، وغر الربحية، المهتمة بالصحافة الإنسانية، وبإعام الكوارث والأزمات، الالتفات ليس فقط لكونها الابنة الشرعية لمنصة «ايرين» الصادرة عن الهيئة العامة للأمم المتحدة، ولكن لقدرة «ذي هيومانيتري­ان» عى التجدد وإحياء قيمة الاستقال الإعامي.

أخراً وعى سبيل المثال، تبنت المنصة فكرة ملهمة، هي صنع قصة خرية إنسانية من «مجموعة واتسات» حقيقية لمجموعة بشرية أثناء إحدى الأزمات، بحيث يصبح الجهد الصحافي في هذه القصة هو تجميعها، وتنسيقها، والاتصال بأصحابها، ونسجها لتصبح قصة.

حملت القصة التي نشرتها الوكالة بالاشراك مع «جورناليزم كو يو كيه»، اسم «واتسات لبنان»، وتعلقت بنشر «واتسات» لخمسة نماذج بشرية يعيشون عى أرض لبنان، ويروون بشكل عفوي انطباعاتهم، وسلوكياتهم، وردات أفعالهم البسيطة، في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان في الفرة من 2019 إلى 2022، وتمثلت هذه النماذج بباحث سوري، ولاجئ

فلسطيني، وعاملة منزل إثيوبية مهاجرة، وعاملة إغاثة لبنانية، وصحافية لبنانية، وكان اختيار الواتساب مرده أنه الوسيلة التواصلية ل84% من اللبنانيين، بحسب ما تقول الوكالة.

سعت هذه الفكرة، بحسب الصحافية آني سيلمورد، إلى «تجاوز الفشل الصحافي في إدراك مدى انتشار وعمق الأزمة»، وعدم التقاط التغطيات التقليدية ل«لحظات مهمة لا تظهر في عناوين الأخبار»، كما أن الفكرة بحسب الصحافية زينب شمعون، هي أن «يصل للقراء داخل لبنان انطباع بأنهم ليسوا وحدهم،» وخارجها «تنشئ شبكة تعاطف، وأن تعرف القراء إلى الأشخاص الكامنين وراء عناوين الأخبار.»

هذا عى مستوى الإبداع، أما عى مستوى الاستقال الصحافي، فتجربة « ذي هيومانيتري­ان » تستحق شيئاً من القراءة، إذ استقلت المنصة عن الأمم المتحدة، لأنها اعترت أن مجرد تنسيبها إلى المنظمة الأممية، قد يشكل نوعاً من القيد عليها، والحجر عى استقاليتها، ولم تكتف الوكالة بهذا، وإنما صممت ديباجة من الممانعات للمترعين لها، تجعل قبولها لفلس واحد من أي منهم يمر عر مسرة عسرة.

فالمنصة لاتقبل دعماً من أشخاص أو مؤسسات لها عاقة بصناعة الساح، أو تدمر البيئة، أو انتاج الدخان، أو الكحول، أو إنتاج مواد يشتبه أنها مخدرة، أو لها ارتباط بانتهاكات القانون أو حقوق الانسان، أو بسلوك غر أخاقي، كما أنها ترفض أي دعم ترى المنصة أنه سيؤثر عى استقالها، مع إصرارها في كل الحالات عى نشر اسم كل داعم.

وتقر المنصة بأن «كودها الأخاقي» هو ذاته كود الأمم المتحدة، المنظمة الأم التي تمردت عليها، وهي لا ترى حرجاً في ذلك، إذ إن الاستقال هنا لا يعني سوى أنها تريد التخفف من عباءة البروقراطي­ة، والمسؤولية المباشرة ليس إلا، وهذا ما يمكن تسميته بالتمرد الإيجابي.

تقر المنصة بأن «كودها الأخلاقي» هو ذاته كود الأمم المتحدة، المنظمة الأم التي تمردت عليها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates