Al-Quds Al-Arabi

استئناف معركة الحديدة... نعي لمشاورات السلام أم ضغط جديد على الحوثيين؟

القوات الحكومية تقترب من إطباق الحصار على المتمردين في المدينة

-

■ الحديــدة ـ الأناضــول: اســتأنفت القوات اليمنية، مســنودة من التحالــف العربي، زحفها نحو محافظــة الحديــدة )غرب(، فــي محاولة جديدة لاستعادتها من مســلحي جماعة «أنصار الله » (الحوثيين(.

وهو تطــور يأتي بعــد أيام من فشــل انعقاد مشــاورات جنيف للســام، ويفتح الباب مجددًا أمام مســتقبل مجهول للجهود السياسية الرامية إلى إنهــاء النزاع المتصاعد منــذ 3 أعوام ونصف العام.

وشــهدت معركة تحرير الحديدة تجميدا، منذ أواخر حزيــران/ يونيو الماضي؛ بهدف إفســاح المجال أمام جهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب عبر حل سياسي.

وجاء هذا التجميد تحت وطأة ضغوط دولية؛ خشــية من عواقب إنســانية فادحة للتوغل في واحدة من أكثر المدن التي تواجه شبح مجاعة في بلد فقير تمزقه الحرب.

وخلال وقت قياسي، حققت القوات الحكومية تقدما نوعيا جنوب شــرقي الحديدة، التي تضم اثنين مــن أكبر موانئ اليمن علــى البحر الأحمر، وهما: الحديدة والصليف.

إذ قطعت القوات أهم خطوط إمداد الحوثيين، المتهمــن بتلقــي دعــم إيرانــي، بــن الحديدة والعاصمة صنعاء، التي يسيطرون عليها منذ 21 أيلول/ سبتمبر 2014 .

وبهذا ضيقت القوات الخناق على الجماعة التي رفضت المبادرات الأممية كافة للانســحاب سلميا من المحافظة، التي تسيطر عليها منذ تشرين أول/ أكتوبر 2014، وتوفر لها آخر منفذ بحري.

ورغم وصول التصعيد العســكري إلى ذروته وتحدث الحوثيين عن خمسين غارة جوية رافقت الزحف البري للقوات الحكومية في يوم واحد، إلا أن المعركة ليس لها عنوان بارز حتى الآن.

وليــس معروفا إن كان المجتمــع الدولي، وفي مقدمتــه الولايات المتحدة، ســحب أم لا «الفيتو» المعارض لتحرير ميناء الحديدة، عقب فشــل عقد مشاورات جنيف.

جولة غريفيث

يتزامن تصاعــد المعــارك مع جولــة إقليمية جديدة للمبعوث الأممــي، مارتن غريفيث، بهدف إقناع الحوثيين بالاشــترا­ك في مشاورات سلام، بعد رفضهم السفر إلى جنيف.

وزار غريفيــث كلامن مســقط وصنعاء، ومن المقــرر أن ينتقــل إلــى الرياض، خــال اليومين المقبلين، وفقا لمصادر أممية.

وتتباين وجهات النظر بشأن استئناف معركة الحديــدة؛ إذ يــرى مراقبــون أنها نعي رســمي لمشاورات الســام وكافة الجهود السياسية لحل النزاع.

بينما يعتقــد آخرون أن تشــديد الخناق على الحوثيين في الســاحل الغربي هــو مجرد ضغط بشــكل أوســع، بهدف إجبارهم على الدخول في مشاورات سلام برعاية أممية.

تحرير الميناء

وقال مصدر عســكري يمني، طلب عدم نشــر اســمه، إن القوات اليمنية أعطت جماعة الحوثي الفرصة الكاملة للجنوح إلى السلام.

واســتدرك بقوله: «لكن إفشــالهم لمشاورات جنيف 3، وتعمدهم الغياب بعدم إرســال وفدهم التفاوضــي، جعل من اســتئناف المعركــة هدفًا رئيســيا للحكومة الشــرعية بعد أن جمدتها لمدة شهرين».

ورأى أن «مــا تحقــق حتــى الآن مــن تقدم لا يخنق الحوثيين في الحديدة ويقطع إمدادهم عن صنعاء».

وأوضح أنه «ما يــزال لديهم طرقات أخرى عن طريق مديرية الزيدية، ولكنها أطول مســافة من الطريق الواصلة عبر منطقة كيلو 16، التي اقتربت منها المعارك منذ أيام».

وشــدد المصدر العســكري علــى أن «القوات ستواصل الزحف، وبعد انهيار المشاورات لم يعد أمامنا سوى تحرير ميناء الحديدة».

واعتبر أن «هذا بمفرده هو ما سيجعل الحوثي يرضح للسلام دون أي شروط مسبقة، أما غير ذلك فلن تجد الأمم المتحدة سوى المزيد من المماطلات».

تصورات خاطئة

وبالنســبة للباحث والمحلل السياسي اليمني، عبــد الناصر المودع، فــإن الحكومــة والتحالف يتداولان تصــورات خاطئة حــول تأثير معركة الحديــدة علــى تغييــر المعادلــة العســكرية والسياسية.

المودع قال إنه «يتم ترويج أن هزيمة الحوثيين في الحديدة ســتجبرهم على التنازل والقبول بما تعتبره دول التحالف شروط السلام الضرورية، وهذا مجرد جزء من الأماني الزائفة.»

وأردف: «مــن يعرف طبيعــة جماعة الحوثي يدرك أن خسارتهم للحديدة لن تغير من وضعهم العسكري والسياسي كثيرا .»

وعلل ذلك بأنهم «ســيبقون محتفظين بالجزء الصعــب والحصــن من اليمــن، وهــي المناطق الجبلية كثيفة السكان .»

جهود غراندي

في أيــار/ مايو الماضي وقــف المجتمع الدولي والمنظمات الأممية كحائط صد أمام رغبة القوات الحكومية والتحالف العربي فــي اقتحام مدينة الحديدة.

وهو ما يبدو أنه ســيتكرر خلال الأيام المقبلة مع التوغل الجديد إلى مشــارف «قوس النصر»، بوابة الحديدة الرئيســية من الجهــة الجنوبية الشرقية.

وأطلقــت منســقة الأمم المتحــدة للشــؤون الإنســاني­ة في اليمن، ليز غراندي، بيانات تحذر من الكلفة الإنسانية لهذه المعركة.

وخلال اليومين الماضيين، اتهــم وزير الإعلام في الحكومــة اليمنية، المعترف بهــا دوليًا، معمر الارياني، غراندي بالتواطؤ مع الحوثيين.

وانتقلت غراندي، أمــس الثلاثاء، إلى مديرية باجــل في الحديــدة، لعقد مؤتمــر صحافي، هو الأول من نوعه لمســؤولة أممية خــارج صنعاء، وفقا لمصدر أممي.

المصدر، الذي طلب عدم نشــر اســمه، أوضح أن غراندي ستحاول حشد موقف دولي مناهض للمعركة؛ لمنع ما تعتبره «كارثة إنسانية ستحلق بواحد من أكثــر المجتمعات فقرا، وهو «الســهل التهامي».

واعتبر «المودع» أنه «يوجد استسهال لموضوع الســيطرة على الحديــدة عســكريًا وتقليل من الكارثة الإنســاني­ة التي ستحلق بسكان المنطقة، وهذا تصور غير صحيح».

وشــدد علــى أن «الصحيــح هــو أن معركة الحديدة ليســت بالســهلة عســكريًا وستكون أضرارها الإنسانية مهولة».

وختم المحلل اليمني بقوله: «بل من المتوقع أن تكون هي أكبر المعارك من حيث حجمها وطبيعتها وعدد الضحايا المدنيين والتداعيات الإنســاني­ة على باقي مناطق اليمن».

 ??  ?? عناصر من الجيش اليمني
عناصر من الجيش اليمني

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom