أكاديميون وخبراء: ال عالقة بين منخفض «الهدير» و«التلقيح االصطناعي»
أكــد أكـاديـمـيـون وخـــراء يف التغري املناخي والطقس أن األمطار الشديدة وغري املسبوقة التي شهدتها الدولة جـــزء مــن الــتــحــوالت املـنـاخـيـة الــحــادة واالسـتـثـنـائـيـة، التي يــــشــــهــــدهــــا الـــــعـــــالـــــم يف ظــــــل زيـــــــــــادة االنـــــبـــــعـــــاثـــــات الـــكـــربـــونـــيـــة الـــــقـــــيـــــاســـــيـــــة، مــــــشــــــدديــــــن عـــــــى أن هــــــــــذه «الـــــــحـــــــالـــــــة املــــطــــريــــة املــــــتــــــطــــــرفــــــة ال يـــــمـــــكـــــن ربــــــطــــــهــــــا عـــــلـــــمـــــيـــــا بـــــعـــــمـــــلـــــيـــــات الــــتــــلــــقــــيــــح االصطناعي للغيوم (االستمطار)».
وكـــانـــت الـــدولـــة شــهــدت هــطــول أكـــر كـمـيـة أمـــطـــار يف تاريخها الحديث خالل 16 أبريل الجاري، يف العديد من املـنـاطـق، وهــي األكـــر منذ بــدء تسجيل الـبـيـانـات املناخية يف عـــــام ،1949 حـــيـــث تــــم تــســجــيــل أعـــــى كــمــيــة أمــــطــــار يف مـنـطـقـة «خـــطـــم الــشــكــلــة» بــالــعــن، وبــلــغــت 254.8 ملم وفقا للمركز الوطني لألرصاد الجوية الذي أعلن أن هذه الكمية هي األعى منذ 75 عاما، مؤكدا أن هطول األمطار بـــــهـــــذه الــــــــغــــــــزارة يــــمــــثــــل حــــــدثــــــا اســــتــــثــــنــــائــــيــــا يــــســــهــــم يف زيــــــــادة املتوسط السنوي لألمطار يف اإلمارات، ويف تعزيز مخزون املياه الجوفية بالدولة بشكل عام.
وقــالــت رئـيـسـة قـسـم البيئة والـعـلـوم الجيوفيزيائية يف جـــــامـــــعـــــة خـــــلـــــيـــــفـــــة، الــــــــدكــــــــتــــــــورة ديــــــــانــــــــا فــــــرانــــــســــــيــــــس، إن األحـــــــوال الـــجـــويـــة الــقــاســيــة الـــتـــي شــهــدتــهــا اإلمـــــــارات حــالــة اســـتـــثـــنـــائـــيـــة مـــــن حـــيـــث شـــدتـــهـــا وآثــــــارهــــــا واســـــعـــــة الـــنـــطـــاق، مـــشـــرية إىل أن «كــمــيــة املــطـــر الـــتـــي ســقــطــت يــــوم 16 أبــريــل الجاري تعادل كمية األمطار التي تشهدها الدولة خالل عامن، ومتوسط الكمية التي تهطل عى لندن يف سبعة أشهر».
وأضافت أن عملية تلقيح السحب (االستمطار) لم تسبب أو تسهم يف هطول كمية األمطار االستثنائية التي شــهــدتــهــا الــــبــــالد، ويــــعــــود ذلـــــك لـــثـــالثـــة أســــبــــاب أولــــهــــا، أن هذه الحالة الجوية أثرت يف دول عدة يف املنطقة. وثانيا، توقع هذه الحالة قبل خمسة أيام عى األقل، بمعنى أن عملية تلقيح السحب لم تتسبب يف حدوث هذه الحالة الـــــجـــــويـــــة. وثــــــالــــــثــــــاً، أنـــــــه عــــنــــدمــــا ُيــــتــــوقــــع حـــــــــدوث مــــثــــل هــــذه الــــــــظــــــــواهــــــــر الــــــــخــــــــطــــــــرية، ال يـــــمـــــكـــــن إجــــــــــــــــــراء عـــــمـــــلـــــيـــــة تــــلــــقــــيــــح للسحب، ألنه يمثل خطورة كبرية عى الطيارين يف ظل هذه الظروف الجوية.
وأوضـــــحـــــت أن عـــمـــلـــيـــات تـــلـــقــيـــح الـــســـحـــب تــــهــــدف إىل تعزيز هطول األمـطـار عن طريق مساعدة بخار املـاء عى عـمـلـيـة الـتـكـثـف يف وجــــود الــســحــب، وال يـمـكـنـه بـــأي حــال املـــســـاهـــمـــة يف عــمــلــيــة خـــلـــق الـــســـحـــب أو تـــكـــويـــن بـــخـــار املــــاء نفسه. وخــالل هـذه الحالة الجوية تـوفـرت كـل العناصر الــضــروريــة لـسـقـوط هـــذه الكمية الـكـبـرية مــن األمــطــار من دون الحاجة إىل عملية تلقيح السحاب.
وتـــــوقـــــعـــــت الــــــدكــــــتــــــورة ديــــــانــــــا فـــــرانـــــســـــيـــــس، أن تـــصـــبـــح الظواهر الجوية القاسية أكرث تواترا وأكرث كثافة بسبب االحـــرار الـجـوي الــذي يسمح للغالف الـجـوي باالحتفاظ بقدر أكر من الرطوبة.
ويـــــتـــــفـــــق خـــــبـــــري الـــــتـــــغـــــري املــــــنــــــاخــــــي يف املـــــمـــــلـــــكـــــة الــــعــــربــــيــــة السعودية الدكتور منصور املزروعي، مع طرح الدكتورة فــرانــســيــس، حــيــث يــتــوقــع أن تـشـهـد الـــدولـــة خـــالل نـهـايـة الشهر الجاري ومطلع مايو املقبل أمطارا قد تكون غزيرة
نـــتـــيـــجـــة مــــــا تــــشــــهــــده دول الـــــعـــــالـــــم مــــــن تــــــحــــــوالت مـــنـــاخـــيـــة عنيفة. كما أن هناك توقعات أن تشهد الدولة أمطارا يف الـــصـــيـــف، مـــــؤكـــــدا أن «هــــــذه الـــتـــوقـــعـــات تـــــأيت اســــتــــنــــادا إىل التحليالت الجوية املعتمدة عى نماذج عالية الدقة».
وأشاد املزروعي برنامج االستمطار اإلمارايت ووصفه بـالـواعـد والــرائــد يف املنطقة. وقــال إن «الـرنـامـج اإلمـــارايت لـــــــــه خــــــــــــرة طــــــويــــــلــــــة يف هــــــــــــذا املـــــــــجـــــــــال ونــــــحــــــتــــــاجــــــه بــــــــشــــــــدة يف املـــنـــطـــقـــة»، داعــــيــــا إىل تــنــفــيــذ اســراتــيــجــيــة وطــنــيــة ملــواجــهــة التحديات املناخية العنيفة، خصوصا أن التوقعات تشري إىل أن املــــــرحــــــلــــــة املــــقــــبــــلــــة ســــتــــشــــهــــد هــــــطــــــول أمـــــــطـــــــار غـــــزيـــــرة ومتطرفة، تزيد نسبتها إىل .%30
وقـــــــــــــــــال مــــــخــــــتــــــص ســــــــيــــــــاســــــــات املــــــــــنــــــــــاخ ورئــــــــــيــــــــــس اتـــــــحـــــــاد الجمعيات البيئية يف األردن عمر الشوشان، إن التغريات املناخية تؤثر بشكل متزايد عى أنماط الطقس يف أنحاء الـــــــعـــــــالـــــــم، وأحـــــــــــــــــداث الـــــطـــــقـــــس املـــــتـــــطـــــرفـــــة مـــــثـــــل األعـــــــاصـــــــري والـفـيـضـانـات هــي أبـــرز مـظـاهـر هـــذا الــتــأثــري، مــشــريا إىل أن
ذرات الغبار المندفعة من الربع الخالي أسهمت في تلقيح طبيعي للغيوم، وزيادة قوتها وسماكتها وارتفاع معدالت غزارة األمطار.
ارتفاع نسبة الغازات الدفيئة بالغالف الجوي لألرض أدى إلى سلسلة من التغيرات المناخية غير المسبوقة.
الحالة الجوية االستثنائية التي تعرضت لها بعض دول الــــــخــــــلــــــيــــــج الــــــــعــــــــربــــــــي ال يــــــمــــــكــــــن ربـــــــطـــــــهـــــــا عــــــلــــــمــــــيــــــا بــــعــــمــــلــــيــــات االستمطار.
وأكــــــد ضـــــــرورة االســــتــــفــــادة مــــن الـــنـــمـــوذج اإلمـــــــــارايت يف الـــــــــتـــــــــعـــــــــامـــــــــل االســـــــــتـــــــــبـــــــــاقـــــــــي مــــــــــــع هــــــــــــــــذه الــــــــــــــظــــــــــــــروف املـــــــنـــــــاخـــــــيـــــــة االستثنائية، من حيث اإلنذار املبكر وقوة البنية التحتية واإلدارة الرشيدة التي مكنتها من التعايف بوقت قيايس.
ويؤكد خبري االستدامة والتغري املناخي رئيس شبكة بيئة أبـوظـبـي الـدكـتـور عـمـاد سـعـد، أن علينا تـوقـع مزيد من الحوادث املناخية املتطرفة التي تأيت عى شكل أمطار غزيرة، أو حر شديد، أو جفاف، أو فيضانات.
ورداً عىّ ما أوردته مواقع إخبارية ومنصات تواصل اجتماعي من أن كمية الهطول املطري سببها االستمطار االصـــطـــنـــاعـــي، أكـــــد أنـــــه ال عـــالقـــة بــــن بـــرنـــامـــج االســتــمــطــار ومنخفض «الهدير» نهائيا.
وأشـــــــاد بـــكـــفـــاءة شـــبـــكـــات الــــصــــرف الـــصـــحـــي بـــالـــدولـــة، حيث استوعبت كمية الهطول الهائلة خالل أقل من 24 ســـــــاعـــــــة، وهـــــــــــذا بــــســــبــــب تــــخــــطــــيــــط املـــــــــــدن الـــــــــــذي أخـــــــــذ بـــعـــن االعــــــتــــــبــــــار اســــــتــــــشــــــراف الـــــتـــــحـــــديـــــات املـــــنـــــاخـــــيـــــة وفـــــــــق خـــــرائـــــط النمذجة الرياضية باستخدام الذكاء االصطناعي.
وأوضـــــــــــح أن مـــــســـــار مـــنـــخـــفـــض الـــــهـــــديـــــر بـــــــات مــــعــــروفــــاً لــلــجــمــيــع، مــــن خـــــالل األقــــمــــار االصـــطـــنـــاعـــيـــة الـــتـــي رصــــدت ونــــــــــشــــــــــرت مــــــــســــــــار هـــــــــــــذا املــــــنــــــخــــــفــــــض وغـــــــــــــــريه مــــــــــن األعــــــــاصــــــــري والفيضانات عر العالم.
بـــــــــــدوره أفـــــــــاد املــــــديــــــر الــــتــــنــــفــــيــــذي ملـــــركـــــز وســــــــم لـــــألرصـــــاد الجوية اإلقليمية يف األردن حسن عبدالله، بــأن الحالة الجوية التي شهدتها اإلمارات ناتجة عن منخفض جوي عـــمـــيـــق ونـــــــادر كـــــان يـــتـــمـــركـــز جـــنـــوب غـــــرب اإلمــــــــــارات ودفــــع كميات كبرية جدا من الرطوبة من بحر العرب، وتزامن مع اندفاع كتلة باردة يف مختلف طبقات الجو من جنوب أوروبـــــــــــا نــــحــــو اإلمــــــــــــــارات، مـــــشـــــريا إىل أن حــــركــــة املـــنـــخـــفـــض الجوي كانت بطيئة ألسباب تتعلق بسلوك غري اعتيادي لـــلـــغـــالف الــــجــــوي، مــــا أتــــــاح تـــشـــكـــل مــــوجــــات عـــــدة مــمــطــرة غزيرة جدا نحو اإلمارات. وشدد عى أنه ال عالقة لرنامج تــلــقــيــح الـــغـــيـــوم بــــزيــــادة قـــــوة الـــحـــالـــة الـــجـــويـــة، ألن تـلـقـيـح الغيوم االصطناعي يف هـذه الـحـاالت الشديدة ال يعطي تأثرياً مهماً يف قوة الغيوم.
وقــــــــال إن ذرات الــــغــــبــــار املــــنــــدفــــعــــة مـــــن الـــــربـــــع الــــخــــايل والـــكـــمـــيـــة الـــكـــبـــرية أســـهـــمـــت يف تــلــقــيــح «طـــبـــيـــعـــي» لــلــغــيــوم الـــــركـــــامـــــيـــــة وزيــــــــــــــادة قــــوتــــهــــا وســــمــــاكــــتــــهــــا ومـــــــعـــــــدالت غــــــــزارة األمــــــــطــــــــار، مــــــشــــــريا إىل أن الـــــتـــــغـــــريات املــــنــــاخــــيــــة يف مــنــطــقــة الـــجـــزيـــرة الــعــربــيــة ومـــنـــاطـــق واســـعـــة مـــن الـــشـــرق األوســــط بـــدأت بالفعل تظهر بـوضـوح منذ 10 سـنـوات عـى شكل مــــعــــدالت أمــــطــــار كـــبـــرية وزيـــــــــادة يف مـــســـتـــويـــاتـــهـــا، وارتــــفــــاع واضح يف درجات الحرارة.