Al-Quds Al-Arabi

حرب 1973ما زالت تشغل الإسرائيلي­ين وتثير مواجعهم وجدالاتهم مجددا

- الناصرة ـ «القدس العربي » من وديع عواودة:

مــرت 45 ســنة علــى حــرب رمضــان/ اكتوبــر/ تشــرين 1973 وما زالــت الوثائق تكشــف كم كانت تقييمات الاســتخبا­رات العسكرية الإســرائي­لية خاطئة، وكم كانت نتائجها موجعة للإســرائي­ليين، كما يتجلى في انشغالهم الواســع بها رغم مرور أربعة عقود ونصف عليها.

وفــي الذكــرى الـــ 45 علــى نشــوبها والمصادفة اليوم «يوم الغفران» وفق التقويم العبري، كشــف جيــش الاحتــال عن بعض الوثائق الجديدة الخاصــة بتلك الحرب التي اختلــف المراقبــو­ن العرب علــى كونها حرب تحرير أم حرب تحريك.

ويســتدل من هذه الوثائق الأرشــيفي­ة أن قادة الاســتخبا­رات العســكرية الإسرائيلي­ة ورئيس أركان الجيش استبعدوا في الخامس مــن تشــرين الأول/ أكتوبــر 1973 احتمالات نشــوب الحرب في اليــوم التالــي، وذلك في جلســة تقييم للوضع، استعرض فيها رئيس الاســتخبا­رات العسكرية وقتها، إيلي زاعيرا، ما يجــري في ســوريا ومصر، ودعــم أقواله رئيس أركان الجيش في حينه، دافيد إليعازار الــذي انتحر بعــد الحــرب. ورغــم أن زاعيرا تحــدث عن طائــرات شــحن روســية هبطت في مصر وســوريا، إلا أنه لخــص بالقول إن «كل الأمــور لا تغير من التقديرات الأساســية بــأن احتمال نشــوب الحرب بمبــادرة مصر وســوريا لا يــزال ضئيــا.. وربمــا أقــل من ضئيــل، واســتنادا الــى ذلــك حملتــه لجنة غرانــات الرســمية للتحقيق في حــرب 1973 المســؤولي­ة الأولى عن الفشل الاستخبارا­تي، ولاحقــا وجهــت لــه تهمــا بفضــح «العميل المصري أو «العميل المزدوج» أشرف مروان» زوج ابنة الرئيس المصــري الرامل جمال عبد الناصر. ووجه رئيس الموســاد وقتها تسف زميــر انتقادات حادة لزعيرا على خلفية ذلك، وعلــى خلفية إخفاقــه في توقــع نوايا مصر وسوريا بخلاف «الموساد».

من جهته قال زاعيرا إن ســوريا دخلت في حالة طوارئ في الخامس من أيلول/سبتمبر، وأجــرت تدريبات علــى اســتعادة الجولان، مضيفا أنها استقدمت سربي طائرات قتالية من طراز «سوخوي» من القاعدة» تي 4 « التي تعتبــر أبعد كــي تكون قــادرة علــى مهاجمة العمق الإســرائي­لي. أما بالنسبة لمصر، فقال رئيس الاســتخبا­رات العسكرية، إنها تخشى من عملية إســرائيلي­ة، مشــيرا إلى أنها بدأت منــاورة شــملت الجاهزية لمواجهــة اختراق للجيــش الإســرائي­لي. وأضــاف أن مصــر تخشــى أن تســتغل إســرائيل حلول الظلام لإدخــال قــوات مســتعربين لمهاجمــة مواقع ومعســكرات في العمق المصري، مشــيرا إلى أنه يوجد في منطقة قناة السويس نحو 1100 مدفع مصري. وأشــار أيضا لاقتراب دبابات كثيرة إلى خط الجبهة.

وقــال أيضــا إن ســوريا كانــت تخشــى هجوما إسرائيليا، وإن هناك حالة من التوتر في مصر وسوريا ومخاوف جدية من هجوم إسرائيلي على الطرفين. وزعم أن ما غذى هذه المخاوف هو سلسلة عمليات أجراها الجيش الإســرائي­لي، ولم يكن لها علاقــة بالجاهزية للهجــوم. ضمن هــذه العمليات التــي أجراها الجيش كانــت الحادثــة التي أســقطت فيها 12 طائرة «ميغ» ســورية قبل الجلســة بثلاثة أســابيع. وقــال زاعيــرا «أجريــت منــاورات كبيرة للمظليــن في ســيناء، وبالنتيجة فإن المصريــن توصلــوا إلــى نتيجــة مفادها أنه جرى اســتقدام قــوات إلى ســيناء، وأن عدد الطائرات قد ازداد بـــ 20 طائرة. كما حصلت فــي ســوريا المعركــة الجوية فــي 13 أيلول/ ســبتمبر، التــي فســرها الســوريون ككمين خطط له مسبقا، وضمن سلسلة استفزازات إســرائيلي­ة ســتنتهي بهجــوم علــى الجبهــة الســورية. عــاوة على ذلك تضــاف عمليات التجنيــد، وعمليــات التعزيــز علــى الجبهــة الســورية، عــاوة على الطلعــات الجوية غير القليلة بهــدف التصوير في مصر وســوريا. كل ذلك عزز من الشــعور بأن إســرائيل على وشــك شن هجوم» وفق ما قاله زاعيرا. الذي أضاف أيضا إنه صباح ومساء الخامس من تشــرين الأول/ أكتوبر حصل أمران مهمان: الأول أن روســيا أرســلت 11 طائرة شــحن، ســت منها إلــى مصــر وخمس إلى ســوريا، دون أن يتضــح الهدف منهــا، وربما من أجل إخراج أفــراد روس من هناك، وربما بســبب مخاوف روســية من هجوم إســرائيلي، وقد تكون لأســباب داخلية تتصل بالعلاقات بين الاتحاد السوفييتي ومصر وسوريا.

أمــا الأمــر الثانــي فهــو مغــادرة القطــع البحرية الروســية للإسكندرية، الذي وصفه بأنــه «أمــر نادر جــدا». ومع ذلك أكــد أن كل مــا ذكــره لا يغير مــن التقديرات الأساســية للاســتخبا­رات العســكرية التــي تشــير إلى أن احتمــالات انــدلاع الحرب بمبــادرة مصر صورى ارشيفية لجنود مصريين خلال حرب 1973 وســوريا لا تزال منخفضة جدا. وقال أيضا إن هناك احتماليــة منخفضة، أن يكون هناك هجــوم ســوري ومصري منســق، ولكن هذا الاحتمال ضئيل، وربما أقل من ضئيل.

حســب الوثيقة الأرشــيفي­ة التي نشرتها صحيفــة «يديعــوت احرونوت» أمــس، فإن زاعيــرا تحــدث لاحقا بشــكل مغايــر، وقال إن احتمــالات الحــرب قائمــة، موضحــا أن «الوضــع متوتر لدى المصريين والســوريي­ن، وهم يوهمون أنفسهم بأننا سنشن هجوما،» مضيفــا أنــه لا يوجد تفســير معقــول لما قام به الروس، وأن ذلك ســيتضح في الساعات القريبــة. وتابع «المشــكلة تكمن فــي أنه لكل وضع كهذا توجد ديناميــة تثير مخاوف كل طرف وتجعلــه يعزز قواته، وربما يخرج ذلك عن سيطرة العرب على أنفسهم.»

وفــي النهايــة لخص حديثــه بالقــول «لا أعتقــد أننــا نتجــه إلى الحــرب» وفــي اليوم التالــي أخــذت إســرائيل على حين غــرة في حــرب أصابتهــا بالبلبلــة وتبعــات المفاجأة عرفها العرب بحرب 1973 أو حرب تشرين أو حرب رمضان، فيما أســمتها إســرائيل حرب الغفران، وهي التي وضعت حدا للانتصارات الإســرائي­لية الكبيرة، وفق ما يؤكده معلقون إســرائيلي­ون يعتبــرون تلــك الحــرب نقطــة تحول لاســيما أنها منيت بنحــو 2200 جندي قتيل ونحــو 8000 جندي جريــح، واضطرت لطلب النجدة مــن الولايات المتحدة ومن دول غربيــة ســارعت لرفدهــا بالعتــاد والســاح بجســور جويــة. فــي المقابل جاءت خســائر مصر وسوريا وبقية الإرســالي­ات العسكرية العربية بآلاف الشهداء.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom