Al-Quds Al-Arabi

تنامي الحضور الروسي في افريقيا الوسطى... تدريب الجيش ووساطة بين الجماعات المسلحة

-

■ بانغي ـأ ف ب: بعد تســعة أشــهر من وجودها في جمهورية أفريقيا الوســطى، تســتثمر روســيا في العديد من المشــاريع، وضمنهــا تدريــب الجيش والدبلوماس­ــية مــع المجموعــا­ت المســلحة، مــا كاد يحــدث اضطرابــاً في بعــض الأحيان في العمليات الجارية فــي البلد الغارق في الفوضى.

مطلع عام 2018 وصل خمســة من الضباط العسكريين و170 من المدربين المدنيين من روســيا إلــى بانغي، وقامت موسكو بتسليم أسلحة إلى الجيش الوطني بعد الحصول على إعفاء من الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة.

وبعد تدريبات قدمها الاتحاد الأوروبي، تستفيد القوات المســلحة في أفريقيا الوسطى من هذه التدريبات الجديدة. ومنذ كانون الثاني/ يناير، تم نشر أكثر من 400 جندي في دكوا )وسط( وسيبوت )وسط( وباوا )شمال( وبنغاسو )جنوب شرق(.

هذا الانتشار، هو المشــروع الأساسي للرئيس فوستان أركانج تواديــرا منــذ انتخابــه عــام 2016 فــي بلــد كانت حكومتــه تســيطر علــى بانغــي وضواحيهــا فقــط. وهذا الانتشار المهم يتيحه الوجود الروسي الذي يلاقي التقدير في بانغي.

وبســبب قــوة هــذا النجاح الذي لــم تتمكــن بعثة الأمم المتحدة )مينوسكا منذ 2014( من تحقيقه حتى ذلك الحين، تنوي روســيا تســليم أســلحة جديدة وإرســال 85 مدربا إضافيــا، وفقا لمــا قاله مصدر في الســفارة الروســية في بانغي.

في أواخر تموز/يوليو، قتل ثلاثة صحافيين من روسيا في شمال البلاد حيث كانوا يجرون تحقيقاً حول المدربين الروس، الذين يشــتبه بأنهــم مرتزقة من شــركة «فاغنر» الأمنية الخاصة.إلا أن عملية الانتشــار السريع هذه تواجه مشــكلة بســبب «عدم وجــود سلســلة لوجســتية»، وفقا لضابط رفيع من أفريقيا الوسطى.

وقــال إن هذا يمكن أن يــؤدي إلى «نفس المشــكلة التي تمثلت في انهيار الجيش» عام 2012، في إشارة إلى وجود جنود متمركزين في المكان نفســه لفتــرة طويلة مقطوعين عن التسلســل الهرمي ويتلقون رواتبهــم في وقت متأخر، كما أنهم يعانون من عدم وجود تدريب منتظم.

وفي آب/أغســطس، اعتبر خبــراء الأمم المتحدة أنه في غيــاب هذا الدعــم اللوجســتي الضروري، فــإن الجنود لا يســتطيعون «القيام بعمليــات دون الدعم العملاني الثابت من مينوسكا، أو المدربين الروس.»

وفي الفتــرة الاخيرة فــي بامباري، في وســط أفريقيا الوســطى، اضطرت قافلــة للجنود كانت فــي طريقها من العاصمة إلى بنغاسو لانتظار إمدادات الذخيرة من بانغي لمواصلة رحلتها.

«الوساطة الموازية»

فضلا عــن دعم الجيش، تتدخل روســيا في الوســاطة المعقــدة مع المجموعات المســلحة التي تســيطر على غالبية الأراضي.

منــذ تمــوز/ يوليــو 2017، يتولــى الاتحــاد الأفريقــي المفاوضات رســميا. لكن في اواخر آب/أغسطس، جمعت موســكو عنــد حليفها الســوداني في الخرطــوم أربعاً من المجموعات المسلحة الرئيسية للتوقيع على «إعلان اتفاق.»

في الوقت نفســه، كان الاتحاد الأفريقي يعقد اجتماعا مع المجموعات المسلحة في بوار )غرب(.

وقال فاليــري زاخاروف، المستشــار الأمني الروســي لرئيس أفريقيا الوسطى إن ذلك «محض مصادفة»، مشيرا الى أن العمليتين «تكملان» بعضهما و«غير متنافستين».

إذا كانــت هــذه الوســاطة الموازيــة «تزعــج» شــركاء جمهوريــة أفريقيــا الوســطى، وفقــا لأحد المراقبــن، فإن تأثيرهــا كان فوريــا. فقد «دفع اجتمــاع الخرطوم الاتحاد الأفريقــي إلــى التحــرك بســرعة أكبــر»، حســب مصــدر دبلوماسي في بانغي.

وأضاف المصدر: «لكنها أحدثت خللا في التوازن داخل المجموعــا­ت المســلحة»، مشــيراً خصوصا إلــى التوتر في أوســاط «الحركة الوطنية لجمهورية أفريقيا الوســطى»، بزعامــة محمد الختــم عندما علم بعض القــادة أن زعيمهم قام بزيارة الخرطوم.

وفي بانغي «أخذت الحكومة علما بالمبادرة» الروســية هذه، موضحة أنها تدعم وساطة الاتحاد الأفريقي.

فرص الاستثمار

إذا كانت زيادة مشــاركة روســيا في أفريقيا الوســطى جــزءا مــن اســتراتيج­ية الكرملــن الجيوسياسـ­ـية والاقتصادي­ة في أفريقيا، فإن الوجود الروسي في بانغي يعيد إلى الأذهان «ســيناريو قديما جــدا»، كما قال تييري فيركولون، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.

وأضاف أن الســلطات فــي أفريقيا الوســطى كثيرا ما «لجــأت إلى قوة أمنية أجنبية تبدو لهــا أكثر مصداقية من قواتها»، وذلك مرده «ضعف قاعدتها السياسية وانقسام قوات الأمن .»

ومنــذ وصــول المدربين الــروس أوائــل عــام 2018، تم تأســيس العديــد من الشــركات التــي تديرها روســيا في بانغــي بينها «لوباي انفســت» التي حصلــت مؤخرا على رخصــة التنقيب عــن المعادن )فــي ياوا، غــرب( ورخصة استكشاف التعدين )في باما، غرب(.

كمــا تم إنشــاء ثلاث شــركات أخرى من قبــل الروس، إحداهــا «المجموعــة الماليــة الدولية» التي «يمكــن أن تكون وسيلة استثمار» لشركات أخرى، وفقا لأحد المراقبين.

مــن جهة أخــرى، تدرس روســيا فرص الاســتثما­ر في إقامة مســالخ وشــركات لصناعة المعلبــات الغذائية وفي المجال الزراعي والأخشاب، وفقا لمصدر مقرب من السفارة الروسية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom