المستقبل المتخيل في العلوم والتكنولوجيا والمجتمع جيرت فيرشريجين، وفريدريك فاندرمور، ولوس بريكمانز، وباربارا سيجرت )محررون(
Imagined Futures in Science, Technology and Society
يتضمن كتاب "المستقبل المتخيل في العلوم والتكنولوجيا والمجتمع"، والذي تم تحريره من قِبل "جيرت فيرشريجين"، و"فريدريك فاندرمور" و"لوس بريكمانز" و"باربارا سيجرت"، مجموعة متنوعة من الدراسات التي عُرضت خلال ورشة العمل التي انعقدت في "جامعة أنتويرب" البلجيكية خلال ربيع عام 2015، حول دور وتأثير التخيل العلمي والتكنولوجي في بناء المجتمعات وفي مستقبل المجتمع البشري، وذلك في مجالات علمية واجتماعية مختلفة، كدراسات العلوم والتكنولوجيا والتاريخ والعلوم السياسية والدراسات المستقبلية.
ع�ضر النانو تكنولوجي
تصاعد الاعتماد على العلم والتكنولوجيا في تخطيط المستقبل وتشكيله والتحكم في مساراته، من خلال استراتيجيات للتغير المتعمد والتدريجي في الحاضر وتبني مشروعات للتطوير والتحديث، مثل المدن الذكية والاعتماد على الطاقة المتجددة، وتطبيق حلول مبتكرة لمعالجة الاحتباس الحراري في العالم وتطوير كيانات بيولوجية ذات وظائف مفيدة.
وتساعد التنبؤات الاقتصادية واختبارات الجينات وتوقعات تغير المناخ على خلق تصور لما يمكن أن يحدث في المستقبل، ويستدل البعض كذلك على أهمية التخيل الجماعي في الاقتصاد في توجيه تحركات المستهلكين والمستثمرين على السواء، وحتى في علم الاجتماع، فقد تعددت الدراسات بشأن تأثير التوقعات والتطلعات السياسية في تشكيل مستقبل الحياة الاجتماعية.
اإ�ضكاليات عدم اليقين
تواجه دراسات استشراف خرائط المستقبل، إشكاليات "عدم اليقين" بشأن النتائج في المستقبل، فعلى الرغم من ثقة المجتمعات في قدرة العلم والتكنولوجيا على خلق إمكانيات جديدة تشهد عليها الإنجازات العلمية الكبرى القائمة الآن، لكن التنبؤ بالمستقبل مع ذلك يظل أمراً غير موثوق به.
وظهرت "صناعة التنبؤ" منذ الستينيات والسبعينيات، وتعاظمت أهميتها في الوقت الحاضر، مع تنامي الطلب العام على التنبؤات القائمة على أساس علمي، حيث أصبحت تقنيات رسم السيناريوهات ذات شعبية متزايدة في مجالات التخطيط الاقتصادي والاستشارات السياسية ومجالات الابتكار التكنولوجي، ولكن مع الوضع في الاعتبار أن تقنيات التنبؤ لها حدود لا يمكنها تجاوزها، على الرغم من أهميتها في تحديد توقعات الجهات الفاعلة، ورسمها للوسائل التي يمكن من خلالها التعامل مع المستقبل.
فقد يحاول الفاعلون الحد من حالة عدم اليقين التي ينطوي عليها المستقبل من خلال التنبؤ أو حساب السيناريوهات "الأكثر احتمالاً"، لكنهم لن يتمكنوا أبداً من القضاء على حالة "عدم اليقين" بشأن خيارات الجهات الفاعلة الأخرى، والتحولات غير المتوقعة، والآثار الجانبية غير المتوقعة.
�ضيا�ضات �ضناعة الم�ضتقبل
تنامى الوعي خلال العقد الماضي بتأثير التوقعات حول المستقبل في تحديد شكل الإجراءات المتخذة في الوقت الحالي، ومن ثم توجيه الحاضر، وذلك في المجالات العلمية والتكنولوجية وحتى الاجتماعية المختلفة، حيث إن قرارات الأفراد والمجموعات والمنظمات لا تتحدد فقط من خلال التجارب السابقة والهياكل القائمة، ولكن تتشكل وتتأثر أيضاً من خلال التصورات عن المستقبل، والتي تمثل عنصراً حيوياً في وضع المشروعات والرؤى الحاضرة للمستقبل.
حيث تتناول الأدبيات النظرية والأمبريقية اتجاهات متعددة حول تصاعد قوة تأثير الصورة المتخيلة للمستقبل في توجيه الحياة السياسية والاجتماعية، حيث تؤثر التوقعات المتزايدة للأفراد حول المستقبل على عملية صنع القرار وتدفع شاغلي السلطة لزيادة الاستثمارات في العلوم الناشئة والتقنيات الجديدة، مثل "النانو تكنولوجي"، بالإضافة إلى تعبئة الموارد الاجتماعية والمالية لتحقيق التوقعات المستقبلية من خلال مشروعات طموحة، مثل: المدن الذكية، ووسائل النقل الحديثة، والبنية التحتية المتطورة، واستغلال الطاقة المتجددة، وخفض الانبعاثات الحرارية.
وفي المُجمل، تؤكد الدراسات التجريبية بالكتاب أن الرؤى والتوقعات الجماعية حول التطورات المستقبلية والتطورات التكنولوجية تسهم بقوة في تشكيل التحولات الراهنة، وتؤثر على عملية صنع القرار وتوجهات النخب السياسية والبرامج الحزبية التي تطرح رؤى للمستقبل، ومشروعات الابتكار والتطوير لحشد أصوات الناخبين لصالحهم، وتعزيز فرص حسم التنافس الانتخابي.