Al-Quds Al-Arabi

قمة اردوغان ـ بوتين في «سوتشي»... مسار مؤقت في اتجاه إحلال السلام الصعب في إدلب

العقيد فاتح حسون يرى صعوداً للدور التركي في سوريا وتراجعاً للإيراني

- دمشق – «القدس العربي» من هبة محمد:

توصل الرئيســان التركي رجب طيب اردوغان والروسي فلادمير بوتين في قمة اســتثنائي­ة عقدت في منتجع سوتشي في روســيا، امس الى «مسار ســام» حيال ادلب ومحيطها، وصفت بنوده بالفضفاضة، بانتظار تأطيرها، لكنه وبالرغم من ضبابيته الا انه قد يحوّل منطقة خفض التصعيد الاخيرة إلى منطقة اســتقرار مؤقتة منزوعة الســاح، وكشــف عن إلغاء النية الروسية لاي عملية عســكرية ضد المنطقة، وهو ما شكل بحسب مراقبين «نصراً» للحراك التركي الدبلوماسي والسياســي والعســكري، و»مخرجــا» مباشــراً وصريحاً للتراجع الروســي عن هجوم عسكري وشــيك بعد الحشد المكثف له إعلامياً وسياسياً وعسكرياً، ويبقى التحدي الأبرز أمــام انقرة في آلية تنفيــذ المهام الموكلة إليها وعلى رأســها اغلاق ملف هيئة تحرير الشام.

وبينما يرى خبراء ومراقبون أن وزن العلاقات الروسية - التركية، أعظــم بكثير من قيمة ادلب لدى موســكو، يبقى الســؤال الملح أمام هذا الاتفاق هو من يضمن تنفيذه طالما ان موســكو المعروفة بالضامن لكل التفاهمات المبرمة في الشأن السوري، هي من شرع الباب أمام النظام السوري لخرقها؟

حسون: تحجيم الإيراني

القيــادي لدى المعارضة الســورية ورئيس وفد أســتانة الأســبق، فاتح حســون، رأى ان الاتفاق يدفع بشــكل غير مباشــر بالدور الإيراني إلى الخلف ويعطي تحجيماً واضحاً لإيران كلاعب أساسي في الملف السوري، مضيفاً ان «الرسالة واضحة عندما تصبح اللعبة من أجل توزيع المصالح فلا مكان للمرتزقة، فمعاملة روســيا لإيران معاملة قــوات «الواغنر» عندما يتعلق الامر بتقاسم المصالح.»

وحيال إقامة منطقة منزوعة الســاح بعرض يتراوح بين 15 و20 كيلومتــرًا على طول خط التماس ابتــداء من الـ15 من أكتوبر/تشــرين الأول من العام الجاري، أوضح حسون لـ »القدس العربي »، أن 15كم هي المســافة المتعارف عليها في مناطق الفصل أو المناطق العازلة وقد تكون في بعضها 20 كم، حســب طبيعة المناطق جغرافياً فهي عامل أمان يضمن عدم توجيه نيران الأسلحة المباشرة الخفيفة والمتوسطة، ويقلل من تأثير النيران بعيدة المدى في حال اســتعماله، ويمكن أن تزيد مســاحة المنطقة العازلة أو منزوعة الســاح أو تنقص بحســب ديموغرافيا المكان فمن الممكن أن تمر هذه المنطقة في أحد حدودهــا بمنتصف بلدة أو مدينة مما يســتدعي حرف مسار المنطقة لأكثر من مســافة ال15 كم وذلك لتصبح خارج حدود البلدة أو المدينة عندهــا تصبح أبعاد المنطقة المنزوعة الســاح في بعض المناطق مســافتها 18- 20 كم أو أكثر من ذلــك. وكان بوتين أكد في مؤتمــر صحافي امــس ان القمة توصلت الى «إقامة منطقة منزوعة الســاح بعرض يتراوح بين 15 و20 كيلومتراً على طول خط التماس» على ان تسيطر «وحدات من الجيش التركي والشــرطة العسكرية الروسية على هذه المنطقة، مؤكداً ضرورة إخلائها من الســاح الثقيل التابع «لجميع فصائل المعارضة» بحلول العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول، وفي هذا الصدد قال حسون ان الدول الضامنة غالباً مــا تحتاج إلــى وقت لترتيــب المســتلزم­ات المتعلقة بــأي اتفاق من هذا النــوع، كونه يحتاج لإجــراءات عملية على الأرض وتجهيــزات ومعدات وإعداد للخرائط ورســم للخطوط وتنسيق مع القوى العاملة )فصائل الجيش الحر(، مما يجعل إمكانية التطبيق المباشر عملية صعبة جداً، مقدراً ان تستغرق مدة ســحب السلاح نحو ستة أشهر أخرى، يتم السيطرة خلالها على كامل الأسلحة الثقيلة في المنطقة، تليها فترة الانتقال الى مرحلة وقف إطلاق نار نهائي.

وتكمن أهمية منطقة منزوعة الســاح في ضمان كل طرف للطرف الآخر، فيجــب ان تكون تركيــا والمدنيون آمنين في المناطق التي تسيطر عليها أنقرة من اي خطر لهجوم مفاجئ، ويقابل ذلك تأمين مناطق النظامين الســوري والروسي من خطر اي قوة او فصيل عســكري تابع لتركيا او تابع للجيش الحر، فهذه المســافة الفاصلة، يفتــرض ان تكون خالية من السلاح الثقيل كي لا تشكل خطراً على الاطراف المتفقة.

العطار: اتفاق ما مع «النصرة»

أما البعد العســكري للمنطقة المنزوعة الســاح، بحسب الخبيــر في العلاقات الدولية محمــد العطار ينص على بقاء الفصائل العســكرية فــي مواقعها، فيما ينتظــر تطبيق حل جبهة هيئة تحرير الشام، المصنفة دولياً على قائمة الإرهاب، اذ لا يســعد تركيا ان تكون حامية لهكذا فصيل، لذلك كان من المنتظــر من تركيا ان تحــل هيئة تحرير الشــام من أكثر من 4 اشــهر بطريقة مــا، الا ان الواقع يقــول ان النصرة لم تزل موجودة ويــدل تناغمها مع الفعل التركــي على اتفاقات ما، تحت الطاولة بين الجانبين بحســب العطــار، الذي اضاف أيضاً «هذا لا يعني ان يكون الاتفاق بعيد المدى، فقد تستطيع تركيــا ان تحل هيئة تحرير الشــام وتجد مخرجــاً لقيادات الصف الاول لانهاء هذا الفصيــل». فالرغبة التركية في حل جبهة النصرة تهدف الى ضمان الموافقة الدولية على ترسيخ بقائها في هذه المنطقة، وبقــاء ادلب دون تهديد خارجي من اي طرف كان سواء من الروسي والايراني او اي طرف آخر.

وحول نزع السلاح الثقيل من يد فصائل المعارضة، لم يبد حســون تخوفه من قدرة أنقرة على سحبه والسيطرة على المنطقة اسوة بمناطق درع الفرات وغصن الزيتون، حيث قال «في حال تكريس مقررات القمة، فسيكون من الطبيعي العمل على تنظيم الحالة المدنية في مدينة إدلب وما حولها، وتجربة درع الفرات وغصن الزيتون ليست ببعيدة بل هي ملاصقة» مضيفاً «أن أغلب ما تم إنجازه في الثورة الســورية كان من خلال الســاح المتوســط والخفيف، وعموم السلاح الثقيل المتواجد بيد الفصائل حالياً هو من القطع العسكرية التابعة للنظام والتي تمت الســيطرة عليها من قبــل الثوار، وأغلب السلاح هو من الدبابات الروسية والمدافع الثقيلة الروسية الصنع أيضاً والتي من الصعب إلى حد ما تأمين ذخائر لها.»

من يدخل إدلب

ويبدو ان بنود الاتفاق قد حددت ســكان ادلب بحســب رؤية القيادي لدى المعارضة الســورية فاتح حســون، الذي رأى ان الرقابة لن تكون من قبل الأتراك فقط بل هناك العديد من الدول التي تراقب الوضع في ادلب، مضيفاً «ان هذا الأمر تدركــه هيئة تحرير الشــام وما تحمله من تيــارات داخلية مؤيدة لحل الحركة والاندماج في النســيج السوري من جهة وتيار متعصب لأيديولوجي­ته ومن جهة أخرى سيجد نفسه أمام خيار إما التسليم أو المواجهة مع قوة عظمى مثل تركيا».

وكان للحزب الــذي يعتبر الامتداد في العمق الســوري للعمال الكردســتا­ني المصنــف إرهابياً في تركيــا والناتو، النصيب الأكبر في قمة بوتين – اردوغان، حيث اعتبر الاتفاق «البي ي دي» الكردي فصيلاً ارهابياً من قبل روســيا ايضاً، وهو تطور لــه ابعاده من حيــث الاصطفافات فــي المنطقة وخارجها، وفــي هذا الصدد أوضح الخبير العطار لـ»القدس العربــي» ان «الترجمة نصت علــى ان الخطر على تركيا يقع شــرق الفرات وليس في ادلب»، مضيفاً ان كل الدلائل تشير الى قــدرة انقرة على الاتفــاق مع الروس ضد الميليشــي­ات الكردية وتطلعاتهم حيال منطقة حكــم ذاتي، وذلك انطلاقًا من التوافق بين الحزب الكردي وواشنطن، وبناء على قاعدة «عدو عدوك صديقك».

 ??  ?? طفلان سوريان يلهوان في بلدة مورك شمالي حلب وسط الدمار الذي خلفه قصف سابق للنظام على المنطقة
طفلان سوريان يلهوان في بلدة مورك شمالي حلب وسط الدمار الذي خلفه قصف سابق للنظام على المنطقة

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom