Trending Events

سياسات جديدة:

كيف تتعامل دول الخليج مع تقلبات أسعار النفط العالمية؟ أبوظبي، 15 فبراير 2017

-

نظم مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ورشة عمل حول الاستعدادا­ت لمرحلة ما بعد النفط في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث استضاف خلالها الدكتور عبداله الجسمي، رئيس قسم الفلسفة في جامعة الكويت. وقد تطرق المشاركون في الورشة إلى 3 مراحل أساسية عاشتها دول الخليج فيما يتعلق بمدى اعتماد اقتصاداتها على النفط، مع تحديد أبرز سمات وملامح كل مرحلة، وهي: مرحلة ما قبل النفط، ثم مرحلة الثروة النفطية، وصولاً إلى المرحلة الحالية التي أُطلق عليها "مرحلة ما بعد النفط".

�أولاً: مرحلة ما قبل �لنفط

اعتمدت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في هذه المرحلة على الطبيعة كمصدر للرزق، وهذه الطبيعة لعبت دوراً في تشكيل ثقافة هذه المجتمعات، وكانت الصلات الثقافية لدول الخليج في هذه المرحلة مع الهند وشرق آسيا، حيث يُلاحظ تأثير الثقافة الهندية على مجتمعات الخليج في كثير من مناحي

الحياة، مثل العمارة والطعام، كما كان البعد العربي حاضراً في دول الخليج خلال هذه الفترة.

ثانياً: مرحلة �لثروة �لنفطية

تميزت هذه المرحلة بسمات عديدة تكاد تكون على النقيض من المرحلة التي سبقتها، ومن أبرز هذه السمات ما يلي: 1- عدم اعتماد المجتمعات الخليجية على الطبيعة في تحصيل قوتها اليومي، حيث تحولت إلى اقتصاد جديد شبيه بالنظام الرأسمالي. 2- انتشار التعليم المؤسسي في جميع المراحل، بما فيها التعليم العالي، وإرسال البعثات التعليمية إلى الخارج، فضلاً عن تراجع معدلات الأمية بشكل كبير. 3- الانفتاح الكبير من خلال السفر والدراسة في الخارج، أحدث تأثيرات ثقافية، وأيضاً مع تطور وسائل الاتصالات المعاصرة حدث تأثير على الأجيال الجديدة في دول الخليج. 4- تحول الصلات الثقافية من الهند وشرق آسيا إلى أوروبا والولايات المتحدة، نتيجة الارتباط الاقتصادي بهذه الدول الغربية عبر تصدير النفط إليها، وكذلك من خلال العمل على بناء مجتمعات مدنية ودول مؤسسات على غرار النظام الغربي الرأسمالي. 5- التغير التدريجي في دور المرأة في المجتمعات الخليجية، والذي بدأ بالتحاقها بالمدارس ثم مراحل التعليم العالي، ودخولها سوق العمل، فضلاً عن ممارستها لحقوقها السياسية.

ثالثاً: مرحلة ما بعد �لنفط

بدأت مرحلة ما بعد النفط فعلياً مع انخفاض أسعار النفط منذ منتصف عام 2014، وتتسم هذه المرحلة بملامح سياسية، وإجراءات اقتصادية جديدة؛ حدد المشاركون في ورشة العمل أبرزها في الآتي: 1- ملامح سياسية: بدأت منطقة الشرق الأوسط تعاني فراغاً سياسياً نتيجة انسحاب الولايات المتحدة التدريجي من المنطقة، وهذا ربما يخلق تحديات حقيقية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وثمة ثلاثة أطراف يتوقع البعض أن تحاول سد هذا الفراغ في المنطقة، وهي: أ- الأوروبيون: هم مختلفون عن الأمريكيين من حيث المطالب الخاصة بالحريات وحقوق الإنسان وغيرها، وهناك تقارب إلى حد ما لهم مع المواقف العربية. ب- روسيا: لا يمكن الاعتماد عليها في سد الفراغ السياسي في المنطقة، وذلك لعدة أسباب، ومنها: • لا تمثل روسيا قوة اقتصادية حقيقية مثل الدول الرأسمالية الغربية وشرق آسيا. • السياسات الروسية تقوم على أفراد، فهي ليست سياسات مؤسسية. • صعوبة استثمار دول الخليج رؤوس أموالها في روسيا، لأن الكثير من الشركات هناك لاتزال حكومية، ناهيك عن أن العملة الروسية )الروبل( لا تصلح

لأن تكون بديلاً عن الدولار لتقلب سعر صرفها، علاوة على اعتماد الاقتصاد الروسي، إلى حد كبير، على النفط والغاز، وهما سلعتان تتعرضان لعوامل العرض والطلب، مما يؤثر بشكل كبير على استقرار الاقتصاد الروسي. ج- جنوب وشرق آسيا: هناك مشكلة رئيسية في هذه الدول وهي أنها لا تمثل جميعها تكتلاً واحداً، فهناك العديد من الاختلافات السياسية والاقتصادي­ة بينها. وتعد الصين فقط هي المؤثرة على المستوى العالمي بشكل فعَّال مقارنةً مع الدول الأخرى الفاعلة اقتصادياً، مثل الهند واليابان وكوريا الجنوبية، وهذه الدول علاقاتها مع دول العالم اقتصادية بالأساس.

أيضاً، ثمة صعوبة في الاستثمار طويل الأمد في بعض دول جنوب وشرق آسيا، لأن عدداً منها يعاني اضطرابات تحدث من حين إلى آخر، فضلاً عن عدم وجود عملة واحدة لها يمكن الاعتماد عليها مثل الدولار.

كما أن التطورات العلمية في دول شرق آسيا لا ترقي لتلك الموجودة في الولايات المتحدة وأوروبا، علاوة على أن العديد من الصناعات الثقيلة في هذه الدول الآسيوية )مثل السلاح والطائرات( لا تضاهي الصناعات الغربية. 2- سياسات اقتصادية جديدة: تسعى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى تقليص دور قطاع النفط في اقتصاداتها، وتنويع مصادر دخلها ورفع كفاءة المالية العامة لها، لمواجهة أي تداعيات سلبية ناتجة عن تقلبات أسعار النفط العالمية. ويتضح ذلك من خلال عدة سياسات وإجراءات بدأت دول الخليج في اتخاذها، وخطوات أخرى تعتزم البدء فيها، ولخصت ورشة العمل مُجملها في الآتي: • توفير الحوافز الجاذبة للاستثمارا­ت الأجنبية في دول الخليج، وذلك من خلال تطوير منظومة قوانين الاستثمار وتيسير الإجراءات للمستثمرين، وتقديم أفضل الخدمات لهم، مثل شبكات الطرق والمواصلات والمناطق الحرة وغيرها. • زيادة استثمارات صناديق الثروة السيادية، بما يعود بالفائدة على دول الخليج المالكة لهذه الصناديق. • التركيز على الاستثمار في قطاعات مثل السياحة، حيث تتمتع دول الخليج بإمكانيات سياحية هائلة، مع تطوير البنية التحتية في هذا القطاع. • الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لتصبح من دعائم الاقتصاد في دول الخليج، ولتساهم بشكل فعَّال في الناتج المحلي الإجمالي، وفي توفير فرص عمل. • إصلاح منظومة دعم أسعار الوقود، بهدف توفير موارد مالية بالموازنات العامة لدول الخليج، وأيضاً ترشيد استهلاك الطاقة. • إعادة النظر في أسعار الخدمات الأساسية، مثل المياه والكهرباء، وبما يؤدي أيضاً إلى ترشيد الاستهلاك. • اللجوء إلى خصخصة بعض الشركات المملوكة للدولة، وتعزيز "الشراكة بين القطاعين العام والخاص" في تنفيذ المشروعات العملاقة، وبما يؤدي إلى سرعة الإنجاز وتخفيف العبء مالياً على ميزانية الدولة. • اعتماد نظم ضريبية حديثة، مثل اتفاق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تطبيق ضريبة القيمة المضافة خلال الفترة المقبلة. • تطوير التعليم والمناهج، وبصفة خاصة التعليم الفني والتخصصي والمهني، وبما يلائم الاحتياجات الحالية والمستقبلي­ة لسوق العمل.

ختاماً، أكد المشاركون في ورشة العمل أن أزمة تقلبات أسعار النفط تحولت إلى فرصة متاحة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، من أجل تنويع اقتصاداتها، وتطوير قطاعاتها غير النفطية، وتنمية قطاعاتها الإنتاجية؛ وبصفة خاصة القطاع الصناعي، ويشجع على ذلك وجود الكثير من المقومات الاقتصادية الجاذبة للاستثمارا­ت في دول الخليج.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates