Trending Events

العنف الأيديولوج­ي:

انتشار أنماط التطرف غير الديني في الدول الغربية

- د. ريهام باهي

تزايدت حدة ا نماط غD الدينية للتطرف الدول الغربية، إذ أدى فقدان الثقة السياسة وتراجع مصداقية النخب السياسية لتصاعد اتجاهات التمرد لدى التيارات القومية واليسارية والبيئية، نتيجة صعود قناعات حول اعتبار العنف الوسيلة الوحيدة لتحقيق التغيD المنشود مع إخفاق اAليات التقليدية، مثل الاقrاع والحوار ووسائل ا,علام. اأولً: تهديدات التطرف غير الديني

شهدت الدول الغربية انتشار أنماط التطرف غير الديني اليميني والقومي واليساري والبيئي في ظل تزايد اتجاهات اللجوء للعنف لدى غالبية الأطياف السياسية نتيجة تزايد حدة الانقسامات والتعصب الفكري وتراجع قيم التسامح وقبول الآخر، وتمرد المنتمين للتيارات السياسية على الآليات السياسية التقليدية والأحزاب والنخب، واتجاههم لاحتجاج العنيف للضغط على الحكومة وتحقيق مطالبهم.

ولقد كشف تقرير صادر عن الشرطة الأوروبية Europol() في عام 2016 عن أن التطرف الديني يتسبب في 9.2% فقط من حوادث العنف داخل أوروبا، وأن أنماطاً غير دينية للتطرف باتت تمثل تهديداً متصاعداً للدول الأوروبية)1.)

وأشار تقرير صادر عن وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي بالولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر 2016 أن جرائم التمييز العنصري تمثل النسبة الأكبر من جرائم الكراهية في الولايات المتحدة بنسبة 59،% ويأتي التطرف الديني في المرتبة الثانية كمحفز لأعمال العنف بنسبة 19.7%، وهو ما دفع التقرير للتأكيد على أن التطرف اليميني بات من أكبر التهديدات للداخل الأمريكي)2.)

وأعاد أنتوني كوردسمان في يوليو 2017 نشر هذه الإحصاءات في تقرير له بعنوان "الإرهاب وجرائم الكراهية: التعامل مع تهديدات التطرف كافة"، حيث أكد على أن التركيز على الإرهاب والتطرف الديني أدى إلى تضليل السياسة الأمريكية ودفع المواطنين لإغفال أن التطرف الديني هو جزء واحد من ظاهرة أكبر وهي تصاعد التطرف والعنف وجرائم الكراهية في المجتمع الأمريكي)3.)

ولقد تصاعد إدراك الرأي العام في الدول الأوروبية لمخاطر التطرف غير الديني، وهو ما كشفت عنه استطاعات الرأي التي أجراها معهد "فورسا" بألمانيا في يوليو 2017، حيث أكد حوالي 52% ممن شملهم الاستطاع خطورة التطرف اليساري الذي لا يحظى باهتمام المؤسسات الأمنية للدولة، وفقاً لوجهة نظرهم، وهو ما يرتبط بأعمال الشغب والتخريب التي نفذتها مجموعات من الناشطين اليساريين في مدينة هامبورج على هامش قمة

مجموعة العشرين، والتي شهدت تفجر مواجهات عنيفة بين قوات الشرطة والمتظاهري­ن)4.)

ثانياً: اأنماط التطرف الأيديولوج­ي

تواجه الدول الغربية أنماطاً متعددة من التطرف المرتبط بالانحيازا­ت الأيديولوج­ية غير الدينية، مثل التطرف اليميني القومي وتطرف التيارات اليسارية وتطرف الناشطين البيئيين، وهو ما بات تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار في هذه الدول، وتتمثل أهم أنماط التطرف غير الديني فيما يلي:

1- التطرف اليميني: تنامت اتجاهات العنف لدى التيارات والأحزاب اليمينية في الدول الغربية، حيث تعددت ممارسات العداء للأجانب والعنف ضد الأقليات ورفض التعددية الثقافية في إطار سعي التيارات اليمينية للدفاع عن الهوية القومية والحد من الهجرة.

وعلى المستوى السياسي، تمكنت أحزاب وتيارات اليمين المتطرف من تحقيق تقدم ملحوظ بالاستحقاق­ات الانتخابية في عدد من الدول الأوروبية، مثل السويد والمملكة المتحدة وفرنسا والنمسا وهولندا وسويسرا، كما أصبح حزب الشعب اليميني شريكاً في الائتاف الحاكم بالدانمارك منذ عام ‪.) 5( 2014‬

وفي انتخابات الرئاسة الفرنسية تمكنت مرشحة حزب الجبهة الوطنية "جان ماري لوبان" من الوصول لمرحلة الإعادة في الانتخابات الفرنسية في مايو 2017، حيث حصلت في الجولة الأولى على 7.6 مليون صوت بنسبة 21.3% من الأصوات في مقابل حصول الرئيس الفرنسي الحالي على 8.6 مليون صوت بنسبة 24% من الأصوات، وفي الجولة الثانية حصلت لوبان على 10.6 مليون صوت بنسبة 33.9% من الأصوات)6.)

وعلى مستوى آخر، تصاعدت جرائم عنف اليمين المتطرف. ففي ألمانيا، ارتفع مستوى جرائم العنف ذات الدافع اليميني السياسي أكثر من 40% في عام 2015 مقارنةً بالعام السابق له، كما ازدادت أعمال العنف ضد منازل إيواء الاجئين لتبلغ 177 جريمة في عام 2015 مقارنة بنحو 26 جريمة في عام 2014 وكان أكثر هذه الحوادث إثارة للجدل هو تدمير مأوى الاجئين في مدينة "تروجليتز" في أبريل ‪.) 7( 2015‬

ولقد شهدت مدينة تشارلوتسفي­ل بولاية فيرجينيا الأمريكية في أغسطس 2017 حادثة دهس قام بها أحد المنتمين لليمين المتطرف استهدف خالها تظاهرة مناهضة للعنصرية تم تنظيمها رداً على تظاهرات النازيين الجدد وجماعة "كو كلوكس كان" في المدينة التي حملت شعار "توحيد اليمين" لاحتجاج على خطط المدينة لإزالة تمثال الجنرال روبرت لي، الذي قاد القوات الكونفدرال­ية في الحرب الأهلية الأمريكية والذي يعتبره بعض الأمريكيين رمزاً للعنصرية ودعم العبودية في الداخل الأمريكي)8.) 2- التطرف اليساري: لم يعد التطرف مقتصراً على التيارات اليمينية، حيث تصاعدت اتجاهات العنف لدى التيارات اليسارية، ففي يونيو 2017 تم الكشف عن تنفيذ جيمس تي هودجيكسون، وهو أحد نشطاء اليسار من مؤيدي بيرني ساندرز لعملية إطاق النار على أعضاء جمهوريين بالكونجرس مما أسفر عن إصابة ستيف سكاليس أحد أبرز النواب الجمهوريين في مجلس النواب)9.)

ولقد شهدت تظاهرات مدينة تشارلوتسفي­ل في ولاية فيرجينيا في أغسطس 2017 ظهور مجموعات من الناشطين اليساريين تُسمى "انتيفا" Antifa() وهي حركة لمناهضة الفاشية تنتهج العنف ضد اليمين المتطرف وتقوم بأعمال تخريبية ضد النازيين الجدد وأنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويمكن تصنيفها ضمن الحركات الأناركية التي لا تؤمن بالدولة والمؤسسات، وعادة ما يقوم أعضاؤها بأعمال شغب خال التظاهرات كما يقومون بإخفاء وجوههم بالأقنعة السوداء) 10 .)

كما شهدت قمة العشرين في هامبورج في يوليو 2017 تفجر أعمال شغب من جانب الناشطين اليساريين المناهضين للعولمة مما تسبب في حدوث عمليات تخريبية ومواجهات عنيفة مع الشرطة وتدمير بعض الحواجز الأمنية والسيارات.

وفي السياق ذاته، أعلن وزير الداخلية الألماني، توماس دي ميزيير، في 25 أغسطس 2017 حظر أكبر منصة على الإنترنت لليسار المتطرف في ألمانيا، حيث أسفر تفتيش مكاتب موقع "لينكسونتن.انديميديا" في فريبورج عن ضبط سكاكين وهراوات وأنابيب وغيرها من الأسلحة البيضاء، فضاً عن تحريض الموقع على العنف ضد الشرطة وأعضاء الأحزاب اليمينية.

وقام الموقع بنشر كيفية تصنيع الزجاجات الحارقة، والتصدي لسيارات الشرطة، وتنظيم الاحتجاجات، ونشر عناوين آلاف من أعضاء الأحزاب اليمينية والتشجيع على استهدافهم، وهو ما دفع وزارة الداخلية الألمانية لتصنيف الموقع ضمن منصات بث خطاب الكراهية والعنف واتخاذ قرار بحجب الموقع)11.) 3- التطرف البيئي: تزايد اعتماد جماعات البيئة على العنف، حيث وصف تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي بالولايات المتحدة "جبهة تحرير الأرض" في عام 2015 بأنها من أبرز التهديدات الإرهابية الداخلية نتيجة انتهاجها العنف في الدفاع عن القضايا البيئية، كما نسبت أعمال عنف وشغب لمجموعات حماية حقوق الحيوان في الولايات المتحدة والدول الأوروبية كان أغلبها اتهامات بالقيام بأعمال تخريبية ضد منشآت إجراء التجارب على الحيوانات)12.)

كما تصاعد نشاط مجموعة "الأرض أولاً" وهي جماعة بيئية متطرفة تأسست في الولايات المتحدة، حيث قامت بتنظيم تجمعات حاشدة في عدد من المدن الكبرى بالدول الغربية كان من أهمها تجمع في لندن حمل شعار "احتال لندن" ‪Occupy London(‬ ،) حيث تم تنظيم مسيرات

واحتجاجات في أغسطس 2017 للتعبير عن مطالب الحركة، كما أن الموقع الإلكتروني الخاص بالحركة بات أكثر تحريضاً على العنف للدفاع عن القضايا البيئية)13.)

وتعددت أيضاً الفعاليات التي تنظمها المجموعات المناهضة للتكسير الهيدروليك­ي الازم لإنتاج النفط الصخري ‪Anti Fracking Groups(‬ ،) حيث نظمت هذه المجموعات تظاهرات حاشدة لاحتجاج على سياسات الطاقة بالدول الغربية، وفي عام 2015 نظمت جماعة "إند جياند" Ende( Gelände) المناهضة للتلوث البيئي في ألمانيا تظاهرات شارك بها حوالي 1500 ناشط بيئي وقامت بمحاصرة أحد حقول الفحم وتسببوا في وقف الإنتاج مؤقتاً. ولقد تزايد عدد أعضاء هذه الحركة ليصل إلى حوالي 6000 ناشط شاركوا في تظاهراتها في أغسطس 2017 للضغط على الحكومة الألمانية لوقف إنتاج الفحم)14.)

وشهدت الولايات المتحدة تنظيم تظاهرات للحركات البيئية لمنع بناء خط أنابيب داكوتا لنقل النفط عبر الولايات المتحدة، حيث اعترض الناشطون البيئيون على تهديد "محمية ستاندج روك" ‪)Standing Rock(‬ بسبب قرب خط الأنابيب منها، كما اعتبر السكان الأصليين في هذه المنطقة أن خط الأنابيب يهدد صاحية مياه نهر المسيسيبي للشرب، وهو ما أدى لتتابع الاحتجاجات البيئية خال الفترة من أغسطس 2016 حتى فبراير 2017، كما تعرض خط أنابيب دياموند الواصل بين ولايتي أوكاهوما وتينيسي إلى اعتداءات من قبل الناشطين البيئيين الرافضين لخطوط أنابيب البترول)15.)

ولا تقصر أنشطة التطرف البيئي على الدول الغربية، حيث شهدت البرازيل قيام تنظيم "مجتمع البيئة السري" بتفجير إناء ضغط معبأ بالمعادن بالإضافة إلى التهديد بتنفيذ هجمات ضد فعاليات الأولمبياد في عام 2016.

ولا تقتصر مظاهر العنف على الشارع فقط ولكنها امتدت أيضاً إلى أدبيات المقاومة مثل كتاب "المقاومة الخضراء العميقة"، والذي يعد دلياً عملياً للتطرف البيئي يحث على ترك النهج السلمي والقيام بأعمال تخريبية ضد الأنشطة التي تتسبب في تلوث البيئة والتغير المناخي)16.)

ثالثاً: تف�سيرات التطرف غير الديني

أكد تصاعد أنماط التطرف غير الديني في الدول الغربية على تزايد حدة الاستقطاب السياسي والمجتمعي، وهو ما يرتبط بالاحتقان بين التيارات الليبرالية واليمينية والقومية فيما يتعلق بقضايا مثيرة للجدل، مثل الهجرة وحقوق الأقليات، وعلى سبيل المثال تفجرت المواجهات بين المواطنين السود في الولايات المتحدة والشرطة نتيجة سياسات الاشتباه المتشددة تجاه السود، وتعرض بعض المنتمين للأقليات للقتل على يد الشرطة مما أدى لتشكل حركة "حياة السود مهمة" التي تدافع عن إصاح وإعادة هيكلة منظومة العدالة الجنائية في مقابل تأسيس اليمين والمحافظين لتيار "حياة كل المواطنين مهمة" للتركيز على ضحايا الشرطة في مواجهة العصابات الإجرامية والعنف المجتمعي)17.)

وتتفق غالبية التيارات غير الدينية في عدة سمات تتمثل في فقدانها الثقة في السياسة والتمثيل الحزبي التقليدي، حيث أضحت السياسة في الوعي الجمعي للمواطنين بالدول الأوروبية مرادفة للمواءمات المصلحية بين المنتمين للنخب السياسية ورجال الأعمال والإعاميين التي تتم خلف الأبواب المغلقة، وهو ما جعل مقولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خال الانتخابات الرئاسية الأمريكية إن "العملية الانتخابية مزيفة" تَلْقى قدراً من الرواج بين الناخبين)18.)

ولا ينفصل ذلك عن تعثر اتجاهات التغيير التي عبر عنها الشباب في الدول الغربية مما دفعهم لانتهاج العنف لإحداث التغيير المرغوب، حيث إن خسارة المرشح الديمقراطي السيناتور بيرني ساندرز في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية بالحزب الديمقراطي في عام 2016 والتسريبات التي أكدت قيام النخب السياسية داخل الحزب بالاتفاق على عرقلة صعوده ومنعه من تمثيل الحزب في الانتخابات الرئاسية قد دفعت الشباب لانضمام لتيارات يسارية متطرفة تنتهج العنف لتحقيق تطلعاتهم فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية، والتصدي للمؤسسات المالية الكبرى والاحتكارا­ت الاقتصادية)19.)

تتفق غالبية التيارات المتطرفة غD الدينية عدة سمات تتمثل فقدانها الثقة السياسة والتمثيل الحزبي التقليدي، حيث أضحت السياسة الوعي الجمعي للمواطنين بالدول ا وروبية مرادف " للمواءمات المصلحية بين المنتمين للنخب السياسية ورجال ا عمال وا,علاميين التي تتم خلف ا بواب المغلقة.

وتكاد تتطابق الحركات غير الدينية الصاعدة في الدول الأوروبية فيما يتعلق بالشعور بالمظلومية وأن القنوات المشروعة للتعبير عن تطلعاتهم غير فعالة، وعدم قدرة الأحزاب السياسية والنخب على حل المشكات، وهو ما دفعهم للضغط خارج القنوات التقليدية عبر الأنشطة الاحتجاجية التي تميل للعنف لطرح مطالبهم ومحاولة تغيير الوضع الراهن بالقوة بدلاً من اللجوء لصناديق الاقتراع)20.)

كما يتشابه غالبية المنتمين لهذه التيارات في عدة خصائص، خاصةً المنتمين للتيارات اليسارية والبيئية الراديكالي­ة وهي: انتماء غالبيتهم لشرائح الشباب الذين تلقوا تعليماً جامعياً، وخوض بعضهم العمل الحزبي في مراحل مبكرة، وخضوعهم لعمليات تنشئة سياسية حفزتهم على النشاط السياسي، وهو ما يعني مخالفتهم للصورة النمطية السائدة حول ارتباط التطرف بالجهل والاعقانية.

وارتبطت نشأة التطرف البيئي بانتشار المعرفة العلمية حول تهديدات التحولات البيئية والتقييمات السلبية التي أصدرتها بعض المؤسسات البحثية حول السياسات التقليدية لمكافحة التغير المناخي، ومن ثم توصل الناشطون البيئيون لقناعة مفادها أن المداخل الإصاحية التدريجية لحماية البيئة لم تعد مجدية في ظل التحالفات بين النخب السياسية وجماعات

المصالح الاقتصادية، وهو ما دفعهم لتبرير الاعتماد على العنف والأنشطة الاحتجاجية للضغط على الحكومات ورجال الأعمال لتبني سياسات أكثر فاعلية للحفاظ على كوكب الأرض) 21 .)

وتعد المصالح الاقتصادية ضمن دوافع بعض الحركات المتطرفة غير الدينية، خاصة التيارات اليمينية والقومية، حيث يرتبط انتشار اتجاهات كراهية الأجانب بالإجراءات التقشفية التي فرضتها العديد من الدول الغربية وتزايد معدلات البطالة وهو ما دفع المنتمين لليمين لاتهام المهاجرين بالتسبب في هذه المشكلة بسبب قبولهم دخول محدودة بالمقارنة بالمستويات السائدة في الدول الغربية، كما طالب أنصار اليمين بحماية العمالة المحلية وتحجيم المنافسة الاقتصادية وإلغاء اتفاقات التجارة الحرة التي تهدد الشركات داخل الدول الغربية).)22

ويستدل على ذلك بتصويت غالبية المواطنين في بريطانيا لصالح الانفصال عن الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي أجري في يونيو 2016، وتزايد ضغوط التيارات اليمينية المتطرفة على الدول الأوروبية لإغاق الحدود ومنع تدفقات المهاجرين، مثل حركة بيجيدا والنازيين الجدد في ألمانيا، وحزب الفجر الذهبي في اليونان، وحزب المصلحة الفلمنكية في بلجيكا وحزب الجبهة الوطنية في فرنسا.

كما تصاعدت الاحتجاجات الرافضة لاتفاقية الشراكة عبر المحيط الأطلسي ‪Trans- Pacific Partnershi­p(‬ ) وهو ما أدى إلى إعان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب منها في يناير 2017. ويضاف إلى ذلك تصاعد الدعوات لفرض إجراءات حمائية لصالح الاقتصادات الوطنية لحمايتها من المنافسة من جانب بعض الدول التي تقوم بتصدير منتجات منخفضة الأسعار مثل الصين)23.)

ولا تعد مداخل مواجهة التطرف التقليدية قابلة للتطبيق في مواجهة التطرف غير الديني بسبب ارتباطه بانتشار ثقافة الكراهية والانغاق الفكري والتعصب في المجتمعات الغربية، كما أن الاعتماد فقط على المداخل الأمنية يدفع هذه الحركات للتصعيد في مواجهة قوات الأمن وزيادة اعتمادها على العنف، وهو ما يزيد أهمية اتباع عدة مداخل متزامنة اجتماعية ونفسية وثقافية لمواجهة تصاعد اتجاهات التطرف العنيف) 24 .)

إجمالاً، من المرجح أن تتأثر التفاعات العالمية بنتاج حالة التدافع بين التيارات ذات التوجهات المتعارضة، خاصة التناقضات بين التيارات الداعية لارتداد للداخل والانكفاء على الذات والأخرى التي تدعو للمزيد من الانفتاح على العالم والاعتماد المتبادل بين الفاعلين الدوليين، وهو ما سيحدد مستقبل النظام العالمي خال المرحلة المقبلة.

‪1- Anthony Cordesman, "Trends in Extremist Violence and Terrorism in Europe through End-2016",‬ ‪Center for Strategic and Internatio­nal‬ ‪Studies )CSIS(,‬ ‪June 29,2017, accessible at: https://www.csis.org/analysis/trends-extremist-violence-and-terrorism-europe-through-end-2016‬ ‪2- Office of Intelligen­ce and analysis, "‬ ‪Sovereign citizen extremist ideology will drive violence at home, during travel, and at government‬ facilities", ‪Washington: Homeland security, November 2016, accessible at: https://goo.gl/ivwH7p‬ ‪3- Anthony H. Cordesman, ”Terrorism and Hate Crimes: Dealing with All of the Threats from Extremism“,‬ ‪Center for Strategic and Internatio­nal‬ Studies, ‪July 5,2017, accessible at: https://goo.gl/8yXXUF‬ 4- "استطاع: غالبية الألمان يرون الدولة مستهينة بخطر التطرف اليساري"، الرأي اليوم، 19 يوليو 2017، موجود على الرابط التالي: http://www.raialyoum.com/?p=711914 5- ريهام باهي، "تداعيات صعود اليمين في أوروبا والولايات المتحدة"، السياسة الدولية، العدد 208، أبريل 2017 6- "تصاعد عدد هجمات المتطرفين اليمينيين في ألمانيا"، الشرق الأوسط، 30 يوليو 2015، موجود على الرابط التالي: https://goo.gl/51r2JH ‪7- Dara Lind, ”Unite the Right, the violent white supremacis­t rally in Charlottes­ville explained“,‬ ‪Vox Media,‬ ‪August 14,2017, accessible at:‬ https://goo.gl/QptAzM ‪8- Chris Cillizza, ”The Steve Scalise Shooting has Already become a Political Football“,‬ CNN, ‪June 14,2017, accessible at: http://edition.cnn.‬ com/2017/06/14/politics/steve-scalise-shooting-political/index.html ‪9- Katy Steinmetz, ”What Is Antifa? Anti-Fascist Protesters Draw Attention After Charlottes­ville“,‬ ‪Time Magazine,‬ ‪August 14,2017, accessible‬ ‪at: http://time.com/4899658/charlottes­ville-antifa-protests/‬ ‪10- Edmund Hearphy,"Germany, in a First, Shuts Down Left-Wing Extremist Website",‬ ‪The Washington Post,‬ ‪August 25,2017, accessible‬ ‪at: https://goo.gl/RR1rix‬ ‪11- Lauren Kirchiner, "Whatever Happened to Eco-terrorism?", ‪Pacific Standard,‬ January 26,2015, accessible at: https://goo.gl/3b1PgL‬ ‪12- "Occupy London: Earth First Summer Gathering", ‪Earth First Website,‬ August 2017, accessible at: https://goo.gl/TDfYMS‬ ‪13- Jamie Bartlett, "The Next Wave of Extremists Will Be Green", ‪Foreign Policy,‬ September 1,2017, accessible at: https://goo.gl/cZ89MG‬ ‪14- "Potential Domestic Terrorism Threats to Multi-State Diamond Pipeline Project", ‪US. Department of Homeland Security,‬ April 2017,‬ ‪accessible at: https://goo.gl/9Tg7Kr‬ ‪15- Jamie Bartlett, "The Next Wave of Extremists Will Be Green",‬ Op.Cit., 16- "سبعة تحديات داخلية وخارجية تواجه الرئيس الأمريكي القادم، ملحق تقرير المستقبل، مجلة اتجاهات الأحداث، العدد 18، يوليو-أكتوبر 2017، ص ص 1-2 17- "سياقات استثنائية: انتخابات الرئاسة الأمريكية في عدد جديد لتقرير المستقبل"، موقع المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 26 أكتوبر 2017، موجود على الرابط التالي: https://goo.gl/ tYV29T -18 المرجع السابق

‪19- David French, "On Extremism, Left and White",‬ ‪National Review,‬ ‪May 30,2017, accessible at: http://www.nationalre­view.com/‬ article/448108/political-extremism-beleaguers-both-left-and-right ‪20- Jamie Bartlett, "The Next Wave of Extremists Will Be Green",‬ Op.cit., ‪21- Organizati­on for Economic Cooperatio­n and Developmen­t,‬ ‪Migration Policy Database,‬ ‪Paris: OECD, May 2014, PP 1-4.‬ ‪22- Eric Bradner, "Trump's TPP Withdrawal: 5 things to know",‬ CNN, ‪January 23,2017, accessible at: https://goo.gl/lVj5ql‬

‪23- Peter Singer, "Is Violence the Way to Fight Racism?",‬ ‪Project Syndicate,‬ ‪August 23,2017, accessible at: https://www.project-syndicate.‬ org/commentary/antifa-violence-against-racism-by-peter-singer-2017-08

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates