Emarat Al Youm

وفييت.. رحيل بطل نهاية الحرب الباردة

- ⬛ أرشيفية إعداد: عوض خيري

وسياسياً، أن غورباتشوف لم يكن أبداً مهووساً بالسيطرة. لقد أراد في الواقع أن يمنح الناس فرصة ليكون لهم رأي في مستقبل بلدهم. لم تكن السياسة موجودة في الاتحاد السوفييتي قبله. لم يكن لأفراد رأي مطلقاً، لكنه منحهم ذلك.

إتاحة حرية التعبير

أدخل غورباتشوف إصاحات سمحت للشعب السوفييتي بقدر أكر من حرية التعبير في الثمانينات، وكان نتاج ذلك أن المواطنن السوفييت صبوا جام غضبهم عى التلوث الناتج عن أكر وأقدم المصانع في الباد، ما دفع إدارته لإغاق 1300 مصنع هي المصانع الأكثر تلويثاً، وساعد أيضاً في بلورة الالتزام بالأسباب البيئية التي جعلته متقدماً عى عصره بخطوات كبيرة، وأصبح من بن القادة العالمين السباقن في هذا المجال. وركزت معظم الإشادات الدولية لغورباتشوف عى أجندته في التحرير والإصاح، البيريسروي­كا، والغاسنوست، والدور الذي لعبه في إنهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفييتي.

بعد عامن من استقالته، أنشأ مؤسسة الصليب الأخضر الدولية، وهي مؤسسة كان يأمل أن تكتسب مكانة الصليب الأحمر، مع الركيز عى الأزمات البيئية بدلاً من الأزمات الإنسانية )كان التقاطع بن الاثنن أقل رسوخاً(. وتم إنشاء المنظمة لمعالجة الآثار البيئية الخطيرة من تغير المناخ إلى التلوث الكيميائي الذي خلفته أسلحة الدمار الشامل.

لقد شعر العديد من زمائه من القادة العالمين بالحيرة من انشغاله بمثل هذه القضية، وفقاً للمفكر آدم كونيوسيفسي، الذي كان مديراً للمنظمات غير الربحية من عام 2008 حتى عام 2017. ويقول: «لقد جلب مستوى من الإلحاح لمسائل التدهور البيئي وتغير المناخ، وهي أسئلة أثارها العديد من قادة العالم، والتي مازالت بعض البلدان لا تأخذها عى محمل الجد بما فيه الكفاية.»

الغلاسنوت والبيريستر­ويكا

يقول بازهشينكو إن غورباتشوف اختار كلمات البيريسروي­كا والغاسنوست بعناية. كاهما كان من الصعب جداً ترجمته. تُرجمت البيريسروي­كا في الأصل عى أنها «إعادة هيكلة» أو «الإصاح»، لكنها أكثر دقة من ذلك. البيريسروي­كا هي عملية التغيير برمّتها. ويعتقد بازهشينكو أنه كان قراراً جيداً عندما استخدم الصحافيون هذه الكلمة في اللغة الإنجليزية. «أود أن أقول إن هذه كانت أول مرة تظهر فيها كلمات روسية جيدة في لغات أخرى، وليس )غولاغ( الذي يعني السجن الكبير ولا شيء يخيف الناس». وبالمثل، فإن كلمة «غاسنوست»، التي يعتقدها البعض أنها تعني فقط حرية التعبير، لكنها كانت تعني شيئاً مثل استعداد الحكومة لانفتاح. وكان غورباتشوف يمثل ذلك. يمكنه قضاء ساعات في التحدث إلى الناس لسماع مخاوفهم.

ويضيف بازهشينكو «لقد أدرك قيمة ومعنى هاتن العبارتن وفهم أنه رجل تاريخ. لقد أحب الكلمة الروسية المحرمة، وشاهدت كيف أنه توقع أن يكون لهاتن الكلمتن، وقعاً في التحدث إلى القادة الأجانب والناس العادين، ووجد أنه من السهل كسر الجليد في المحادثة، لم يفعل ذلك بتواضع بل بجاذبية وانفتاح وبساطة .»

لقد أكد غورباتشوف دائماً أن العملية السلمية لتوحيد ألمانيا، عى سبيل المثال، حدثت جزئياً لأن جميع القادة الذين شاركوا في ذلك، بما في ذلك الرئيس الأميركي الراحل جورج بوش الأب ورئيسة الوزراء الريطانية الراحلة مارغريت تاتشر، والرئيس الفرني الراحل فرانسوا ميران، صعدوا حقاً إلى مسؤولياتهم. كان غورباتشوف يؤمن بشدة بالعاقة الشخصية عى الرغم من وجود اختافات فلسفية وأيديولوجي­ة كبيرة بينه وبن القادة الدولين، فقد قدّر بشكل خاص دور تاتشر. لم يعجبه توسيع حلف شمال الأطلي )الناتو(، لكنه اعتقد أن الحوار يجب أن يستمر للحفاظ عى نوع من

الكرامة واللياقة في العاقات بن بلده والعالم. لكل هذه الأسباب، صُدم بشدة من الأخبار الواردة من أوكرانيا، فساءت حالته الصحية لدرجة أنه بحلول ذلك الوقت لم يكن بإمكانه التحدث إليه إلا عر الهاتف. كان هناك العديد من الأوكرانين في منطقة ستافروبول، حيث ولد ونشأ. والدته، وزوجته ريسا، كانتا أوكرانيتن. لم يكن أبداً في سام تام مع قرار أوكرانيا الاستقال، لكنه قبله واحرمه تماماً.

غورباتشوف لم يعجبه توسيع حلف شمال الأطلسي )الناتو(، لكنه اعتقد أن الحوار يجب أن يستمر للحفاظ على نوع من الكرامة واللياقة في العلاقات بين بلده والعالم. لقد كان يعتقد حقاً أن هذه كانت غاية مهمة في حد ذاتها.

عن «الغارديان» و«سي إن إن» و«التايمز» اللندنية

 ?? ?? الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان وغورباتشوف.
الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان وغورباتشوف.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates