Emarat Al Youm

فلسطين تودّع أكثر الأعوام دموية

- زهير دوله ⬛ الأراضي الفلسطينية

تودّع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 2022 بشال دم نازف، وحزن عميق لم يفارق القلوب والجفون والبيوت، فقد شهد قتل الاحتال (230( فلسطينياً، في قطاع غزة والقدس والضفة الغربية وأراضي الداخل الفلسطيني المحتل، من بينهم )49( طفاً، إلى جانب اغتيال الصحافية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، أثناء تغطيتها اقتحام قوات الاحتال الإسرائيي مخيّم جنين شمال الضفة الغربية.

ووفقاً لأحدث تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة )أوتشا( فإنه قياساً عى المتوسط الشهري، كان عام 2022 أكثر الأعوام دموية للفلسطينيي­ن في الضفة الغربية، منذ أن بدأت الأمم المتحدة بتسجيل الوفيات بشكل منهجي في عام 2005.

إبادة البراءة واحتجازها

سجلت شهور عام 2022 أرقاماً قياسية تثبت تعمّد الاحتال الإسرائيي استهداف أطفال فلسطين، ففي إحصائية للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، قتلت القوات الإسرائيلي­ة )49) طفاً فلسطينياً منذ بداية 2022، منهم )32( طفاً في الضفة الغربية و)17( آخرون في قطاع غزة.

وبحسب معطيات الحركة العالمية، فإن جميع الأطفال الذين قتلهم الاحتال بالرصاص الحي كانت إصابتهم في الأجزاء العليا من الجسد، ما يدل عى أن إطاق النار صوبهم كان بقصد القتل.

ولم يكتفِ الاحتال الإسرائيي بهذا الكم البشع من الإجرام بحق الطفولة، ليحتجز جثمانَي فتيين فلسطينيين داخل الثاجات بعد أن قتلتهما قواته، رافضاً تسليمهما لذويهما، لتتسع رقعة الحزن والحرمان داخل قلوبهم، وهذا العدد يعد جزءاً من إجمالي جثامين )12) طفاً يُحرم ذووهم من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم.

والفتيان هما، معتصم محمد عطا الله، من قرية حرملة في محافظة بيت لحم بالضفة الغربية، والذي قى نحبه جراء إصابته في رأسه برصاص قوات الاحتال في الثامن من شهر مايو 2022، ومحمد ماهر تركمان، من مخيم جنين شمال الضفة الغربية، والذي ارتقى إلى العا بعد تعرّضه لإصابات خطرة من جنود الجيش الإسرائيي في تاريخ 14 من شهر أكتوبر عام 2022، وذلك بحسب منسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيي­ن، حسين شجاعية.

ويقول شجاعية ل«الإمارات اليوم»، في حديث خاص: «إن القوات الإسرائيلي­ة تمارس سياسة احتجاز جثامين الفلسطينيي­ن الذين تقتلهم، خصوصاً في مدن الضفة الغربية ومدينة القدس الشريف، وذلك في سياق العقاب الجماعي ضدهم وبحق ذويهم، وخصوصاً جثامين الأطفال والفتية الصغار، حيث تغتال القوات الإسرائيلي­ة براءة طفولتهم، وتحتجز رفاتهم بعيداً عن أنظار ذويهم وأحضانهم.»

ويضيف «إن هذه السياسة البشعة والمخالفة للقوانين الدولية وميثاق حقوق الإنسان العالمي، تعمّق جراح أمهات وآباء الأطفال، لحرمانهم من احتضان فلذات كبدهم للمرة الأخيرة في حياتهم .»

ويؤكد شجاعية تعمّد الاحتال الإسرائيي احتجاز جثامين الفلسطينيي­ن الذين يقتلهم، لإخفاء جرائم التنكيل البشعة التي تنفذها قوات جيشه بحق الفلسطينيي­ن صغاراً وكباراً، حتى لا تنكشف آثارها في تقارير إجراءات الطب الشرعي، ولا تستخدم كورقة ضغط لصالح أهالي الضحايا لتقديم ملف جنائي بحق ما تعرّض له فلذات كبدهم.

4 أطفال من عائلة واحدة

من حكايات الموت التي أزهق فيها الاحتال الإسرائيي أرواحاً بعمر الزهور، عى مدار أيام عام 2022،

إبادة براءة أربعة أطفال أقرباء من عائلة واحدة، في لحظة واحدة، خال أحداث العدوان الإسرائيي الأخير ضد القطاع المحاصر في شهر أغسطس من عام .2022

فمع غروب شمس السابع من شهر أغسطس من عام 2022 استهدفت مروحيات الجيش الإسرائيي مجموعة أطفال في مخيم جباليا لاجئين شمال قطاع غزة، أثناء وجودهم للعب أمام بوابة مقبرة «الفالوجة» المجاورة لمنازلهم.

وعى الفور ارتقى إلى العا الأطفال: )جميل نجم - ستة أعوام(، و)إيهاب نجم - 13 عاماً(، و)حامد نجم - 14 عاماً(، و)محمد نجم - 14 عاماً(، لتختلط دماؤهم وأشاؤهم مع بقايا قبور من سبقهم تحت الأرض، جراء إصابتها بشظايا صواريخ الاحتال الإسرائيي.

وجاء في تصريح لمنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالإنابة، لوسيا إلمي، بأن العام الجاري يعدّ الأكثر دموية في الأراضي الفلسطينية منذ 16 عاماً، نتيجة «الزيادة المقلقة في أعمال العنف، والقيود المفروضة عى الحركة في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة»، وفق ما ورد في وكالة الأنباء الفلسطينية.

وأشارت المي إلى ارتفاع المعدل الشهري للضحايا الفلسطينيي­ن بنسبة 57% مقارنة بالعام الماضي، مشيرة إلى أنه في أكتوبر الماضي لوحده، استشهد 15 فلسطينياً، بينهم ستة أطفال، عى أيدي قوات الاحتال في عمليات البحث والاعتقال، أو تبادل إطاق النار، أو خال مواجهات في الضفة، بما فيها القدس، وغالباً ما يكون ذلك في أعقاب اعتداءات المستوطنين، أو توغلهم في القرى الفلسطينية، في بعض الحالات.

واستبعدت المسؤولة الأممية أن يشكل الضحايا تهديداً ملموساً، أو وشيكاً، لتبرير استخدام القوة المميتة، ما أثار مخاوف من الاستخدام المفرط للقوة.

وأكدت أن الأمم المتحدة قلقة بشأن زيادة القيود عى الحركة، إذ فرض الاحتال قيوداً واسعة النطاق عى الحركة، في أكثر من مكان طوال العام ، ما حدّ من وصول الكثيرين إلى الرعاية الصحية والتعليم، وسبل العيش.

«القوات الإسرائيلي­ة تمارس سياسة احتجاز جثامين الفلسطينيي­ن الذين تقتلهم، وذلك في سياق العقاب الجماعي ضدّهم وبحق ذويهم، خصوصاً جثامين الأطفال والفتية الصغار .»

 ?? ⬛ الإمارات اليوم ?? أشقاء أطفال عائلة «نجم» ال4 في مكان قصفهم.
⬛ الإمارات اليوم أشقاء أطفال عائلة «نجم» ال4 في مكان قصفهم.
 ?? ⬛ الإمارات اليوم ?? مقبرة الفالوجة احتضنت أطفال «نجم» فوق الأرض وتحتها.
⬛ الإمارات اليوم مقبرة الفالوجة احتضنت أطفال «نجم» فوق الأرض وتحتها.
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates