الفجوة الرقمية:
إشكاليات التكيف مع التطورات التكنولوجية في المنطقة العربية
تعد الجاهزية الرقمية من ضمن تحديات تحقيق التنمية المستدامة في الدول العربية، لارتباطها بتفاوت مستويات تطور البنية التحتية التكنولوجية والمهارات التقنية التي يتمتع بها الأفراد، وقابلية المواطنين لاستخدام التكنولوجيا للحصول على الخدمات العامة والإفادة من التطبيقات المعرفية والعلمية والاقتصادية للتطورات التقنية، وإتاحة الفرص للابتكار والإبداع.
�أولاً: تطور مفهوم �لجاهزية �لرقمية
ظهر مفهوم الفجوة الرقمية في منتصف التسعينيات باعتباره يمثل فجوة الفرص بين من يملكون ومن لا يملكون إمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت، حيث تمت الإشارة إليه للمرة الأولى في تقرير لإدارة الاتصالات والمعلومات بالولايات المتحدة NTIA() عام 1995 حول من سمتهم الذين“لا يملكون،)Have Nots(“ في إشارة إلى سكان المناطق النائية والفقيرة والأقل تعليماً والأقليات، الذين لا يمتلكون أدوات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات)1.)
ومع استمرار عدم تكافؤ الفرص في الاستفادة من التطورات التكنولوجية على الرغم من إتاحة توفير بنيتها التحتية ووسائل الوصول إليها، ظهرت مداخل تفسيرية جديدة تضيف أبعاداً أخرى غير مادية لقياس عدم المساواة الرقمية Digital Inequality( ) مثل المهارات والدعم الاجتماعي والاستقلالية)2(، كما تم دمج مؤشرات أخرى اقتصادية واجتماعية، مثل مستوى الدخل والتعليم وفقاً لتعريف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD(،) الذي أصدرته عام (3( 2001وهو ما أدى في المحصلة النهائية لصعود مفهوم محو الأمية الرقمية Digital Literacy( ) للتعامل مع الفجوة التقنية المتصاعدة)4.)
وفي هذا الصدد بات من المسلم به أن إتاحة التكنولوجيا وحدها غير كافية لإحداث التحول الرقمي وتعزيز العوائد التنموية للتكنولوجيا، وهو ما دفع الدراسات للتركيز على ضرورة تطوير مهارات التعامل مع التكنولوجيا وترسيخ القبول المجتمعي لها، وتعزيز الثقة العامة في فاعليتها، وهو ما أطلق عليه ”الجاهزية الرقمية“Digital Readiness( .)
وقدم مركز بيو الأمريكي للأبحاث شرحاً لهذا المفهوم في تقرير له حول ”فجوة الجاهزية الرقمية“، حيث حدد له ثلاثة أبعاد تتمثل في: 1- المهارات الرقمية: وهي المهارات اللازمة لاستخدام وتصفح الإنترنت ومشاركة المحتوى، وما إذا كان الأفراد يحتاجون إلى من يعاونهم في التعامل مع الأدوات الرقمية الجديدة. 2- الثقة: ويقصد بها اعتقاد الأفراد بقدرتهم على تحديد مصداقية المعلومات المنشورة على الإنترنت وحماية بياناتهم الشخصية.