Al-Quds Al-Arabi

بعد مكافحة الإرهاب... السيسي يبتز الغرب بالهجرة غير الشرعية للصمت على قمعه

مستشار النمسا حثّ الاتحاد الأوروبي على مساعدة القاهرة لوقف تدفق اللاجئين

- القاهرة ـ «القدس العربي»:

يبحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن شــرعية جديدة يكتســبها في التعامل مع المسؤولين الأوروبيين الذين دائما ما يوجهون انتقادات لسياســاته القمعية وإغلاقه للمجال العام وحصار المعارضة في مصر.

فبعد أن تمسك طوال السنوات الأربع الماضية بتقديم نفســه باعتبــاره محاربــا للإرهاب، محاولا إقناع الغرب بغض البصر عن سياساته ضــد المعارضــة والقوانين التي يســنها لغلق المجال العام، بدأ محاولات البحث عن شــرعية جديدة، تمثلــت هذه المــرة في تقديم نفســه باعتبــاره القــادر على مواجهة ملــف الهجرة غير الشــرعية التي تؤرق الــدول الأوروبية، وســاهمت في وصول حكومات يمينية متطرفة إلى سدة الحكم في القارة العجوز.

محاولات السيســي لاكتســاب الشــرعية الجديدة ظهرت جليا في لقاءاته مع مسؤوليين غربيين خلال الأسبوع الماضي، وفي تصريحات أطلقها كان أشــهرها أن مصر لم تســجل حالة هجرة غير شرعية واحدة من أراضيها منذ عام 2016، متحدثا في الوقت نفسه عن الأعباء التي تتحملها بلاده في ســبيل تحقيق ذلك، إضافة إلى سيطرة الملف نفســه على فعاليات المؤتمر الأول للنــواب العموم لــدول أفريقيا وأوروبا، الذي افتتحه النائب العام المصري المستشــار نبيل صادق، أمس الأول في مدينة شرم الشيخ، لمناقشــة التعاون القضائي الدولي في تحقيق وملاحقــة جرائم الإتجــار بالبشــر وتهريب المهاجرين.

ويبــدو أن تحــركات السيســي ومحاولته اللعــب على مخاوف القــارة العجوز من تدفق المهاجريــ­ن، بدأت تجني ثمارهــا، حيث جاءت كلمة لورون دو بوك مدير برامج المنظمة الدولية للهجرة في مصر، خلال المؤتمر أمس لتؤكد ذلك.

دو بــوك قال إن «هنــاك تعاونــا وثيقا بين مصر والمنظمة مــن أجل مكافحة جرائم الإتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية»، مشيرا إلى أن «مصر لها دور كبير في هذا المجال وخبرة وتعد محورا أساسيا لمواجهة تلك الجرائم».

وأضاف أن المنظمة «وفرت في مصر مساعدات منذ 2014 حيــث تم تقديم الدعم لأكثر من 7 آلاف ضحية من خلال المســاعدة في التعليم وتوفير فــرص عمل وخدمــات صحية وتأهيــل ما بعد صدمة الهجرة غير المشروعة».

قنوات شرعية

وأوضــح أن المنظمة «تحــاول توفير قنوات شرعية للهجرة إلى بعض الدول للحد من تهريب المهاجرين».

وذكر أن «هناك محاولــة لحصر عدد ضحايا الهجرة غيــر الشــرعية للحصــول منهم على معلومات تســاعد في مكافحة جريمتي الإتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية».

كذلك حث مستشار النمسا سيباستيان كورز، الاتحاد الأوروبي على الدخول في محادثات مع مصر للمساعدة على وقف تدفق المهاجرين الذين يدخلون إلى أوروبا قادمين من أفريقيا.

وقال في تصريحات أمس إن «مصر أثبتت أنها قادرة على أن تكون فعالة في وقف المهاجرين من مغادرة ســواحلها إلى أوروبا بحثــا عن حياة أفضل وأكثر أمنا».

وتتولى النمســا حاليــا الرئاســة الدورية للاتحاد الأوروبــي. وكان كــورز ومعه رئيس المجلس الأوروبي دونالد توســك قد زار القاهرة هذا الأسبوع، وأجريا محادثات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.

واستقبل السيسي، توسك وكورتز، بحضور سامح شــكري وزير الخارجية، واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة.

وحسب المتحدث باسم الرئاسة المصرية: «تم خلال اللقاء استعراض والتشاور حول عدد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين مصر والاتحــاد الأوروبي والنمســا بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد، وعلى رأســها مشــكلة الهجرة غير الشرعية .»

وتحدث السيســي خلال اللقاء عن ما وصفها بـ«الجهــود الكبيرة التي تبذلهــا مصر لمواجهة تلك المشــكلة وكبحها، وضبط حدودها البحرية والبريــة في ضــوء حالة عدم الاســتقرا­ر التي يشــهدها عدد من دول الجوار المباشــر لمصر،» مشيرًا إلى أن «تلك الجهود ساهمت في التصدي لانتقــال اللاجئــن عبر المتوســط بصفة عامة، خاصة وأنه لم تسجل حالة واحدة من مصر منذ عام 2016 وحتى الآن.»

وبين «الأعباء التي تتحملها مصر في ســبيل تحقيق ذلــك، وأيضًــا لاســتضافة الملايين من اللاجئين من جنســيات مختلفــة على أراضيها، حيث يتم توفير ســبل المعيشة الكريمة لهم دون عزلهم في معسكرات أو ملاجئ إيواء، ويتمتعون بمعاملة متســاوية مع المواطنــن المصريين في مختلف الخدمات .»

وزاد: «يتوجــب كذلــك معالجــة الجــذور الرئيســية للهجــرة غير الشــرعية، بالتوصل لحلول سياســية للأزمات التي تشــهدها دول المنطقة وإعادة الاستقرار والأمن إليها.»

إشادة أوروبية

ووفــق المتحــدث «أشــاد رئيــس المجلس الأوروبي ومستشار النمســا بالجهود المصرية لمكافحة الهجرة غير الشرعية».

وأكــدا أن «تلك الجهود تحظــى بتقدير كبير في مختلف العواصم والمؤسســا­ت الأوروبية»، مشــيرين إلى أن ذلــك تحقق من خــال قيادة حكيمة ورؤية ثاقبة للســيد الرئيس، وهو الأمر الــذي انعكس ليس فقط علــى الحد من الهجرة غير الشــرعية، ولكــن أيضاً علــى التطورات الإيجابية الملموســة التي تشــهدها مصر تحت قيادة السيسي.

وتطرق اللقاء إلى «عدد مــن الملفات الأخرى مثل الأزمتين الليبية والســورية، حيث توافقت الرؤى ووجهــات النظر حول اســتمرار العمل على التوصل إلى تســويات سياســية للأزمات المختلفة التي تشــهدها المنطقة والتي تســاهم بشكل أساســي في تفشــي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، والحفاظ على المؤسسات الوطنية في الدول التي تشهد هذه الأزمات، وصون سيادتها ووحدة أراضيها ومُقدرات شعوبها، حتى يمكن استعادة الاستقرار في المنطقة وتوفير مستقبل أفضل لشــعوبها»، طبقاً للرئاسة المصرية التي أشار المتحدث باســمها إلى «التأكيد على أهمية التنســيق العربي الأوروبي لمواجهة التحديات الإقليمية والتهديدات المشــتركة، حيث تعد قمة الاتحاد الأوروبي والدول العربية المقترح عقدها خلال الفترة المقبلة فرصة جيدة للتشاور وتبادل وجهات النظر وتكثيف التعاون بين الجانبين.»

لقاء السيسي مع روبرتو فيكو رئيس مجلس النواب الإيطالــي، الإثنين الماضــي، تطرق هو الآخر إلى ملــف الهجرة غير الشــرعية، إذ قال الرئيس المصري خلال اللقــاء، إن «مصر أثبتت أنها شــريك رائد ذو مصداقية في مجال مكافحة الهجرة غير الشــرعية، واتخــذت تدابير فعالة على المستويات التشريعية والاقتصادي­ة وتأمين الحدود وضبط السواحل أدت إلى وقف تدفقات الهجرة غير الشرعية من السواحل المصرية منذ .»2016

محاولة السيسي تقديم نفسه باعتباره قادرا على مواجهة ملف الهجرة غير الشرعية، لم تبدأ اليوم، بــل قبل عامين، عندما صادق في نوفمبر/ تشــرين الثانــي 2016، على قانــون «مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، الذي تضمن عقوبات تصل للسجن المؤبد وغرامة 500 ألف جنيه لمن يشــترك في جريمــة الهجرة غير الشرعية.

 ??  ?? السيسي خلال افتتاح مؤتمر الشباب في جامعة القاهرة
السيسي خلال افتتاح مؤتمر الشباب في جامعة القاهرة

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom