Emarat Al Youm

مهندسة إندونيسية تقدّدم خطة لحماية أحياء في جاكرتا من الغرق

جاكرتا هي مدينة يعيش فيها الناس دائما مع الماء ومنه، ومن صيد الأسماك، وبيع سمك الماكريل المجفف، والعمل في أحواض بناء السفن.

- ترجمة: مكي معمري ⬛ عن مجلة «دير شبيغل»

جاكرتا تغرق في البحر وتعاني الازدحام الشديد ومشكلة القمامة. والحكومة الإندونيسي­ة تبني مدينة جديدة رداً عى ذلك. ولكن إحدى المهندسات المعماريات تريد إنقاذ منزلها؛ ويمكن أن تصبح الفكرة نموذجاً لمدن أخرى مهددة بأزمة المناخ. ويمكن بسهولة رؤية أكر مشكلة في جاكرتا من الجو عند الاقراب من مطار المدينة. ويشق البحر طريقه إلى الأحياء الساحلية، وتغرق الأرض في الماء شيئاً فشيئاً. ويمكنك حتى رؤية الجدار الضخم، الذي تم بناؤه عى الساحل لمواجهة الفيضانات.

رسمياً، يعيش 10 ماين شخص في جاكرتا الموجودة في جزيرة جاوة. وإذا تم تضمن المناطق الخارجية، فإن عدد السكان يكون أقرب إلى ما بن 20 إلى 30 مليوناً. ولكن هذا المكان الذي يعتره الكثرون موطنهم، هو عاصمة إندونيسيا، المدينة الرئيسة في بلد مكون من عشرات الآلاف من الجزر، ويبلغ إجمالي عدد سكانه 270 مليون نسمة، يكافح من أجل البقاء. وهناك الكثر من الناس، وهناك الكثر من الازدحام، والقمامة في كل مكان، والهواء ملوث - ثم هناك أزمة المناخ عاوة عى ذلك، مع ارتفاع منسوب مياه البحر والأمطار التي لا يمكن التنبؤ بها.

جاكرتا هي مدينة يعيش فيها الناس دائماً مع الماء ومنه، ومن

صيد الأسماك، وبيع سمك الماكريل المجفف، والعمل في أحواض بناء السفن. ولكن الحكومة الإندونيسي­ة استغرقت وقتاً طوياً لتدرك أن المياه لم تعد منذ زمن طويل مجرد مصدر للبقاء، وتشكل الآن تهديداً خطراً للمدينة.

جدار الفيضان الخرساني قائم منذ سنوات عدة، وقد تم رفعه ثاث مرات بالفعل. ويتم بناء السدود والمضخات الكبرة وأحواض التخزين. ولكن كل ذلك يقدم حاً مؤقتاً فقط.

وتشهد المدينة نمواً هائاً وحركة المرور مزدحمة للغاية، حيث يتنقل نحو نصف السكان إلى وسط المدينة للعمل كل يوم. ويقي الكثرون ثاث أو أربع ساعات في اليوم في السيارة. وبسبب الاختناقات المرورية، يضطر بعض الركاب لبدء رحلتهم في منتصف الليل للوصول إلى العمل في الوقت المحدد. ويجري توسيع نظام النقل العام، لكن الشبكة لاتزال غر مكتملة لدرجة أن معظم الناس لا يمكنهم الاستغناء عن سياراتهم.

مشروع طموح

في أي مرحلة تصبح المدينة غر صالحة للسكن؟ في أي مرحلة عليك أن تغادر؟

يقول صديق بورنومو، وهو المتحدث باسم هيئة العاصمة الجديدة، وهي الوكالة المسؤولة عن تنفيذ مشروع طموح: بناء عاصمة جديدة: «العبء كبر عى كل من يعيش في جاكرتا».

طرحت خطة المشروع منذ عقود، لكن الرئيس الحالي، جوكو ويدودو، هو الذي قرر مواجهة التحدي. و«نوسانتارا» هو اسم المدينة الجديدة، التي سيبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة، وستقع في جزيرة بورنيو المجاورة، حيث لا توجد زلازل أو فيضانات عى عكس جاكرتا.

حالياً، تعمل الآلات الثقيلة عى إزالة الغابات في الجزيرة، عى الرغم من ابتعاد البناء عن الجدول الزمني المحدد. ومع ذلك، أعلن ويدودو أن الحكومة ستتحرك في عام 2024، وعند هذه النقطة يجب أن يكتمل وسط مدينة نوسانتارا.

طاقات متجددة

يتحدث بورنومو عن الطاقات المتجددة، خصوصاً الطاقة الشمسية وتكنولوجيا الرياح، التي سيتم توليد الكهرباء منها في نوسانتارا، مستقباً. وبالركيز عى الاستدامة والحدائق الخضراء، وكيفية الوصول إلى كل شيء في المدينة في غضون 10 دقائق بواسطة وسائل النقل العام؛ إذ يبدو الأمر أشبه بالخاص من «العماق غر العمي» الذي أصبحت عليه جاكرتا.

ويجادل النقاد بأن الطبيعة يتم تدمرها لبناء المدينة، ويقولون إن الحكومة تواجه مشكلة في تمويل البناء، خصوصاً الآن، في أوقات الأزمات وانخفاض سعر صرف العملة. ويجادلون بأن الرئيس ويدودو يحاول فقط إنشاء نصب تذكاري لإرثه.

وتقول إليسا سوتانوجاجا، وهي مهندسة معمارية في جاكرتا، تنتقد المشروع لكونه نخبوياً، قائلة إن معظم سكان جاكرتا لن ينتقلوا إلى المدينة الجديدة، موضحة «بناء عاصمة جديدة لا يفعل شيئاً للعاصمة الحالية»، متابعة «سيبقى الناس هنا. عى الحكومة أن تضع الأموال في أيديهم». في البداية، من المتوقع أن ينتقل نحو 200 ألف شخص، فقط، إلى نوسانتارا. وبالنظر إلى أن ما يقدر بنحو 20 مليون شخص يعيشون حالياً في جاكرتا، فإن هذا يمثل 1،% فقط، من السكان.

نية المغادرة

والمهندسة سوتانوجاجا هي من بن الأشخاص الذين ليس لديهم نية لمغادرة مدينتهم. وتقول: «علينا أن نجد حلولاً إبداعية وأن نتكيف مع الحقائق الجديدة». إنها تقصد التكيف مع الوضع الحالي.

وترى المهندسة الإندونيسي­ة أنه إذا كنت تريد إنقاذ المدينة، فعليك أن تبدأ بالأشخاص الأكر عرضة للكوارث. وتقول: «هؤلاء هم فقراء المدينة».

وتساءلت سوتانوجاجا كيف يمكن القيام بذلك بمشروع سكني. وفي عام 2016، قامت السلطات بتطهر حي أكواريم، في شمال جاكرتا، وتم إجاء السكان إلى ضواحي المدينة، حيث عُرض عليهم السكن الاجتماعي. وتبن أن الحي القديم قد دمرته الفيضانات بشدة، وأن الأكواخ هناك بُنيت بشكل غر قانوني.

لكن، كما توضح المهندسة المعمارية، فإن الأشخاص الذين عاشوا طوال حياتهم في منازل صغرة من طابق أرضي فقط، والأشخاص الذين اعتادوا عى الهياكل المجتمعية القوية في قلب المدينة سيواجهون صعوبة في التكيف مع الشقق الشاهقة المنعزلة التي تفتقر إلى المساحات المشركة.

شقق شاهقة

احتجت المهندسة إليسا سوتانوجاجا مع السكان المحلين أمام القصر الرئاسي عى عمليات الإخاء؛ كما قدمت اقراحاً مضاداً، إذ خططت مع الأشخاص المتضررين لبناء مجمعات سكنية، يتكون كل منها من أربعة طوابق، بإجمالي 241 شقة. وكان من المقرر أن يتم تحديد موقع المجمعات في المكان الذي تم إخاؤهم منه - الحي القديم. «نعم، في النهاية، انتهى بنا المطاف أيضاً ببناء شقق شاهقة»، كما تقول سوتانوجاجا، متابعة «لكن الاختاف هو أننا جلسنا مع السكان، وأوضحنا لهم أن أكواخهم لن تكون أماكن جيدة للعيش فيها في المستقبل بسبب الفيضانات.» وتقول إنها اضطرت إلى استخدام لغة يفهمها الناس لوصف تغرّ المناخ وتأثره عى حياتهم؛ لأن قلة من الناس هنا تدرك لماذا يرتفع الماء أكر من أي وقت مضى.

 ?? ??
 ?? ⬛ أرشيفية ?? تعاني العاصمة الإندونيسي­ة من الاكتظاظ السكاني.
⬛ أرشيفية تعاني العاصمة الإندونيسي­ة من الاكتظاظ السكاني.
 ?? ⬛ أرشيفية ?? إليسا سوتانوجاجا )يسار( خلال فعالية في جاكرتا.
⬛ أرشيفية إليسا سوتانوجاجا )يسار( خلال فعالية في جاكرتا.
 ?? ⬛ أرشيفية ?? جاكرتا مهددة بالغرق في حال لم تتخذ السلطات الإجراءات المناسبة .
⬛ أرشيفية جاكرتا مهددة بالغرق في حال لم تتخذ السلطات الإجراءات المناسبة .
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ⬛ أرشيفية ?? تم بناء جدار لحماية جاكرتا من الفيضانات.
⬛ أرشيفية تم بناء جدار لحماية جاكرتا من الفيضانات.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates