الكونفيدرالية: فرصة لبحث متجدد
لا يزال عرض باراك يشكل حتى اليوم أساسا للبحث في كل سيناريو مستقبلي
■ منــذ كامب ديفيــد في عــام 2000، دار جدول الأعمال السياسي حول خطة الدولتين. في تلــك القمة حطــم رئيس الــوزراء إيهود باراك أســاس الإجماع الوطني، هجر الطريق السياســي لحزب العمــل ومــزق الخطوط الحمراء في الإرث السياسي لإسحق رابين.
لقــد تجاوز بــاراك «ميرتس» و«الســام الآن»، وعرض صيغة للدولتين على أســاس خطــوط 4 حزيران/يونيــو 1967، مع تبادل طفيــف للأراضي. اقتــرح دولة فلســطينية مســتقلة عاصمتها القــدس، وتخلى عن غور الأردن. ومع أن الفلسطينيين رفضوا العرض وبدأوا بهجمة إرهابية إجرامية، لا يزال عرض باراك يشكل حتى اليوم أساسًا للبحث في كل سيناريو مســتقبلي. على هذا العرض أقيمت «صيغة كلينتــون»، خطة أولمرت، ومحاولات وزير الخارجية جون كيــري، لتحقيق اتفاق بين حكومة نتنياهو والسلطة الفلسطينية.
الســنوات التي مرت منذ اتفاق أوســلو ـ بمــا في ذلــك الانتفاضة الثانيــة ونتائج فك الارتباط ـ لم تحدث تغييرًا جوهريًا: فلا تزال هذه هي الخطة الوحيدة على جدول الأعمال، وبالنســبة لها فــإن الجمهور الإســرائيلي ينقســم. معارضو الخطة يشــعرون بأنهم معفيــون من عرض بديل؛ يكفيهــم أن الواقع دحض فكــرة الدولتــن. أما المؤيــدون، من جهتهم، فلا يشــعرون بالحاجــة إلى فحص طريقهــم: مريح لهــم دور الأقليــة الصغيرة و«المحقــة»، وهــم يكتفون باتهام إســرائيل بالرفض.
إذا اســتندنا إلى ما قاله أبو مازن ـ وثمة ســبب للتشــكيك في مصداقية ما قاله ـ فإن إدارة ترامــب تبحث الآن فــي فحص متجدد لفكــرة الكونفيدراليــة، كإطار لحــل النزاع الإســرائيلي ـ الفلســطيني. فمجرد وجود البحث يعطي ريحًا منعشــة ويثبت أنه يمكن ومسموح أن توضع على جدول الأعمال خطة جديدة وإبداعية كبديل عن حل سبق أن جرب وفشــل، ولكن لا يزال يعــدّ «الصيغة التي لا بديل عنها».
ولكــن علامــة «كونفيدراليــة أردنيــة ـ فلســطينية» غامضــة وقابلــة لتفســيرات متضاربــة. فــإذا كان المقصود إقامــة دولة فلســطينية في خطــوط 1949، تتحول لاحقًا لتصبح جزءًا مــن كونفيدراليــة مع الأردن، فليس فيها جــواب ناجع للخطر الذي في حل الدولتين.
وإن الفكــرة التــي عرضهــا أبــو مــازن لكونفيدرالية تضم إسرائيل هي فكرة شوهاء، ترمي إلى خلق كيان سياسي يكون اليهود فيه أقلية. وشروط العبور فيها ستسمح بتحقيق «حق» العودة، وســتغرق القسم الإسرائيلي من الكونفيدرالية بملايين الفلسطينيين.
ومــع ذلــك، إذا تجــاوز البحث الشــرك الفكري لـ «حل الدولتــن» بين البحر والنهر، فــإن فكــرة الكونفيدرالية كفيلــة بأن تتبين كحل مبارك. إذا تضمنت الصيغة حلاً وســطًا إقليميًــا معقــولًا، تصبح فيــه المناطق التي يســكنها الفلسطينيون في يهودا والسامرة ـ وليس كل الأرض ـ دولة فلســطينية مجردة من الســاح، وفي كونفيدراليــة مع الأردن، وســيكون ممكنًا تحريك نقــاش متجدد. إذا ما ضمن أن يتمكن اللاجئون الفلســطينيون مــن الاســتقرار والتوطن فــي الأردن، الذي ســبق أن منح المواطنة للاجئين الفلسطينيين في نطاقه، وإذا أبقت إســرائيل في يدها غور الأردن الموســع، صحــراء يهــودا، والقدس الكاملة والكتل الاستيطانية، فسيكون ممكنًا آخرًا أن نتخيل ، «خــارج العلبة »، بديلافكريًا مناسبًا لخطة الدولتين.