Forbes Middle East (Arabic)

تسريع وتيرة النقل الذكي في مدن الخليج

- بقلم: مارك حداد

تخيَّل خيارات النقل التي توفرها مدينة المستقبل، حيث ستتفاعل شبكةٌ متصلةٌ من المركبات ذاتية القيادة -جميعها محايدة للكربون- مع إشارات المرور التي تستطيع استشعار الظروف الحالية، وتعديل مسار المركبات ومسار الرحلة من أجل تحسين سيولة حركة المرور، وستوفر حلول النقل المشترك للأشخاص مجموعةً واسعةً من الخيارات للتنقل، بدايةً من السيارات إلى الدراجات البخارية، ووصولًا إلى الخيارات المستقبلية، مثل طائرات الركاب المسيَّرة عن بعد، وسيعزز النقل المحسَّن النمو الاقتصادي، عوضًا عن خنقه.

بدأت المدن في جميع أنحاء العالم بالفعل في اتخاذ خطواتٍ جريئةٍ من أجل الوصول إلى هذا المستقبل، وتسعى المدن في الوقت نفسه إلى التحول لامتلاك مقارباتٍ ذكية، على سبيل المثال، تمتلك لندن نظامًا مركزيًا لإدارة حركة المرور، ويجمع هذا النظام البيانات من 9200 حافلة و6000 إشارة مرور و1400 كاميرا، ثم يضبط الإشارات وفقًا لذلك لتحسين سيولة حركة المركبات. وتختبر مدينة نيويورك تقنية المركبة المتصلة بمركبة، والمركبة المتصلة بالبنية التحتية، ونجحت مدًنا مثل فينيكس وسنغافورة وطوكيو في اختبار سيارات الأجرة ذاتية القيادة بنجاح.

وبدأت بعض المدن في دول مجلس التعاون الخليجي في تنفيذ النقل الذكي بالفعل. ويجري تنفيذ مشاريع المدن الذكية في المملكة العربية السعودية. وتركز الإمارات العربية المتحدة على تحسين قدرة السكان على التنقل، وتهدف إستراتيجية النقل في دبي إلى تحويل 25% من إجمالي الرحلات لتصبح بواسطة سياراتٍ بدون سائق بحلول عام 2030، وتتخذ مدًنا أخرى خطواتٍ أصغر، وتحقق تقدمًا. واستثمرت الرياض بالفعل في مشروعٍ لتحسين إدارة حركة المرور اليومية من خلال إشارات المرور المتكيفة، التي تعمل بواسطة تقنية الذكاء الاصطناعي.

وتحتاج سلطات دول مجلس التعاون الخليجي إلى تعلم كيفية إدارة مجموعةٍ من حلول التنقل التي تتحرك بسرعةٍ وتعمل بواسطة التقنية، كما تحتاج إلى تعلم كيفية التعامل مع مقدمي تلك الحلول، لتتمكن هذه السلطات من الاستفادة من النقل الذكي، والتعامل مع تحديات قطاع النقل الحضري المتنامية، كما يجب عليهم تطبيق منهجٍ من ثلاث خطواتٍ للحصول على أكبر فائدةٍ ممكنة.

أولاً، يجب على المدن أن تضع سياسةً وإستراتيجي­ةً شاملةً للنقل الذكي، تبدأ من خلال إشراك أصحاب المصلحة، وتحديد المشكلات والصعوبات الملحَّة في المدينة، والتي توجد عادةً في مجالات تجربة المستخدم والسلامة والتنقل وإمكانية الوصول والاستدامة البيئية، ويمكن لحكومات المدن أن تضع رؤيتها للنقل المستقبلي معتمدةً على ذلك الأساس بما يتماشى مع الأولويات الوطنية والمعايير التقنية التي تعمل كحافزٍ للبدء في نشر حلولٍ محددةٍ لتلبية احتياجاتها الملحَّة.

ثانياً، تحتاج المدن إلى تطوير الإطار المؤسسي والتنظيمي الصحيح للنقل الذكي، ومن المهم أن يضمن هذا الإطار استعداد الهيئات العامة لاستخدام أنظمة النقل الذكية في مجموعةٍ من السيناريوه­ات المحتملة، وبشكلٍ أكثر تحديدًا، تحديد اللاعبين المختلفين الذين يُشرفون على إجراءاتٍ محددةٍ وتنفيذها لتطبيق حلول النقل الذكي، وضمان أن لديهم القدرات والمهارات المناسبة، ومن المهم أن يتضمن الإطار جميع التشريعات واللوائح المطلوبة لدعم حلول النقل الذكي، وتحديد القيم الثابتة في مجالاتٍ مختلفة، مثل المعايير المشتركة، والمنصات المفتوحة، إلى جانب عددٍ من العوامل الأخرى.

ثالثًا، يجب على المدن التعاون مع منظومة كياناتِ النقل كاملة، في كلٍّ من القطاعين العام والخاص، على سبيل المثال، سمح نمو وسائل النقل الخفيفة للمدن في البلدان الأخرى بتوفير مزيدٍ من حلول النقل داخل المراكز الحضرية المزدحمة من خلال التعاون مع القطاع الخاص، حيث تعاقدت هذه المدن مع شركاتٍ خاصةٍ لمشاركة رحلات الدراجات أو الأسكوتر الإلكتروني. ويمكن للتحالفات المماثلة أن تسمح لمدن دول مجلس التعاون الخليجي بإدخال تغييرٍ على النقل الحضري بأقل قدرٍ ممكن من الاضطرابات أو التغييرات في البنية التحتية.

وهناك أيضًا ضرورةٌ لوجود تعاونٍ مع القطاع العام، على سبيل المثال، يتطلب نظام إعطاء إشاراتٍ الأولوية عند التقاطعات لسياراتٍ معينة، مثل حافلات المدينة المتصلة، تنسيقًا وثيقًا بين مشغل النقل العام ومشغل البنية التحتية، مثل مركز القيادة والتحكم في إدارة المرور.

ويخضع قطاع النقل على مستوى العالم لأهم ثورةٍ له منذ اختراع السيارة قبل أكثر من قرن، وتمتلك مدن دول مجلس التعاون الخليجي القدرة على جني فوائد التنقل الذكي، ربما أكثر من أماكن أخرى في العالم.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates