محاولالات لإلإحياء «مجد» البن اليمني في ظل صعوبات اقتصادية

يرى مزارعون أن هناك حلولاً قد تساعد في ازدهار زراعة البن مثل تغذية وادي يهر بيافع، الذي يلتقي عند المصب مع وادي بنا الشهير المنطلق من محافظة إب بوسط البلاد.

يعاني اليمن نضوباً واسعاً للآبار الارتوازية وشح المياه ومع ذلك طغت زراعة القات، التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، على معظم المحاصيل المهمة التي من الممكن أن تعود على خزينة الدولة بالعملة الصعبة.

يكافح مزارعون في منطقة يافع بجنوب اليمن لإحياء زراعة محصول الن الذي اعتمد عليه كثر من اليمنيين في التاريخ القديم، وكانوا يصدرونه لمختلف أنحاء العالم، لدرجة ارتباط اسم قهوة الموكا الشهرة بميناء المخا، حيث كان يتم تصدير محصول الن اليمني.

لكن هذا المنتج اليوم يعاني الكثر من المشكات عى الرغم من حدوث تطور نسبي في زراعته في السنوات الماضية، إلا أن ذلك لم يغر كثراً من واقع معاناته مقابل اكتساح زراعة نبات القات لكثر من المساحات في مناطق الزراعة الجبلية، فراجع الن اليمني حتى بات شبه غائب عن سوق الن العالمية، نتيجة لانحسار زراعته.

وقال المزارع سالم بن سالم الناخبي، أحد ماك حقول الن في منطقة يافع لرويرز «إن الأمطار عادت تتساقط قبل سنوات مضت إلى منطقتنا، ما أعاد التفاؤل للمزارعين في سقي الشجرة، إلا أن تلك البشارة الإلهية لم تدم طوياً لتساعد عى بقاء أمد عمر الشجرة، وحلت بعدها مرحلة الموت، وكأنها رصاصة الرحمة».

وأضاف «نحاول استحداث أساليب جديدة لإعادة زراعة الن، منها تجديد الحقول الجافة بطين آخر، إلا إنها لم تفلح بالشكل الكافي».

وذكر الناخبي «أدت هذه الطريقة إلى انتعاش نصف الحقل فقط والنصف الآخر مات وبعد فرة يفقد الطين جودته وحينها لن يعود الحقل صالحاً للزراعة».

يُزرع الن في اليمن في مناطق المرتفعات الوسطى والغربية والجنوبية الواقعة عى ارتفاع يراوح بين 700 إلى 2400 مر فوق سطح البحر، حيث المناخ الدافئ والرطب، وكذلك في مناطق يراوح منسوب مياه الأمطار فيها ما بين 40 سنتيمراً إلى مر، وفقاً لبيانات رسمية.

تلاشي الزراعة

وأشارت دراسات وبحوث إلى تاشي زراعة الن في اليمن تدريجياً

بمرور الوقت، نتيجة الظروف المناخية التي أثرت بالفعل في معظم مناطق الن، ومنها منطقة يافع الواقعة عى بعد 200 كيلومر شمال شرقي عدن بجنوب اليمن، وهي أكر وأهم المناطق اليمنية التي ذاع صيتها بإنتاج أكثر أنواع الن اليمني شهرة.

وإلى جانب يافع، تنتشر زراعة الن في مناطق أخرى منها بني مطر، وحراز، ومديريتا الحيمة الداخلية والحيمة الخارجية غربي العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى منطقتي بُرع في محافظة الحديدة غرباً، وبني حماد في تعز جنوب غرب الباد، وكذلك في محافظة إب بوسط اليمن. ووفقاً لإرشادات متوارثة عن الأجداد خصوصاً خال شهري يوليو وأغسطس، اعتاد المزارعون استبدال الطين القاسي بالناعم تسهياً لعملية إنتاج غر مضنية.

لكن مزارعين في منطقة يافع قالوا لرويرز إن المساحات الحالية المتوافرة بلغت طبقة من الأرض غر صالحة للزراعة، الأمر الذي يعد السبب الرئيس في فشل زراعة الن منذ أعوام.

وقال محسن ناجي الحربي، مالك مزرعة للن في منطقة يهر في يافع، لرويرز «ضرب الجفاف مزارعنا قبل أكثر من 15 عاماً، وتصلبت كل الأودية، وهي الشريان الرئيس لتغذية زراعة الن».

وأرجع أسباب ركود الإنتاج الزراعي للن إلى عدم اهتمام الدولة والمستثمرين بفتح أسواق، لإعادة تسويق وتصدير المحاصيل وفق رؤية تجارية حديثة.

ويرى مزارعون أن هناك حلولاً قد تساعد في ازدهار زراعة الن مثل تغذية وادي يهر بيافع، الذي يلتقي عند المصب مع وادي بنا الشهر المنطلق من محافظة إب بوسط الباد.

وقال الحربي «إن ذلك يتطلب مشروع قناة تعيد تدفق المياه إلى وادينا من وادي بنا الشهر، التي تذهب مياهه هدراً في البحر».

وأدت الحرب المستعرة في البلد منذ ثمانية أعوام إلى تدهور مستوى الإنتاج المحلي.

إحياء مجد البن اليمني

حاولت العديد من المنظمات الدولية تقديم استشارات ومعونات مثل مكافحة الحشرات الآكلة لشجرة الن من الجذوع، ولكن دون جدوى، بحسب ما قال علي حسن الناخبي رئيس جمعية )ذي ناخب الزراعية( المهتمة بأشجار الن في يافع.

وأضاف الناخبي لرويرز «لأن أشجار القهوة في اليمن تُزرع عى مدرجات جبلية شديدة الانحدار، فإن متوسط حجم المزرعة صغر، وتؤدي طرق الزراعة التقليدية والأصناف القديمة، وظروف النمو الصعبة إلى خصائص مميزة للن اليمني، لكن العائد منخفض مقارنة بالقادة العالميين في إنتاج الن». ومع ذلك أكد أن «الن اليمني يحصل عى سعر ممتاز في السوق الدولية».

وأعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أغسطس الماضي عن مشروع بعنوان )من القات إلى الن من أجل تعزيز المناخ والأمن الإنساني( يهدف إلى «تعزيز الإنتاج المستدام للن، وساسل القيمة في اليمن، باعتباره محصولاً بدياً عالي القيمة للحد من استغال المياه الجوفية».

وخال العقدين الماضيين، حاول تجار وضع زراعة الن نصب أعينهم وخاضوا المنافسة في الأسواق الخارجية عر معارض عربية ودولية، وحقق الن اليمني نتائج إيجابية.

ولكن بعد سنوات تعرضت محاصيل الن لانتكاسة مع استمرار تجاهل الحكومات المتعاقبة، لإيجاد سياسة مائمة ومشجعة لتسويق الن وتصديره.

⬛ عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية حاولت الأمم المتحدة استبدال زراعة القات بزراعة البن لكنها فشلت في مسعاها.

⬛ أرشيفية تراجع إنتاج القهوة اليمنية إلى النصف تقريبا.