Emarat Al Youm

بوتين أقل عزلة ممّا يعتقد الغرب

لأن الغرب لا يرى إلا نفسه فقد اعتبر مقاطعته لروسيا عزلة للأخيرة، متجاهلا أن هناك دولا عدة في العالم لا تشاطره الرأي، ولا المواقف حيال هذه الحرب.

-

بعد اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، كثر الحديث الغربي، وفي القلب منه الأميركي، عن عزلة روسيا ورئيسها فاديمير بوتن.

لكن يبدو أن الحديث عن عزلة روسيا مجرد وجهة نظر أميركية، وبمعنى أوضح، يُعد ذلك ما تتمنى أن تراه واشنطن وبقية الحلفاء في حلف شمال الأطلسي )الناتو(، لا الحقيقة على أرض الواقع.

وتشكل وجهة النظر الأميركية تلك، رؤية قصيرة النظر للشؤون الدولية، لأن الوضع الحقيقي في العالم يظهر أن ما يحدث هو مجرد عزلة جزئية خاصة بالغرب وحده فقط، ربما يمكن اعتبارها مقاطعة غربية أكثر من كونها عزلة لروسيا.

ولأن الغرب لا يرى إلا نفسه دائماً، فقد اعتر مقاطعته وعزل نفسه عن روسيا عزلة لأخيرة، متجاهاً أن هناك دولاً عدة في قارات أخرى من هذا العالم لا تشاطره الرأي - أي الغرب - ولا المواقف حيال هذه الحرب.

في الدول الغربية، أصبح يُنظر إلى بوتن على أنه رسم كاريكاتيري

شرير لجيمس بوند وخصم للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسي، الذي يعتره الغرب البطل المحبوب.

حتى أن «ماكدونالدز» علقت عملياتها في روسيا، وكأن الغرب يراها دولة معزولة، لأن شعبها لن يتمكن من شراء وجبات «بيج ماك .»

بالنظر إلى خريطة العالم بشكل أعمق، سيتضح أن التسويق لمصطلح «عزلة روسيا» أو «عزلة بوتن» من قبيل التحيز الأعمى

لوجهة النظر الغربية التي محت، بهذا التصريح المنحاز، بقية دول العالم.

فمن بن 193 عضواً في الأمم المتحدة، صوّت 141 لإدانة هجوم موسكو غير المرر على جارتها، لكن تصويت الأغلبية هذا لا يروي القصة الأكثر دقة.

العديد من الدول في العالم النامي، بما في ذلك بعض أقرب حلفاء روسيا، غير مستقرة، بسبب حرب بوتن على أوكرانيا.

ومع ذلك، فإن عمالقة جنوب الكرة الأرضية - بما في ذلك الهند والرازيل وجنوب إفريقيا - يقومون بالتحوط في رهاناتهم، بينما لاتزال الصن تدعم بوتن علناً.

حتى تركيا العضو في «الناتو» تتصرف بحذر، وتحافظ على مسافة متساوية من كلتا القوتن العالميتن، روسيا وأميركا، وفي أحيان أخرى تتحدث باسم موسكو لدى العالم الغربي، ولعبت الكثير من أدوار الوساطة، كالوساطة الدبلوماسي­ة بن روسيا وأوكرانيا في مساعي السام، وكوسيط في إنجاز اتفاقية تصدير الحبوب وغيرها.

تركيا غير مستعدة لاستعداء بوتن، على الأقل ليس من دون مقابل كبير من الغرب.

وضمن سياسة التوازن، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: «لا يمكننا التخي عن أوكرانيا ولا عن روسيا».

أما المزاج العام في الداخل التركي، فمتعاطف مع روسيا في مواجهة الغرب، حيث دائماً ما تردد الصحافة والجمهور التركي رواية الكرملن عن أوكرانيا باعتبارها وكراً للنازين الجدد، فيما نظر كاهما بسخرية إلى ترحيب أوروبا الحار بالاجئن الأوكرانين، على عكس السورين والأفغان، الذين تم منع أعداد لا حصر لها منهم من السفر أو دخول الاتحاد الأوروبي، وإجبارهم على طلب اللجوء في تركيا.

أما الصن، فسعت على الأقل إلى الحفاظ على بعض المشاعر المؤيدة لروسيا في الداخل. فعلى مواقع التواصل الاجتماعي الصينية تم حظر عبارات عن توصيف طبيعة الحرب، وذكرت صحيفة «ذا نيشن» أن استخدام الهاشتاغ «بوتن» و«الإمراطور

مأزق

في الهند، امتنعت حكومة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، عن إدانة الحرب في أوكرانيا، واصفة إياها بأنها مأزق بن موسكو وحلف شمال الأطلسي، مشيرة إلى عاقة استراتيجية تعود إلى الحرب الباردة، حيث ترى نيودلهي أن موسكو قوة موازنة للصن، إلى جانب حقيقة أن أكثر من 60% من أسلحة الهند تأتي من روسيا.

أما المزاج العام للمواطنن في بقية الدول النامية والاقتصادا­ت الناشئة فيتعاملون مع قضية الحرب في أوكرانيا، بالطريقة نفسها التي تعامل بها المواطنون الغربيون، في كثير من الأحيان، مع الصراعات البعيدة في الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث يرون أنهم غير معنين بحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وفي الوقت نفسه ليست لديهم دوافع مقنعة للقبول بعزل روسيا.

 ?? ⬛ أرشيفية ?? بوتين خلال اجتماع لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي في 23 نوفمبر الماضي.
⬛ أرشيفية بوتين خلال اجتماع لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي في 23 نوفمبر الماضي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates