Emarat Al Youm

ألعاب إلكترونية تستنزف جيوب «اللاعبين» بسرقات دورية «صغيرة»

«المواقع السوداء» تعتمد على تسجيل بيانات البطاقات البنكية وبيعها أو سحب مبالغ منها بصورة دورية. الأصل في انتشار التطبيقات هو طرحها من خلال متاجر رسمية مثل «آب ستور» أو «غوغل بلاي.»

- ⬛ تحقيق: مينا غالي

تستغلّ بعض المواقع التي يلجأ إليها ممارسو الألعاب الإلكتروني­ة لسداد ثمن ألعابهم أو شراء بعض أدواتها، ما تحصل عليه من بيانات، لاختلاس مبالغ مالية من البطاقات التي يستخدمونها لتسجيل دخولهم.

وتسمى هذه المواقع عادة «الطرف الثالث». وهي تحصل على مبالغ قد لا تكون مرئية بالنسبة إلى كثر من أصحاب الحسابات البنكية، بسبب ضآلتها. إلا أنها لا تتوقف عند هذا الحد، بل تستمر في «مدّ يدها» إلى جيوب اللاعبن، سراً، فيما يعتر كثر من الضحايا أن المبالغ التي تستولي عليها صغرة إلى درجة أنها لا تستحق تقديم شكوى إلى الأجهزة المعنية، ويكتفون - في أحسن الأحوال - باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمن الحساب البنكي.

وأكد آباء وقوعهم ضحايا ل «اختلاسات صغرة »، بعد شراء أبنائهم أدوات افتراضية لبعض الألعاب الإلكتروني­ة، قبل أن يتبن لهم أن الاختلاسات لا تتوقف.

وأظهرت دراسة من جامعة ماريلاند أن المتسللن يهاجمون كل 39 ثانية جهازاً لمستخدم ما للألعاب الإلكتروني­ة، لأنه في معظم الأحيان يكون لدى الضحية بطاقة ائتمان أو خصم، خاصة به، مرفقة بالحساب الذي سجل دخوله منه إلى اللعبة.

وقال مستخدم للعبة إلكترونية، جوزيف نبيل، إنه شارك في إحدى ألعاب القتال والاستراتي­جيات، واحتاج إلى شراء أدوات وأسلحة داخل اللعبة، بما يعادل 40 درهماً في كل مرة. إلا أنه فوجئ بسحب مبالغ بالدولار عر «سرفر» الدفع الخاص باللعبة بصورة تلقائية، ودون علم منه.

وأضاف أن هناك منصات دفع تعتمد على ما يُسمى ب«المواقع السوداء» التي تعتمد بدورها على تسجيل بيانات البطاقات البنكية، ثم بيعها، أو السحب منها بصورة دورية، وهو ما دفعه للتوقف عن ممارسة اللعبة، كما يقول، تجنباً لاستنزاف نقوده.

وقال محمد عبدالقادر إن ابنه اعتاد الدخول إلى لعبة استراتيجية، هي في الأساس مجانية على المتاجر الإلكتروني­ة. لكنها تعتمد في ممارستها على شراء حقب وأسلحة وأدوات بمبالغ مالية كبرة للوصول إلى مراحل أعلى.

وأضاف: «كلما جاء إليّ طالباً شراء أدوات داخل اللعبة، كنت أفاجأ برسائل تصلني بسحب مبالغ بن 10 و30 درهماً بصورة مستمرة، دون أن أعرف سبباً لذلك، وحينما بحثت عن اسم الجهة التي اعتادت سحب الأموال مني، فوجئت بأنها شركة وسيطة للدفع، وهو ما جعلني أسارع في تغير بطاقتي البنكية تجنباً لسحب مزيد من الأموال».

أما نورالدين خالد، أب لطفل، فقال إنه فوجئ بمبالغ تسحب من بطاقته البنكية دون سبب واضح،

وعندما سأل البنك علم أنها لإحدى الشركات المخولة بالدفع للعبة إلكترونية.

وتابع: «عدت إلى ابني لسؤاله عما إذا كان هو الذي استخدمها دون علمي، أكد لي أنه استخدمها لمرة واحدة، إلا أن تلك الجهة استمرت في سحب الأموال بشكل مستمر، بدأ بمبالغ ضئيلة».

وأفاد أستاذ علم الاجتماع في جامعة الشارقة، الدكتور أحمد العموش، بأن الألعاب الإلكتروني­ة تُسبب العديد من الجوانب السلبية؛ قبل الحديث عن المخاطر المادية، إذ تؤدي إلى انتشار العنف والمظاهر العدوانية نحو الذات أو الآخر، خصوصاً أن الطفل يحاول تقليد الألعاب بإيذاء الآخرين، فضلاً عن أن هذه الألعاب تتبع سياسة التدريج وصولاً إلى الإدمان بعد ذلك.

وأشار إلى أن الإنسان عندما يصل إلى هذه المرحلة لا يستطيع التخي عنها.وتشر دراسات إلى أن الإنسان يلجأ أحياناً إلى السرقة من أجل شراء الأدوات الافتراضية، وقد

يستخدم البطاقة الائتمانية لأسرته دون علمها، ومن ثم يتحول الأمر إلى إدمان.وأوضح أن الأمر يبدأ بالتدريج، ممثلاً في مبلغ بسيط، ثم الوصول إلى التفكر في المال وجمعه بأي وسيلة لشراء ما يراه مناسباً، لافتاً إلى أن الألعاب الإلكتروني­ة هي نشاط روتيني يعتاد عليه الشخص، وبالتالي لابد من محاولة تغيره، وهو أمر يقع على عاتق الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والأندية الثقافية، مع ضرورة أن يكون هناك برامج قانونية لحماية الشباب من مخاطر الألعاب الإلكتروني­ة.

من جانبه، قال خبر الأمن السيراني عبدالنور سامي، إن الأصل في انتشار التطبيقات هو طرحها من خلال متاجر رسمية للتطبيقات مثل «آب ستور» أو «غوغل بلاي»، وهذه المتاجر هي الوسيط الآمن والصريح لها، التي تتيح الشراء داخل تطبيقات الألعاب من خلالها.

وأضاف أن «أغلب الألعاب مجانية، لكن عملية الشراء تتم في داخلها»، موضحاً أن «اللاعب أو المستخدم يشتري من خلال الدفع للمتجر، الذي يودع الدخل للشركة مالكة التطبيق؛ وهي تحصل بدورها على عمولة نظر ذلك. وهو أمر مهم لاستمراريت­ها وتوفر دخل لها وتطوير بنيتها الرقمية والمساعدة على حفظ أمن ومعلومات المستخدمن والوقاية من عمليات الشراء المرفوضة أو الوهمية.»

وذكر أن بعض شركات الألعاب أتاحت الدفع خارج المتاجر، مثل لعبة «ببجي»، و«فورت نايت.»

وقال إن «الأخرة على وجه الخصوص حاولت التحايل وإتاحة الدفع من خلال التطبيق بشكل مباشر، مما نتج عنه حرمانها من المتاجر، لأن هذه المنهجية تشكّل خطراً على بيانات الأفراد، ويمكن أن تضر بأرباح الشركات المالكة للمتاجر. ومن الناحية الأمنية؛ فإن شركات مثل )غوغل( أو )آبل( تحمي المستخدمن من الشراء غر المأمون، وتحفظ بطاقات الدفع، إضافة إلى الحماية من الدفعات غر المقرر لها»، مشراً إلى أن «لجوء شركات بعض الألعاب لحيل الدفع خارج هذه المتاجر هو نوع من أنواع الاحتيال، وهذا ينعكس عيّ كفرد حيث يصعب عي استعادة أموالي، لأن المستخدم لا يستطيع التفريق بن المتجر المعتمد وغر المعتمد، فقد تكون الصفحة التي يتم من خلالها الشراء احتيالية، وشركات الألعاب هي السبب الرئيس في ذلك.»

وأضاف: «أما الأمر الثاني المستهدف من ذلك هو بيع البطاقات بهدف الربح، وهو ما يسبب سحب الأموال تلقائياً من المستخدمن دون إرادتهم .»

وأكد ضرورة أن تُلغى عملية تسجيل البطاقات داخل الألعاب، لأن المستخدمن يجرون عملية الشراء من متاجر غر مأمونة، تسمى «الطرف الثالث»، كما أنها

الدكتور أحمد العموش:

«الألعاب الإلكتروني­ة تصل أحياناً إلى الإدمان.. ما يدفع اللاعب لارتكاب أي سلوكيات منحرفة لممارستها .» عبدالنور سامي: الدكتور محسن الخباني:

«القانون يعاقب كل من استخدم بدون تصريح بطاقة ائتمانية أو إلكترونية بقصد الحصول على أموال الغير.»

«شركات ألعاب تجاوزت عمولة المتاجر الآمنة.. وأتاحت الدفع خارجها للتحايل على المستخدمين .»

أصبحت سبباً للوقوع في الاحتيال؛ فهي تخلق نوعاً من سوء الخدمة والاحتيال وتعرض أطفالاً لعمليات ابتزاز إلكتروني، أو الاستغلال بمختلف أنواعه، فضلاً عن أن كثراً من المستخدمن يبيعون مواد إباحية، ويتخذون من هذه البطاقات ثمناً لتلك المواد، وهذا يخلق انحلالاً سلوكياً وأخلاقياً، مؤكداً أن «الدفع خارج متاجر التطبيقات الرسمية يخلق مخاطر رقمية كبرة ومتشعبة، وسببها واحد، هو إتاحة الدفع بشكل غر منظم وغر قابل للرقابة المالية.»

بدوره، قال الباحث القانوني، الدكتور محسن محمد الخباني، إنه يتبن جلياً حرص المشرع في دولة الإمارات على تحديث القوانن والتشريعات الخاصة بمكافحة الاعتداء على وسائل الدفع الإلكتروني­ة في هذا الجانب، حتى وإن ابتكرت العصابات الإجرامية في استحداث أساليب الاختراق الإلكتروني والجرائم السيرانية؛ إلا أن القانون يظل رادعاً بما نص من عقوبات صارمة في هذا الجانب.

وفي شأن الجرائم الواقعة على تقنية المعلومات جاءت العقوبات على جرائم الاعتداء على وسائل الدفع الإلكتروني­ة رادعة في المادة (15( من المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكتروني­ة، والتي نصت على أنه «يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 200 ألف درهم ولا تزيد على مليوني درهم، أو بإحدى هاتن العقوبتن، كل من زوّر أو قلد أو نسخ بطاقة ائتمانية أو بطاقة مدينة أو أي وسيلة من وسائل الدفع الإلكتروني أو استولى على بياناتها أو معلوماتها، وذلك باستخدام وسائل تقنية المعلومات، أو نظام معلوماتي ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من: صنع أو صمم أي وسيلة من وسائل تقنية المعلومات، أو برنامج معلوماتي، بقصد تسهيل أي من الأفعال المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة، أو استخدم بدون تصريح بطاقة ائتمانية أو إلكترونية أو بطاقة مدينة أو أي وسيلة من وسائل الدفع الإلكتروني أو أي من بياناتها أو معلوماتها، بقصد الحصول لنفسه أو لغره، على أموال أو أملاك الغر أو الاستفادة مما تتيحه من خدمات يقدمها الغر، أو قبل التعامل بهذه البطاقات المزورة أو المقلدة أو المنسوخة أو غرها من وسائل الدفع الإلكتروني أو ببيانات وسائل الدفع الإلكتروني المستولى عليها بطريقة غر مشروعة مع علمه بعدم مشروعيتها .»

وتابع الخباني أن المادة )40( من ذات المرسوم بقانون في شأن الاحتيال الإلكتروني أكدت أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم، أو بإحدى هاتن العقوبتن، كل من استولى لنفسه أو لغره بغر حق على مال منقول أو منفعة أو على سند أو توقيع هذا السند، وذلك بالاستعانة بأي طريقة من الطرق الاحتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غر صحيحة عن طريق الشبكة المعلوماتي­ة أو نظام معلومات إلكتروني أو إحدى وسائل تقنية المعلومات.»

وأكد أنه، مع وجود هذه التشريعات التي يقرر معها المشرع الإماراتي عقوبات رادعة لضمان إيجاد بيئة سيرانية آمنة لضمان استخدام هذه التقنيات بشكل إيجابي، يلزم أن يكون لأطراف العلاقة دور كبر في ضمان استخدام وسائل الدفع الإلكتروني­ة بطريقة آمنة وسليمة، فعادة ما يكون مجرمو الشبكة العنكبوتية متربصن ومتصيدي أخطاء لأطراف العلاقة في عملية الشراء بالبطاقات الائتمانية عر الإنترنت، والملاحظ أن أغلب هذه الأخطاء يقع على عاتق المستخدم الطبيعي فيتسبب بإهمال منه ورعونة في استخدام بطاقته الائتمانية بطريقة غر آمنة مما قد يعرضها للاختراق وسرقة المبالغ المالية دون علمه. ويمكن كذلك أن تكون جرائم الاعتداء على وسائل الدفع الإلكتروني­ة مرتبطة بمزود الخدمة نفسه مثال ذلك )البنك أو شركة الائتمان(، وذلك عندما لا يوفر تأمن بطاقته بشكل جيد، أما الطرف الثالث الذي يمكن أن يكون عاملاً مسبباً في تحقق هذه الجريمة فهو الموقع الإلكتروني أو الجهة التي تم اختراقها، وذلك بسبب ضعف في وسائل الحماية الإلكتروني­ة التي من المفترض أن تكون قوية في مواجهة مخترقي المواقع الإلكتروني­ة.

ولمعرفة على من تقوم المسؤولية في الإخلال بواجب السيطرة والتحكم وبذل العناية الواجبة من المعلوم أن القاعدة العامة للمسؤولية تقوم على توافر الخطأ والضرر وتجمع بينهما برابطة سببية، وعليه متى ما كان الخطأ على المستخدم، فإن المسؤولية تقوم عليه في رعونة وإهمال الاستخدام لما بن يديه من حسابات، التي ينبغي على أن يكون حريصاً في التسوق من المواقع التي تضمن التسوق الآمن، والتأكد في أن المعلومات التي يحتاج إليها التاجر فقط في الفضاء الإلكتروني لإتمام عمليات الشراء هي الاسم الموجود على البطاقة ورقم بطاقة الائتمان وتاريخ انتهائها، فإذا وجد نفسه قد التزم ببذل العناية الواجبة فعليه إثبات أن الخطأ قد وقع من أطراف العلاقة الأخرى لضمان التعويض العادل لما لحقه من ضرر.

 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ⬛ أرشيفية ?? ممارسة الألعاب الإلكتروني­ة قد تتحول إلى إدمان.
⬛ أرشيفية ممارسة الألعاب الإلكتروني­ة قد تتحول إلى إدمان.
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates