Al-Quds Al-Arabi

العراق: انقسام كردي ـ كردي على منصب رئيس الجمهورية

حزب بارزاني: الاتفاق الاستراتيج­ي بمنح المنصب للاتحاد الوطني انتهى

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان:

بعد حســم القــوى الســنية منصــب رئيس البرلمان فــي العــراق، تتجه الأنظــار الآن نحو القوى الكردية، لتحديد مرشــحها لمنصب رئيس الجمهورية، تزامناً مع حراك سياسي محموم بين الكتل السياسية الشــيعية لتحديد مرشح رئيس الوزراء.

رئيس البرلمان الجديد، محمد الحلبوسي، أمر أمس الثلاثاء، بـ «تشــكيل لجنة لدراسة طلبات الترشــيح لمنصب رئيــس الجمهوريــ­ة، وتقدير مدى توافر الشــروط القانونية في المتقدمين بهذه الطلبات .»

وطبقاً لوثيقة مسرّبة، صادرة عن مكتب رئيس البرلمان، «اللجنــة تتألف من صباح الموســوي، المستشــار القانوني لمجلس النواب، وعلي أحمد عبــاس، مستشــار شــؤون التشــريع، وحیدر جاسم مثنی مدير عام الدائرة البرلمانية، وصباح الباوي، مدير عام الدائرة القانونية.»

وبالتزامن مــع إعلان رئيــس البرلمان الاثنين الماضــي، فتح بــاب الترشــيح لمنصــب رئيس الجمهورية، كشــفت مصادر سياسية مطلعة عن تلقي مجلس النواب أسماء 6 مرشحين للمنصب.

المصادر أفادت أن المرشــحين الذين يتنافسون على رئاســة البرلمان هم كل من، سردار عبد الله، ولطيف رشــيد، وملا بختيار، وفاضــل ميراني، وبرهم صالح، وسليم شوشكي.

وعلــى غــرار الانقســام الحاد فــي صفوف القيادات السياســية الشــيعية في بغداد، بشأن تحديد منصب رئيس الوزراء الجديد، لم يختلف الأمر كثيراً في إقليم كردستان العراق، إذ يتنافس الحزبان الرئيسيان في الإقليم على منصب رئاسة الجمهورية.

ووفقاً لعرف سياســي واتفاق كــردي ـ كردي سابق، فإن المنصب يكون لحزب الاتحاد الوطني الكردســتا­ني، بزعامة رئيس الجمهورية الراحل جلال طالباني، مقابل تســلم الحزب الديمقراطي الكردستاني، رئاسة إقليم كردستان العراق.

ولكن، عقب تخلي مسعود بارزاني عن منصبه، وإلغاء منصــب رئيس الإقليم وتوزيع صلاحياته علــى حكومــة كردســتان، برئاســة نيجيرفان بارزاني، ومجلــس النواب فــي الإقليم، يحاول حزب بارزاني شــغل منصب رئيس الجمهورية، مستنداً على «الاستحقاق الانتخابي.»

القيادي في الحزب الديمقراطي الكردســتا­ني، وعضــو الوفد المفــاوض للحزب، شــوان محمد طه قــال لـ «القدس العربي »، إن «منصب رئاســة الجمهورية مــن حصة الأكراد وليــس من حصة الأحزاب الكردستاني­ة»، مضيفاً: «إذا أردنا الذهاب باتجاه ترشــيح شخص ما لرئاســة الجمهورية فعلينا أن نعتمد على معايير».

وزاد، السياسي الكردستاني، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في الدورة الثانية لمجلــس النواب: «إذا أردنــا الابتعاد عن المحاصصة في اختيار شخصية رئيس الجمهورية يجب الاعتماد على الاســتحقا­قات الانتخابية»، في إشــارة إلى عدد المقاعد البرلمانية التي حصلت عليها الأحزاب والكتل السياسية الكردية المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وأضــاف: «الحزب الديمقراطي الكردســتا­ني حصل على أكثر المقاعد في الانتخابات التشريعية الأخيرة )جرت في 12 أيار/ مايو الماضي(، مقارنة ببقية الأحزاب السياسية الكردستاني­ة والعراقية، وعليه، فإن المنصب من حصتنا»، مؤكداً في الوقت عيّنه أن «حتى الآن لا يوجــد اتفاق بين الأحزاب الكردستاني­ة على المنصب».

واعتبر السياســي الكردستاني، مطالبة حزب الاتحــاد الوطنــي الكردســتا­ني بمنصب رئيس الجمهورية، أنها «لا تســتند على شــيء»، مشدداً على أهميــة أن يكون للحزب «معيــار في اختيار مرشح المنصب».

ونــوه طــه إلــى أن «الاتفــاق السياســي الاســترات­يجي بين الأحزاب الكردستاني­ة، والذي حصل بموجبه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني على منصب رئاسة الجمهورية في الفترة السابقة، لم يعد موجــوداً الآن. فــي كل انتخابات جديدة هنالك اتفاقات جديدة». وعن طرح اسم السياسي الكردستاني البارز برهم صالح كمرشح للمنصب، أوضح أن «عودة برهم صالــح إلى حزب الاتحاد الوطني الكردســتا­ني مرة أخرى، من عدمها، لن يغير شــيئاً، كون أن منصب رئيــس الجمهورية استحقاق للكردســتا­نيين الذين صوتوا للحزب الديمقراطي».

الحزب الأكثر قوة

وتابــع: «نحن الحــزب الأكثر قوة فــي إقليم كردســتان، وفي البرلمان العراقي أيضاً»، مشيراً إلى أن «المنصب ليس حكراً على حزب محدد.»

وطبقاً للمصدر، فإن المباحثات بين الديمقراطي الكردســتا­ني والاتحــاد الوطنــي الجارية الآن، «تهــدف للتوصــل إلــى معايير اختيــار رئيس الجمهورية»، مضيفاً أن «الاتحاد الوطني متمسك بالمنصب من دون تقديم أي مبرر لتمسكه هذا.»

ووصــف «الإشــكالي­ات على منصــب رئيس الوزراء في بغداد أنها «مشــابهة لإشكالية اختيار رئيــس الجمهوريــ­ة. لا يمكن فصــل الاختلافات السياسية في الإقليم عما يجري في بغداد».

ورغم ذلك، أعرب القيادي فــي حزب بارزاني عن أمله في «التوصل لمرشح تسوية لمنصب رئيس الجمهورية. كل الخيارات مفتوحة. نحن لا نتمسك بالمنصب من دون مناقشة، وباب الحوار مفتوح».

لكنه لم يخف تمســك حزبــه بالمنصب، عازيا الســبب في ذلك إلــى كون الحــزب الديمقراطي الكردســتا­ني «الكتلة الكردية الأكبر. هذا مبررنا، فما هو مبرر الاتحاد الوطني؟».

وتابع: «مشــكلتنا ليســت الأســماء المرشحة للمنصب، بقدر الاستحقاقا­ت الانتخابية. الرؤية مكتملة بشــأن مرشــحنا للمنصب لكن ذلك غير معلن حتــى الآن»، ولفــت إلى أن «فــي انتخاب النائب الثانــي لرئيس مجلس النــواب العراقي بشير حداد، رأينا شــيئاً مختلفاً. الاتحاد الوطني الذي يعتبر حليفنا الأساسي لم يصوتوا لمرشحنا، بل صوتوا لصالح المرشــح الآخر، كما أن الحركة الاسلامية أيضاً طرحت مرشحاً للمنصب، وكذلك حركة التغيير».

وأضاف: «من يتحدث عن مســاعي لملمة البيت الكردي وتوحيده، عليــه أن يدقق في انتخابات نائــب رئيس البرلمــان التي كشــفت عكس ذلك. الانقســام­ات أصبحــت ســمة غالبة فــي البنية السياســية العراقيــة، كما هو الحــال في البيت السني والشيعي».

سلسلة مشاورات

في الأثناء، وصل رئيس الجمهورية )القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني( فؤاد معصوم، إلى محافظــة الســليمان­ية لبحث ملف رئاســة الجمهورية.

بيان مقتضب لرئاسة الجمهورية أشار إلى أن هدف الزيارة هو «لإجراء سلســلة من المشاورات السياسية المتعلقة بآخر المستجدات على الصعيد السياسي، والجهود التي تبذل لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، ولا ســيما بعد انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه في البرلمان.»

وتأتي زيارة معصوم في وقت يستعد المجلس القيــادي للاتحــاد الوطني الكردســتا­ني، لعقد اجتمــاع من المقرر له تحديد مرشــحه لرئاســة الجمهورية.

ســعدي أحمد بيــره، المتحدث باســم المكتب السياســي للاتحاد الوطني الكردســتا­ني، قال في تصريــح أورده الموقع الرســمي للحزب، إن «المجلس القيادي للاتحاد الوطني الكردســتا­ني ســيعقد، يوم غد الأربعــاء )اليــوم(، اجتماعاً لمناقشة عدد من الملفات المهمة.»

وأضاف: «المجلس القيــادي للاتحاد الوطني ســيناقش خلال الاجتماع الأوضاع السياســية الراهنة في إقليم كردســتان، وتشكيل الحكومة الاتحادية الجديــدة، ومن الممكن أن يتم حســم موضوع مرشــح الاتحاد الوطني الكردســتا­ني لمنصب رئيس الجمهورية .»

من جانب آخر، لم تتوصل القوى السياســية الكردســتا­نية إلى قرار نهائي بشــأن انضمامها إلى إحدى الكتلتين، تحالــف «البناء»، وتحالف «الإصــاح والإعمــار»، لإتمــام مهمــة اختيار الرئاسات الثلاث وتحديد الحكومة المقبلة.

النائب عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بختيــار شــاويس، بــن لـ «القــدس العربي ،» أن «موقــف التحالــف الكردســتا­ني والقــوى الكردستاني­ة يستند على الدستور، كما أن جميع مطالبنا ضمن إطار الدستور.»

وأكــد أن «الأكراد لــم ولن يكونــوا جزءاً من التوتر السياسي بين المحورين الساعيين لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، بــل نريد أن نكون جزءاً مــن تســوية الخلافــات»، موضحــاً أن الأكراد «يســعون لتشــكيل حكومــة وطنيــة، تمثل كل المكونات العراقية وتقدم الخدمات للمواطنين».

وأضاف: «القوى السياســية الكردستاني­ة لم تعلن حتــى الآن توجهها إلى أيٍ مــن المحورين. نحن مع أي كتلــة لديها رؤيــة واضحة لتطبيق الدســتور وتنفيــذ فقراته، بما فيها المــادة 140، والمواد الأخرى المتعلقة بمســتحقات البيشمركه ورواتب موظفي إقليم كردســتان العراق، فضلاً عن وضع آلية جدية وعملية لتســوية الخلافات في محافظة كركوك والمناطــق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل».

أمــا النائــب عــن الحــزب الديمقراطـ­ـي الكردستاني، بيار طاهر دوسكي، فقال لـ«القدس العربــي»، إن «المباحثات بين الأطــراف الكردية مــا تزال مســتمرة، بهــدف التوصل إلــى ورقة عمل مشــتركة للتفاوض مع الأطراف السياسية العراقية».

وطبقاً للمصدر، فإن «هذه المباحثات ستفضي إلى اتفــاق بين الأطراف الكرديــة على المناصب، التي هي من اســتحقاق الأكراد بمــا فيها منصب رئيس الجمهورية، قريباً»، لافتاً إلى أن «لن يكون هناك خــاف بين الأطــراف الكرديــة على ذلك، خصوصاً إنهــا متفقة على مطالبها الدســتوري­ة والقوميــة والقانونيـ­ـة، وهم متمســكون بهذه المطالب».

وأكــد أن «لا يوجد توجه كــردي على تفضيل المناصب علــى المطالب»، معرباً فــي الوقت ذاته عن أمله «مــن الأطراف العراقية الأخرى التوصل إلى اتفاقات مشتركة، وتســوية خلافاتها، حتى يتمكــن الطرف الكــردي من التوصــل إلى قرار نهائي بالتحالف مع أي طرف يستجيب للمطالب الدســتوري­ة والقومية للمكون الكردي. لن ندخل في صراح أو تنافس مع طرف دون طرف آخر».

 ??  ?? مسعود بارزاني خلال أحد مؤتمرات الحزب الديمقراطي
مسعود بارزاني خلال أحد مؤتمرات الحزب الديمقراطي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom