Emarat Al Youm

اغتيال شيرين أبوعاقلة.. لإسكات صوتها

- ⬛ إعداد: حسن عبده حسن

العديد من الرصاصات انطلقت بسرعة بصورة متكررة قاطعة صفاء صباح ربيعي في مدينة جنين في الضفة الغربية يوم الأربعاء 11 مايو من العام الجاري. وتراجع المصور أثناء تصويره هذا المشهد ليختبئ خلف جدار أسمنتي صغير. وبعد ذلك سُمعت صرخات رجل يقول: «إنها جريحة، شيرين، شيرين، يا ناس شيرين، أحضروا سيارة الإسعاف».

بهذه الكلمات وصف مراسل محطة «سي إن إن» التلفزيوني­ة مشهد استشهاد الصحافية شيرين أبوعاقلة، البالغة من العمر 51 عاماً، في الساعة السادسة والنصف صباحاً برصاص قيل منذ البداية إنه جاء من جهة الجيش الإسرائيي. وأظهر التصوير أن شيرين كانت ملقاة با حراك ووجهها يامس الأرض، في حين كانت صحافية فلسطينية أخرى هي، شذى حنايشة، تجثم عى الأرض إلى جانبها مختبئة خلف جذع شجرة، وكلتاهما ترتديان خوذة كتب عليها «صحافة».

وفي اللحظات التي تلت ذلك، ظهر رجل قام بمحاولات عدة كي ينقل شيرين، ولكنه كان يضطر لاختباء بسبب العيارات النارية المتاحقة، وتمكن في النهاية من سحب جثتها من الشارع.

وقال شهود عيان لمراسل «سي إن إن» إنهم يعتقدون بأن القوات الإسرائيلي­ة الموجودة في الشارع ذاته، الذي كانت فيه شيرين، قد أطلقوا النار عمداً عى الصحافيين، إذ إن جميع الصحافيين كانوا يرتدون مابس واقية من الرصاص زرقاء اللون تحددهم باعتبارهم عاملين في الصحافة. وقالت الصحافية حنايشة: «عندما سقطت شيرين لم أستوعب، وبصدق، أنها أصيبت بطلق ناري، وكنت أسمع صوت الرصاص، ولكني لم أقتنع بأن الرصاصات موجهة علينا. فأنا لا أصدق حتى الآن ما حدث. واعتقدت أنهم كانوا يطلقون النار بالقرب منا كي نبقى بعيدين عنهم، ولم أتصور أنهم كانوا يحاولون قتلنا».

رصاص طائش

وفي يوم الحادث، أبلغ المتحدث باسم الجيش الإسرائيي، ران كوشاف، راديو الجيش، أن أبوعاقلة كانت «تصور وتعمل وسط فلسطينيين مسلحين،» وقالت صحيفة «ذي تايمز أوف إسرائيل» معلقة عى كوشاف: «يبدو أنهم كانوا مسلحين بالكاميرات، إذا سمحتم لي بقول ذلك». وقال التلفزيون الإسرائيي إنه من غير الواضح من الذي أطلق النار عى شيرين. وفي بداية التحقيق، قال الجيش إنه من المحتمل أن شيرين أصيبت برصاص طائش أطلقه فلسطينيون، أو من قبل قناص إسرائيي يرابط عى بعد 200 متر بعيداً عن مكان تبادل الرصاص، عى الرغم من أنه لا إسرائيل ولا أي شخص آخر تمكن

من تقديم أية أدلة عى ظهور مسلحين فلسطينيين في خط إطاق النار عى شيرين.

ولكن التحقيق الذي أجرته

محطة «سي إن إن» قدم دلياً جديداً، عى شكل مقطعَي فيديو لمكان إطاق النار، يظهر إنه لم يكن هناك قتال نشط، ولا أي مسلحين فلسطينيين، بالقرب من شيرين في اللحظات التي أدت إلى وفاتها. ويشير الفيديو الذي حصلت عليه «سي إن إن»، والمدعوم بشهادات من ثمانية شهود عيان، ومحلل صوتي، وخبير متفجرات، إلى أن شيرين قُتلت نتيجة هجوم مستهدف من قبل قوات إسرائيلية.

ورفض أحد كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيلي­ين صراحة نتيجة تحقيق «سي إن إن»، في 18 مايو، أن الجيش الإسرائيي قتل شيرين متعمداً. وقال بعد رفض الكشف عن اسمه، ل«سي إن إن»: «لم يستهدف الجيش الإسرائيي بأي حال من الأحوال أي مدني، خصوصاً العاملين في الصحافة»، وأضاف أن الجنود الإسرائيلي­ين لا يطلقون النار رشاً من بنادق إم 16، وإنما كل رصاصة عى حدة.

قال المستشار الأمني والعسكري المخضرم البريطاني، كوب سميث، إن شيرين لم تُقتل بزخة من الرصاص ببندقية أوتوماتيكي­ة، وإنما برصاص متقطع. وتوصل إلى هذا الاستنتاج لأنه شاهد العلامات التي تركتها الرصاصات على جذع الشجرة، حيث سقطت شيرين. وأضاف «عدد العلامات على الشجرة يثبت أنها لم تكن رشات عشوائية، بل تم استهدافها.»

تحقيق أجرته محطة «سي إن إن» قدّم دليلاً على شكل مقطعَي فيديو لمكان إطلاق النار، يظهر أنه لم يكن هناك قتال نشط، ولا أي مسلحين فلسطينيين بالقرب من شيرين في اللحظات التي أدت إلى وفاتها. ويشير الفيديو الذي حصلت عليه «سي إن إن»، والمدعوم بشهادات من ثمانية شهود عيان، ومحلل صوتي، وخبير متفجرات، أن شيرين قُتلت نتيجة هجوم مستهدف من قبل قوات إسرائيلية.

لم تكن رصاصات عشوائية

وقال المستشار الأمني والعسكري المخضرم البريطاني، كوب سميث، إن شيرين لم تُقتل بزخة من الرصاص ببندقية أوتوماتيكي­ة، وإنما برصاص متقطع. وتوصل إلى هذا الاستنتاج لأنه شاهد العامات التي تركتها الرصاصات عى جذع الشجرة، حيث سقطت شيرين.

وأضاف «عدد العامات عى الشجرة يثبت أنها لم تكن رشات عشوائية، بل تم استهدافها.» من جهتها، فتحت وزارة العدل الأميركية تحقيقاً في قضية مقتل شيرين، باعتبارها صحافية أميركية، في الضفة الغربية المحتلة. وأكد ذلك وزير الدفاع

الإسرائيي، بيني غانتز، الذي قال إن إسرائيل لن تشارك فيه. وجاء هذا الإعان بعد ستة أشهر من مقتل شيرين بينما كانت تغطي اقتحاماً قام به الجيش الإسرائيي لمدينة جنين.

وعى الرغم من أن إسرائيل قالت بداية إن شيرين عى الأرجح قُتلت عى يد مسلح فلسطيني أثناء الاشتباكات مع الجنود الإسرائيلي­ين، قبل أن تتراجع في سبتمبر الماضي، وتقر بأنه «ثمة احتمال كبير» بأن شيرين قُتلت عى يد جندي إسرائيي، إلا أنها استبعدت إجراء تحقيق جنائي، وفق ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز .»

جنازة شير ين

وخال فترة ما بعد الظهر من يوم الجمعة 13 مايو كانت مراسم جنازة شيرين، حيث تجمع الآلاف في القدس الشرقية، من أجل واحدة من أضخم الجنازات الفلسطينية في الفترة الأخيرة. وقامت كتيبة من الشرطة الإسرائيلي­ة بمهاجمة المشيعين الذين يحملون نعش شيرين. ولكن الشرطة الإسرائيلي­ة قالت لاحقاً إنها تدخلت لأن المشيعين الذين أرادوا حمل النعش مشياً عى الأقدام، رفضوا أن يضعوه في سيارة وفق الترتيبات التي تم الاتفاق عليها مع عائلة شيرين، وفق ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز .»

ولكن تدخل الشرطة أثار الصدمة لكثيرين داخل إسرائيل وخارجها، حيث اعتبر الهجوم عى المشيعين فظيعاً بغض النظر عن المحفز لذلك. وحدث الهجوم خارج المستشفى في القدس الشرقية، حيث كان جثمان شيرين، بينما تجمّع المئات من أجل المشاركة في الجنازة.

وهاجمت الشرطة المشيعين عندما رفضوا حمل النعش في سيارة، وقاموا بحمله عى

أكتافهم إلى الكنيسة، وفق ممثل الاتحاد الأوروبي في الضفة الغربية، سفن كون بيرغزدورف.

ووصفت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، جين ساكي، مقطع الفيديو الذي يظهر اشتباك الشرطة الإسرائيلي­ة مع المشيعين بأنه «مقلق للغاية»، وأضافت «نشعر بالأسف عى الاعتداء عى الجنازة التي يجب أن تكون سلمية .»

اشتباكات لا حاجة لها

وقال وزير التعاون الإقليمي الإسرائيي، عيساوي فريج، وهو العربي الوحيد الذي عمل وزيراً في إسرائيل، عى موقع «تويتر»، إن قوات الشرطة «دنست» ذكرى وجنازة شيرين، ما أدى إلى اشتباكات لا حاجة لها، وأضاف «لم تُظهر قوات الشرطة أي احترام للمشيعين، كما أنها لم تفهم ما هو دورها كمؤسسة مسؤولة عن الحفاظ عى النظام، وليس إثارة العنف».

وعى صعيد آخر، اتصل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بعائلة شيرين وقدّم لها أحر التعازي، والدعم، وفق ما ذكرته صحيفة «إسرائيل تايمز».

وكذلك التقى أنطون أبوعاقلة مع البابا فرانسيس، وكان لقاءً «عاطفياً مهماً» منحه مزيداً من القوة من أجل كفاحه للوصول إلى «الحقيقة والعدالة» لشقيقته شيرين، وفق صحيفة «آسيا نيوز». وقال أنطون إن هذه اللحظة المؤثرة هي مصدر للدعم في المعركة التي نقوم بها في فلسطين. وأكد أبوعاقلة أن «قضية السام أساسية، خصوصاً من وجهة نظر السام، لأنه لن يكون هناك سام من دون عدالة»، وأضاف «شيرين كانت صوت السام ضد الاحتال، وعملت لإيصال صوت معاناة الفلسطينيي­ن. ولهذا السبب كان يجب إسكاتها. وتم إطاق النار عليها بصورة متعمدة».

 ?? ⬛ الإمارات اليوم ?? لم يُكشف عن قاتل شيرين حتى الآن.
⬛ الإمارات اليوم لم يُكشف عن قاتل شيرين حتى الآن.
 ?? ⬛ غيتي ?? الشرطة هاجمت المشيّعين عندما رفضوا حمل النعش في سيارة وقاموا بحمله على أكتافهم إلى الكنيسة.
⬛ غيتي الشرطة هاجمت المشيّعين عندما رفضوا حمل النعش في سيارة وقاموا بحمله على أكتافهم إلى الكنيسة.
 ?? غيتي ?? رجل قام بمحاولات عدة كي ينقل شيرين ولكنه كان يضطر للاختباء بسبب العيارات النارية المتلاحقة. ⬛
غيتي رجل قام بمحاولات عدة كي ينقل شيرين ولكنه كان يضطر للاختباء بسبب العيارات النارية المتلاحقة. ⬛
 ?? ⬛ أرشيفية ?? بلينكن اتصل بأنطون أبوعاقلة وقدّم له التعازي.
⬛ أرشيفية بلينكن اتصل بأنطون أبوعاقلة وقدّم له التعازي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates