وزير الخارجية المغربي: طهران تستخدم البوليساريو من خلال حزب الله لتنفيذ سياستها التوسعية
يســعى المغرب لإبراز «الخطــر» الإيراني في القارة الإفريقية، ويقــول إنها اتخذت من جبهة البوليساريو مدخلًا لتنفيذ سياسة التوسع التي تنهجها، من خــال حزب اللــه اللبناني، إحياء لاتهامات وجهتها الرباط لطهران في وقت سابق، ومبررًا لقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، رغم أن مراقبين وأوســاطًا سياسية ربطت بين الحملة المغربية على إيران ومحاولة المغرب كسب التأييد الأمريكي لمقاربته لنزاع الصحراء من جهة وتأكيد التقارب مع محور الســعودية والإمارات العربية الذي ينفذ سياســة أمريكية في محاصرة إيران ووضعها «العــدو الأول» للعرب، هــذا في وقت يقترب هذا المحور من علاقــات إيجابية وتعاون مع إسرائيل.
إحياء الرباط، الآن، حملته على إيران جاء من واشنطن، إذ اختتم وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أمس الأربعاء، زيارة التقى خلالها عددًا من المسؤولين الأمريكيين استباقًا لمناقشة مجلس الأمــن الدولي لتطورات النــزاع الصحراوي في جدول أعماله لشهر أيلول/ سبتمبر الجاري الذي ترأس فيه الولايات المتحدة مجلس الأمن.
وقالت الأوســاط المغربية إن إصــرار البعثة الأمريكية علــى وضع النزاع الصحــراوي على جدول أعمــال المجلس للشــهر الجاري يشــكل موقفًا غير ودي تجاه الرباط في سياق السياسة العدائية للمغرب التي يقودها في البيت الأبيض جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، وتذكر هذه الأوســاط بمواقف بولتون العدائية للمغرب منذ أن كان مســاعدًا لوزيــر الخارجية الأمريكي الأســبق جيمــس بيكر أثنــاء تعيينه مبعوثًا شــخصيًا للأمــن العام لــأمم المتحدة .2006 -1996
وقال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إن المحادثات التي أجراها مع محاوريه الأمريكيين تمحورت أيضًا حــول إيران وعملهــا وتواطئها الخبيث مع جبهة البوليساريو، الذي يثير اهتمام المســؤولين الأمريكيين بشكل بالغ، وأن ذلك أكده البيــان الذي أصدرته الخارجيــة الأمريكية يوم الإثنين وأبرزت فيه الجهود المشــتركة )للمغرب والولايات المتحدة( الرامية إلى ووضع حد لدعم إيران للإرهاب والتصــدي لتأثيرها الوخيم في المنطقة.
تواطؤ البوليساريو
وأكد الوزيــر المغربي أن «الأمــر يتعلق، هنا، باعتراف بما طرحه المغرب خلال الأشهر الأخيرة بشــأن التواطؤ القائم بين حركة البوليســاريو الانفصالية وإيران، من خلال حزب الله».
وشن قبيل وصوله واشنطن حملة ضد إيران وجــدد الاتهامات التي وجههــا لطهران في وقت سابق من العام الحالي، وقال إن إيران تدعم جبهة البوليساريو من أجل توسيع هيمنتها في منطقة شــمال وغرب إفريقيا، لا ســيما البلدان الواقعة على الواجهة الأطلســية، وأن الأمــر يتعلق هنا بواجهة «للهجوم الذي تشنه طهران في أفريقيا.» وأضاف أن المغرب كان راسل الخارجية الإيرانية للاستفســار حول الواقعة، وقوبل بالتجاهل من قبلها، ولم تتفاعل نهائيًا مع الوضع، وهذا ما دفع المغرب إلى اتخاد هذا القرار الحازم في إشارة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية.
وأعلن المغرب قطع علاقاته مع طهران وطالب القائم بالأعمال في سفارة إيران بمغادرة البلاد، في أيار/ مايو الماضي، «بســبب الدعم العسكري من قبل حليفها حزب الله للبوليساريو.»
وقطعت الربــاط علاقاتها الدبلوماســية مع طهــران 2009 دعمًا للبحرين ثــم إعادتها خطوة خطوة منــذ 2014 قبــل أن تقطعها مــرة أخرى في أيــار/ مايــو 2018 لأنها «تمتلك أدلــة دامغة وأســماء ووقائع محددة تؤكد دعم «حزب الله» للبوليساريو لاستهداف الأمن الوطني والمصالح العليا للمملكة.
ونفــت إيــران في حينــه رســميًا الاتهامات المغربية واعتبرتها «ادعاء كاذبًا »، كما نفاها حزب الله وجبهة البوليساريو.
وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إن «إيران ترغب في اســتخدام دعمها للبوليساريو لتحويل النزاع الإقليمي بين الجزائر والجبهة من جهة، والمغرب من جهة ثانية، إلى وســيلة تمكنها من توســيع هيمنتها في شــمال وغرب أفريقيا، وخاصة الدول الواقعة على الساحل الأطلسي،» وأن «جبهة البوليســاريو ليســت ســوى جزء مــن نهج عدواني لإيــران اتجاه شــمال أفريقيا وغربهــا»، فالجبهة تعد «منظمــة جاذبة لطهران وحزب الله، لكونها تعرف المنطقة، وهم )عناصر البوليســاريو( مهربون )..( وملمون بالطرق». وحــذر بوريطــة مــن أن الارتبــاط القائم بين «حزب الله» اللبناني و«البوليســاريو» يكتسي طابعًا «خطيرًا» لشــمال أفريقيا. وأشــار إلى أنه بالنظر إلــى الدور المركزي الــذي أضحت تلعبه «البوليســاريو» في الجهود التي تبذلها طهران بشــمال وغرب إفريقيا، وعلى ضــوء دعم إدارة جورج بوش الســابقة فــي 2006 لمخطط الحكم الذاتي، فإنه «من الحيــوي لإدارة ترامب اتخاذ خطوات ملموسة لتيسير تطبيق هذا المخطط».
طهران تنفي اتهامات بوريطة
وقالــت وزارة الخارجيــة الإيرانيــة إن تصريحــات وزير الخارجية والتعــاون الدولي المغربي، ناصر بوريطــة، تجاه طهران تصب في «سياســة العداء ضد إيران وتقود إلى بث الفرقة والوقيعة في العالم الإسلامي».
وقــال المتحدث باســم الخارجيــة الإيرانية، بهرام قاسمي، في معرض تعليقه على تصريحات الوزيــر المغربي التــي تحدث فيها عــن ، إن «ما ادعاه» وزير خارجية المغــرب عن «جهود إيران لبســط النفوذ في إفريقيا من خــال دعم جبهة البوليســاريو، لا يتســم بالصحة فقط وإنما هو تكرار للتهم».
وبعد اختتــام زيارته لواشــنطن، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، «غنى» الشراكة بــن المغرب والولايات المتحــدة، كما تعكس ذلك «كثافة» التبادلات الثنائية على مستوى الزيارات الدبلوماسية والقطاعية في مجالات الأمن.
ونقلت وكالــة الأنباء المغربية الرســمية عن الوزير أن زيارته هذه تأتي عشــية استحقاقات هامة، خاصة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستنطلق أشغالها هذا الأســبوع، وبحث مجلس الأمن لقضية الصحراء في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وأن الزيارة «تأتي أيضًا في ســياق يتميز بعدة تحولات فــي السياســة الأمريكية وبروز تصورات جديدة تجاه إفريقيا والعالم العربي.»
وأجرى بوريطة محادثات مع وزير الخارجية مايــكل بومبيو، ومستشــار الرئيــس الأمريكي للأمن القومي جــون بولتون، ومــع ديفيد هيل وكيــل وزارة الخارجيــة المكلــف بالشــؤون السياســية، وبراين هــوك كبير المستشــارين السياسيين بالخارجية الأمريكية والممثل الخاص بإيران.
شراكة استراتيجية
وقال: «خلال هذه المناقشــات، أكد محاورونا، بالإجماع، على خصوصية الشراكة الاستراتيجية الثنائية وثرائها وتجددها المســتمر، التي تتأكد أهميتها أكثر فأكثر في ضوء الأحداث والتحديات المطروحــة»، مؤكدًا أن قــرارات مهمــة اتخذت خلال هذه الزيارة وتهمّ فــي المقام الأول «إحياء الحوار السياســي والاســتراتيجي الذي أطلق ســنة 2012»، وإن الجانبين «اتفقا على أن يتخذ هذا الحوار طابعًا أكثر مرونــة، وأن يتم توجيه مضمونه نحــو العمل، وأن تركــز مبادراته على قضايا موضوعاتية.» وذكر رئيس الدبلوماسية المغربي أن إفريقيا ســتكون الموضوع الأول الذي ســتخصص له الدورة المقبلة، في ضوء الأهمية التي توليها الولايــات المتحدة لدور ومكانة الملك محمد الســادس في تعزيز السلم والاستقرار في القارة، وعودة المغرب إلى كنف أسرته المؤسسية، الاتحاد الإفريقي، والمكانة التي يحظى بها المغرب في ما يخص قضايا أساســية، مثل الهجرة وعلى مســتوى مجلس الســلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، فضلاً عن إصلاح المؤسســة الإفريقية والتحديــات العالميــة التي تمــس إفريقيا، مثل الإرهاب وإعادة انتشار تنظيم داعش.
وأضاف بوريطة أن المحادثات كانت مناســبة لإبــداء «تقدير بالغ» للــدور الــذي يضطلع به المغرب في المجــال الأمني، وأن «الولايات المتحدة تعتبر القيمــة المضافة للمغرب في مجال التعاون الأمني أساسية، وهو التعاون الذي يشكل مقومًا مهمًا ﺎﻗﻼﻌﻠﻟت اﺔﻴﺋﺎﻨﺜﻟ وﻤﻠﻟنتظم اﺪﻟولي ﻞﻜﻛ.»
وبخصوص قضيــة الصحراء، قال الوزير إنه استعرض أمام محاوريه الأمريكيين «وجهة النظر المغربية بشــأن الوضع الراهن للملف، وشروط جعل المسلسل الأممي ذا جدوى، في أفق التوصل إلى نتيجة تأخذ بعين الاعتبار التجارب السابقة، وذلك بهدف تفادي الإخفاقات والتكرار»، و»لهذا، بات التفكير والتحضير ضروريًا حتى يتحمل كل طرف مســؤولياته، وحتى لا تكون الاجتماعات هدفًا في حد ذاته.»