Al-Quds Al-Arabi

كل الجهات تخلّت عن المريض في مواجهة سعر الفيزيتا ووزارة الصحة تقول «مالناش دعوة» والمواطن يموت داخل المستشفى صناعة السياحة

ارتفاع جنوني في سوق العقارات في مصر ينذر ببداية أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة

- القاهرة ـ «القدس العربي» من حسنين كروم: الصحافة الورقية الآن في مرحلة البحث عن الذات؟ وهي مرحلة يجب ألا تطول لأن البديل هو الاختفاء وأن تصبح من ذكريات الماضي.»

ركزت الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 18 ســبتمبر/أيلول على اســتقبال الرئيس السيسي لرئيس مجلس النواب الإيطالي، والإشــادة بالعلاقات المتينة بين البلدين، والتعاون الجاد بينهما لكشــف غموض مقتل المواطن الإيطالي ريجيني. والاستعداد­ات لسفر الرئيس لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. والغريب أن بعض الصحافيين حددوا له ما الذي عليه أن يقوله في كلمته أمام الجمعية العامة، من إنجازات نظامه، كما كثرت تصريحات الوزراء.

وواصلت الصحف نشــر تحقيقات ومقالات عن ظاهرة الإلحاد بين الشــباب وانتشارها، ولا بد من وقف هذه الحملات التي لا طائل مــن ورائها لأنها تتســم بعدم الواقعيــة، فهذه ظاهرة لا وجود لها. كما اســتمرت المقالات التي تهاجم أمريكا ورئيســها بســبب موقفه المتعســف من أشقائنا الفلسطينيي­ن، بما يعكس استمرار حالة الكراهية الشعبية لها، رغم العلاقات القوية بين البلدين ومناورات النجم الساطع التي تتم بين فترة وأخرى. وتراجع الاهتمام كذلك بقضية مركز الغسيل الكلوي في مستشفي ديرب نجم، بعد أن تأكد الجميع أن الدولة جادة في معاقبة المســؤولي­ن، ولا يزال اهتمام الأغلبية كما هو في بدء العام الدراســي الجديد بعد أيام، والشــكوى من ارتفاع الأسعار، ومتابعة مباريات كرة القدم. وإلى ما عندنا....

المبنى أهم من حياة الإنسان

«جريمــة في حق العالــم كله، أن تدخل مستشــفى لتعالــج، فتخرج منه محمــولا على نعش إلــى المقابر، خاصــة إن كانت الوفــاة لخطأ أو إهمــال بالتضامن من الأعلى ســلطة إلــى قاعها. يقول محمود ســلطان في «المصريون» بعد وفاة شــقيقي محمد )أبو وليد( رحمــه الله، منذ ما يقرب من شــهرين، طلبوا منا في العناية المركزة في مستشــفى الزقازيق الجامعي، اســتلامه بوصفه حيــا، وإلا «بهدلته» في المشــرحة، وبهدلة أهله وأولاده «كعب داير» على مكاتب المستشــفى بالأيام، حتى يستلموه ويدفنوه. يعني حاجة كده تشبه «المقايضة» الرخيصة! وعندما سألت عن ذلك، اكتشــفت أنه تقليد فرض على أهل وذوي كل من يدخل العناية حيا، ويخرج منها جثة هامدة، وقيل إن الهدف منه الحفاظ على سمعة العناية والمستشفى أيضا، سمعة المبنى، الخرسانة، أهم من حياة الإنسان. تموت داخل المستشــفى ومطلوب من أهلك ألا يسيئوا لها، وإلا عوقبت بالبهدلة ويعطينا ويعطيك طول العمر حتى تســتلم جثــة المتوفى. قدر لي أن أرى شــقيقي قبيل وفاته بدقائق، داخل غرفة العناية، وكانت صدمتي كبيرة، حين اكتشفت أنها اسم بلا معنى، فهي عبارة عن صالة كبيرة رثة محشور فيها عدد كبير من الأســرة والمرضى، وخارجها مولد وصاحبه غائب. من الصعب أن تفصل بين ما يحدث في المستشفى الجامعي في الزقازيق، وما حدث في مركز غســل الكلى في ديرب نجم، ولا في أي مبنى معني بصحة الإنسان المصري أو بسلامته أو كرامته. المسألة لا علاقة لها بالأطباء، فهي فئة مظلومة )من أقل رواتب العاملين في الدولة(، شــأنهم شأن المعلمين، بمعنى أن كل ما له علاقة بالإنســان مهمل وفقيــر ومظلوم ولا ظهر له ولا بطن: راجع حال المستشفيات والمدارس لتعلم أن إلقاء التهم على الأطباء والمعلمين، والحملات الإعلامية عليهما، من قبيل الشوشرة المنظمة لإخفاء الأسباب الحقيقية، وهي هدر الأموال على «الميك آب » و«الشو» و«اللقطة»، على حساب التعلم والصحة. لا تحدثني عن جمال وروعة الخطط والرؤى والنظريات والمشاريع، مهما كان وهجها فهي تظل خادعة طالما جاءت على حساب الإنسان وكرامته وتعليمه وصحته، أي مشروع لا يكون «الإنسان ـ المواطن» فــي القلب منه، ولو تدثر بالديــن أو القومية أو الوطنية، فهو مشــروع يخص صاحبــه وحده، ولا علاقــة له بالإنســان واحتياجاته الأساسية من كرامة وحرية وتعليم جيد وصحة جيدة.»

قليل من الرحمة

وننتقــل إلى الأطباء وجشــع بعضهــم، الذين قال عنهم فــي «اليوم الســابع» عمرو جــاد: «هل طلبت يومــا من الطبيــب أن يمنحك فاتورة ضريبية مقابل ثمن الكشــف «الفيزيتا»؟ لا أتوقع حدوث ذلك إلا في ما ندر لأن الأطباء يعرفون جيدا أن ثرواتهم ســتكون مكشوفة إذا خضعوا لمثل هذا الشــرط، حينها قد يجادلك أحدهم حــول أخلاقية هذا الفعل، إذا كان تهربــا من الضرائب؟ أم خوفا من الحســد؟ والفيزيتا أيضا تحتاج لحس أخلاقي عال لدى الطبيب، ليجعلها في متناول المرضى الذين ربما يقترض بعضهم ثمن هذا الكشــف من أجل أن يســتمتع الطبيب بالثراء الفاحش، ويستطيع التفرغ ليعطينا دروسا في رســالة الطب السامية بقية عمره، للأســف تخلت كل الجهات عن المريض في مواجهة ســعر الفيزيتا وزارة الصحة قالت: «مالناش دعوة» والنقابة شــبه ميتــة ولجنة الصحة في البرلمان تقول: إنها مسألة خاضعة للعرض والطلب ونحن نطالب المرضى بضبط النفس والأطباء بقليل من الرحمة».

الكلمة أمانة

«صحافيون، لسنا إرهابيين، يصرخ بألم مجدي فتحي في «المصريون»، لم نحرض يوما على دم، ولم نشــجع على قتال، كنا وما زلنا ندين العنف بكل أشــكاله، ننحاز إلى ضمائرنا، نقف مع الإنسان، ندافع عنه، ونعمل مــن أجله، الحرية هي الحلم، والحقيقة غير ذلــك. نعمل في ظروف بالغة الصعوبة، تفاعلنا مع حركة الشــارع، في كل الأحداث والفعاليات الكبرى التــي مرت فيها مصر، نقلنا الحقيقة بكل مهنيــة وأمانة، نعلم أننا لم ولن نرضي يوما أقطاب الصراع المحتدم في مصر، لكن لم ننشــغل كثيرا برأي هــذا ولا ذاك، فنحن، في الأول والآخر، صحافيون، ندرك أن الكلمة أمانة، وأن الصحافة هي قاطرة المجتمع، التي تشكل وعيه، وأن القارئ لديه من الذكاء ما يجعله يســتطيع أن يميز بين الغث والســمين. اختلف معنا من اختلف، لكنه كان يشــيد بمهنيتنا وتميزنا و«بنفسنا» المختلف عن باقي الصحف والمواقع الأخرى في مصر، حققنا في العام الماضي المركز الأول في جائزة التفوق الصحافي، التي تنظمها نقابة الصحافيين، وتلقينا خطاب شــكر وتقدير من الهيئة الوطنية للصحافة، وكان ذلك أكبر رد على حملة التشويه التي نتعرض لها. يعلم القاصي قبل الداني، أننا نتقاضى أجورا زهيــدة مقارنة بالأجــور التي يتقاضاها صحافيون فــي صحف ومواقع أخــرى، ويعلم الجميع مصــادر دخلنا، فلم نحصل يومــا على جنيه من جهة مشــبوهة، اضطررنا غير مرة إلى تقليص أعداد الصحافيين، بسبب الحصــار المفروض علينا، وحجــب الموقع في مصر. نعمــل بالحد الأدنى في كل شــيء، لكننا متمسكون بمواصلة رســالتنا حتى النهاية، تسعدنا كثيرا كلمة ثناء، أو عبارة إشــادة، خاصــة إذا كانت من صحافي متمرس في المهنة، وهــذا أعظم مكافأة يمكن أن يتلقاهــا الصحافي. ما زلتُ أتذكر كلمات الأديب الراحل جمال الغيطانــي، وقت أن كان يرأس تحرير مجلة «أخبار الأدب»، إحدى إصدارات مؤسســة «أخبــار اليوم» العريقة، حين قال إنه في رحلاته خــارج مصر لا يقرأ غير موقــع «المصريون». وعندما أجرينا حوارا مع الكاتب الدكتور عبد المنعم ســعيد، رئيس مجلس إدارة «الأهرام» الأسبق في بداية إصدارنا الورقي في أواخر 2011 كانت وصيته لنا، ألا نهمل أبدا الموقع الــذي يحظى بمتابعة كبيرة من المصريين في دول المهجر. وقبل أي أحد شهادة قراء «المصريون» التي تطوق أعناقنا، وتجعل رأسنا في الســماء، عندما أرى أحدهم يحمل النسخة الورقية في وسائل المواصلات، أبتسم من داخلي، وكأنه يحمل ابني الصغير، وحين يتصل بي قارئ من الصعيد ليسألني لماذا تتأخر في الوصول إلى هناك، أشعر بعبء المســؤولي­ة الملقاة على عاتق كتيبة «المصريــون». «المصريون» انطلقت كصحيفة وطنية، بميزانية متواضعة، لكنها اســتطاعت رغم ذلك وبفضل الله وثقة القراء أن تســبق صحفــا ذات شــعبية وجماهيرية في مصر، وأن تحقق معدلات توزيع أعلى منها بكثير، على الرغم من كل ممارســات التضييق والحصار عليها، شكرا لكل متضامن مع الجريدة والموقع».

الصحافة الورقية

وإلــى الصحافــة الورقيــة ومســتقبله­ا وقــول الســيد البابلي في «الجمهورية» عنها: «يتحدثون الآن عــن قرب اختفاء الصحافة الورقية، ويطالب بعضهم بتوزيع الصحف الورقيــة مجانا. والحديث عن اختفاء الصحافة الورقية يتفق مع المنطق وآليات التواصل الإلكتروني­ة الحديثة مــع روح العصــر ومتغيراته، ولكــن الصحافة الورقية هــي التي يمكن أن تقــود عملية الإنقاذ مــن الداخل، فالصحافة الورقيــة تفتقر الآن إلى الإبداع، وإلى التحول السريع لصحافة خدمات، وإلى قدرات مهنية تعيد التواصل بين القراء والصحيفة، وإلى سياســات تحريرية واضحة تحدد مــا هو الهدف ولماذا تصدر هذه الصحيفة، ومن هم قراؤها وماذا تقدم لهم

ســليمان جودة في «المصري اليوم» يتســاءل: «أيــن موقع الدكتورة رانيا المشــاط من قرار فرض جمارك ٪20 على مستلزمات الفنادق؟ إنني لا أعرف ما إذا كانت الوزيرة قد وافقت على القرار أم لا؟ فلا شــيء أمامنا يشير إلى موافقتها أو عدم موافقتها، ولكن ما أعرفه أنها ستدفع ثمنه أمام الناس، باعتبارها مســؤولة عن ملف الســياحة في الحكومة، وســتدفع الســياحة ثمنه كذلك فادحا، من قدرتها على إتاحة فرص عمل للعاطلين، ومن قدرتها على الصمود أمام الأسواق المنافسة، فالسائح في النهاية هو باحث عن خدمة، إذا وجدها عندنا كما يحب عاد ســعيدا إلى بلده، وراح يتحدث عن رحلتــه، وتحول إلى دعاية متنقلة لنا، فــإذا لم يجد الخدمة التي كان يتوقعهــا وينتظرها حدث العكس على طــول الخط، وراح هو نفسه يبحث عن سوق ســياحية بديلة حولنا! وليس في إمكان أي فندق أن يتيح الخدمة التي يتوقعها السائح وينتظرها ويريدها، إلا بمستلزمات واردة مــن الخارج في الغالب، فــإذا فوجئ صاحب الفنــدق، أي فندق، يرغب في أن يعمل وينافس ويجلب العدد الأكبر من الســياح، بأن الدولة تطارده في شراء مستلزماته، فليس أمامه إلا أن يدفع الجمارك الجديدة، ثم يضيفها على ثمن الخدمة التي يقدمها، فتصبح أغلى، فينصرف السائح عنا إلى الأسواق الســياحية البديلة، أو أن يتوقف صاحب الفندق نفسه عن استيراد مســتلزمات­ه لارتفاع تكلفتها، فيتراجع مستوى الخدمة التي يقدمها، فينصرف الســائح إلى الأســواق البديلة أيضا! يعنى الخسارة متحققة في الحالتين، والســياحة كصناعة تظل متضررة في كل الأحوال، وإذا كان قرار الـ٪20 ســوف يأتي بعدة ملايين للخزانة العامة، فالثمن المدفوع من جســد صناعة الســياحة، في المقابل، هو بمئات الملايين، وقد يتجاوزهــا إلى أرقام أعلى بكثير! والعجيب أن القرار جاء في وقت تعاني فيــه هذه الصناعة كما لم يســبق أن عانت من قبل، وفــي وقت تبدو فيه أحوج ما تكون إلى يد تمتد إليها، ثم إلى عقل يخطط لها، ويعمل من أجلها، لا إلى وضع العقبات في طريقها، ولا إلى القرارات التي تضيف إلى عثرتها عثرات. أعرف أن القرار كان شــديد الوطأة على كثيرين من رجال صناعة الســياحة الحقيقيين، وأعرف أن بعضهم تساءل بعد القرار عما إذا كانت الدولــة جادة فعلا في الأخذ بيد هذه الصناعة، ثــم أعرف أن البرلمان هو حائط الصد الأخير الــذي تراهن عليه الصناعة كلهــا عند عرض القرار عليه! وأعرف أخيرا أن الوزيرة لابد أن يكون لها موقف، لابد، لأن صمتها يبدو مُحيرا، ويبدد رصيدها في موقعها».

الاستثمار الأجنبي سلاح ذو حدين

الأصل في الاســتثما­ر الأجنبي في رأي زياد بهاء الدين في «الشروق»: «أنه يجلــب للبلد الذي يســتضيفه منافــع كثيرة، على رأســها العملة الأجنبيــة، والتكنولوج­يا الجديــدة، والخبرات الفنيــة والإدارية غير المتوفرة محليا، والفرصة لزيادة معدلات الإنتاج والتشــغيل والتصدير والنموالاق­تصادي.

والأصل أيضا أن اتفاقات الاســتثما­ر الثنائيــة وما تتضمنه من التزام بآليات وأحكام التحكيم الدولي من أهم محفزات الاستثمار الأجنبي لأنها تمنح المستثمرين الطمأنينة بأن البلد المستضيف لن يتعسف في استخدام ســلطاته السيادية في المســائل التجارية، ولكن من وقت لآخر يحدث ما يذكرنا بأن الاستثمار الأجنبي، إن لم تحسن أدارته وتقدير عواقبه، يمكن أن يتحول إلى ســاح ذي حدين، يضر البلــد أكثر مما يفيده، ويلقى على عاتق الدولة التزامات وتعويضات فادحة لا يتحمل عواقبها المسؤولون، بل الشــعب الذي يســدد الثمن من مدخراته ومن موارده التي كان يجدر أن تتجه لتحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة. من هذه اللحظات الفارقة حكم التحكيم الدولي الذي صدر ضد مصر منذ أســبوعين لصالح شــركة إسبانية بقيمة ملياري دولار أمريكي اســتنادا لعدم تنفيذ مصر لالتزامها بتوريد الغاز الطبيعي لمصنع الشركة في دمياط.

وبغض النظر عما اذا كانت مصر ســتدفع التعويض كاملا، أم ستنجح في التفاوض على تخفيضه، أم اســتبداله بالتزامات أخرى، فإن النتيجة تظل مؤسفة وذات عواقب وخيمة.

ولهــذا فليس غريبــا أن ترتفع الأصــوات المطالبة بإعــادة النظر في سياسة الدولة لجذب الاســتثما­ر، بل الانســحاب من الاتفاقات الدولية التــي تلزم مصر باحترام أحكام التحكيم الدولية. ولكن هذا رد فعل مبالغ فيه وبالتأكيد يؤدي لنتائج عكســية على الاقتصــاد القومي. فالواقع أن الاستثمار الأجنبي، وما يرتبط به من قبول للتحكيم الدولي، ليس شرا ولا خيرا في حد ذاته، بل يأتي بعوائد سلبية أو إيجابية على أي بلد في العالم بمقدار قدرة هذا البلد على إدارة ملف الاستثمار بحكمة وكفاءة، وتحديد أولوياته بوضوح، وتقديم الحوافز اللازمة لاستقطابه بدون تعارض مع مصلحة البلد، ووضع الضوابط التي تلزم المستثمرين احترامها بوضوح وشــفافية، والدخول مع الشــركات والمؤسســا­ت العالمية في شــراكات واتفاقات متوازنة. ولكن حينما تســعى الدول لجذب الاستثمار الأجنبي في أي شكل وأي ثمن، وبدون تقدير لميزان التكلفة والعائد، وحينما يكون معيــار النجاح الوحيد لدى متخذي القرار، والإعــام والجهات الرقابية والبرلماني­ة، هو حجم الاســتثما­ر الوافد إلى البلد بدون تقدير للأثر الذي يحدثه، فــإن هذا يهدد باســتنزاف الموارد الطبيعية بأثمان بخســة، أو تصدير المعادن والثــروات بدون تحقيق قيمة مضافــة، أو تلويث البيئة وتدمير الشواطئ والأنهار، أو استغلال العمالة المحلية بدون مقابل عادل، أو التضحية بعوائد جمركية وضريبية بلا مبرر، أو التعاقد مع المستثمرين بشــروط مجحفة وغير مدروسة تكون نهايتها التحكيم والتعويض. لهذا فإن الحوار العالمي عن الاســتثما­ر لــم يعد معنيا بمجــرد مقارنة الدول من حيث حجم الاســتثما­ر الأجنبي الذي تســتقطبه، وإنما بنوعية هذا الاستثمار واســتدامت­ه وما يضيفه لاقتصاد البلد، من أجل تقدير إن كان في نهاية المطاف مفيدا أم ضارا. الحكم على مصر بتعويض قدره خمســة وثلاثين مليار جنيه مصــري، ينبغي أن لا يمر مرور الكرام، ولا أن يتوقف عند حد إبداء الغضب والحســرة، وبالتأكيد لا يكون مناســبة للتراجع عن الاهتمام بجذب وتشــجيع الاســتثما­ر الأجنبي والمحلي. ولكنه يجب أن يكون مناسبة للتفكير والحوار حول مســتقبل الاستثمار الأجنبي في مصر وضرورة بلورة سياسة أكثر اتساعا وعمقا من مجرد السعي لجذب الاستثمار بأي شروط وأي تكلفة، سياسة تضع الصالح العام الاقتصادي في الصدارة وتدرك أن معادلة الاســتثما­ر لا تنجح إلا إذا حققت مصلحة المستثمر والبلد معا».

ترخيص التوك توك

يتفق محمــود غلاب في «الوفــد» مع اللواء محمود شــعراوي، وزير التنمية المحلية، في ترخيص التوك توك، ويقول: «وأنا كاره له، أي للتوك توك هــذه المركبة الفقرية «من الفقر» وهذا اللفظ ســمعته في لجنة النقل والمواصلات في مجلس الشــعب ســابقا عندما دخل التوك توك إلى مصر متسللا ليلا، بدون اســتئذان، في إطار صفقة لبعض الموعودين بالثراء، وما أكثرهــم. كان في هذه الفترة، كرهي للتوك توك شــديدا وغضبي من ســائقيه أشد، فهم شــباب في صور أبالســة وقطاعو طرق، ونصابون، ومســجلون خطر، وضاربو اســتروكس وكافة أنواع المخــدرات، واللي عاوز يشوف جرائم سائقي التوك توك ينزل إلى المناطق الشعبية، أو يقرأ الصحف، وحتى لا أكون متجنيا على هذه الطائفة بالكامل، فهناك قلة تريد أن «تــاكل عيش» من خلال قيادة هذه المحروق التــوك توك. ولكن التوك تــوك، أصبح أمرا واقعــا، وتكاثر، وفاقت أعداده الثلاثــة ملايين مركبة، تجري في كل الاتجاهات في جميع المحافظــا­ت، رغم أنف القانون، وربما ذلــك كان وراء تفكير الحكومــة في ترخيصه، لوضعه تحت الســيطرة، وتخفيف معاناة الشــارع من فوضى اســتخدامه، كما أن هناك رغبة في تحديد خط ســيره وقصره على المناطق غير المخططة وتحديد مسؤولية الســائق والمالك، وشــروط القيادة وإدخــال التوك توك فــي الاقتصاد الرســمي، وتحصيل حق الدولة من رخص وخلافه، والأهم هو السيطرة الأمنية على هذه المركبة ومنع اســتغلاله­ا فــي جرائم قتل أو تحرش. هذا من ناحية الترخيص لوقف الحيل الشيطانية التي صاحبت دخول التوك توك، بعد فشــل كل الأجهزة فــي وقف مراوغات من يســاندون تكاثره، وحتى بعد وقف اســتيراده كمركبة، وقصر الاســتيرا­د على قطع الغيار فقط، تم تجميعه في مصر، وأصبح تســير في الشــوارع أشــكال وألوان متنافرة من التكاتك. أما من ناحية أنه يحل مشــكلة البطالة، فأنا أختلف مــع من يؤيدون ذلك، حيث تردد أن حوالــي 6 ملايين يعملون على التوك توك، فهذا كلام مردود عليه، لأن التوك توك ضرب المهن والحرف الأخرى، وخطف الأيدي العاملة كالسباكة والحدادة وعمال البناء وعمال المصانع، وأصبح أصحاب هذه الحرف سائقي توك توك، لأنها مهنة سهلة، يكفي أن يركب الســائق داخل التابوت، ويشغل الكاسيت بصوت عال، ويدور في الشــوارع، إن لم يجد زبائن، يتفرغ لمعاكسة الستات! إرحمونا من التوك توك، وشــوفوا له حل، يريحنا من صداعه، وأنا مع اللواء شــعراوي في كتابه الدوري الذي أرسله لجميع المحافظين يطالبهم فيه بتذليل معوقات تراخيص التوك توك وتحديد خطوط ســيره، ولكنني أخشــي أن يندم وزير التنمية المحلية في يوم من الأيام على أنه صاحب قرار الاعتراف بهذا الكائن الغريب الذي أصدره على مسؤوليته الشخصية.»

خلل اجتماعي في منظومة القيم والمبادئ

«قضية الارتفاع الجنوني غير المبرر في سوق العقارات في مصر، ينذر حســب رأي الدكتورة عزة أحمد هيكل في «الوفد»، ببداية أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة، قد لا تتحمــل الدولة تبعاتها مثلما حدث في عام 2008 فــي أمريكا، حيث كان ذلك العــام هو رأس الهرم فــي الأزمة الاقتصادية والكساد الذي تسبب في انهيار أســعار العقارات بنسبة تتجاوز ٪30، ما أدى إلى خلــل في ميزان المدفوعات والدين فــي البنوك والقروض، ما دفع الحكومة الفيدرالية للتدخل، رغم أن الوضع الاقتصادي الأمريكي هو المتحكم في اقتصاد العالم أجمع بما فيها البنوك والبورصات وكل ســوق المال، وما يجري الآن في مصر قد يؤدي بسرعة شديدة لحالة من الفوضى الاســتثما­رية مع دخول الأجانب والعرب للشــراء والاستثمار في مصر، وفي الساحل الشــمالي الذي قد يتحول إلى بلونة كبيرة من الأسمنت قد تنفجــر في وجه الاقتصاد، والعقار المصــري، وتدفع العديد من المصريين إما إلــى الاقتراض من البنــوك وتحمل ديــون، أو أن تدفعهم إلى تجميد الأموال والأرصدة في تلك الكتل الخرســاني­ة الصماء، أو أن غير القادرين يتحولون نحو الفســاد والرشــوة والطرق الملتوية، أو أن تسمح الدولة بأن يكون ســوق العقار، ما هو إلا غســيل أموال لهؤلاء الذين يتاجرون بالســاح أو المخــدرات أو الأراضي أو الآثار، أو هؤلاء الفاســدين الذين يســتغلون المنصب والوظيفة للإضرار بمصالح الوطــن والمواطن، على كافة المستويات والدرجات، لا نستثني إلا من رحم ربي وتمسك بالأخلاق والديــن وخاف العقــاب والقانون. هناك أيضا فئة وشــريحة كبيرة من المجتمع المصري عندما نتابع تلك المشــروعا­ت والمليارات التي تضخ فيها وهذه الأسعار الخرافية الجنونية، نتساءل من هو الجمهور المستهدف أو من هو المستهلك المطلوب والقادر على دفع هذه الملايين التي تصل إلى أكثر من 100 مليون جنيه مصري لوحدة سكنية على الساحل الشمالي تسمى فيلا من إحدى الشــركات الاستثماري­ة الخليجية التي تعمل في العقارات، وهذه الفيلا التي يعلن عنها نجد مصريــن قادرين على دفع هذه الأموال بيسر وسهولة، هنا يحدث أكبر خلل اجتماعي في منظومة القيم والمبادئ داخل الشــارع المصري لأن المواطن الشريف يتأكد أنه ما من سبيل له في الوصول إلى حياه كريمة وبســيطة في هذا المجتمع، الذي يسمح للفساد بأن يستشري بدون معايير محددة وواضحة مثلما كان في الماضي، حين أصدر الســادات القانون الشــهير بعد بداية الانفتاح «من أين لك هذا ؟» وتم إلغــاؤه في عهد مبارك. العدالة الاجتماعيـ­ـة ضربت في مقتل مع هذا الاســتثما­ر الجنوني في ســوق العقارات الذي يدمر ليس الاقتصاد فقط الذي سوف يهتز بهذه المليارات والفقاعات الخرسانية الوهمية والديون البنكية التي لا تؤتي ثمارها من إنتاج حقيقي يصدر للخارج لجلب العملة الخارجيــة، وإنما التدمير ســوف يصل إلى المواطن والمجتمع والســام الاجتماعي. إنه جنون ودمار وفســاد باسم الاستثمار العقاري، و لكم في الآخرين عبرة يا أولي الألباب.»

التحرش

وإلى مشــكلة التحرش الجنســي حيث طالبــت عبلــة الرويني في «الأخبــار» بوضع تعريف محــدد للتحرش والتفرقة بــن لفظ الإعجاب واللمــس باليد وقالــت: «بالطبع لا أدافــع عن»التحــرش» لكن أيضا لا أهاجمه، الســبب بســيط أنني لا أعرف تحديدا المقصود بالتحرش؟ ولا كيف ينتهي قانونيا إلى المحاكم؟ العبارات المطاطة الواســعة البعيدة عن التحديد والإمســاك بها، العبارات متعددة التأويــل والدلالة من الصعب أيضــا تحديد معيار دقيق للحكــم عليها، ما الفارق بــن كلمات الإعجاب وكلمات الغزل والمعاكســ­ة اللفظية والإيحاءات السوقية والتحرش؟ هل تعتبر كل هذه المعاني تحرشا؟ ما الفارق بين التحرش اللفظي والتحرش الجسدي؟ هل قانونيا لهما العقاب نفسه أو التهمة نفسها؟».

الوحش الكاسر

بينما أبدى زميلنا رئيس تحرير «الشروق» عماد الدين حسين ملاحظة مهمة وهي أن بعض النســاء يدعين كذبا تعرضهن للتحرش وقال: «قول واحــد ومن دون تبريــرات أو تفســيرات أو حجج زائفــة، ينبغي إدانة التحرش ضد النســاء بصفة عامة، وأن تتم محاربة ذلك بشتى الوسائل حتى يعود الجميع بشرا أســوياء، يحترم فيه الرجل المرأة كإنسان أولا، لكن فــي المقابل هنــاك مخاوف كثيرة بــدأت تظهر من اســتغلال بعض السيدات لهذا الســاح الفتاك لتشويه ســمعة الكثيرين، أو لابتزازهم، خصوصا إذا كانوا من الشــخصيات العامة. إحدى المشكلات الكبيرة في قضية التحرش أنــه يصعب في بعض الأحيان إثباتهــا، وهو ما يعرض المرأة لظلــم كبير، لكن في المقابل فإن ذلك أيضا قد يعرض المتهمين الرجال لظلم أكبر، إذا كان الأمر يتم فقط بغرض الابتزاز أو التشــويه أو الســير في ركاب القطيع العام، لأن الرأي العام في هذه الحالة ســوف ينسى من المخطئ ومن البريء وســوف يتذكر فقط أن هناك رجلا تم تلطيخ سمعته وسمعة أسرته باعتباره وحشا كاسرا».

كاريكاتير

الرسام عمرو سليم أخبرنا في «المصري اليوم» أنه شاهد امرأة ممسكة بجريدة مكتوب فيها قضية رشوة جديدة وجارتها في جوارها وتقول لها: يا مفترية افتكرتيهم هيمسكوا جوزك في قضية أداب أهو اتمسك في قضية رشوة عادية زي بقيت زمايله.

وهن ثقافة الحوار

هروب المواطنين في العالم العربي من مشــاهدة برامج «التوك شــو» ظاهرة قال عنها في «الأهرام» الدكتور وحيد عبد المجيد:

«ليس غريبــا أو مفاجئا انصراف معظم من كانوا يُشــاهدون البرامج الحواريــة ‪Talk Show‬ ليس فــي مصر فقط، بل فــي مختلف البلدان العربية أيضا. يعود هذا الانصراف إلى عوامل عدة دفعت جمهرة مشاهدي القنــوات التلفزيوني­ة إلــى تفضيل قضاء الوقت الــذي كان يمضونه مع البرامج الحوارية، في متابعة أعمال درامية من أفلام ومسلسلات، واتجاه هواة كرة القدم وألعاب أخرى إلى التركيز عليها. كان طبيعيا أن ينصرف مشــاهدو البرامج الحوارية عنها تدريجيا بمقدار ما ازداد مللهم وقرفهم من طريقة رديئة وغير مهنية فرَّغت هــذه البرامج من محتواها وحولتها إلى مشــادات يســعى طرفا كل منها إلى كســبها، اعتمــادا على الصوت المرتفع والغلوشــة «كلمة أصلها في اللغة القبطيــة» على الطرف الآخر، الــذي يتحول إلى عدو ينبغــي الإجهاز عليه. وإذ يعمــد كل من الطرفين إلى مقاطعة الآخر ومنعه من الاسترســا­ل، اعتقادا في أنه يُسجَّل نقاطا، يتداخل صوتاهما وكذلك صوت المذيع، ويلوح شــبح الانتقال من صراع لفظي إلى صدام بدني ووســط هذا التداخل الذي يؤدى إلى تلوث سمعي لا يسمع المشاهد سوى عبارات أكثرها تكرارا، دعني أُكمل واعطني فرصة ولا تقاطعني. ورغم ثبوت انصراف المشاهدين عن مثل هذه البرامج مازال معظم ما بقي منها وما اســتجد يمضي في الاتجاه نفسه، لسببين يتعلقان بحالــة المجتمعات العربية وهمــا وهن ثقافة الحــوار وتقاليده وضعف القدرة على استخلاص الدروس».

أمريكا وفلسطين

وكثــرت المقالات التي تهاجم أمريكا ورئيســها ترامب بســبب مواقفه المعادية لأشقائنا الفلسطينيي­ن وانحيازه غير المحدود لإسرائيل فقال عنه في «الأخبار» رئيس تحريرها الأسبق جلال دويدار: «كلنا نعلم ومعنا كل العالم أن قــرار إدارة ترامب الظالم الأهوج بنقل الســفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القــدس مخالف للمواثيق الدولية وقــرارات الأمم المتحدة، التــي تقضي بعدم اتخــاذ أي إجراء يؤثر في وضع القــدس، إلا في إطار التســوية الســلمية للنزاع الفلسطيني الإســرائي­لي، رغم ذلك جاء قرار ترامب انحيازا لعدوانية إســرائيل واحتلالها لأرض فلســطين، وتشريد شعبها بدون أي وازع من ضمير أو أخلاق، وتعبير عن عدم احترام الإرادة الدولية الحريصة على أمن واستقرار العالم تحت مظلة العدالة، ليس هذا فحسب، ولكن ترسيخا لعداء إدارته البين للفلسطينيي­ن لجأت إلى تعظيم هذا التوجه بوقف المعونة التي تقدمها أمريكا لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية اللاجئين الفلســطين­يين «أونروا». لا يمكن أن يكــون غائبا أن الهدف من هذا القرار الذي جاء متوافقا مع سياســات إســرائيل هو تجويع الشعب الفلسطيني وزيادة معاناته .»

الحمقى لا يتعلمون

وإلى جلال آخر في العدد نفســه من «الأخبــار « هو نقيب الصحافيين الاســبق جلال عارف وقوله: «ليســت القضية هي أبو مازن أو الســلطة الفلســطين­ية، كمــا تتوهــم الإدارة الأمريكية أو تدعــي. القضية هي أن الفلســطين­يين قدموا منذ «أوسلو» كل ما يمكن من تنازلات، ولم يعد هناك المزيد ليتنازلوا عنه، وأن العــرب لا يمكنهم أن يقدموا أكثر مما قدموه في المبادرة العربية طلبا للســام، كان أبو مازن هو مهندس عملية «أوسلو» والآن وبعد ربع قرن من الفشــل المخطط له من إســرائيل والمدعوم حتى النهاية من أمريكا لم يعد هناك إلا إعلان رسمي بنهاية أوسلو ووضع العالم كله أمام مســؤوليات­ه، وتقديم مجرمي الحرب ومن يدعمونهم للمحاكمة الدولية، وسط هذا كله يبدو كارثيا أن تتصور الإدارة الأمريكية أن حماقة صغيرة مثل ترحيل أطفال السفير الفلسطيني السابق في واشنطن يمكن أن تنسي شعب فلسطين حقوقه المشــروعة، أو أرضه المغتصبة أو قدسه الأسيرة. والمأساة أن الحمقى لا يتعلمون إلا بعد أن يدفعوا الثمن».

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom