Forbes Middle East (Arabic)

الطاقة المتجددة

الرئيس التنفيذي لشركة طاقة عربية، تدفع باكينام كفافى، شركة الطاقة المصرية نحو استطلاع آفاقٍ جديدة، مع تجهيزها للاكتتاب العام الذي طال انتظاره.

- BY ‪SAMUEL WENDEL‬

في رقعة الصحراء البعيدة في جنوب مصر، بالقرب من مدينة أسوان، توجد مساحةٌ واسعةٌ من الأراضي المغطاة بالألواح الشمسية اللامعة. إنها محطة «بنبان» للطاقة الشمسية التي بدأت في إنتاج الكهرباء مؤخرًا، وتُعد إنجازًا بارزًا في واحدةٍ من أكثر الدول اكتظاظًا بالسكان في العالم العربي في ظل توجهها نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة. تقول باكينام كفافي، الرئيس التنفيذي لشركة طاقة عربية: «يُعد هذا مشروعًا هائلًا يفخر به كلُّ مصري»، وهو الفخر الذي ينطبق أيضًا على كفافي وشركة طاقة عربية الرائدة في إنتاج الطاقة وتوزيعها في مصر.

ساهمت الشركة التي يقع مقرها في القاهرة في هذا المشروع، عبر إنشاء محطةٍ للطاقة الشمسية في بداية عام 2019 بقدرةٍ إنتاجية قدرها 65 ميجا واط. ويُعتبر إطلاق هذا المشروع إنجازًا هائلًا، حيث يمثل أول مشروعٍ كبيرٍ كاملٍ لشركة طاقة عربية في مجال الطاقة المتجددة. ووفقًا لكفافي، فإنه لن يكون الأخير.

وتُعد شركة طاقة عربية إمبراطوريةً كبيرة، حيث تضم تحت مظلتها 15 شركةً ضمن 3 منصاتٍ رئيسية، هي: ‪TAQA Gas(‬ ) و‪TAQA Power(‬ ) و‪TAQA Oil Marketing(‬ .) وتعمل هذه الأقسام الثلاثة في تناغمٍ لتجعل من «طاقة عربية» شركة طاقةٍ شاملةٍ في مصر، وفقًا لرؤية كفافي التي تدير معظم عملياتها، لكن الشركة لديها أيضًا مشاريع أخرى في الأسواق الإقليمية، بدءًا من الإمارات العربية المتحدة وصولًا إلى ليبيا. وحققت الشركة إيراداتٍ بلغت 374 مليون دولار في عام 2018، بزيادةٍ نسبتها 43% مقارنةً بعام 2017.

ومع تبني مصر حلول الطاقة الجديدة، تدرس شركة طاقة عربية إطلاق مجموعةٍ من المشاريع في مجال المصادر المتجددة، لتضيف بعدًا جديدًا إلى حافظة مشاريعها واسعة النطاق التي تشمل الغاز الطبيعي والطاقة والمنتجات البترولية. ويندرج هذا التوجه إلى المصادر المتجددة ضمن إستراتيجية الشركة للاستفادة من الفرص غير المستغلة في ظل زيادة الطلب على الطاقة في مصر. ويُعد ذلك اتجاهًا جديدًا واعدًا للشركة التي أسستها شركة القلعة القابضة عام 2006، وهي واحدةٌ من أكبر الشركات الاستثماري­ة في مصر. وأصبحت «طاقة عربية» إحدى أكثر وحدات القلعة القابضة تحقيقًا للأرباح. تقول كفافي: «إن الإيرادات تنمو بشكلٍ كبير عبر أقسام الشركة جميعها، لا سيما قسمَي الغاز والطاقة».

وتقدم الشركة خدماتها اليوم إلى أكثر من 1.2 مليون عميل، من بينهم 250 عميلًا صناعيًا و3500 عميلٍ تجاري. وتقوم الشركة بذلك عبر تغطية كمٍ كبير من الخدمات، حيث تقوم بعمليات الإنشاء والتشغيل والاستثمار في بنية الطاقة التحتية الخاصة بنقل الغاز وتوزيعه، بجانب إنتاج الطاقة المتجددة والطاقة غير المتجددة

وتوزيعهما. كما أنها تقوم أيضًا بتسويق المنتجات النفطية ومواد التشحيم عبر مجموعةٍ من محطات البنزين التي تحمل علامة الشركة في مصر، بدعمٍ من مشروعٍ مشتركٍ مع شركة BP() عام 2018، التي منحت شركة طاقة عربية حقوقًا حصريةً لتصنيع منتجات Castrol() وتوزيعها في مصر.

كفافي -التي شغلت منصب الرئيس التنفيذي للشركة منذ عام 2013- كان لها دورٌ مهمٌ في تنمية هذه العمليات واسعة النطاق وتطويرها، مع قيادتها ما يصل إلى 3400 موظف. وصُنفت كفافي في المركز 31 في قائمة فوربس الشرق الأوسط لأقوى سيدات الأعمال في المنطقة لعام 2020. أحمد هيكل، رئيس مجلس إدارة القلعة القابضة، يثق في قدرة كفافي على التقدم بالشركة إلى آفاقٍ جديدة. ويقول: «عملت باكينام في المؤسسات التي قمت بإدارتها خلال الـ 25 عامًا الماضية. ورأيتها تكبر في الشركة منذ كانت خريجةً جديدةً حتى تولت قيادتها».

ويبدو أن النهج الذي اتخذته كفافي قد أتى بثماره. وبالرغم من ذلك فإن الفترة الحالية لا تزال صعبةً لإدارة شركةٍ مثل طاقة عربية. فقد شهدت مصر التحديات الاقتصادية وعانت من أزمةٍ في الطاقة خلال الأعوام الأخيرة. بينما عملت الحكومة على إصلاح قطاع الطاقة في الدولة، وأصدرت التشريعات واللوائح التنظيمية التي ترمي إلى تحرير السوق، ما أدى إلى زيادة المنافسة. وفي الوقت نفسه، طبقت مصر تدابير تقشُّفية تشمل إلغاء دعم الوقود، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار. وتزامن كل ذلك مع مواجهة قطاع الطاقة العالمي تغييراتٍ مختلفة، مع ظهور تكنولوجيا الطاقة المتجددة، وزيادة الاهتمام بعمليات إزالة الكربون. تقول كفافي: «صدقني، نحن نغيِّر من إستراتيجيت­نا كل 6 شهور».

وفي المستقبل، ترى كفافي العديد من فرص النمو المتاحة أمام شركة طاقة عربية حال تمكنها من الاستفادة من التطورات الجديدة وادماج الشركات الجديدة التي من شأنها إضافة القيمة إلى أعمال قطاعاتها الرئيسية.

وبالنسبة لقطاع الغاز، ترى كفافي في الغاز الطبيعي المضغوط مجالًا واعدًا. وتشجع الحكومة المصرية الأفراد إلى تحويل السيارات لتعمل بالغاز الطبيعي، وقدمت شركة طاقة عربية مؤخرًا خدماتٍ متنقلةٍ للغاز الطبيعي المضغوط، حيث تقوم بتوصيل الغاز عبر الشاحنات إلى العملاء في المناطق البعيدة التي يصعب توصيل الغاز إليها عبر خطوط الأنابيب بسبب التكلفة الباهظة. ودرست شركة طاقة عربية هذه الخطوة كثيرًا، لكن الحافز الأكبر جاء في يوليو/تموز الماضي، عندما ارتفعت أسعار وقود الديزل بعد إلغاء الدعم. تقول كفافي: «قررنا تجربة هذه الفكرة». وحتى الآن، وقَّع معها 4 عملاء.

أما بالنسبة للمصادر المتجددة. فتعمل الشركة على مشروعٍ صغيرٍ آخر للطاقة الشمسية تُخطط لإطلاقه في بداية عام 2021، مع دراسة المشاريع الأخرى. كما تتطلع الشركة أيضًا للحصول على المزيد من المناقصات الحكومية، بجانب تركيزها الرئيسي الذي يتمثل في مشاريع الطاقة المتجددة الخاصة. وبصفةٍ عامة، تدرس شركة طاقة عربية كل شيء، بدءًا من مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة وصولًا إلى مشاريع تحلية المياه، بجانب التكنولوجي­ا الموفرة للطاقة والحلول

إن الإيرادات تنمو بشكلٍ كبير عبر أقسام الشركة جميعها، لا سيما قسمَي الغاز والطاقة".

الهجينة التي تجمع بين مصادر الطاقة المختلفة.

كما تخطط كفافي أيضًا إلى تحقيق المزيد من التوسع الجغرافي. وتشير إلى أن الشركة تدرس حاليًا الفرص المتاحة في كلٍّ من شرق وغرب إفريقيا، نتيجةً لاكتشاف مصادر الغاز هناك مؤخرًا، وتأمل في إطلاق منصةٍ جديدةٍ تركز على إفريقيا في وقتٍ قريب. ويقول هيكل: «أنا واثقٌ من أنها ستقود شركة «طاقة» لتصبح قوةً عظمى في مجال البنية التحتية للطاقة والتوزيع في إفريقيا.»

ويظل أكبر هدفٍ تسعى كفافي لتحقيقه في 2020، هو إدراج شركة طاقة عربية في البورصة المصرية. واستعانت شركة القلعة -التي تمتلك نسبة 60.9% من «طاقة عربية » منذ عام 2018- بخدمات المجموعة المالية هيرميس ‪EFG Hermes(‬ ) وبنك HSBC() لإدارة عملية الطرح، وفقًا لمنصة رويترز. وتعد هذه خطوةٌ كبيرةٌ طال انتظارها للشركة، لكن كفافي تعتقد أن التوقيت أصبح مناسبًا أخيرًا. وتقول: «أعتقد أن مصر جاهزةً الآن، والاقتصاد مستعد، وشركة «طاقة» على أهبِّ الاستعداد.»

إنها خطوةٌ تستطيع كفافي مواجهتها بفضل خبرتها في مجال المصارف الاستثماري­ة. ورغم أن معرفتها بقطاع الطاقة بدأت منذ سنٍّ صغيرة، حيث عمل والدها في قطاع النفط والغاز، إلا أنها لم تتَّبع خطاه منذ البداية. ولدت كفافي ونشأت في القاهرة، حيث درست الاقتصاد والعلوم السياسية، وتخرجت في جامعة القاهرة عام 1994. وبدأت مسيرتها المهنية في قطاع الاستثمار البنكي حتى تقلدت منصب نائب رئيس .)EFG-Hermes( وهناك بذلت قصارى جهدها في عمليات الحيازة ومشاريع الخصخصة في مصر.

ومما لا يثير الدهشة، أعطاها العمل في قطاع الاستثمار البنكي لمحةً عن القطاعات المختلفة الأخرى، حيث شهدت كيف تعمل الأسواق؟ وكيف يتم إجراء الصفقات؟ ورغم ذلك، تقول: إنه خلال العمل لدى EFG-Hermes(،) زاد اهتمامها بالجانب الآخر من الأعمال. ووجدت بعد ذلك قطاع الطاقة -على وجه الخصوصمثيرًا للاهتمام، ما دفعها للانضمام إلى مجموعة الغاز والطاقة Genco() عام 2003، حيث شغلت منصب مدير الاستثمارا­ت. واستحوذت شركة القلعة القابضة بعد ذلك على شركة Genco() عام 2006، وضمتها إلى شركة طاقة عربية التي دشنتها حديثًا للاستفادة من الطلب المتنامي للطاقة في المنطقة. وقاد الشركة الجديدة الشريك المؤسس خالد أبو بكر، الذي ساعد أيضًا على إنشاء Genco(،) وشغلت كفافي حينها منصب رئيس قطاع الاستثمار في الشركة الجديدة.

وفي هذا الدور الجديد، ركزت على المشاريع الجديدة، والحيازات ومشاريع الحقول الخضراء، وأثبتت مكانتها في

ورغم ذلك، قد يكون دخول الشركة في قطاع مصادر الطاقة المتجددة من أكبر الإنجازات التي حققتها طاقة عربية تحت إدارة كفافي حتى الآن. لكن الفرصة للتوسع في هذا المجال استغرقت الكثير من الوقت لتحقيقها. وبحلول عام 2014، عملت الحكومة المصرية على تطوير مشروع محطة بنبان، واستقطاب الشركات للمساهمة في المشروع، ضمن المبادرة الكبرى التي ترمي إلى المساعدة في تحقيق الهدف المتمثل في إنتاج 20% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2022.

وشعرت شركة طاقة عربية بأن هذه الفرصة جيدة ولا يتعين تركها. لكنها لم تكن الفرصة الوحيدة التي تسعى لتحقيقها، حيث بدأت تتطلع إلى عددٍ من مشاريع الطاقة المتجددة المتنوعة، ما دفعها إلى تكوين تحالفاتٍ مع شركة )SolarReser­ve( الأمريكية وشركة )Neoen( الفرنسية للنظر في مختلف المناقصات. وشمل ذلك السعي وراء المشاريع في منطقة الزعفرانة بخليج السويس، وكوم إمبو القريبة من محطة بنبان.

ومن بين كل هذه الإنجازات التي تحققت، كانت المساهمة في مشروع بنبان التحدي الرئيسي أمام طاقة عربية، حيث تسعى الشركة دائمًا إلى أن تكون الرائدة في القطاع. ووفقًا لكفافي، رغبت الشركة في إثبات قدرتها على تحقيق ذلك بكفاءة، وكانت محطة الطاقة الشمسية الهائلة فرصةً مثاليةً للقيام بذلك. وجذب المشروع عددًا من الشركات الدولية للتوقيع على تطوير العشرات من الأراضي الأخرى، مثل: شركة ‪Alcazar Energy(‬ ) القائمة في الإمارات العربية المتحدة وشركة Acciona() الأسبانية، وشركة ‪Total Eren(‬ ) الفرنسية.

وبلغ إجمالي استثمارات طاقة عربية في المشروع 72 مليون دولار، بتمويلٍ من مؤسسة التمويل الدولية IFC() بجانب بنوك التنمية من فنلندا والنمسا والبحرين والصين. وكان مشروعًا ضخمًا، لكن طاقة عربية نجحت في إنجازه، مع استهداف توليد المحطة اليوم 154 مليون كيلوواط في الساعة سنويًا، منذ التشغيل الكامل للمحطة في فبراير/شباط .2019 تقول كفافي: «أردنا اختبار أنفسنا وإثبات قدرتنا». إنه تطورٌ واعدٌ للشركة التي أثبتت قدرتها على البقاء.

شركة طاقة عربية عبر حيازة وإدماج عددٍ من شركات توزيع الغاز، وقادت إستراتيجية تنويع أعمال المجموعة نحو توليد الطاقة وتوزيعها. وكانت شركة القلعة قد بدأت بالفعل في دراسة الطرح العام الأوَّلي لشركة طاقة عربية منذ 2010، لكنها لم تُقدِم على هذه الخطوة حتى الآن.

وبحلول عام 2013، شهدت القيادة العليا بالشركة ما يكفي من إنجازات كفافي لترقيتها إلى منصب الرئيس التنفيذي. خالد أبو بكر، الذي أصبح رئيس مجلس الإدارة التنفيذي، يشيد بإسهامات كفافي، بكونها الرئيس التنفيذي للشركة، واصفًا إياها بأنها: «شغوفةٌ بالنمو ومتحمسةٌ بشأن كل فكرةٍ جديدة، لكنها حريصةٌ على مصلحة الشركة، وحذرةٌ ومحافظةٌ للغاية عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرارات ذات الصلة بالإدارة أو الاستثمارا­ت.»

وفي ذلك الوقت، كانت احتياجات السكان المتزايدة ومطالب توليد الطاقة الملحة تتجاوز قدرات إنتاج الطاقة المحلية، ولم يكن لدى مصر البنية التحتية المناسبة لتلبية هذه الاحتياجات، ما أدى إلى تفاقم مشكلة انقطاع الطاقة. وزاد الطلب على الكهرباء في المناطق السكنية بنسبة 40% في الفترة الواقعة بين عامي 2008 و2013، بينما ارتفع إجمالي الطلب على الكهرباء بنسبة 28%، وفقًا للتقرير الصادر من شركة الاستشارات القائمة في القاهرة ‪.)EcoConServ Environmen­tal Solutions(‬

وشكلت زيادة الطلب على الكهرباء في الدولة فرصةً كبيرةً أمام شركة طاقة عربية. وبكونها الرئيس التنفيذي للشركة، واصلت كفافي التنويع في حافظة أعمالها، وعملت على تنمية قاعدة عملائها، بما في ذلك توصيل الغاز الطبيعي للعملاء في المناطق السكنية وللشركات، مع الاستثمار في البنية التحتية. ووصل عدد عملاء الشركة إلى مليون عميل عام 2018، وهو إنجازٌ تشير إليه كفافي بالفخر. وتقول: «صدقني، يحتاج بناء قاعدة عملاءٍ مثل هذه الكثير من الوقت والجهد.» وتحت قيادتها، حصلت شركة طاقة عربية أيضًا على رخصةٍ من بين أول تراخيص ممنوحة لاستيراد الغاز الطبيعي من الخارج الصادرة من جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز الذي تم إنشاؤه حديثًا في مصر.

 ?? ‪PHOTOGRAPH­Y FROM‬ ‪TAQA ARABIA‬ ??
‪PHOTOGRAPH­Y FROM‬ ‪TAQA ARABIA‬
 ??  ??
 ??  ?? تقود باكينام كفافى شركة «طاقة» لتصبح قوةً في مجال البنية التحتية للطاقة والتوزيع في إفريقيا.
تقود باكينام كفافى شركة «طاقة» لتصبح قوةً في مجال البنية التحتية للطاقة والتوزيع في إفريقيا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates