علاقات الطاقة في المنطقة الأورومتوسطية: منظور الاقتصاد السياسي

سيمون تاجليابيترا Energy Relations in the Euro-Mediterranean By: Simone Tagliapietra, Palgrave macillan, 209 pp, 95,19€, 9783319351155 عرض: سارة محمود خليل، باحثة في العلاقات الدولية على الرغم من التقارب الجغرافي والإرث التاريخي المشترك بين دول جنوب وشرق المتوسط، فإن الروابط المشتركة بينهم ظلت محدودة، ولكن في الآونة الأخيرة، تعزز التعاون بينهم في مجال الطاقة وهو ما أدى لدعم العلاقات الاقتصادية بينهم، هذه هي الفكرة الرئيسية التي يناقشها الكتاب المعنون "علاقات الطاقة في المنطقة الأورومتوسطية" للكاتبة "سيمون تاجليابيترا"، وتقوم بتحليل دور الطاقة في العلاقات بين دول المنطقة من منظور اقتصادي سياسي، منطلقة في ذلك من سؤال رئيسي: هل تعزز علاقات الطاقة التكامل الاقتصادي والسياسي في المنطقة؟

�أولاً: �سعود «دبلوما�سية �لطاقة»

أوضح الكتاب أن الاتحاد الأوروبي يُمثل الشريك التجاري الأهم لدول جنوب وشرق والمتوسط فيما يتعلق بالصادرات والواردات، مشيرة إلى التطور التجاري الملحوظ بين تلك الدول على مدار العقود الماضية، لاسيما في قطاع الطاقة.

وأشارت الكاتبة إلى أن الطاقة هي أساس العلاقات الاقتصادية بين دول منطقة الأورومتوسطي في ظل محدودية العلاقات القائمة بينهم بسبب غياب الرغبة السياسية في تحقيق التعاون الإقليمي والسياسات الحمائية التجارية التي تُنفذها أغلب دول المنطقة، بالإضافة إلى عدم فاعلية الاتفاقيات التجارية الثنائية داخل المنطقة وعدم توفر البنية التحتية اللازمة.

ويجب ملاحظة أن قطاع الطاقة في هذه المنطقة يقوم على أوجه تكاملية، فبينما يتوفر رأس المال والتكنولوجيا لدى الشمال، فإن الجنوب في المقابل غني بالموارد وفقير تكنولوجياً ومادياً.

ثانياً: �آليات تعزيز �لتعاون

وفي هذا الإطار، ذكرت الكاتبة، أن الغاز يلعب دوراً محورياً في علاقات الطاقة في منطقة الأورومتوسطي منذ سبعينيات القرن الماضي، موضحة أن معظم العلاقات كانت شراكات ثنائية لم تتحول أبداً إلى تعاون إقليمي، مشيرة إلى أن هذا النهج التقليدي تغيَّر مع ظهور المشاريع واسعة النطاق كممر الغاز الجنوبي SGC() المقام بين أذربيجان وتركيا، والذي تطلب العمل بالنهج متعدد الأطراف.

ونظراً لأهمية ممر الغاز في مبادرة الاتحاد الأوروبي للطاقة، فإن الكاتبة اقترحت تأسيس لجنة معنية بالغاز بين الاتحاد الأوروبي وتركيا للعمل تدريجياً على توسيع نطاق التعاون الإقليمي وإزالة الحواجز التي تحد من التعاون الإقليمي في مجال الغاز، بالإضافة إلى السماح بالاستغلال الكامل لاقتصادات الحجم على المستوى الإقليمي.

وأكدت الكاتبة، أن الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، ينبغي أن تقوم على التعاون المربح لتكون المُحفز للتعاون في مجال الغاز في المنطقة بشكل عام، مشيرة إلى ضرورة تأسيس لجنة للطاقة بينهما .

ونظراً لتوفر إمكانات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المنطقة، وأن استغلال تلك الإمكانات ربما يصب في صالح دول هذه المنطقة من خلال تقليل تكلفة الطاقة في البلدان المستوردة للطاقة، وحماية البيئة، اقترحت الكاتبة أيضاً تأسيس لجنة معنية بالطاقة المتجددة في منطقة الأورومتوسطي.

ويتم تأسيس هذه اللجنة بالتعاون بين المؤسسات الرئيسية المتخصصة في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وربما يسهم ذلك في إيجاد مناخ استثماري أكثر استقراراً يمكن التنبؤ به إلى حد كبير، ويساهم في اجتذاب مستثمري القطاع الخاص للعمل في مجال الطاقة المتجددة، تكمن في مواجهة مختلف الحواجز، سواء كانت تجارية أو تنظيمية أو مالية أو بنية تحتية.

ثالثاً: دور �لفاعلين من غير �لدول

أشارت الكاتبة إلى أن المؤسسات المالية الأوروبية شاركت بفاعلية في منطقة الأورومتوسطي من خلال التمويل المشترك لمشروعات الطاقة المختلفة، التي تتسم بأنها تحتاج تكاليف مرتفعة في البداية بينما تُجني الأرباح على مدار فترات طويلة.

وفي حالة المنطقة، فإنه يمكن أن تقوم المؤسسات الاستثمارية مثل: صناديق التقاعد والاستثمار والثروة السيادية وشركات التأمين بتوفير دعم قوي لمتطلبات الاستثمار في الطاقة، كما ذكرت الكاتبة.

وفي إطار تأكيد الكاتبة على دور الفاعلين من غير الدول في تعزيز التكامل الإقليمي، تطرقت إلى دور جماعة الطاقة الأورومتوسطية في تأمين استثمارات الطاقة، والمؤسسات المالية الأوروبية العاملة في توفير التمويل اللازم.

وختاماً، توقعت الكاتبة أن التعاون الإقليمي في مجال الطاقة غير المتجددة في منطقة الأورومتوسطي لن يشهد تقدماً كبيراً خلال هذا العقد بسبب الاضطرابات الجيوسياسية في الجنوب، وتباطؤ التعافي الاقتصادي في الشمال، في مقابل صعود التعاون في مجال الطاقة المتجددة.