القدس تعلن الحداد والمستوطنون يستبيحون الأقصى والإبراهيمي والمفتي يحذّر من «حرب دينية»
الاقتحامات جاءت تلبية لدعوات جماعات متشددة إحياء للأعياد اليهودية
اقتحم مئات المســتوطنين ومنهم من يرتدي «اللباس التلمــودي» من جديــد باحات المســجد الأقصى أمس، وســط حماية مشــددة من جيــش الاحتــال، فيما قام آخــرون بإقامــة الصلوات فــي الحــرم الإبراهيمي في مدينة الخليل جنــوب الضفة الغربية ضمن الاحتفالات بأحد الأعياد اليهودي»، وسط حالة غضب عمت مدينة القــدس المحتلة، التي أضربت حدادا على شــهيد أعدمه الاحتلال.
وجــدد المســتوطنون عمليــات اقتحــام الأقصى من خــال مجموعــات كبيــرة ومتتاليــة مــن جهــة «بــاب المغاربة»، وهــم يرتدون اللبــاس التلمــودي التقليدي، وقاموا بجولات في باحاته، وســط حراسات وانتشار عسكري واسع من قوات الاحتلال الخاصة.
وبــدأت الاقتحامــات مع ســاعات الصبــاح الأولى، وذلك تزامنا مع «صوم يوم الغفران»، ووســط دعوات «منظمات الهيــكل» المزعوم، لأنصارها وللمســتوطنين للمشــاركة الواســعة في عمليات الاقتحام، وممارســة «صلوات تلمودية».
وشــملت عمليات الاقتحــام أمس قيام المســتوطنين المقتحمــن بأعمــال اســتفزازية للمصلين، فــي الوقت الذي كانت فيه قوات الاحتلال تشدد من وجودها على بوابات المسجد الأقصى.
ومنعــت هذه القوات في إطار التضييق على المصلين، رئيســة شعبة الحارسات في المســجد الأقصى، زينات أبــو صبيح، مــن الدخول إلى المســجد، وســلّمتها أمر استدعاء للتحقيق معها صباح اليوم الخميس في مركز توقيف وتحقيق «القشــلة» في بــاب الخليل في القدس القديمة.
وكانــت أعداد كبيرة من المســتوطنين قد احتشــدت في ساحة حائط البراق، عشية العيد اليهودي الجديد، وسط اجراءات مشددة في المدينة المقدسة، التي حولها جيش الاحتلال إلى «ثكنة عسكرية».
وكانــت قــوات الاحتــال قــط اعتــدت أول أمــس على المصلــن ومســؤولي الأوقاف وحراس المســجد، وأصابــت عددا منهــم تلقــوا العلاج في أحد مشــافي القــدس، كما قامــت باعتقال عدد من حراس المســجد، لتصديهــم للمســتوطنين خــال اقتحامــات المســجد ومحاولات إقامة «صلوات تلمودية»
وفي الســياق عم الإضراب التجاري الشامل صباح أمس منطقة شــمال القدس المحتلة، حدادا على الشهيد محمــد شــعبان عليــان، مــن مخيــم قلنديــا للاجئين، الذي اعدمته قــوات الاحتلال مســاء الثلاثاء، في حي المصــرارة التجــاري قبالة ســور القــدس التاريخي من جهة باب العامود، بزعم محاولته تنفيذ عملية.
ودعــا المفتــي العام للقــدس والديــار الفلســطينية، الشــيخ محمــد حســن، كل مــن يســتطيع الوصــول إلى القــدس المحتلة أن «يشــد الرحال إليهــا، للتصدي للاحتلال ومســتوطنيه، الذين يســتبيحون المســجد.» وأكــد أن اقتحــام ســلطات الاحتــال ومســتوطنيها للمســجد الأقصــى المبــارك، ومهاجمــة مدير شــؤونه وموظفيــه وحرّاســه وســدنته «مــا هــو إلا تعبيــر عن سياســة عدوانيــة حاقــدة»، محــذرا من عواقــب هذه الانتهــاكات، التي تنذر بـ «شــرارة حرب دينية قد تدمر المنطقة برمتها».
وشــدد علــى أن المســجد الأقصــى «حــق خالــص للمســلمين، ولا يحــق لســلطات الاحتــال التدخل في شــؤونه، ولا العمــل علــى إفراغــه مــن رواده، لإكمال سيطرتها عليه».
وناشــد الهيئــات والمؤسســات المحليــة والدوليــة، وعلى رأســها منظمة «اليونســكو»، والأمتــان العربية والإســامية والعالــم أجمــع، لـــ «العمــل علــى حماية المســجد الأقصــى المبــارك والمقدســات الفلســطينية، والتدخل الفوري والسريع لوقف الاعتداءات المتزايدة .»
وفي ســياق الاعتداءات على المقدســات الإسلامية، أغلقــت ســلطات الاحتــال يــوم أمــس جميــع أروقــة وســاحات الحرم الإبراهيمــي في مدينــة الخليل أمام المصلين، بحجة احتفالات اليهود بـ»عيد الغفران.»
وقال مدير ورئيس ســدنة الحرم الإبراهيمي الشيخ حفظي أبو اســنينة، إن سلطات الاحتلال أغلقت الحرم بالكامــل، وأباحت للمســتوطنين الاحتفــال بالعيد في باحاتــه، لافتــا إلى أنــه ســيجري أيضا إغــاق الحرم الإبراهيمــي يومي الثلاثــاء والأربعــاء المقبلين، بحجة الاحتفال بـ «عيد العرش»، إضافة إلى يوم الســبت بعد المقبل بحجة عيد آخر.
وأشــار إلــى أن قــوات الاحتــال قســمت الحــرم الإبراهيمي الشــريف عقب المجزرة المروعة التي ارتكبها المســتوطن باروخ غولدشــتاين في 25 فبراير/ شــباط 1994، وذهــب ضحيتها 30 شــهيدا كانوا يؤدون صلاة الفجــر إلــى جناحــن، وخصصت الجــزء الأكبــر منه للمستوطنين.
وشــدد مدير الأوقــاف علــى أن الحــرم الإبراهيمي «هو مسجد إســامي خالص بكامل مساحاته وجميع أجزائــه ولا علاقة لليهــود فيه، وأن جميــع الإجراءات المتخذة بحقه باطلة.»
إلى ذلك أصيب العشــرات من طلاب مدارس المنطقة الجنوبيــة من مدينــة الخليل، بحــالات اختنــاق جراء استنشــاقهم الغــاز الســام والمدمع، خــال مواجهات مع قوات الاحتلال الاســرائيلي. وقالت مصادر محلية من المدينــة إن المواجهــات اندلعت بالقرب من مدرســة النهضــة الأساســية للبنــن، ومحيــط مدرســة طارق بــن زيــاد الثانوية، فــي المنطقة الجنوبيــة التي تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية.
ولوحــظ أخيــرا أن قوات الاحتــال تتعمــد الاعتداء على المــدارس الواقعــة في المنطقــة الجنوبيــة من مدينــة الخليل والمكونة من 11 مدرســة، حيث يتعرض كثيرون من طلبة تلك المدارس إلى اســتفزازات المســتوطنين، وكذلــك إلى عمليات تفتيش على الحواجز العسكرية الإسرائيلية.