Forbes Middle East (Arabic)

التجارة الدولية أمرٌ جيد

بقلم: ستيف فوربس

-

على المنتجات الفائضة عن احتياجات الدول وتباع هنا بأسعارٍ أقل من تكلفة تصنيعها في أمريكا. إلا أن التوجه الجديد نحو التجارة الأكثر تحررًا كان هو المهيمن.

وأصبحت سلاسل الإمداد أكثر تعقيدًا، وبالأخص مع إنشاء سفن الشحن العملاقة التي أدت إلى خفض تكاليف الشحن بشكلٍ كبير. وفي الفترة الواقعة بين عامي 1985 و2005، تضاعفت التجارة العالمية إلى أربعة أضعافها. وبدون التجارة، لم تكن الأجهزة المحمولة -التي تساوي قدرتها قدرة الحواسيب الفائقة التي ظهرت في الجيل السابق- متاحةً اليوم، وبالتأكيد ليس بهذه الأسعار المنخفضة. ويرجع السبب وراء استهداف التجارة اليوم إلى الركود الاقتصادي الذي أعقب أزمة 2008. لكن التباطؤ الذي حدث لم يكن نتيجةً للتجارة، بل نتيجةً للسياسات الحكومية السيئة المتعلقة بالأموال والضرائب واللوائح التنظيمية. فقط انظر إلى حال الولايات المتحدة عند خفض الضرائب المفروضة عام 2017، وتراجع اللوائح التنظيمية الخانقة. الأمر الوحيد الذي يقف في طريقنا الآن هو الغموض الذي يكتنف النزاعات التجارية الحالية. الحمائية ضيقة الأفق، حسنة النية، لكنها ليست في محلها

في عام 1926، اعتقد أوين بروستر حاكم ماين أن حملة «شراء منتجات ماين» قد تُنعش اقتصاد ولايته المتأزم، وكان ذلك قبل الكساد الكبير، لذا أصدرت الدولة هذا الكتيب، الذي يشير في أدنى كل صفحة من صفحاته إلى أيٍّ من مصانع ماين أنتج هذه الورقة على وجه الخصوص.

اعتقد بروستر وزملاؤه أن بذل الجهد لشراء المنتجات محليًا لا يعد أمرًا ضيق الأفق أو حمائيًا، لكنه السبيل نحو إنقاذ أموال الناخبين نتيجةً لخفض تكلفة التوزيع والنقل، وكأن المستهلكين لا يستطيعون المقارنة بين الشراء المحلي والشراء الخارجي. وورد في الكتيب المئات من أسماء الشركات المحلية، بدءًا من شركات تصنيع البراميل والأحذية وأجزاء الصناديق والمناشير والزلاجات وصولًا إلى تصنيع الأدوية المسجَّلة.

وساعدت هذه الجهود المبذولة على زيادة شهرة بروستر، الذي أصبح فيما بعد سيناتورًا أمريكيًا. لكن بالطبع، لم تنجح الحملة في إنعاش اقتصاد ماين، لكنها لم تؤثر عليه بالسلب، لأن الدستور يمنع الولايات من فرض التعريفات الجمركية وغيرها من القيود على منتجات التجارة الداخلية.

وللأسف، اتجهت الحكومة الوطنية إلى طريق الحمائية بشكلٍ كبير بعد ذلك بأربع سنوات عبر إصدارها قانون «تعريفة سموت هاولي» المدمر، الذي أدى دورًا مهمًا في تدمير سوق الأسهم وتسبب في الكساد الكبير الذي لم تنجُ منه فترة حكومة هربرت هوفر. تحظى التجارة الدولية بسمعةٍ سيئةٍ هذه الفترة، مع توجيه اللوم لها واعتبارها مسؤولةً عن فقدان هذا الكم الهائل من الوظائف واستنفاد الثروات في الولايات المتحدة، وهو أمر ليس حقيقي، إذ أن التجارة تخلق المزيد من المصادر وتوفر المزيد من الوظائف أكثر مما تقضي عليها.

الأسواق الحرة دائمة التغيير مع افتتاح الشركات وإغلاقها ونموها وانكماشها. وأصبحت التكنولوجي­ا الجديدة تحل مكان القديمة وتُغيِّر من الأساليب التي نستعين بها للقيام بمختلف الأمور. التقلبات التي تحدث في سوق العمل هائلة، مع اختفاء ما يصل إلى الملايين من الوظائف سنويًا، وظهور ملايين الوظائف الجديدة مكانها.

قطاع السكك الحديدية -على سبيل المثال- كان واحدًا من أكبر القطاعات التي توفر فرص العمل في الولايات المتحدة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مع أكثر من 1.4 مليون عامل، واليوم، يبلغ عدد العاملين في القطاع 170 ألف عاملٍ فقط. وفي أواخر أربعينيات القرن الماضي كان هناك 350 ألف موظف من مشغلي الهواتف، واليوم أصبحت أجهزة التحويل الآلي تقوم بهذه الوظائف، وكذلك الأمر مع مكاتب الطباعة والكتابة التي كانت منتشرةً بشكلٍ كبير، لكن في الوقت نفسه، ازدادت أعداد الوظائف الجديدة مع زيادة الأجور.

ولأسبابٍ عاطفيةٍ يمكننا تفهمها، عندما تغلق الشركات أو تخفِّض من عدد مرافقها هنا، وتنشأ شركاتٍ مشابهةٍ في الدول الأجنبية، قد تكون العواقب السياسية وخيمة، حيث انتقد المسؤولون التنفيذيون للشركات التجارية المرشح الرئاسي الديمقراطي جون كيري عام 2004 بعد أن شبههم بـ«بينيديكت أرنولد» الضابط الأمريكي الخائن.

وعمل في قطاع النسيج الأمريكي مئات الآلاف من الأفراد في بداية التسعينيات، لا سيما في منطقة نيو إنجلاند، ثم انتقلت هذه الوظائف بعد ذلك إلى الولايات الجنوبية، وكان الشعور بالامتعاض كبيرًا في المناطق التي شهدت إغلاق المصانع، لكن لم يكن هناك مطالباتٌ بمعاقبة الشركات التي نقلت أعمالها، لأنها في النهاية كانت لا تزال تباشر أعمالها داخل حدود الدولة. ولكن بعد الحرب العالمية الثانية، عندما بدأت هذه الوظائف المتوفرة في الهجرة إلى خارج الدولة، لا سيما إلى آسيا، بدأت مسألة واردات المنسوجات إلى الولايات المتحدة تصبح قضيةً تجارية محتدمة.

ولتلطيف الأجواء السياسية، أصدرت الحكومة برامج « التكيُّف التجاري للعمال المشردين»، حيث حددت حصص الواردات على المنتجات التي تثير الحساسية السياسية في بعض الأحيان، وبين الحين والآخر يتم فرض بعض التعريفات الجمركية المؤقتة، لا سيما

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates