Trending Events - Future Concepts

Disaster Resilience

تحولات سياسات التعافي من الكوارث الطبيعية

-

تصاعد التركيز على سياسات التعافي من الكوارث مع تزايد معدلات وقوع الكوارث الطبيعية المدمرة في الآونة الأخيرة، التي كان أبرزها زلزال نيبال في أبريل 2015، والذي راح ضحيته ما يزيد على 8 آلاف شخص، بجانب تدمير العديد من المناطق السكانية والأثرية. وفي 2010 تسبب زلزال هايتي في القضاء على ما يقرب من 200 ألف شخص، كما واجهت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2005 إعصار كاترينا المدمر، وعانت دول آسيا في 2004 من موجات تسونامي المدمرة( .) وأدى تتابع حدوث الكوارث الطبيعية وامتداد

1 أضرارها لدول الجوار لقيام الدول والمؤسسات الإقليمية والدولية باتخاذ إجراءات ووضع سيناريوهات لمواجهة هذه الكوارث والتعافي منها.

اأولاً: الجدل حول مفهوم التعافي من الكوارث

لا يوجد تعريف محدد للتعافي السريع من الكوارث الطبيعية )Resilience)، حيث إنه مفهوم يعكس تطبيقات عملية أكثر من كونه مفهوماً ذا أبعاد نظرية، وكذلك يتقاطع مع حقول علمية متعددة، مثل الطب وعلم النفس والبيئة، ويمكن رصد ظهوره في الأبحاث العلمية بداية من عام 1973 في دراسة للباحث (Holling CS ) عن التعافي واستقرار النظم البيئية( )،

2 والذي قام بتعريف التعافي على أنه مقدار الاضطراب الذي يحدث في النظام قبل حدوث تغير.

وطرح كل من (Oliver Jütersonke ) و(Moncef Kartas) تعريفاً عاماً للتعافي من الكوارث بأنه "القدرة على تحقيق الاتزان بعد اضطراب مستمر أو صدمة فجائية" ويركز على ضرورة أن يساعد التعافي النظام المجتمعي أو البيئي على الاستمرار، سواء من خلال تكيف (Adaptation) وظائف النظام بعد الصدمة أو التحول (Transforma­tion) لوظائف جديدة( ).

3 ووفقاً لإطار عمل هيوجو لمواجهة أخطار الكوارث الذي اعتمدته الأمم المتحدة (Hyogo Framework ) في 2005، تم تعريف الكوارث بأنها "تلك التي تحدث داخل الدولة وتتسبب في أضرار بيئية وإنسانية واقتصادية وتكنولوجية واسعة النطاق"، وشملت أسباب هذه الكوارث: تغير الظروف الديموغراف­ية والتكنولوج­ية والاجتماعي­ة والاقتصادي­ة، والتحديث غير المخطط، والتدهور البيئي، وتقلب المناخ، والأخطار الجيولوجية، والتنافس على الموارد الشحيحة، وأثر الأوبئة"( ).

4 وبناء عليه يدور تعريف التعافي السريع من الكوارث في وثائق الأمم المتحدة حول قدرة الأفراد والمجتمعات والمؤسسات على امتصاص الصدمات، والحد من الأضرار الناتجة عن الصدمة أو التكيف معها، وقدرتها على التنظيم الذاتي( ).

5 ويفرق الباحثون بين مفهوم التعافي والمفاهيم المشابهة مثل: مفهوم الاستشفاء (Recovery) على المستوى الفردي، فالتعافي يعني "قدرة الفرد على الحفاظ على صحته وقت الكارثة والحفاظ على أداء وظائفه بشكل متوازن"، بينما يتعلق الاستشفاء بحالة الصدمة ذاتها، وإمكانية عودة الفرد لحالة ما قبل وقوع الكارثة، وقد تمتد هذه الفترة من عدة أشهر إلى عامين بعد وقوع الكارثة، ولكن قدرة الفرد على التعافي تتوقف على السمات الشخصية وقدرته على حل المشكلات، وأيضاً البيئة المحيطة، خاصة العلاقات المجتمعية وقوتها تكون عاملاً محدداً في قدرة الأفراد على التعافي السريع( ).

6

كذلك قد يحدث تداخل بين مفهوم التعافي ومفهوم التخفيف من الآثار (Mitigation) ويعني "الإجراءات المتخذة من تعديل للقوانين أو المواقع أو التكنولوجي­ا المستخدمة للحد من مخاطر التعرض للتغيرات البيئة، ولكن ليس بالضرورة أن توفر تلك الإجراءات الحماية من الكوارث") ).

7 ويعد مفهوم "التكيف"(Adaptation) واحداً من أكثر المفاهيم ارتباطاً بمفهوم التعافي، وهو ما يتجلى بوضوح داخل الدراسات التي تتناول استراتيجيا­ت التعافي السريع، ويشير إلى "عملية اتخاذ القرار ومجموعة الإجراءات التي تهدف إلى الحفاظ على القدرة في التعامل مع التغير الحالي أو المتوقع من الكارثة".

ويستند اعتبار التكيف أساساً للتعافي إلى أن الكثير من التغيرات البيئية أصبحت متوقعة، كذلك الأضرار والمخاطر المترتبة على التغير البيئي غير محدودة، وتنتج عن ذلك تحولات في النظم المعيشية اجتماعياً واقتصادياً لتكون أكثر تكيفاً مع تلك التغيرات البيئية) .( وبالتالي فإن التكيف يعني

8 التحول أو التأقلم في النظام البيئي والمجتمعي، حيث قد تؤدي التغيرات البيئية إلى عدم صلاحية الأنشطة المعيشية الاقتصادية، مثل نمط الزراعة المتبع أو طرق الري، فيضطر المجتمع في النهاية إلى التأقلم مع التغير واتباع نمط معيشي مختلف) ).

9 وفي السياق ذاته يرتبط كل من مفهوم التعافي والتكيف بمفهوم الانكشاف (vulnerabil­ity) ويقصد به "مدى حساسية البيئة للتعرض للكوارث الطبيعية ودرجة تأثرها بتداعياتها"، ويشير بعض الباحثين إلى أن التكيف هو الحالة الوسيطة بين الضعف والتعافي، ويكون إما على المدى القصير أو المدى الطويل، وأن تكرار الكوارث يؤدي إلى تطوير الإجراءات وبالتالي الاستعداد الأفضل لمواجهة الكوارث) ).

10

ثانياً: �سيا�سات الدول للتعافي من الكوارث الطبيعية

تتجه الحكومات لتوفير نظم للإنذار المبكر كوسيلة للتخفيف من أضرار الكوارث الطبيعية، حيث إن زلزال نيبال في أبريل 2015، والذي راح ضحيته مئات الآلاف لم يكن الأول ضمن سلسلة من الزلازل سبق وأن تعرضت لها نيبال، وهو ما دفع "مؤسسة الحد من مخاطر الكوارث" منذ 2009 إلى تدريب المهندسين والمتخصصين على كيفية التعافي من أضرار الزلازل استناداً للخبرات السابقة، ولكن مثل هذه الإجراءات ليست وقائية، وإنما فقط لضمان سرعة وتنظيم الاستجابة بعد وقوع الكارثة) ،( وتتوقف قدرة الحكومات على التعافي من

11 الكارثة على ثلاثة عوامل أساسية: 1- تنوع الأنشطة الاقتصادية: حيث تتوقف قدرة الدولة على التعافي من الكوارث على طبيعة الأنشطة الاقتصادية السائدة داخل الدولة ومدى تنوعها، ففي حالة الدول التي لا يسيطر فيها نشاط اقتصادي محدد، وإنما يتنوع من الزراعة للصيد لتربية الماشية، فإن التعافي من الكوارث والتكيف مع احتمالات حدوثها يتطلب التفاوض مع جماعات مهنية متعددة لتحقيق التوافق المجتمعي على الإجراءات الوقائية لمواجهة احتمالات وقوع الكوارث، وفي المقابل فإن هيمنة أنشطة اقتصادية محدودة النطاق على الدولة يجعل قدرتها على فرض إجراءات وقائية أقل تعقيداً. 2- مستوى المؤسسية: ترتبط قدرة الدولة على الوقاية من الكوارث بدرجة المؤسسية السائدة، وقدرة المؤسسات المختلفة على تبني سياسات غير تقليدية وتنفيذها بكفاءة للاستجابة السريعة للكوارث، فضلاً عن وجود توافق في القيم والتوجهات العامة لدى قادة الرأي وصناع القرار مما ييسر تحمل المجتمع والدولة لتكلفة اتباع إجراءات وقائية جديدة في مواجهة الكوارث. 3- كفاءة تخصيص الموارد: تتوقف قدرة الدولة على التعافي من الكوارث على قدرتها على توظيف الموارد المتاحة في مواجهة تداعيات الكوارث، وإعادة توزيع الموارد لإحداث تحول مقصود في النظام البيئي والمجتمعي للوقاية من الكوارث المستقبلية والارتقاء بأداء مؤسسات الدولة في إدارة الأزمات( ).

12 وفي السياق ذاته أدى انتشار حالات الفراغ السياسي في بعض الدول الهشة وانهيار المؤسسات، وعدم قدرتها على التدخل في مواجهة الأزمات إلى تصاعد دور الفاعلين من غير الدول، وقيامهم بأداء أدور بديلة للدولة، مثل قيام التكوينات الأولية في المجتمع للقيام بمبادرات تخفيف من وطأة الكارثة، وفي بعض بؤر الصراعات المسلحة ومناطق انتشار التنظيمات الإرهابية، يقوم الفاعلون المسلحون من غير الدول بالقيام بأدوار الإغاثة للمتضررين من الكوارث بهدف توسيع نطاق الحواضن المجتمعية لهم والتمدد الجغرافي على حساب الدولة( ).

13

ثالثاً: اآليات مواجهة المجتمعات للكوارث

تكشف مراجعة حالات الكوارث أن المجتمعات على المستوى المحلي تكون أكثر قدرة وأسرع في إيجاد آليات متعددة للتعافي من الكارثة مقارنة بالدول والمنظمات الدولية المختلفة، فعلى سبيل المثال، أثناء فترات الجفاف في كينيا وتنزانيا كانت شبكات التواصل المجتمعي وتحويلات المقيمين في الخارج عاملين أساسيين في مواجهة الكارثة في مقابل ضعف واضح للخدمات المقدمة من الدولة( .( كما ساهمت تحويلات

14 المقيمين في الخارج في حالة زلزال نيبال إلى سرعة التعافي من الكارثة، إذ إنها وصلت إلى ما يعادل 25% من الناتج القومي في 2014 ).

(15 كما أن الخبرات المجتمعية السابقة في التعرض للكوارث يعزز من قدرتها على الاستجابة السريعة والجيدة لمواجهة الأخطار من خلال استدعاء هذه الخبرات والإجراءات السابقة، وهو ما ينطبق على ما حدث في فترة الجفاف في شمال البرازيل( ).

16 ويؤثر مدى ارتباط الأفراد بالمكان (The Sense of Place) على مدى فعالية السياسات المجتمعية المتخذة لمواجهة الكوارث الطبيعة، فكلما زاد ارتباط الأفراد بالمكان، كانوا

أكثر ميلاً للتطوع والتعاون مع بقية سكان المنطقة المتضررة بالكارثة، وهذا ما حدث لسكان نيو أورلينز وقت إعصار كاترينا، حيث اتجه سكان المناطق المتضررة للرجوع إلى إدارة الحي للمساعدة في أعمال الإغاثة، وكذلك في أستراليا كان للتواصل المجتمعي دور مهم في التعافي السريع للمناطق التي تضررت من الفيضانات في 2009 (.

)17 وفي مقابل تدخل الدولة بشكل دفاعي لمعالجة أضرار الكارثة، يكون تدخل المجتمع حمائياً في إطار ما يعرف ب"الحماية المدنية"، خاصة أن مسؤولية التعامل مع الكارثة فور وقوعها تقع على عاتق المجتمع المحلي أولاً، ثم أجهزة الدولة والمؤسسات الدولية، وكذلك فإن كفاءة تدخل المؤسسات الدولية تتوقف على قدرة واستعداد المجتمع المحلي.

وفي السياق ذاته تراعي الجهات الدولية المانحة عند القيام بإعادة البناء في مرحلة ما بعد الكارثة، ألا تؤثر على طبيعة وعادات المجتمع المحلي، فليس بالضرورة أن مشروعات المجتمع الدولي الهادفة لإعادة البناء تتوافق مع نمط حياة المحليين، وبالتالي قد تشكل عبئاً عليهم، فعلى سبيل المثال، اقترح المستشارون الفرنسيون عمل قنوات على الأنهار للحد من الفيضانات في بنجلاديش في 1985، ولكن هذا الحل المقترح كان من شأنه القضاء على زراعة الأرز التي يعمل بها آلاف البنغالين( (.

18 على مستوى آخر لم تعد مواجهة مخاطر الكوارث أو إدارتها تقتصر على ردود فعل المجتمعات المتضررة مباشرة أو سياسات الحكومات، إذ إن القطاع الخاص ورجال الأعمال قد أصبحوا معنيين بتطوير سياسات للتعافي، خاصة الشركات العابرة للقارات التي يمتد عملها في دول ومجتمعات أكثر عرضة لمخاطر الكوارث الطبيعية وبالتالي عليها تحمل تكلفة ذلك، وعليه فإن الحكومات تعمل على دمج القطاع الخاص في سياسات التعافي، خاصة قطاع التأمينات، هذا إلى جانب قيام الشركات بحساب تكلفة التعافي في استراتيجيت­ها( (.

19 ومن أشكال مساهمة القطاع الخاص في التعافي من الكوارث، قيام عدد من الشركات الخاصة عام 2006 بتزويد محطات القطارات والمنشآت العامة في اليابان بنظم للإنذار المبكر قبل وقوع الزلازل، كما اتجهت حكومات دول جنوب آسيا خاصةً في بنجلاديش والصين ونيبال والهند وباكستان لعقد اتفاقات مع الشركات الخاصة لإقامة مراكز معلومات لقياس معدلات المياه وبالتالي توقع أوقات الفيضانات( (.

20

رابعاً: الت�سامن الدولي في مواجهة الكوارث الطبيعية

يرى ديفيد ألكسندر (David Alexander ) أن آثار الكوارث الطبيعية من الممكن أن يتعدى تأثيرها حدود الدولة الواحدة فيما يعرف "الكوارث العابرة للحدود" وذلك بفضل تطور وسائل الاتصالات والمواصلات، وهو ما دفع بقضايا الكوارث الطبيعية إلى صدارة أولويات شاغلي السلطة، بما في ذلك الكوارث التي تقع في نطاق الأقاليم الطرفية البعيدة عن المركز.

وفي السياق ذاته يرى "ديفيد ألكسندر" أن النزاعات المحلية والإقليمية قد أدت إلى تعقد عملية معالجة الكوارث؛ حيث إن تلك الصراعات تؤدي إلى استنزاف الموارد البشرية والقدرات الاقتصادية التي كان من الممكن أن توجه إلى مواجهة الكوارث ومحاولة التكيف معها، وعلى الجانب الآخر، تثار بعض التساؤلات الأخلاقية حول جدوى تدخل المجتمع الدولي لتخفيف آثار الكوارث الطبيعية، خاصة في ظل وجود أطراف دولية منخرطة في تأجيج تلك النزاعات أو استمرارها( ).

21 وعلى مستوى المنظمات الدولية، خصصت الأمم المتحدة العقد الأخير من القرن العشرين (1990 إلى 2000) للحد من الكوارث الطبيعية، وفي 1994 أُعلنت "استراتيجية يوكوهاما" التي تهدف إلى ضرورة الاستعداد والتأهب لمواجهة الكوارث؛ وذلك بصياغة سياسات عامة على المستوى الوطني والإقليمي مع إدماج هذه السياسات في سياسات التنمية الشاملة للدولة، كذلك العمل على رفع كفاءة الدول في استخدام نظم الإنذار المبكر وآليات تبادل المعلومات، وتمكين المجتمعات المحلية من استخدام التكنولوجي­ا التي تيسر لهم التعامل مع الكارثة( ).

22 كما أعلنت الأمم المتحدة في عام 1999 الاستراتيج­ية الدولية للحد من الكوارث، وتم تأسيس مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، وفي 2005 تم اعتماد إطار "عمل هيوجو" لبناء قدرة المجتمعات لمواجهة خطر الكوارث الذي ينتهي في عام 2015، ويشمل خمسة محاور أساسية لتمكين المجتمعات وهي: الحكم: الأطر التنظيمية والقانونية والسياسية، وتحديد المخاطر وتقييمها ورصدها والإنذار المبكر، وإدارة المعارف والتثقيف، والحد من عوامل الخطر الكامنة، والاستعداد للاستجابة الفعالة( ).

23 ويرتبط الاهتمام الدولي بالحد من الكوارث الطبيعية، بتصاعد الاهتمام بالدول المكونة من جزر صغيرة، خاصة الدول النامية، حيث تكون أكثر عرضة لمخاطر التغيرات البيئية، ففي 2014 صدر من مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث عدد من الوثائق في إطار التنمية المستدامة، منها وثيقة تتعهد فيها الدول بتقديم الدعم التكنولوجي لهذه "الدول الجزرية" مما يمكنها من الإنذار المبكر وإدارة مخاطر الكوارث ونظم تجميع البيانات، وكذلك تطوير نظم الاستجابة للكوارث، مثل عمليات إخلاء السكان، ومساعدات الطوارئ.

أدى انتشار حالات الفراغ السياسي في بعض الدول الهشة، وانهيار المؤسسات، إلى تصاعد دور الفاعلين من غير الدول وقيامهم بأداء أدوار بديلة للدولة، ففي بعض بؤر الصراعات المسلحة ومناطق انتشار التنظيمات الإرهابية، يقوم الفاعلون المسلحون من غير الدول بالقيام بأدوار الإغاثة للمتضررين من الكوارث بهدف توسيع نطاق الحواضن المجتمعية لهم والتمدد الجغرافي على حساب الدولة.

كما حددت الأمم المتحدة أبعاد الدعم للدول الأقل نمواً، لتشمل: العمل على التوعية العامة والاستعداد­ات لحماية موارد الدولة من المخاطر والأضرار الناتجة عن الكوارث، والعمل على التوفيق بين سياسات التأقلم مع التغير المناخي وسياسات مواجهة الكوارث، وكذلك سياسات الحماية المجتمعية، وتشجيع دور المجتمع من خلال لامركزية إدارة المواقف في حالة الكوارث، وذلك في عام 2012 ).

(24 وفيما يتعلق بمدى التزام الدول العربية بإطار عمل هيوجو، يتبين من تقرير تقييمي حول تنفيذ إطار عمل هيوجو في المنطقة العربية أن دول المنطقة لديها اقتناع بضرورة العمل به، وبالتالي اهتمت بتقديم تقاريرها الوطنية، فضلاً عن وجود "وعي" -كما وصف التقرير- بأهمية السياسات الوقائية والسياسات الحمائية من أخطار الكوارث، كذلك أنشأت بعض الدول العربية أجهزة تختص بمتابعة الحد من الكوارث، إلا أن إنجازات بعض الدول العربية وفقاً للمحاور الخمس لإطار عمل هيوجو باتت محدودة، ويرجع ذلك إلى عاملين أساسين هما: نقص الموارد المالية أو عدم كفاءة توجيه الموارد والعامل الثاني هو ضعف نظم الإدارة والحوكمة، خاصة على المستوى المحلي( ).

25 وقد اعتمدت جامعة الدول العربية في قمتها عام 2012 "الاستراتيج­ية العربية للحد من مخاطر الكوارث 2020" المبنية على أهداف إطار عمل هيوجو نفسه، وذلك نتيجة لتعدد وتشابك المخاطر التي تواجهها دول المنطقة من تكرار الجفاف، وندرة المياه في إطار من الفقر والتوسع الحضري السريع غير المخطط.

وختاماً يمكن اعتبار المجتمع المحلي الفاعل الأهم في عمليات التعافي السريع من الكوارث، وهو ما يرتبط بصعود أنماط الشراكة المتكافئة بين الدولة والمجتمع المحلي والقطاع الخاص والمنظمات الدولية في التعافي من الكوارث وعمليات الإغاثة لمواجهة تداعياتها، أما التحول الأهم في سياسات التعافي من الكوارث فيتمثل في التركيز على معالجة الأسباب الجذرية للكوارث، مثل مواجهة التغير المناخي وتردي الأوضاع البيئية وانتشار الفقر( ).

26

 ??  ??
 ?? عبير ربيع يونس ?? مدرس مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم
السياسية بجامعة القاهرة
عبير ربيع يونس مدرس مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates