Trending Events

تحدي واشنطن:

احتمالات مقاومة القوى الدولية للعقوبات على إيران

- عبدالله عيسى الشريف باحث دكتوراه في العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة

بعد إعلان إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في مايو 2018 انسحاب بلاده من الاتفاق النووي المبرم مع إيران في عام 2015 واستئنافها فرض العقوبات عليها، أعلن عدد من القوى الدولية على رأسها تلك الشريكة في الاتفاق النووي )بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، الصين(، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي رفضهم الموقف الأمريكي وسعوا لتحدي واشنطن. شرع الاتحاد الأوروبي في تحدي العقوبات الأمريكية على إيران من خلال تدشينه في سبتمبر 2018 "الآلية المحددة الأهداف"، والتي ستكون بمنزلة نظام مقايضة متطور يسمح لإيران ببيع نفطها ومقايضتها بسلع من دول الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا، والتي من الممكن أن تنضم إليها دول أخرى. وجدير بالذكر أن الاتحاد قام أيضاً في أغسطس 2018 بتفعيل "آلية التعطيل الأوروبية" أو ما يعرف ب "قانون الحظر"، والذي يهدف إلى حماية الشركات الأوروبية من أي عقوبات أمريكية بسبب تعاملها مع إيران.

وفي هذا الصدد ثارت عدة تساؤلات حول مدى قدرة الاتحاد الأوروبي والقوى الدولية الأخرى، الرافضة للعقوبات الأمريكية، على الوقوف ضد واشنطن وتمكين إيران من تفادي الآثار السلبية للعقوبات عليها، وهو ما سيتم تناوله على نحو ما يلي تفصيله.

اأولً: �سوابق تاريخية على تحدي العقوبات

تعد العقوبات الاقتصادية من أبرز التدابير التي تلجأ إليها الدول، خاصة منذ تسعينيات القرن الماضي، باعتبارها الأداة المُفضلة للتعامل مع التهديدات التي تمس أمنها ومصالحها، فهي تمثل علاجاً صامتاً وقاتلاً بوسائل أقل عنفاً. ويقصد بها "وقف العلاقات التجارية مع فرد أو جماعة أو دولة، لتحقيق هدف اقتصادي أو سياسي أو عسكري، في وقت السلم أو الحرب")1(، أي أنها إجراء اقتصادي يسعى إلى التأثير على سلوك دولة معينة من خلال الإضرار بمصالحها التجارية والاقتصادي­ة لدفعها لتغيير سياستها تلك أو سلوكها المهدد للاستقرار.

ويتوقف نجاح العقوبات الاقتصادية في تحقيق أهدافها بالأساس على توافر التأييد الدولي لها والالتزام الجماعي بتطبيقها، خاصة من قبل القوى الدولية الكبرى ذات الثقل الاقتصادي والسياسي، فالعقوبات بصفة عامة تزداد فاعليتها مع زيادة عدد الدول المشاركة في فرضها. وعادة ما تقوم الدول المستهدفة بالعقوبات بتقييم رسائل ومواقف القوى الدولية المختلفة من العقوبات المفروضة عليها، لتبيان ما إذا كان لتلك العقوبات أثر حقيقي عليها أم لا، وبناء عليه تحدد الاستمرار في سلوكها أو

تغييره وتحديد مستوى ودرجة هذا التغيير) .)

وتوجد سوابق تاريخية لاعتراض قوى دولية على عقوبات مفروضة من أحد الفاعلين الدوليين على دول أخرى، لعل من أبرزها اعتراض الاتحاد الأوروبي على قانون "هلمز - بيرتون" الصادر في عام 1996، والذي يعاقب الشركات الأجنبية التي تستثمر أموالاً في كوبا، بإعطاء أي مواطن أمريكي الحق في مقاضاة الشركات الأجنبية التي تستثمر أموالاً في كوبا تتعلق بعقارات يشتبه في أنها كانت مملوكة لمواطنين أمريكيين قبل "ثورة كاسترو"، وحرمان المديرين والعاملين في هذه الشركات من الحصول على تأشيرة دخول إلى الأراضي الأمريكية، وبالتالي منعها من إدارة استثماراته­ا في الولايات المتحدة، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي لتقديم شكوى ضد الولايات المتحدة أمام منظمة التجارة العالمية) .)

وتلا ذلك إصدار الولايات المتحدة في العام ذاته "قانون داماتو"، الذي يعاقب الشركات الأجنبية التي تتعامل بحجم استثمارات أكبر من 40 مليون دولار مع كل من إيران وليبيا، وهو ما أثار استياء الأوروبيين نظراً لعدم تشاور واشنطن معهم بشأن القانون قبل إصداره، معتبرين إياه خطوة أمريكية للهيمنة على أسواق العالم) .)

وفي مواجهة الخطوات الأمريكية أقر الاتحاد الأوروبي في عام 1996 "قانون التعطيل الأوروبي" وذلك للالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة على كوبا وليبيا وإيران، والذي يوفر الحماية للشركات الأوروبية من العقوبات التي يتخذها بلد ثالث، ويحظر القانون على المؤسسات الأوروبية الامتثال للعقوبات الأمريكية، وهو القانون الذي فعّله الاتحاد الأوروبي مؤخراً للالتفاف على العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على إيران) .)

ثانياً: ال�سيا�سات الأوروبية المناوئة لوا�سنطن

انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران في مايو 2018 واستأنفت العقوبات الاقتصادية عليها، التي نُفذت الحزمة الأولى منها في أغسطس 2018، ثم الحزمة الثانية في 5 نوفمبر 2018، والتي استهدفت قطاعات الطاقة والشحن والمصارف الإيرانية، إضافة إلى حجب نظام "سويفت" للتعاملات المصرفية المالية الذي سيعرقل تجارة إيران. وفي أعقاب ذلك، أعلن عدد من القوى الدولية رفض الخطوات الأمريكية، بل واتخاذ خطوات للحد من التداعيات السلبية للعقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني، وذلك في تحدٍ واضح لواشنطن، وهو ما يمكن تفصيله على النحو التالي: 1- تدشين الآلية محددة الأهداف: عقدت الأطراف المتبقية في الاتفاق النووي، وهي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا، بالإضافة لإيران اجتماعاً في سبتمبر 2018، وأصدروا بياناً مشتركاً، أعربوا فيه عن عزمهم وضع آليات تتيح مواصلة التجارة مع إيران وتطويرها، وترحيبهم باقتراح إنشاء آلية محددة الغرض لتسهيل المدفوعات المتصلة بالصادرات الإيرانية التي تشمل النفط) .)

وعقب الاجتماع أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديركا موجيريني، بالاشتراك مع وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، تدشين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي "الآلية المحددة الأهداف"، بما يتيح للشركات الأوروبية مواصلة التجارة مع إيران، وفقاً للقانون الأوروبي، مع إمكانية انضمام شركاء آخرين في العالم، بما في ذلك روسيا والصين.

وتعمل هذه الآلية كبورصة تتم فيها المبادلات التجارية أو كنظام مقايضة متطور انطلاقاً من بيع النفط الإيراني، حيث تسمح الآلية لإيران باستخدام عائدات نفطها لاستيراد سلع من دول الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا، وستكون هناك غرفة للمقاصة تتحقق من أن قيمة السلع المصدرة وتلك المستوردة من قبل إيران تعوضان عن بعضهما، وتسمح هذه الآلية بتجنب إبرام صفقات بالدولار، ومن ثم تجنب العقوبات الأمريكية)7(. فعلى سبيل المثال، إذا باعت إيران نفطاً إلى إسبانيا وباعت ألمانيا أجهزة إلى طهران، فإن عائدات الشحنة النفطية تستخدم في دفع المبلغ المترتب للشركة الألمانية. 2- دعم الاقتصاد الإيراني: تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات لحماية الاقتصاد الإيراني، تتمثل في الآتي: أ- تعهد وزراء خارجية ألمانيا وبريطانيا وفرنسا ومفوضة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، في أغسطس 2018، بالحفاظ على تدفق الأموال وصادرات النفط والغاز بين دولهم وإيران، وتفعيلهم آلية التعطيل الأوروبية أو ما يعرف ب "قانون الحظر" لحماية الشركات الأوروبية من أي عقوبات أمريكية بسبب تعاملها مع إيران، فضلاً عن نصه على عدم اعتراف الاتحاد الأوروبي بأي أحكام قضائية تضع تلك العقوبات موضوع التنفيذ) .) ب- قدم الاتحاد الأوروبي، في أغسطس 2018، مساعدات تنموية للحكومة الإيرانية بقيمة 20.6 مليون دولار ضمن حزمة خصصها للأخيرة بقيمة 57 مليون دولار، لتلافي آثار العقوبات الأمريكية، فضلاً عن السماح لبنك الاستثمار الأوروبي بممارسة الأعمال في إيران) .)

ثالثاً: مبررات رف�ض العقوبات الأمريكية

يمكن إرجاع رفض القوى الدولية، وتحديداً الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، للعقوبات الأمريكية إلى عدد من الأسباب، وذلك على النحو التالي: 1- الاعتماد على النفط الإيراني: يتخوف عدد من القوى الدولية من التأثيرات السلبية لاستئناف العقوبات على اقتصاداتها، التي تعتمد بصورة أو بأخرى على صادرات النفط الإيراني، فالصين والهند هما أكبر مشترين عالميين للنفط الإيراني، حيث تأتي الصين في المرتبة الأولى بنحو 804 آلاف و839 برميلاً يومياً، وفقاً لبيانات أغسطس

10( 2018(، والتي لم تتوقف أبداً عن استيراد النفط من إيران حتى في ظل العقوبات الاقتصادية الأكثر شمولاً بين عامي 2012 و2015. وتأتي الهند في المرتبة الثانية بنحو 577 ألف برميل في المتوسط يومياً خلال 2018، أو ما يعادل 27% من إجمالي صادرات النفط الإيرانية)11.) 2- تحدي الهيمنة الأمريكية: يندرج رفض عدد من القوى الدولية لاستئناف العقوبات على إيران في إطار أوسع، وهو الرغبة في تحدي الهيمنة الأمريكية على النظام المالي العالمي، والتذمر من سياسات إدارة ترامب الاقتصادية الحمائية.

فعلى سبيل المثال، تبادل كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فرض رسوم جمركية على الواردات المتبادلة، في يونيو 2018، حيث فرض الاتحاد الأوروبي رسوماً قدرها 25% على مجموعة من المنتجات الأمريكية، رداً على الرسوم التي فرضتها واشنطن على شحنات الصلب المستوردة من الاتحاد بنسبة 25% والألمنيوم بنسبة 12(% 10.) كما دعا وزير الخارجية الألماني، في أغسطس 2018، إلى تعزيز استقلالية أوروبا عن طريق خلق قنوات دفع مستقلة عن الولايات المتحدة وصندوق نقد أوروبي ونظام سويفت مستقل)13.)

وفي السياق ذاته، تشهد الصين والولايات المتحدة حرباً تجارية، بعدما أعلنت بكين، في أبريل 2018 فرض رسوم جمركية على 128 منتجاً أمريكياً تبلغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار، بعد أن فرضت الولايات المتحدة رسوماً على منتجات صينية من الصلب والألومنيو­م)14.) وفي يوليو 2018 فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 25% على بضائع صينية تبلغ قيمتها 34 مليار دولار، فيما ردت الصين بفرض نسبة مماثلة على 545 منتجاً أمريكياً، بقيمة 34 مليار دولار)15.)

وتتعرض روسيا هي الأخرى لعقوبات أمريكية على خلفية ضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية وتدخلها المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية واتهامها بالتورط في تسميم العميل الروسي المزدوج "سيرجي سكريبال" في لندن، وقد فرضت وزارة الخزانة الأمريكية منذ يناير 2017 حتى أغسطس 2018 عقوبات على 212 شخصية وشركة متصلة بروسيا) 16 .)

رابعاً: موؤ�سرات اإخفاق الإجراءات الأوروبية

توجد عدد من المؤشرات التي توحي بإخفاق الإجراءات الأوروبية والروسية والصينية في تحدي العقوبات الأمريكية، وهو ما يمكن تفصيله على النحو التالي: 1- شكوك حول نجاح تطبيق آلية التجارة مع إيران: على الرغم من قيام واشنطن بالمضي قدماً في فرض جميع العقوبات على إيران بتنفيذ الحزمة الثانية منها في 5 نوفمبر 2018، فإن الاتحاد الأوروبي لايزال يواجه صعوبة، حتى الآن، في إنشاء "الآلية المحددة الأهداف" للتجارة مع إيران، وذلك بسبب رفض عدد من الدول استضافة الآلية، ولا يزال يواجه الأوروبيون تحديات في تحديد الدولة التي تستضيفها، وقد اعترف وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، بأن الدول الأوروبية تجد صعوبة في إنشاء آلية محددة الغرض للتجارة مع إيران بغير الدولار)17.)

وفي ظل هذه الصعوبات أعرب رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية – الإيرانية في مجلس الشيوخ الفرنسي، السيناتور فيليب بونكارير، عن أمله في وضع الآلية موضع التنفيذ في الربع الأول من العام المقبل، مستبعداً تطبيقها العام الجاري)18.) ولعل ذلك ما دفع البعض للقول إن إنشاء كيان قانوني لحماية التجارة مع إيران ما هو إلا خطوة رمزية تستهدف طمأنة الإيرانيين ومنحهم مسوغات ومبررات لتهدئة الرأي العام الداخلي والشارع الإيراني الذي يشهد احتجاجات بين الحين والآخر بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية.

2- انسحاب الشركات الأوروبية من السوق الإيراني: قام الاتحاد الأوروبي بتفعيل آلية التعطيل الأوروبية أو ما يعرف ب "قانون الحظر" لحماية الشركات الأوروبية من أي عقوبات أمريكية بسبب تعاملها مع إيران، غير أن الكثير من الشركات الأوروبية الكبرى سارعت إلى وقف علاقاتها مع إيران، كشركة النفط الفرنسية "توتال"، وشركتَي "رينو" و"بي إس إيه" الفرنسيتين لصناعة السيارات، وشركة دايملر الألمانية لصناعة السيارات، فضلاً عن إلغاء صندوق الاستثمار البريطاني "كيركوس" مشروع بناء محطة تعمل بالطاقة الشمسية بقيمة 500 مليون يورو)19.)

وتثار شكوك حول مدى قدرة السياسيين الأوروبيين على إجبار الشركات الأوروبية على الاستمرار في التعامل مع إيران، خاصة مع تخوفها من تعرضها لعقوبات أمريكية تحرمها من الاستفادة من نظام المدفوعات العالمي بالدولار، أو النفاذ إلى الاقتصاد الأمريكي البالغة قيمته 20 تريليون دولار في حالة استمرت في الاستثمار في السوق الإيراني، خاصة أن هذه السوق تعد صغيرة جداً مقارنة بالسوق الأمريكية الواسعة، والتي ترتبط تلك الشركات بها عبر مصالح واستثمارات ضخمة)20(. وفي حال استمرارية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي لا تقوم بأعمال كثيرة في الولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع إيران، فإن حجم تجارة هذه الشركات لا يبدو كافياً لتعويض الاقتصاد الإيراني استثمارات الشركات الأوروبية الكبرى.

تثار شكوك حول مدى قدرة السياسيين الأوروبيين على إجبار الشركات الأوروبية على الاستمرار في التعامل مع إيران، خاصة مع تخوفها من تعرضها لعقوبات أمريكية تحرمها من الاستفادة من نظام المدفوعات العالمي بالدولار، أو النفاذ إلى الاقتصاد الأميركي البالغة قيمته 20 تريليون دولار في حالة استمرت في الاستثمار في السوق الإيراني، خاصة أن هذه السوق تعد صغيرة جداً مقارنة بالسوق الأمريكية الواسعة.

3- استمرار السلوك العدواني لإيران: تعمل أوروبا على محاولة تجنيب إيران الآثار السلبية للعقوبات الأمريكية، غير أنه على الجانب الآخر، تستمر إيران في سلوكها العدواني، ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل والدول الأوروبية، وهو ما يضع حكوماتها في حرج شديد أمام الرأي العام الأوروبي، ويدفعها لفرض عقوبات على إيران.

فقد أيد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، في 19 نوفمبر 2018، القرار الفرنسي بفرض عقوبات على جهاز المخابرات الإيراني وإيرانيين اثنين متهمين بالتخطيط لاستهداف تجمع للمعارضة الإيرانية بقنبلة قرب باريس في يونيو الماضي، تشمل تجميد أصولهم في الاتحاد الأوروبي)21.)

واتهمت الدنمارك، هي الأخرى، في 30 أكتوبر الماضي، الاستخبارا­ت الإيرانية بمحاولة استهداف ثلاثة إيرانيين يشتبه بانتمائهم إلى حركة "النضال العربي لتحرير الأحواز"، حيث تم اعتقال نرويجي من أصل إيراني في السويد، بعد الاشتباه بأنه أعد للهجوم وتجسس لحساب إيران. واستدعت الخارجية الدنماركية السفير الإيراني لديها، كما استدعت الدنمارك سفيرها لدى إيران)22(. ودفعت تلك التطورات مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجريني، للإعلان عن أن دعم الاتحاد للاتفاق النووي مع إيران لا يعني أنه يوافق على أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في أوروبا والشرق الأوسط)23.)

ويمكن القول إنه على الرغم من المؤشرات السابقة الإشارة إليها، التي تدفع باتجاه فشل محاولات تقويض العقوبات الأمريكية على إيران، يرى البعض أن إعفاء الولايات المتحدة ثماني دول، هي اليابان والصين والهند وكوريا الجنوبية وتركيا وإيطاليا واليونان، من استيراد النفط الإيراني مؤقتاً لمدة 6 أشهر)24(، نجاحاً نسبياً لضغوط القوى الدولية الرافضة لاستئناف العقوبات على إيران، وتراجعاً للإدارة الأمريكية التي أعلنت أن العقوبات هذه المرة ستكون شاملة وصارمة، بما يجعل الواردات العالمية من النفط الإيراني قريبة من الصفر)25(، إذ يبلغ معدل واردات الدول الثماني نحو ثلثي صادرات إيران النفطية، فيما برر ترامب إصدار الاستثناءا­ت إلى خشيته من ارتفاع أسعار النفط)26.)

وفي الختام، يبدو من الواضح أن محاولات عدد من القوى الدولية تحدي العقوبات الأمريكية على إيران تواجه العديد من التحديات العملية قد تحول دون نجاحها في النهاية، فضلاً عن أن دوافع بعض القوى الدولية الرافضة لاستئناف العقوبات ترتبط بالأساس بتخوفها من تأثر اقتصاداتها التي تعتمد على النفط الإيراني سلباً، وبخلافات اقتصادية وسياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وفي حال إيجاد تسوية لهذه الملفات فربما تتراجع عن مواقفها الرافضة للعقوبات على إيران.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates