Emarat Al Youm

المصالح الاقتصادية تدفع قادة أوروبا لتجاهل تبعات المواقف الصينية

بعد قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في تايلاند، دعا ماكرون إلى الانخراط مع الصين، وحث أوروبا على تبنّي مسار وسطي بين «الفيلين العملاقين» الصين والولايات المتحدة.

- بروكسل ⬛ د.ب.أ

كان العام الجاري فرصة لي تعيد أوروبا النظر في رؤيتها للصن شريكاً تجارياً، ودولة تلتزم بقواعد النظام الدولي، بعد انحيازها إلى جانب روسيا في حربها ضد أوكرانيا، لكن يبدو أن هذه النظرة الجديدة ستتاشى مع الدخول للعام الجديد، حيث يبدي قادة القارة التي تعاني ارتفاع أسعار الطاقة، وصعوبة الأوضاع الاقتصادية، رغبتهم في إعادة الدفء للعاقات مع أكبر دولة تجارية في العالم، وكأن شيئاً لم يكن، بحسب الكاتب الأمركي ماثيو بروكر.

وقال بروكر، في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، إن التوجه الأوروبي الجديد سيكون خطأ، لأن التمنيات المجردة لا تصلح أساساً لعاقة جيدة.

ويعيد بروكر التذكر بتطورات الموقف الصيني خال العام الجاري، فيقول إن الهجوم الروسي عى أوكرانيا في أواخر فبراير الماضي، جاء بعد أقل من ثاثة أسابيع عى إعان الزعيم الصيني، شي جن بينغ، قيام شراكة «با حدود» مع روسيا، تصل إلى مستوى بلورة مخطط لإعادة صياغة النظام العالمي.

وبعد الحرب الروسية أعلنت بكن حيادها في هذا النزاع مع تأكيد احرامها لسيادة ووحدة أراضي الدول. لكنها في الوقت نفسه

رفضت انتقاد الحرب الروسية.

مسؤولية أميركا

وألقى المسؤولون الصينيون مسؤولية نشوب النزاع الروسي الأوكراني، عى الولايات المتحدة، وتبنت وسائل الإعام الحكومية الصينية الرواية الروسية، في حن تجاهلت معاناة الأوكرانين، وهو ما يكشف حقيقة التعاطف الصيني مع روسيا.

وفي الوقت نفسه لا يخفي الحزب الشيوعي الحاكم في الصن عداءه للقيم الليبرالية التي تدعم النظام العالمي الحالي بقيادة الولايات المتحدة، رغم أنه يبدي قدراً متزايداً من الانفتاح والثقة تحت قيادة شي. لذلك عى أوروبا، التي تشهد أكبر صراع عسكري عى أراضيها منذ الحرب العالمية الثانية، إدراك أن الدعم الفعي الصيني للحرب الروسية عى أوكرانيا دليل قوي عى صراع القيم بن الغرب والصن.

وربما يكون التعبر الأدق عن التحول في الوعي الأوروبي، هو ما قاله نائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، في خطاب ألقاه بعد قمة الاتحاد الأوروبي والصن في أبريل، عن «حوار الطرشان» بن الصن والاتحاد الأوروبي.

وتابع وزير الخارجية الإسباني السابق، البالغ من العمر 75 عاماً، تصريحاته، قائا إن «الصن أرادت تنحية خافاتنا بشأن أوكرانيا جانباً، فهم لم يرغبوا في الحديث عن أوكرانيا، ولا عن حقوق الإنسان، ولا عن القضايا الأخرى، وركزوا فقط عى الأشياء الإيجابية. الجانب الأوروبي أوضح أن هذا التقسيم غر مقبول وغر مُجدٍ.»

بالنسبة لنا الحرب في أوكرانيا لحظة فارقة بن الحياة في عالم تحكمه القواعد، وعالم تحكمه القوة. فهذا هو السؤال. نحن ندين الهجوم الروسي عى أوكرانيا، وندعم سيادة وديمقراطية هذه الدولة، ليس لأننا )نتبع أمركا

بشكل أعمى(، كما تدّعي الصن أحياناً، وإنما لأن هذا هو موقفنا الصريح ونحن نؤمن به». وهذه رسالة مهمة يجب أن يسمعها قادة الصن.

مقابل هذا الموقف المتسق مع المبادئ الأوروبية، تأتي تصريحات الرئيس الفرني، إيمانويل ماكرون، بعد لقائه بالرئيس الصيني خال اجتماعات مجموعة العشرين في إندونيسيا في نوفمبر الماضي.

وقال ماكرون إنه مقتنع بقدرة الصن عى القيام ب«دور وسيط مهم» في أوكرانيا خال الشهور المقبلة. وبعد قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في تاياند، دعا ماكرون إلى الانخراط مع الصن، وحث أوروبا عى تبني مسار وسطي بن «الفيلن العماقن» الصن والولايات المتحدة.

ويقول بروكر إن الرئيس الصيني التقى أيضاً مع رئيس وزراء هولندا، مارك روته، ورئيس وزراء إسبانيا، بيدرو سانشيز، ورئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، عى هامش قمة مجموعة العشرين. وتركز الصن جهودها عى توسيع الهوة بن الولايات المتحدة وأوروبا، وتأجيج التوتر بشأن مبادرات الطاقة الخضراء الأمركية، وتشديد القيود عى تصدير أشباه الموصات.

مواقف متعارضة

ويعتزم ماكرون زيارة الصن العام المقبل، بعد زيارة المستشار الألماني، أولاف شولتس، لها برفقة وفد كبر من رجال الأعمال والمسؤولن في الشهر الماضي.

كل هذا يتعارض مع موقف هؤلاء الذين يرون الموقف الصيني من أوكرانيا يغرّ بشكل أساسي معادلة الأمن في أوروبا.

وقبل سفره إلى بكن، وافقت حكومة المستشار الألماني عى بيع حصة من إحدى محطات ميناء

هامبورغ، إلى شركة كوسكو شيبنغ هولدينجز الصينية المملوكة للدولة، وهو الموقف الذي وضع المستشار في أزمة مع وزراء الشؤون الخارجية، والمالية، والنقل، والدفاع، في حكومته، والذين يرون أن هذه الصفقة لا تخدم الأمن القومي لألمانيا.

الهجوم الروسي على أوكرانيا، جاء بعد أقل من ثلاثة أسابيع على إعلان الزعيم الصيني، شي جين بينغ، قيام شراكة «بلا حدود» مع روسيا، تصل إلى مستوى بلورة مخطط لإعادة صياغة النظام العالمي.

يتوجب على أوروبا، التي تشهد أكبر صراع عسكري على أراضيها منذ الحرب العالمية الثانية، إدراك أن الدعم الفعلي الصيني للهجوم الروسي على أوكرانيا دليل قوي على صراع القيم بين الغرب والصين.

التبادل التجاري

ويبلغ حجم التبادل التجاري بن الاتحاد الأوروبي والصن نحو 700 مليار دولار. مثل هذا التشابك الاقتصادي الضخم بن الجانبن، يحتم وجود المحادثات والتعاون كلما كان ذلك متاحاً. ومع ذلك فإن نبرة بعض القادة الأوروبين الذين يتحدثون عن الصن باعتبارها منافساً أيديولوجياً، لكن يمكن احتواؤه عبر العاقات التجارية والاقتصادي­ة، تكشف عن نظرة عفا عليها الزمن، بل وثبت خطؤها تماماً عندما تعاملت ألمانيا مع روسيا، وفق المنهج نفسه طوال السنوات الماضية، حتى استيقظت أوروبا عى الحرب الروسية عى أوكرانيا، وحرمان أوروبا من إمدادات الغاز الطبيعي، لتدخل القارة في واحدة من أسوأ أزمات الطاقة في تاريخها.

 ?? ?? شولتس زار بكين للتأكيد على أهمية التجارة مع الصين.
شولتس زار بكين للتأكيد على أهمية التجارة مع الصين.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates