Trending Events - Future Concepts

:Generation Politics

تزايد أهمية متغير ”الأجيال“ فى السياسات العامة

-

ارتبط بالتحولات التي يشهدها العالم والمنطقة العربية، تحول في طبيعة الأجيال، فلم تعد هناك أجيال الآباء والأبناء والأحفاد فقط، بل تكونت أجيال ذات سمات خاصة، لم يعد تكونها يتطلب مرور 20 عاماً، كما ساد في دراسات الهجرة والسكان، وإنما أصبح من الممكن أن تتكون خال 10 سنوات، أو أقل من ذلك، كما أصبحت الكيفية التي ترى بها هذه الأجيال نفسها، وما إذا كانت من "الخاسرين" في عملية إدارة الدولة، أو من "الفائزين" من القضايا التي تشغل الدوائر السياسية الغربية.

فعلى سبيل المثال، أصبح مركز بيو للبحوث في الولايات المتحدة يولي اهتماماً خاصاً لتوجهات ما يسمي بجيل الألفية في الولايات المتحدة، وانتهى في إحدى نتائجه إلى أن أبناء هذا الجيل أكثر ليبرالية ومياً نحو الحزب الديمقراطي من جيل الآباء، وأن مستقبل الولايات المتحدة مرتبط بالتوجهات السياسية لهذا الجيل، وهو ما يعد مشكلة للحزب الجمهوري.

وتعنى سياسات الأجيال Generation Politics بالعاقة بين الدولة والأجيال المختلفة، والتي هي من العاقات المعقدة، نتيجة تنوع هذه الأجيال، على نحو أصبح معه اتباع سياسات موحدة في مواجهتهم هو من قبيل الخيال، فعلى سبيل المثال، في عصر المعلومات والتكنولوج­يا الحديثة، أصبح تقييد حق أبناء هذا الجيل في امتاك الهواتف الخلوية، وفي البقاء "متصلين" مع العالم، من الأمور التي قد تولد من جانبهم ردود فعل عنيفة، وهذه المسألة أكثر وضوحاً في الولايات المتحدة، فجيل 11 سبتمبر 2001، يدرك أن عدم امتاكه هاتفاً خلوياً كان سبباً في بقائه وحيداً في معسكرات الإيواء تحت المدارس والمستشفيا­ت، وأصبح هذا اليوم في قصص هذا الجيل هو اليوم الذي لم يكونوا فيه "على اتصال بأحد" . وياحظ أن الاهتمام بالأجيال، في الدوائر السياسية والأكاديمي­ة في المنطقة العربية لا يحظى بمساحات كبيرة، ويرتبط عادة بالحديث عما تعبر عنه هذه الأجيال من انقطاع عن الماضي، وعن تراث الدولة الحضاري، بسبب اختاف القيم التي يؤمن بها هذا الجيل، واختاف اللغة المستخدمة بينهم عن تلك التي يستخدمها الجيل الأكبر. كما أن التصنيفات السائدة عنهم، هي جيل الآباء، الذي هو أكثر حكمة، وجيل الأبناء الأقل خبرة وأكثر اندفاعية، على نحو أصبح يؤثر على حجم الفرص المتاحة أمام الجيل الجديد للمشاركة في عمليات التنمية والبناء، لأسباب ليس لها عاقة بالكفاءة، وذلك على عكس ما هو سائد في الدوائر الغربية.

وتكشف متابعة ما يحدث في العالم وفي المنطقة، عن أنها تعج بأجيال متنوعة ومتعددة، وإذا كان تصنيف جيل الألفية يضم من ولد خال الفترة 2004، - 1982 فإن التحولات التي يشهدها العالم منذ 2001، ولدت أجيالاً متعددة، على الرغم من كونهم من الناحية الزمنية ينتمون لحقبة زمنية واحدة، حيث أصبحت الأحداث التي تشهدها الدول من القوة على نحو يجعل كل من عايشها من الشباب يعبر عن جيل قائم بذاته، حيث أصبحت السمة الناظمة للأجيال هي معايشة خبرة تاريخية محددة، والتأثر بها والتأثير فيها، على نحو يجعلها راسخة في ذهن هذا الجيل عندما يحكي حكاياته لأبنائه.

فعلى سبيل المثال، هناك جيل أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، وجيل الحرب على العراق في 2003، وجيل الثورة في مصر وتونس،

وجيل الواتس أب الذي نشأ بعد جيل جوجل، وهناك جيل ما بعد الألفية الذي يعد "first tribe of true digital natives " أو "screenager­s،" وهناك أيضا جيل Gen Post أي من يقوم برفع كل شيء على الفيسبوك، وهناك The Pluralist Generation أي جيل التعددية الثقافية الذي يدير صراعاته في مجتمع متعدد الأعراق، حيث لا توجد أغلبية مسيطرة، وهناك Generation Wii الذي يتعامل مع كل شيء على أنه لعبة. وفي ظل هذا الوضع، أصبح نجاح تجارب الدول، يرتبط بقدرتها على اتباع سياسات تسمح بانتقال تلك التجارب بين الأجيال المختلفة في داخلها، وبقدرتها أيضاً على توظيف هذه الأجيال للمساعدة في تعزيز هذه التجارب وتطويرها من خال الاستفادة مما لديهم من أفكار ابتكاريه مبدعة، ولذا تم تخصيص هذا العدد من ملحق "مفاهيم المستقبل" لمناقشة مفهوم "الأجيال"، وما يرتبط به من أبعاد قد تؤثر على مستقبل الدول في المنطقة العربية، وذلك من خال تحليل أربعة أنماط للأجيال الأكثر تأثيراً في المنطقة في المرحلة الحالية.

يتمثل النمط الأول في جيل الشباب الحديث، أو كما يسمى Generation Y ، حيث تواجه العديد من الدول حالياً إشكاليات خاصة بكيفية التعامل مع الأجيال "الجديدة" من الشباب، والتي هي شديدة التعولم، وشديدة الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات في التفاعل مع مجتمعها، على نحو أوجد خصائص "اجتماعية" متمايزة لهذا الجيل، سواء من حيث رؤيتهم للعاقة مع المجتمع الذي ينتمون إليه، أو من حيث درجة ولائهم للدولة، أو تصوراتهم الخاصة للعاقات معها، وأصبح تطوير الدول لسياسات من أجل الاستفادة من هذا الجيل، وضمان مشاركتهم في النموذج التنموي للدولة، مسألة معقدة.

وينصرف النمط الثاني إلى الجيل الثاني Generation 2 من المقيمين الأجانب، أو من العمالة الأجنبية، حيث تواجه الدول التي تعتمد على العمالة الأجنبية في الحفاظ على معدلات عالية من التنمية، تحديات خاصة بكيفية التعامل مع الأجيال المختلفة منها، خاصة عندما تتحول هذه الدولة من كونها مصدراً للرزق، إلى "وطن" ما لهذه العمالة. وعادة يعد أبناء الجيل الثاني من العمالة lost generation يعيش في منطقة وسط بين الولاء للدولة التي نشأ فيها ولا يستطيع الاستقرار فيها، والدولة التي ينتمي إليها والداه بحكم المياد، ولا يستطيع العودة إليها لأنه "لا يعرفها". ويظل التحدي الرئيسي الذي تواجهه الدولة مرتبطاً بكيفية صياغة سياسات تمكنها من إدارة العاقة مع هذا الجيل على نحو يحافظ على المعدلات المرتفعة من التنمية التي تحققها.

ويتعلق النمط الثالث بجيل الأحفاد Generation z ، خاصة في الدول حديثة النشأة، حيث ترتبط قدرتها على الحفاظ على تجاربها، وعلى مأسسة تجربتها كنموذج يحتذى، بقدرتها على نقل هذه التجارب بين الأجيال المختلفة، لاسيما جيل الشباب، الذي ستؤول إليه إدارة الدولة في وقت ما، ويعد تعولم الشباب، وتماهيهم مع الثقافات العالمية، وتحولهم إلى "جيل الهواتف الذكية" و"جيل تويتر" وغيرها من التعبيرات التي صيغت محاولة لوصف هذا الجيل، إحدى الإشكاليات التي تجعل ترسيخ انتمائهم لدولتهم الأم، وتعزيز شعورهم بالولاء لها وبالنموذج الذي تعبر عنه، على نحو يضمن استدامة النموذج الذي بناه الأجداد، عملية تتطلب سياسات واستراتيجي­ات، تتاءم مع الطبيعة الجديدة لهذا الجيل، وعلى نحو يجعلهم قوة تحافظ على النموذج الذي تقدمه الدولة، وليس مصدر تهديد لها.

وينصرف النمط الأخير إلى جيل "الاضطرابات"، حيث تواجه الدول التي تمر باضطرابات، سواء كانت ثورات أو حروباً أو صراعات، تحديات في الفترة التالية على استقرار الأوضاع فيها حول كيفية التعامل مع الأجيال التي عاشت تلك الفترة من الاضطرابات، ونوعية السياسات التي يمكن اتباعها من أجل دمجهم في النظام الجديد، وضمان مشاركتهم في هياكل الدولة الجديدة التي يتم بناؤها. تعد هذه الأنماط الأربعة من الأجيال، هي الأكثر انتشاراً في المنطقة العربية خال المرحلة الحالية، والأكثر تأثيراً في تفاعاتها، على نحو استدعى لفت الانتباه لها، حيث إن تجاهل تأثيرها يقلل من إمكانية توظيفها لدعم نجاحات الدول التي تعيش فيها، ويحولها إلى عبء أكثر من كونها ميزة.

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates