Al-Quds Al-Arabi

جرس الإنذار يدق بعد وصول الدين الخارجي والداخلي إلى مرحلة الخطر وتحذير الحكومة من وضع يدها في جيوب المواطنين

مستقبل مظلم ينتظر عشرات الألوف من الصحافيين والموظفين والعمال في المؤسسات القومية

- القاهرة ـ «القدس العربي» من حسنين كروم:

أبرزت الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 19 سبتمبر/أيلول نبأ الاجتماع الذي عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي، وضم معظم الــوزراء، بمن فيهم الخارجية والدفاع ورئيــس هيئة الرقابة الإدارية ومدير المخابرات العامة، وحمل أنبــاء مطمئنة لبعض الفئات، مثل طلبه أن تشتري وزارة الزراعة الأرز من المزارعين بأسعار مجزية لهم.

والمعروف أن الحكومة كانت قد قللت المســاحات المزروعة أرزا لتقليل اســتهلاك المياه وتعويض النقص بالاســتير­اد من الخارج. كما طالب بحل كل الخلافات مع المســتثمر­ين، وهو ما أراحهم، إلا أن هناك عبارة لافتة، وهي طلبه بلورة اســتراتيج­ية شــاملة لإدارة مزارع الإنتاج الحيواني، لتلبية احتياجات المواطنين من اللحوم وسد الفجوة الغذائية، وزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي، وهذا الكلام موجه لوزارة الزراعة وللجيش أساسا، لأنهما الجهتان اللتان تعملان في هذا المجال.

ومــن الأخبــار الواردة في صحف أمس اســتعدادا­ت ســفر الرئيس لحضور اجتماعــات الجمعية العامة للأمم المتحــدة، وإلقاء كلمة أمامهــا. واهتمت الصحف أيضا بالزيارة التي يقوم بها البابا تواضروس لأمريــكا وتصريحه بأنها عادية، وأنه لا يمهد لزيارة الرئيس في أمريكا. وأبرزت الصحف أيضا الوصول إلى رقم العشرين ألف حالة من الحالات الحرجة التي أجريت لها عمليات على نفقة الدولة، وهو ما أثار الارتياح والمتابعة من الكثيرين.

واللافت أيضا الحملات التي لا تزال بعض الفضائيات والصحف تشنها عن تفشي ظاهرة الإلحاد. أما الاهتمام الأكبر فلم يتغير فلا يزال عن العام الدراسي الجديد ومباريات كرة القدم.

وإلى ما عندنا من أخبار ومقالات كتاب متنوعة.

كاريكاتير

وإلى الحكومــة ووزرائها وسلســلة التصريحات عــن الاقتصاد في نشــرات التلفزيون حيث أخبرنا الرســام مخلوف فــي «المصري اليوم» أن رجلا رأســه جهاز التلفزيون يذيع أخبــارا اقتصادية توجه إلى امرأة عجوزة تعد القهوة وحفيدتها تصرخ فيها محذرة: ستو واحد عاوزك بس مش فاهمة منه ولا كلمة.

قانون حماية المستهلك

لكن مصطفى عبد الغفار فــي «الجمهورية» رد قائلا: «تصديق الرئيس عبد الفتاح السيســي على قانون حماية المستهلك الجديد قائلا: «القانون بمثابة انتصار للمواطن المصري والمســتهل­ك»، وأشــار إلى توجه الدولة للاهتمــام بالمســتهل­ك، من خلال إنشــاء قانون يحل إشــكاليات عديدة يتعرض لها المواطنون، أبرزها الالتزام بقواعد الصحة والسلامة ومعايير الجــودة؛ لضمان تقديم خدمة ســليمة، بالإضافة إلــى تجريم الإعلانات المضللة واحتكار الســلع وحبسها عن الأسواق والغريب أن بعض التجار المســتغلي­ن، رغم رفعهم للأسعار إلا أنهم للأسف يغشــون في المنتجات، وهذا وقاحة تحتاج إلى وقفة وردع لهــم.. ونتمنى أن يكون هذا القانون رادعا بما فيه الكفاية لمثل هؤلاء التجار الجشعين الذين دمروا العلاقة بين التاجر والمستهلك».

هل ستتصدى الحكومة لموجات الغلاء؟

وإلى «الأهالي» لســان حال حزب التجمع اليســاري التــي قالت في تعليق بــدون توقيع: «ماذا بعــد تصديق الرئيس عبدالفتاح السيســي على قانون حماية المستهلك؟ هل تتصـــــدى الحكومة والأجهزة الرقابية لموجات الغلاء في أسعار السلع الغذائــــ­ـية الضــرورية؟ هل سـتواجه الحــــكوم­ة جشع التجار وتتجه للقضاء على فوضى الأسواق؟ وإذا كان القانون يمنح صلاحيات واســعة لجهاز حماية المستهلك، هل يصبح أحد الأدوات الحكوميــة لإنهاء كافة الظواهر الســلبية ويفتــح الطريق أمام الدولة، لإجبــار القطاع الخاص على خفض هوامش الربح والإصرار على تطبيق هذه الهوامش؟ وهل يمكــن أن يتوقع المواطن من الحكومة تغليظ العقوبــة على التجار الذين يرفعون الأســعار بلا مبــرر وبدون توقف؟ وهل يمكن أن تقوم الشــركة القابضة الغذائية التابعــة لوزارة التموين بدورها من خلال اســتيراد السلع وطرحها في الأسواق بأسعار مخفضة، كما تفعل القوات المســلحة؟ متى تقوم الحكومة بدورها الرقابي وتتولى ضبط الأســواق؟ خاصة أن الفارق بين أسعار أســواق الجملة وأسواق التجزئة تتراوح بين 30٪ و50٪ وهل ســيوفر قانون حماية المستهلك صمام أمان للمســتهلك؟ حتى وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور علي المصيلحي قال خلال مؤتمر صحافي أمس الأول: شنط المدارس غالية جدا .»

خسائر شركات الأدوية

كما نشــرت «الأهالي» خبرا لشيماء محســن لم يكن سارا بالمرة هو: « قال هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، إنه طالب بدراسة تحريك نحو 340 نوعا من الدواء، مشــيرا إلــى أن وزارة الصحة تدرس تلك الخطوة، خاصة أن تلك الأدوية يتم إنتاجها بخسائر من الشركات التابعة. وأضاف أنه سيتم رفع أســعارها، لتعويض خسائر شركات الأدوية، التي وصلت إلــى مليار جنيه، لأن الأدويــة تباع بتكلفة أقل من الإنتاج، مشــددا على ضرورة تسجيل الأدوية وتصنيع أدوية جديدة وتصديرها. ومن جانبها أكــدت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والســكان، على دعمها الكامل لقطاع الأعمــال العام، مبينة أن قطــاع الصيدلة في الــوزارة يعمل على توفير الأدوية، خاصة الأصناف الحيوية منها في الســوق المحلي حفاظا على صحة المرضى. وشددت على ضرورة حل المشكلات والتغلب على أهم التحديات، التي تواجه شركات قطاع الأعمال المنتجة للأدوية، والتعاون مع وزارة قطــاع الأعمال، والوزارات المعنية، لحمايــة الصناعة الوطنية بشكل مؤسســي، بالإضافة إلى وضع سياســات مرنة وعادلة للتسجيل والتســعير، لضمان توافر الأدوية واســتمرار الإنتاج، وتحسين خطوط الإنتاج الخاصة بالشــركات، وإنهــاء مديونيات الشــركات لدى وزارة الصحة ومنع تراكمها، والالتزام بسياســة الشراء الموحد للحصول على أفضل الأســعار، وأيضا وضع سياسات تسجيلية سريعة تتيح لها سرعة توفير وإنتاج الأدوية».

قانون خفض معاشات الوزراء

لكن قابله خبر ســار نشــرته «الوفد» لعبد القادر إسماعيل ومحمود فايد جاء فيه: «سادت حالة من الارتياح في الشارع المصري بعد تصديق الرئيس عبدالفتاح السيســي أمس على قانون خفض معاشــات الوزراء ونوابهم إلى 25٪ بدلا من 80٪ ورحب السياســيو­ن بالقانون الجديد، وقالوا إنه يأتي اســتجابة لنبض الشعب وتحقيق العدالة. وأشاد خبراء الاقتصاد بالقانون الجديد وقالوا إنه يأتي في إطار خطة الدولة لترشــيد النفقات، وتخفيض الأعباء المالية عن كاهل الموازنة العامة. وأكدت مصادر اقتصادية أن القانون الجديد يســهم في توفير ملايين الجنيهات للخزانة العامة للاستفادة منها في منظومة الإصلاح».

نصائح غالية

ولذلك حذّر زميلنا أحمد أيوب رئيس تحرير مجلة «المصور» المسؤولين من أن هناك حســابا عســيرا ينتظر من لا يعمل وقــال: «إفتحوا الأبواب وانزلوا إلى الشــارع اقتحموا المشاكل وتعاملوا مع الناس، نصائح غالية وضعها الدكتور مصطفى مدبولي أمام المحافظين الجدد رغبة في نجاحهم، وقد أعذر من أنذر، ليــس هناك توزيع مناصب في مصــر الآن، والكفاءة وإثبات الجدارة المعيار الوحيد للبقاء في أي موقع، وعلى كل المحافظين أن يدركوا هذا الدرس القاسي الذي ظهر واضحا في التشكيل الوزاري، ومن بعده حركة المحافظين، أمامهم تكليفات الرئيس الواضحة التي تمثل خطة نجاح لمن يريد، ونصائح رئيس الوزراء التي تضمن لمن أراد أن يستمر في موقعه، لأن الحســاب الآن ليس بطيئا ولا هينا، والرقابة ليست نائمة بل لا تعرف الراحة.

كل مســؤول له مــن يتابعه ويرصــد خطواته ويقيــم أداءه بكل دقة وحيادية والمحافظون الذيــن تكبروا على التقييم واعتقدوا أنهم أصحاب صلات فقدوا البوصلة، ولم يجدوا لهم مكانا، فالقيادة السياســية الآن لا تتعامل بمنطق المحاسيب ورجال الشلة، لا وجود لهذه الكلمة في قاموس الرئيس السيسي وإنما التعامل بما تحقق على الأرض».

أزمة ضمير

عندما اشــتكت الوزيرة أمس، من قلة ضمير بعض العاملين في القطاع الصحي، وقالت: «مفيش بني آدمين يشــتغلوا، وعندنا مشــكلة ضمير.» ردت عليها نائبة فــي البرلمان: «حضرتك بتقولي فيه مشــكلة ضمير في مصر، وأنا بقول لحضرتك كلنا معندناش ضمير، فيا ريت حضرتك تفعّلي القانون بــدل ما نقعد نقــول مفيش ضمير». نلاحظ يقــول عبد اللطيف المناوي في «المصري اليوم» أنه تزايدت أخيرا عبارات اللوم على ألســنة الوزراء والمحافظين ونوابهــم، مبررين الحوادث والكوارث بدون البحث عن أصل المشكلة، أو حلول لها. حادث وفاة المرضى الثلاثة وإصابة الـ33 الآخرين، بحسب بيان النائب العام، أثناء خضوعهم لجلسة غسيل كلوي في مستشــفى ديرب نجم في الشــرقية، من الأمور التي تستحق التوقف والتفكيــر والتحليل. الوزيــرة بدأت كلامها بأزمة الضميــر، التي تعاني منها قطاعــات عديدة في الدولة والمجتمع، وهي أمــور لا بد لمعالجتها من تفعيل دولة القانون، وتطبيــق نظام الثواب والعقاب، فمن أخطأ لا بد أن يحاسب، وهو الأسلوب المتبع في المجتمعات التي تريد التطور والنهضة، لا في المجتمعات التــي ترضى بـ«قليلها» على كافة المســتويا­ت الصحية والبيئيــة والاقتصادي­ــة والاجتماعي­ــة إلخ. كارثة ديرب نجم مرشــحة للتكــرار في قطاعات أخرى، ما لم يتم تفعيــل القانون كرادع لتلك الحالة من اللامبالاة وغياب قيم الإجادة في العمل عن قطاعات كبيرة، للأســف، فــي المجتمع، إلى أن يأتــي الوقت الذي نمتلك فيه جيلا جديدا ينشــأ في ظل منظومة تعليمية تعلي قيمة دقة وإجــادة وأمانة العمل. نعم، تعهدت الوزيرة بمحاســبة المســؤولي­ن. نعــم، أعلنت أنها المســؤولة عن صحة المصريين، ووعدت الجميــع - برلمانا ومواطنين - بأنها ســتبذل جهدها لإصلاح المنظومة. ولكن، إذا اســتمر الوضع علــى ما هو عليه - كارثة ثم لوم فوعود بإصلاح - فإن الأمل مازال بعيدا. رئيس الاجتماع الطارئ قرر حذف عبارة «كلنا معندناش ضمير» من المضبطة.»

ضحايا النكبات

«لا أذكر أنني تعرضت لضغط نفسي مثل الذي شعرت به في تلك الفترة التي عملت فيها في وحدة الغســيل الكلوي في المستشــفى أثناء تمضية فترة التدريب -أو الامتياز- عقب التخرج مباشــرة.. يقول محمد صلاح البدري في «الوطن» إنه الشــعور بأن البعض يجاهد فقط لكي يظل على قيد الحياة.. يتعامل مع تلك الأنابيب التي يسري فيها دمه إلى ومن ماكينة الغسيل الكلوي، وكأنها جزء من جسده.. كم كنت مندهشا في بداية الأمر، حين رأيت المرضى يتعاملون بخبرة كبيرة مع الماكينات، بل يذهب بعضهم إلى أن يوجه الأطباء والتمريض إلى ضبط الماكينة بشــكل معين يرتاح له أثناء الغســيل.. لقد كان المرضى يعرفــون ماكيناتهم، بل يحبونها كما لو كانت علاقة صداقة وطيدة قد قامت بــن المريض والماكينة، إنها صديقته التي تنقذه من الموت ثلاث مرات كل أسبوع.. كم شعرت بالاكتئاب الممزوج بالشفقة على هؤلاء المساكين الذين يضطرون للقدوم ثلاث مرات أسبوعيا للتخلص من سموم أجسادهم وطرحها عبر تلك الأجهزة.. كم عشت داخل قصصهم الحزينة، وارتبطت بهم وبمشــاكله­م التي تنحصر في محاولات البقاء أحياء لأطول وقت ممكن عبر آلية لا يعرفون إلى متى ســتظل تعمل بشكل جيد، بدون أن تفشــل في تخليصهم من أثقال السموم والمياه التي تجثم على صدورهم.. لقــد أنهيت فترة تدريبي في وحدة الغســيل وقد عرفت قصة كل مريض فيهــا وتعاطفت معه، ولكنني قررت ألا أدخلها مرة أخرى أبدا، ربما كان هذا هو السبب الذي جعل الصدمة تعتريني حين قرأت عما حدث في وحدة الغســيل الكلوي في مستشفى ديرب نجم المركزي.. الذي أســفر عن وفاة ثلاثــة من المرضى وإصابة الباقــي بإعياء وهبوط حاد، كاد يودي بحياتهم، هل يدرك أحد ما شعر به المرضى؟ هل استوعب أحد أن تصبح الوســيلة التي يستعين بها ليظل حيا هي السبب نفسه في وفاته؟ أن تتحول وسيلة البقاء على قيد الحياة إلى سبب للموت. المشكلة أن الأمر حدث مباشــرة عقب إجراء الصيانة الدورية للماكينات، ما يشير إلى خطأ فادح قد حدث أثناء الصيانة.. خطأ من ذلك النوع الذي لا يصلح معه الاعتذار، لقد أعلنت الوزارة إغــاق الوحدة وفتح تحقيق عاجل في الحادث، كما أعلن رئيس الوزراء أن الحســاب العسير في انتظار المقصر. وأعلنت وزارة التضامن صرف تعويضات للمتوفين باعتبارهم من ضحايا «النكبــات» ولكننــي لا أعتقد أن كل ذلــك يكفي ففي عهــد جديد للتعامل الحكومي مع المواطن، وفي عصر جديد لوزارة الصحة التي توســمنا فيها خيــرا أن تبدأ في تنظيم أوراقها من جديد بعد أعوام من الدمار، ينبغي أن لا يمر حــادث من ذلك النوع مرور الكرام، أو حتــى يقتصر الأمر على فتح تحقيق عاجل ومســاءلة مدير المستشــفى أو حتى وكيل الوزارة. في عهد جديد يرفع شعار بناء الإنســان عن طريق الاهتمام بالصحة والتعليم.. لا يصــح أن يمر ما حدث بــدون أن نفتح ملف نقص المســتلزم­ات وغياب الرقابــة على الصيانة، بــل وآلية اختيار القيادات الوســطى من مديري المستشفيات.. في عهد نترقب فيه دولة بمفهوم جديد يقوم على «الإجادة» وليس مجرد «تأدية العمل».. يصبح مــا حدث جريمة في حق النظام كله وليس في حق من ماتوا فحسب.. ويصبح ضرورة أن يتحول العقاب إلى «عبرة» لكل مقصر.. ويصبح التحــدي الحقيقي لوزارة الصحة في ثوبها الجديد أن تثأر لمن مات.. أو نعتذر جميعا لأعوام الفساد.»

نشرات صفراء موحدة

«يتفهم عماد الدين حسين رئيس تحرير «الشروق» تماما وجود قانون يلزم وســائل الإعلام المختلفة ألا تنشــر بيانات أو أرقاما أو معلومات عن عمليات عســكرية، إلا بناء على البيانات الرسمية الصادرة عن المتحدث الرسمي للقوات المســلحة. لكن أن تتوسع كل الهيئات والوزارات العادية في تقليد القوات المســلحة، في ذلك فهو أمر سيؤدي حال تنفيذه إلى قتل كامــل لمهنة الصحافة والإعلام. في البلدان التــي تعيش أوضاعا طبيعية يمكن لوســائل الإعلام نشــر أي بيان أو معلومات فــي أي وقت، طالما أن القانون يعطيها الحق في ذلك. لكن استمرار العنف والإرهاب والعمليات الإرهابية يعطل هذه الحياة الطبيعية للأســف الشــديد. نتذكر أن هذه المادة 35 من قانون الإرهاب، جاءت فكرتها أساسا، حينما اجتهدت بعض وســائل الإعلام، ونقلت أرقاما غير دقيقة حينــا، وغير صحيحة أحيانا، لعــدد الضحايا الذين ســقطوا جراء محاولة تنظيــم «داعش» الإرهابي الســيطرة على مدينة الشــيخ زويد في أول يوليو/تموز 2015. النشــر العشــوائي يومها صب في مصلحــة الإرهابيين، وصور الأمــر، وكأنهم نجحوا فعــا في إقامة دويلة أو جيب يرفعون عليه علمهم الأســود. مرة أخــرى نتفهم ذلك بالنســبة للقوات المســلحة، في هــذا الظرف الصعب والمؤقت، الذي يفترض أن يتغير مع عودة الحيــاة إلى كامل طبيعتها إن شــاء الله في أقرب وقــت. لكن كيف يمكن تفهم ذلــك مع محاولات بعض الــوزارات والهيئات، أن تحصل على المعاملة نفســها، وتعتقد أن هذا هو الأمر الطبيعي؟ في الأيام الماضية نشــرت «الشــروق» قصصا صحافية عادية جدا تتحدث عن قــرب حدوث تطورات معينة في ملفات شــديدة التقليدية في بعض الوزارات. لكن فوجئت أن بعض المسؤولين غاضبون جدا من هذا النشــر، ويريدون أن نتوقف عنه حتى يصدر بيان رســمي من هذه الوزارة أو تلك الهيئة. لنفترض مثلا أن صحيفة ما نشــرت خبرا يقول إن الوزارة «س» تدرس التعاقد مع المؤسسة أو الشركة أو المجموعة «ص»، من أجــل أن تنجز لها بعض المهمات. فما الذي يســيء للوزارة أو الهيئة أو المصلحة أو المؤسســة؟ تزيد الحيرة كثيــرا إذا كانت الصحيفة متأكدة تماما أن الخبر صحيح مليــون في المئة. علما بأن من حق الوزارة أو الهيئــة أن تنفي ذلك أو تصححه. تعالــوا نفكر بالطريقة التي تفكر بها بعض الــوزارات أو الهيئات، وســوف نفترض أن الصحف اســتجابت لرغباتها، وانتظرت البيانات الرسمية التي تصلها.. فما الذي سيحدث في هذه الحالة؟ باختصار شديد ستتحول كل الصحف والفضائيات والمواقع الإلكتروني­ة إلى مجرد نشــرات صفراء متشابهة في المحتوى، وليس فيها إلا البيانات الرســمية المعلنة أو المتشــابه­ة؟ إذا أصرت كل وزارة أو هيئة عامة أو خاصة على أن يقتصر عمل وســائل الإعلام على نشــر البيانات الرسمية فقط، فإنني ألفت نظرهم إلى أن الناس في هذه الحالة ستتوقف تماما عن قراءة أو مشــاهدة هذه الوســائل فورا، وبالتالي فإن الخاسر في هذه الحالة لن تكون وســائل الإعلام فقط، بل الــوزارات والحكومة والمجتمع بأكمله، لأن الجمهور وقتها ســوف يبحث عن وسيلة أكثر تنوعا وأكثر جذبا.. والسؤال: هل هذا ما نريده؟ سيقول البعض: «هذا أفضل من أجل الأمن والاستقرار؟»، لكن نسأل أنصار هذا الرأي: إذا فقدت الصحف والفضائيات جمهورها وتأثيرها، فكيف ستصلون للرأي العام كي يتلقى رسائلكم المختلفة ؟».

مشاكل وانتقادات

وإلى المشــاكل والانتقادا­ت ومنها المســتقبل المظلــم لزملائنا العاملين في الصحف القومية وكذلك الموظفين والعمــال، حيث بكي عليهم وأبكانا معه شــريف عابدين في «الأهرام» لدرجة أن عنــوان عموده كان «دموع صاحبــة الجلالة » قال فيه : «همهمات وأحاديــث جانبية وأحزان تحملها ســطور مكتوبة بالدموع في مواقع التواصــل الاجتماعي، تعبر عن حالة غير مسبوقة من الرعب والقلق لدى أصحابها، إزاء ما تحمله الأيام المقبلة من تحولات يخشون أن تعصف بوظائفهم ومورد رزقهم ومستقبلهم. هذا هو حال العاملين في المؤسســات الصحافية في صالات التحرير والمكاتب والمطابع والمخازن والجراجات وغيرها من مواقع العمل في تلك المؤسسات القوميــة التي تحمل منذ عقود طويلة مشــاعل الثقافة والتنوير ليس في مصــر وحدها بل إلى العالــم المحيط، تمثل القوى الناعمــة المصرية خير تمثيل ولطالما كانت حصــان طروادة في اختراق الثقافة المصرية الخاصة لحدود الإقليميــ­ة والعالمية، وهو ما جعل من تلك المؤسســات كنزا ثمينا يحظــى برعاية الدولة المصرية لما تقوم به مــن دور فاعل في حماية الأمن القومي واســتقرار الحكــم، ولأن دوام الحال من المحــال فقد توارت لدى العاملين في المؤسسات الصحافية الشكاوى من ضيق الحال، وعدم قدرة رواتبهم الهزيلة على مقاومة تغول الأسعار، وتراجعت حدة استفساراته­م عن موعد صرف المســتحقا­ت المتأخــرة، التي قد يطول تأجيلها لشــهور طويلة بسبب الأزمة المالية التي ألمت بتلك المؤسسات، ليتصدر الأحاديث العلنية مستقبل المهنة نفسها، حيث لم يعد السؤال: هل تختفى الصحافة الورقية؟ بل أصبح: متى تختفي، وعلى الرغم من عدم وضوح الآلية التي ســتنتهجها الدولة في التعامل بشــكل واقعي مع أزمة الصحافة القومية، التي ربما ســتظهر ملامحها مع التغييرات المقبلــة للقيادات الصحافية لا يســاورني أدنى شــك في أن الصحافة الورقية ستستمر بلمسات تطوير مســؤولة متعقلة، تستهدف إعادة نفوذها والحفاظ على مصالح العاملين فيها، لأن بناء الدولة الحديثة بقواعد ديمقراطية راسخة لا يتحمل رفاهية الاســتغنا­ء عن الصحافة القوميــة الورقية، ولا تحدثنــي عما حدث في أمريكا وبريطانيا ولكن تذكر نسبة الفقر والأمية في بلادنا.»

«الحق في الخصوصية»

أما أســامة غريب في «المصري اليوم» أيضا فيقول: «الزحام والتدافع والخنقة تقتل في الناس أجمل ما فيها، والإنســان يحتاج لمســاحة كافية يتحرك خلالها حتى تتحقق إنســانيته ويكون قادرا على التفكير والعمل والإبداع، ويعرف الســادة الذين درســوا القانــون مصطلح «الحق في الخصوصية»، هذا الحق للأســف معطــل في المجتمعــا­ت المزدحمة، ولا تســتطيع كل النصوص أن تكفلــه للمواطن عندما يكــون ما يفصله عن جاره في الســكن أو فــي العمل أو فــي الأوتوبيس ســنتيمترا­ت قليلة. ومســألة المجال الحيوي هذه ليست ترفا، لكنها ضرورة إنسانية لا تحفظ للإنســان خصوصيته فقط، لكن تمنحه قدرة علــى التنفس. وقد حدثني أحــد الأصدقاء الأجانب ذات يوم عن ســعادته ببعــض الصور ومظاهر الســلوك التي رآها عندنا، ومن المســتحيل أن يراها فــي بلده، وكان من هذه المشاهد التي راقته مشهد خمســة أشخاص على موتوسيكل يجوب بهم الشوارع وهم يصخبون ويضحكون.. لقد رأى هذا الصديق أن وطنه يفتقــد إلى هذه الحميمية في العلاقة، حيث يصعب جدا أن ترى شــخصا في المترو يلامس شــخصا آخر مهما بلغت شدة الزحام. ولكن من الواجب أن أقــول لكم إن فكرة صديقي هذا قد تغيــرت بعدما تعرض للتحرش في مترو الأنفاق عندما اقترب منه لدرجة الالتصاق جمع من الشباب الصيّع، فمنحوه قدرا من الحميمية أكبر من قدرته على الاحتمال. ومن آيات سلوك الزحام أيضا عندنا أنك عندما تكون في البــــنك فإن الواقــــف­ين وراءك في الطابور يتابعون بشغف واهتمام كل العملـــــ­يات التي تقوم بها من ســحب وإيداع، كما يطّلعون على رصيدك، وقد يناقشــــو­نك في بعض شــــأنك البنــــكي أمام الشباك، وكذلك يفـــــعل الواقفون أمام ماكينة سحب آلي في الشارع.. كل منهم يتابع ويتفاعل مع عمليات الآخرين، وقد يتكاتفــون لعمل «كونصولتو» لتدريب عميل جديد على كيفية اســتعمال الكارت. وهذا كله من النادر أن تلقاه في المجتمعات «المبحبحة المرحرحة» التي يطل السكان فيها على البحار، وتمتد أمام ناظريهم المروج الخضراء والجبال، ويمتلك كل منهم مســكنا خاصا به، ويمكنــه التحرك بدون أن يصطدم بآخرين.

وقد سمعت من الأديب الراحل حسين فوزي أن الذين يسكنون في مدن مطلة على البحر يكونون أكثر ذكاء واستمتاعا بالحياة، ليس فقط للسبب الشــائع، وهو أنهم يستنشقون اليود المفيد، ولكن بسبب أنهم يرنون إلى الأفق الفســيح فيتســع خيالهم ويحلق في عوالم لا تحدهــا حدود. في المجتمعات المزدحمة يشعر الناس بالتعاسة، بدون أن يضعوا أيديهم على

فاتورة الديون

«2.5 تريليــون جنيــه )2500 مليار( اقترضتها مصر خلال الســنوات الســبع الأخيرة. هذا ما أعلنه الدكتور محمد معيط وزير المالية، وأضاف أن الحكومة ســتعلن خلال أيام عن بدء تنفيذ استراتيجية لخفض الدين العام، من خلال السيطرة على عجز الموازنة، وخلق موارد حقيقية لتغطية المصروفات، وقال خلال مؤتمــر جمعية الضرائب المصرية، إننا الآن ندفع فاتورة هــذه الديون، حيث بلغ حجم المخصصات الموجهة لســداد أعباء الديون نحو 817 مليار جنيه من أصــل 989 مليار جنيه إيرادات متوقعة. ويعني ذلك أن المتبقى للشــعب من الموازنــة العامة يبلغ 172 مليار جنيه. هذا ما بدأ بــه محمود خليل مقاله في «الوطــن»، ويواصل الكاتب قائلا، حتى الآن لا يعرف أحد ما هي ملامح الاســترات­يجية التي ستعتمد عليها الحكومــة في التعامل مع هذه المشــكلة. وأغلب الظــن أن ملف الضرائب سيشكل مســاحة اهتمام أساســية من المســاحات التي يتوقع أن تعتمد عليها لخلق موارد لتغطية المصروفات. وحقيقة الأمر فإن الســيطرة على هذا الملف ليســت بالأمر الســهل. وتجربة تطبيق الضريبة العقارية خير دليل على ذلك. فالحكومة لم تنجــح حتى الآن في تحصيل مبالغ ترضيها منها بســبب عدم وجود قاعدة بيانات خاصة بالثروة العقارية في مصر، ناهيك عن طريقة التحصيــل البدائية، والتقديرات الجزافية التي عرقلت التطبيق بصورة محسوســة خلال الأيام الماضية. ليســت هذه هي المرة الأولى التي يذكر فيها الدكتور معيط هذا الكلام، فقد ســبق أن كرره أكثر من مرة. فهو ما يفتأ يحدثنا عن هذه الأرقام المزعجة التي تقول إننا نواجه مشــكلة حقيقية. الناس جميعا تســتوعب حقيقة الأزمة التي نعيشــها، والكلام الذي نريد أن نســمعه الآن يتعلــق بالحلول، وخصوصا الحلول البعيدة عن جيب المواطن الذي لم يعد فيه «ســحتوت» يمكن أن يعطيه. أظن أن العدل يســتوجب أن تتوجه بوصلة الحكومة خلال الأيام المقبلة إلى الاقتصاد الموازي، وتحاول أن تُخضعه للمظلة الضرائبية، وأن تبتعد عن المواطن العادي البســيط الذي أرهقته الإجــراءا­ت الاقتصادية التي بدأت الحكومة في تطبيقها منذ عــدة أعوام. على الحكومة أيضا أن تحدد لنا الكيفية التي ستعظم من خلالها موارد الدولة، خصوصا على مستوى السياحة، وتنشيط حركة تدفق الاســتثما­رات إلى مصر. والأهم من ذلك ضرورة التوقف عن الاقتراض من الخارج، خصوصا أن ديوننا الخارجية تجاوزت الـ82 مليار دولار طبقا لتقديرات البنك المركزي أواخر مايو/أيار الماضي. نحن أمام مشــكلة لا تقل خطورة عن الأزمة التي واجهناها أواخر الثمانينيا­ت، بل قُل أن الأزمة الحالية أخطر بكثير، ففي نهاية الثمانينيا­ت كان الدين العام الخارجي عصب مشكلة المديونية لمصر، حيث بلغ في ذلك الحين نحو 52 مليار دولار، وقد شــاءت الظروف أن تخرج مصر من هذه الأزمة بأزمة أخرى، هى أزمة الخليج الثانية )غزو الكويت(، حين شاركت مصــر في قوات التحالف الــذي توجه إلى الكويــت لتحريرها من الغزو العراقي. وعقب هذه المشاركة اتجهت مؤسسات التمويل الدولية إلى عقد اتفاق لتسوية الديون الخارجية وإسقاط نسبة 50٪ منها. لقد بدا الأمر وقتها أقرب إلى المعجزة التي أنشأتها الظروف. وأخشى أن نكون بحاجة إلى معجزة أكبر في ظل تعاظم المديونية الداخلية والخارجية وتجاوزها حدود المنطق والمعقول .»

هل سددوا ضرائبهم؟

يتســاءل علاء عريبــي في «الوفد»: «الســؤال الــذي يتداوله بعض المواطنين هــو: الذين يطالبون المواطن فــي الفضائيات والصحف يوميا بتســديد الضرائب والرســوم، هل هؤلاء ســددوا، قبل أن يطالبوه، ما عليهم من ضرائب؟ هل وزير المالية ســدد الضريبة العقارية؟ هل سددها رئيس الحكومة والوزراء والإعلاميو­ن واللــواءا­ت والفنانون والقضاة والكتــاب والبرلماني­ون والمحافظون والصحافيــ­ون؟ المفترض عند إقرار بعض الضرائب على المواطنين، أن ينفذ قيــادات النظام الحاكم والنخب أولا هذه الضرائب، على اعتبار أنهم قدوة للمواطنين، وتنشــر وســائل الإعلام صور مخالصات التســديد، لكي يعلم المواطــن أنه ليس الوحيد المعني بهذه الضرائــب، ولكي يتأكد من أن القانــون يطبق على الجميع، على الكبير قبل الصغير. المؤكد أن القيادات التي تســكن في شقق وفيلات يتجاوز سعرها المليونين جنيه، والمؤكد أنهم أيضا يمتلكون شققا وأراضي وشــاليهات في الســاحل، وفي مدن أخرى، والطبيعي أن يعرف المواطن أنهم ســددوا الضرائب المفروضــة. نقصد بالقيادات، جميــع من يتولى المســؤولي­ة، الوزراء، والمحافظون، ورجال الأعمــال، وقيادات الأحزاب، الفنانون، الكتاب، قيادات البرلمان، رؤســاء البنوك والشــركات، جميع الشخصيات التي تتحرك تحت الضوء. هذه الفئات هي التي تدير الوطن، وتعد بمثابة رموز وقدوة للمواطنين، ومن باب أولى عندما يتم إقرار أحد القوانين الخاصة بفرض ضرائب جديدة، أن تتقدم هذه الفئات الصفوف عند التســديد. من حــق المواطن التأكــد أن هذه الفئات تنفــذ القوانين، وأنها تســدد مثله التزاماتها من الضرائب والرســوم المفروضة، ورئيس الحكومــة الدكتور مصطفى مدبولي مطالب هو ووزيــر ماليته معيط، أن يؤكدا للمواطنين أنهما، وسائر قيادات ونخب الوطن، أول من قاما بتنفيذ القانون، وبادرا في الأيام الأولى، من العمل بالقانون، بتســديد المستحق عليهما من ضرائب عن الشقق والأراضي والشاليهات التي يمتلكانها. من حق المواطــن المطالب بالتحمل والصبر والتضحية وتحمل الغلاء أن يرى الوزراء، واللواءات، والقضاة، والإعلاميي­ن، وقيادات البرلمان، ورؤساء مجالــس إدارة وتحرير الصحف، الشــركات، والبنــوك، والفضائيات، والمحافظين، والفنانين، أن يــرى هــؤلاء وغــيرهم يسددون الضرائب. لــذا ننتظر خلال الأيــام المقبلة أن تبث لنــا الفضائيات أو تنشــر علينا الصحف بعض التقارير المصورة، وهم يســددون حق الوطن، وأن يعلن بعض هؤلاء جملة ما ســددوه، وطريقة تســديده، وننتظر أن تصدر كل فئة بيانا بقيام قياداتها بتســديد ما عليهم من ضرائب ورسوم. ليس من المقبــول أن يخرج هؤلاء في الفضائيات والصحــف ويطالبون المواطنين بتســديد الضرائب والرســوم، ومن غير المقبول أن يدينوا ويشــوهوا ويشككوا في ذمة ووطنية المواطن، وهم لم يسددوا بعد حق الوطن، كيف يستمع المواطن لمسؤول يطالبه بالتسديد، وهو شخصيا لم يسدد بعد ما عليه؟».

 ??  ?? أســبابها، وقد يتصالحون مع الزحام ويألفونه متصورين أنه من طبيعة الحياة، بدون أن يدركوا أنه السبب الأول في ضيقهم وتعاستهم.»
أســبابها، وقد يتصالحون مع الزحام ويألفونه متصورين أنه من طبيعة الحياة، بدون أن يدركوا أنه السبب الأول في ضيقهم وتعاستهم.»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom