الفيفا يكشف المعلوم ويتوعد بكشف المستور!
■ منذ تســلمت قطر راية تنظيم مونديال 2022 عشية اختتام كأس العالم في روسيا، سارعت وسائل إعلام سعودية وإماراتية إلى زيادة وتيرة الحملة الإعلاميــة على الدوحة ومونديالها المرتقب بمزاعــم وأكاذيب لم يتعرض لها أي بلد من قبل في تاريخ كأس العالم، ولغاية لا يمكن تفســيرها سوى بدافع الحقد والكراهية والغيرة والرغبة في الانتقام من بلد «صغير جدا»، عضو في مجلــس التعاون الخليجي، ومن شــعب كان يعتبر صديقا وشــقيقا يتعرض لحصار متعدد الجوانب منذ أكثر من ســنة، لم يثنه عن مواصلة الإصلاحات والإنجازات ورفع التحديات!
الحملة اســتفزت «فيفا وتــش» منظمة مراقبة أخلاقيــات ولوائح الاتحاد الدولــي لكــرة القــدم التابعة للفيفــا، والتي عرضــت في مؤتمرها الأســبوع الماضــي في زيوريــخ تقريرا يرصد تحــركات «الجيران» الهادفــة الى ضرب مشــروع اســتضافة الدوحة لكأس العالم 2022، وتحريــض المجتمع الدولي والهيئات السياســية والرياضية ضد قطر. اللجنة خلصت الى أن السعودية والامارات تقودان حملة تشــويه وتحريض لتجريــد قطر من حقها في تنظيم النســخة المقبلة من نهائيات كأس العالم، خوفا من تداعيات ذلك على بلدانها ومــن ضغوطات داخلية وخارجيــة تفرض عليها إقرار إصلاحات سياســية واقتصاديــة واجتماعية مثل تلك التــي أدخلتها قطر على منظوماتها المختلفة منذ نالت شرف تنظيم المونديال سنة 2010.
لجنة الفيفا اســتغربت ترويج الامارات والسعودية لفكرة استعداد الفيفا لســحب تنظيم المونديــال المقبل من قطر بحجــة أنها غير قــادرة على تجهيز منشــآتها قبيل موعد المونديال، واســتغربت قيامهما بتمويل وســائل إعلام بريطانية لشــن حملة ضد قطر مــن أجل حرمانها من التنظيــم، ثم تعويضها بإنكلتــرا بعد ذلك، كما اســتغربت من التهم الموجهة لرئيــس الاتحاد الدولي لكــرة القدم جاني إنفانتينو من طرف صحف إماراتية وســعودية تدعي بأنه على علاقة مشــبوهة مــع الدوحة تجعله يصر على دعمها رغم كل مؤشــرات العجز حسب تقديرها!
تقاريــر لجنــة الفيفا التــي كشــفت مســاعي دول الحصــار ومخططاتها وحملاتها الإعلامية لســحب ملف التنظيم وعرقلة اســتعداداتها ومشــاريع التنمية فيها، وعدت بالكشــف عن تقارير ســرية ســيتم عرضها قريبا تتعلق بتوجه الامارات والســعودية نحو الســعي مــن أجل الضغط وحشــد الدعم لضمــان مشــاركة قطر فــي اســتضافة المونديال المقبــل من طــرف أكثر من دولة خليجيــة بحجة «صغرها» وعــدم قدرتها لوحدها على اســتيعاب أكثر مــن مليون ونصف مليون زائر ســنة 2022، وضرورة إعطــاء البعد الخليجي والعربي لمونديال ينظم لأول مرة في منطقة الشــرق الأوســط ويحتاج لأكثر من قطر لانجاحه.
لقــد كان فعلا بإمكان دول الخليج أن تنظــم العرس العالمي المقبل مجتمعة لو سعت لذلك مع قطر عندما قدمت ملف ترشيحها قبل عشر سنوات، وتنال شــرف التنظيم معها لتجعل من الحدث فرصة ووسيلة لتحقيق تنمية شاملة فــي البنية التحتيــة، وغاية تزيد بواســطتها من تقوية مشــاعر الأخوة بينها واعطاء صورة جديدة عن بلدان ومجتمعات متفتحة على العصرنة ومستعدة لتحيين تشــريعاتها حتى تتجاوب مــع متطلبات الفيفــا والتنظيمات الدولية المختلفة التي تدعو للمزيد من الحريات والمساواة وضمان حقوق الانسان في البلدان التي تريد تنظيم المونديال. لكن تقديم الملف المشترك لم يحدث اعتقادا مــن الجيران بــأن قطر ستفشــل في الظفــر بالتنظيم، ولم يحــدث ذلك أيضا لأن الامــارات والســعودية والبحرين لم تكن على اســتعداد لتقديم ضمانات بتحيين تشــريعاتها ومطابقتها للمتطلبات الدولية، ولا على استعداد لإنفاق مليارات الدولارات من أجل تحديث البنية التحتية وبناء المنشآت الرياضية.
قطــر تجــرأت عندما ترشــحت، تجــرأت عندمــا رفعــت تحــدي التنظيم، وتجرأت أكثر عندما تجاوبت مع المتطلبات السياسية والدولية لتنظيم حدث رياضي مــن حجم كأس العالم، ثــم تجاوزت آثار الحصــار وراحت تزيد من وتيرة الإســراع في انجاز المشــاريع المقررة، حيث تســتعد مطلع ســنة 2020 لاســتكمال انجاز خمسة ملاعب جديدة وفنادق وموانئ ومطارات وشبكات طرق سريعة ومترو ومرافق أخرى تسمح لها بتحقيق قفزة تنموية فريدة من نوعها في العالم العربي ســتنعكس بالإيجاب على الأجيال المقبلة، وستعجل قبــل ذلــك بفك الحصــار المفــروض عليها مــن جيرانهــا تحت ضغــط الفيفا والمنظمات والهيئات الدولية المختلفة التي لن يروق لها استمرار حصار جوي وبري قد يؤثر على حضور جماهير الكرة والسياح من مختلف بلدان العالم!
دول الحصار ســتكثف خلال الفترة المقبلة من محاولاتها التشــويش على قطر بكل الوسائل الممكنة، لكن الفيفا لمح في مؤتمره الأخير بأنه سيكشف من جهته الكثير من الأســرار المذهلة وخبايا المساعي السياسية والاعلامية لدول الحصار مع أمريكا وبريطانيا وأســتراليا من أجل حرمــان بلد «صغير جدا» من حقــه في احتضان مونديــال 2022، أما قطر فهي تتوقع كل شــيء خلال السنوات الأربع المقبلة وأثناء المونديال وحتى بعد المونديال.