Al-Quds Al-Arabi

المعارضة الموريتاني­ة تقر بفشلها في الحصول على الثلث المعطل وتتهم الدولة والجيش بالتدخل لصالح الحزب الحاكم

- نواكشوط « القدس العربي»:

أفرجت اللجنــة الانتخابية المســتقلة في موريتانيــ­ا، أمــس، عــن النتائــج النهائية للجولة الثانية للانتخابات النيابية والبلدية والجهوية التــي جرت يوم الســبت الماضي بنسبة مشاركة بلغت 56 في المئة.

وأعلنــت اللجنة الانتخابية المســتقلة عن فتح الباب أمام الطعون، وأن النتائج النهائية الشــاملة ســتعلن لاحقًا من طــرف المجلس الدستوري أعلى هيئة قضائية في البلاد.

وبالنســبة لانتخاب النــواب في الجمعية الوطنية، أكد محمد فــال بلال، رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة، في عرض قدمه أمس عن النتائج، «أن اقتراع الشــوط الثاني جرى في (12( دائرة انتخابية، تنافس فيها )6( أحزاب و)3( ائتلافات حزبية على )22( مقعدًا».

وأوضــح «أن حــزب الاتحــاد مــن أجل الجمهورية )الحزب الحاكم( فاز بجميع المقاعد الـ)22( في الانتخابــ­ات البرلمانية التي كانت محل تنافس في الشوط الثاني».

وبالنســبة لانتخــاب المستشــار­ين فــي المجالــس الجهوية، أكد ولد بــال «أن تنظيم الانتخابــ­ات جرى في )9( دوائــر انتخابية، تنافســت فيهــا )3( أحــزاب، و)3( ائتلافات حزبية، على 182 مقعدًا».

وأكد رئيس لجنــة الانتخابات «أن نصيب الحــزب الحاكــم، حــزب الاتحاد مــن أجل الجمهوريــ­ة، كان )111( مقعــدًا، بينمــا كان نصيــب حــزب «تواصــل» (محســوب على الإخوان( 26 مقعــدًا، وائتلاف حاتم وتواصل والاتحاد من أجــل الديمقراطي­ة والتقدم )21) مقعدًا، والاتحاد من أجل الديمقراطي­ة والتقدم (19( مقعدًا، وائتــاف تواصل والتحالف من أجل العدالة والديمقراط­ية -عهد جديد )05) مقاعد .»

وفيما يتعلق بنتائج انتخاب المستشــار­ين في المجالس البلدية، أعلن ولد بلال «أن تنظيم الاقتراع شمل )108( دوائر انتخابية، تنافس فيهــا )31( حزبًــا سياســيًا، و)7( ائتلافات حزبية على )2010( مقاعد.»

وأضاف «أن نصيــب الحزب الحاكم، حزب الاتحــاد مــن أجــل الجمهوريــ­ة كان )942) مقعدًا، ونصيب الاتحاد من أجل الديمقراطي­ة والتقــدم )292( مقعــدًا، وتواصــل )106) مقاعــد، والكرامــة )98( مقعــدًا، وائتــاف اتحاد قــوى التقدم وحــاتم وتواصل وعادل (79( مقعدًا، والتحالــف الوطني الديمقراطي (62( مقعدًا، والوئــام )52( مقعدًا، والفضيلة (33( مقعدًا، والحراك الشــبابي )28( مقعدًا، والحزب الوحــدوي لبنــاء موريتانيا )25) مقعدًا، وحــزب الوحدة والتنمية )20( مقعدًا، والتحالــف الشــعبي التقدمــي )19( مقعدًا، والاتحــاد الديمقراطي الوطنــي )19( مقعدًا، وحزب الرفاه )17( مقعدًا، والتحالف من أجل العدالــة والديمقراط­ية-عهــد جديد- )15) مقعدًا، وائتلاف حــاتم وتواصل )14( مقعدًا، وائتلاف اتحاد قــوى التقدم وحاتم وتواصل والمســتقب­ل 14 مقعدًا، وحــزب الطليعة )13) مقعدًا .»

وقدم محمد فال بلال، وهو من أكبر المنظرين السياسيين في موريتانيا، قراءته للانتخابات التي شهدتها موريتانيا، فأوضح «أنها تميزت بالمشاركة السياســية غير المسبوقة وبولوج العديــد من القوى السياســية قبــة البرلمان والمجالس الجهويــة والبلديــة، كما تميزت، حسب قوله، بهبوب رياح الحداثة على المشهد السياســي الوطنــي، وهو ما يعكســه الدور الحيوي الذي أصبحت تضطلــع به منظمات المجتمع المدني، والهيئات الشبابية، وشبكات التواصل الاجتماعي التي دخل بعض روادها قبة البرلمان الجديد .»

وتحــدث رئيــس اللجنــة الموريتاني­ة عن نواقــص وثغرات شــابت هــذه الانتخابات بينها «عدم مراعاة الســقوف المالية المسموح بإنفاقهــا في الحمــات الانتخابيـ­ـة، وعدم الالتزام بقانون التعارض بين بعض الوظائف العســكرية والمدنيــة والعمــل السياســي والانتخابي .»

وعلقت الإعلامية الموريتاني­ة البارزة، منى بنت الدي، على نتائج الانتخابات، مؤكدة «أن الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات هو الأستاذ والوزير والســفير والرئيس محمد فال بلال، الذي أشــرف على أســوأ انتخابات وأكثرها تزويرًا وظلمًا .»

وفي السياق نفسه، اندفع مدونو ومحللو المعارضة للتعليــق علــى الانتخابات وعلى انعكاســات­ها المحتملة على المشــهد السياسي الموريتاني.

وخرج المحلل السياســي الموريتاني البارز الدكتور أبــو العباس ابرهام بمســتخلصا­ت من هذه الانتخابــ­ات، أولهــا «تزايد الحاجة لإعلام محترِف يقدِر على تقديم المعلومة؛ ذلك أنّ الإعلام الحزبي أو الرســمي قد لجأ إمّا إلى الغوبلزيّة أو التعتيم في التغطيّة، حسب قوله، ومع اســتثناءا­ت قليلة تمّ توحيــد الصحافة بالتصحيــف )الأخيرة من الأخطاء الشــكلية ومن دعايات محمد سعيد الصحّاف.»)

وأكــد أبو العبــاس «أنه يتعيّــن الآن على المعارضــة الموريتاني­ة انتهاج اســتراتيج­ية جديــدة غيــر اســتراتيج­ية المقاطعــة أو التمترس في الفضــاء الافتراضي أو التصعيد المهرجاني»، مشــددًا على أنه «لا بدّ من تمكين استراتيجيي­ن محترفين من وضع خطة مراجعة وخطة عمــل على المســتوى الحِزبــي وعلى المســتوى التحالفي للمعارضــة، ومن الجلي أنّه لا بدّ من العودة لترميم الأحزاب وتمهينِها وتقديم نقد وتأطير سياسي بديل.»

وفي قــراءة أخرى للنتائــج، أكد المعارض البارز ســعد حمادي «أن الُمعارضة الموريتاني­ة حققت مكاســب مُعتبرة رغم الصعاب الجَمّة ،» مشيرًا إلى «أن معركة المعارضة ضد النظام لم تكن متكافئة إطلاقًا لأن المعارضة لم تُستشــر لا فــي قرار إجراء الانتخابــ­ات ولا في اختيار توقيتهــا، حيث إنهــا حُرِمت مــن التمثيل في اللجنة المستقلة في خرق واضح للقانون.»

وقــال: «الحملــة الانتخابية لــم تجرِ بين أحزاب المعارضــة والحزب الحاكــم بل بينها وبــن النظام، والحملة شــهدت غياب الحزب الحاكم وبــروز رئيس الجمهوريــ­ة كمتحدث باسم الحزب، والرئيس اســتخدم المال العام بشكل فج واعترف بنفسه بذلك، بدل أن يعتذر تمادى فــي التعنت.» وأكد ســعد حمادي «أن حصاد الُمعارضة كان سيكون أكبر لكن داهمها ضيــق الوقت ولم يســتجب النظــام لطلبها بتمديد فترة التســجيل؛ ففي أكثــر من دائرة انتخابية اقتربت الُمعارضــة من النصر، لكنها خسرت كما وقع مثلاً في مدينة الزويرات، حيث حصل العقيد ولد بايه فقــط على 50.64 من الأصوات». وأضاف: «ما يهمني شخصيًا أكثر مــن الانتخابات هو رحيــل الرئيس، لأن أكبر خطر يتهدد اســتقرار موريتانيا هو سيناريو المأموريــ­ة الثالثة، ولن تتمكــن الُمعارضة من هزيمة النظام ما لم تتمدد في الداخل.»

أما المدون محمد الأمين ولد الفاضل، فقد أكد في قراءته للانتخابات «أن المعارضة لم تنتصر لأنها لم تتمكن من الحصول على الثلث المعطل، وأنهــا لم تهــزم، إذا ما نظرنا بعــن الاعتبار إلى ظروف مشــاركتها، وإلى التدخل السافر للدولة والجيش لصالح حزب الاتحاد من أجل الجمهورية».

وقــال: «لــم تهــزم المعارضــة، لأنها حتى وإن كانت قد فشــلت في الحصول على الثلث المعطل، وفشــلت في انتــزاع المجلس الجهوي للعاصمة، وفشلت في كسب معركة الزويرات، إلا أنها في المقابل قــد تمكنت من الدفع بكوكبة من البرلمانيي­ن ســيكون صوتها هو الأقوى في برلمــان 2018، وتمكنت مــن أن تكون حاضرة في أغلب المجالس الجهوية وبفوارق بسيطة، وتمكنت من أن تجعــل عمدة الزويرات يعيش على أعصابه، ويفوز في نهاية المطاف بصعوبة شديدة».

«هناك أخطــاء كبيــرة تم ارتكابها يضيف الفاضل، ولم يكن من المناســب الحديث عنها خلال حملة انتخابية شرســة، وفي اعتقادي بأنه إذا ما ســارعت المعارضــة إلى تصحيح تلك الأخطاء وأخذت العبرة منها، فإن الهزيمة ستتحول إلى نصر، وسيكون بإمكان المعارضة في هــذه الحالة أن تخــوض المعركــة الأهم )رئاســيات 2019( بثقة أكبر وبآمال أقوى في إمكانية تحقيق الفوز، فلنبدأ الآن الاســتعدا­د لرئاسيات 2019».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom