Al-Quds Al-Arabi

ما مصير تنظيم «الدولة» في المعارك الحاسمة مع «قسد» في آخر معاقله في دير الزور؟

محلل لـ «القدس العربي»: التنظيم لم يعد يعتمد على العدد بقدر اعتماده على نوعية العمليات التي ينفذها

- أنطاكيا – «القدس العربي»: –

تخــوض قــوات ســوريا الديمقراطي­ــة «قســد» بدعم مــن التحالــف الدولــي الذي تقــوده أمريكا المعركــة الأخيرة ربمــا، التي تســتهدف آخر معاقل تنظيــم «الدولة» في ريف دير الزور. وبدأت قوات «قســد» تمهد لهذه المعركــة عبر تغطية طائــرات التحالف لهــا، كما شــنت هجوماً علــى بعض المحاور في ريف البوكمال في منطقة الباغوز.

فــي هــذا الصــدد يــرى الصحافــي فــي موقع «فرات بوســت» المتخصص في أخبار المنطقة الشرقية من ســوريا، صهيب جابر، أن التحالف الدولي و«قســد» لن يســتطيعا التقدم بسهولة في اتجاه آخر معاقل تنظيم الدولــة «داعش» وهي مدينة هجين في ريف دير الزور الشرقي، وذلك بعد رغبة التحالف بتأجيل الحســم ريثما يتم إيجاد حل لمسألة المختطفين لدى التنظيم، والذين من ضمنهم صحافيــون ورهبان هــم رهائن منــذ العام .2013

وقال لـ «القدس العربي» ان اســتراتيج­ية تنظيــم الدولة اتجهــت لتنفيــذ هجمات عبر عناصــره المتســللي­ن خــارج مناطــق نفوذه باتجــاه نقاط لـ»قســد» ونظام الأســد على ضفتــي نهر الفــرات، حيث نفــذت اغتيالات باســتخدام أســلحة كاتمة للصــوت، معظم هــذه الهجمــات كانــت فــي باديــة الدويــر والبوكمــا­ل ومنطقــة الصالحيــة، وبلــدات ذيبان والكسرة والطيانة، كما ان نظام الأسد يكتفي بالدفاع وتحصين صفوفه في الآونة الأخيــرة، خصوصاً أنه يتلقــى ضربات من التحالــف الدولي بين الفينــة والأخرى على مواقع له وللميليشيا­ت الإيرانية، علاوةً على النزاع الداخلي بين الميليشــي­ات، جميع هذه المعطيــات تجعل نظام الأســد متجهاً للدفاع فقــط وليس للهجــوم على مناطــق التنظيم، اما بالنســبة لأمريكا فالهدف الأساسي لها هو قطع طريق طهران الســاحل الذي يمر بديرالزور، ويبدو أيضاً أن الإدارة الأمريكية تعتزم توجيه ضربات جديدة للميليشــي­ات الإيرانيــ­ة خــال الفتــرة المقبلة، تســريبات اســتخبارا­تية أشارت إلى أن الفترة الأخيرة شهدت نشاطاً اســتقصائي­اً عن مواقع هذه الميليشيات .»

ويضيــف الصحافــي صهيــب جابــر أن «مناطــق نفــوذ التنظيم في ضفــة الجزيرة «اليســرى» مدينة هجين، الباغوز، الشعفة، أبو الحســن السوســة والبوخاطر، أما في الضفة اليمنى فهي «الشامية» بادية الدوير مــع تمركز غيــر ثابت في محيــط البوكمال، ومنطقتــي معيزيلــة والشــولا، والتنظيــم لا يبنــي تحركاته وسياســته علــى خارطة النفوذ وإنما على طــرق القتال والمجموعات الانتحاريـ­ـة إذ تقــدر اعداد عناصــر التنظيم بـ6 آلاف عنصــر، فكل المعطيات تشــير إلى أن التنظيــم بــاق في المنطقــة حتى وإن تمت الســيطرة علــى آخر المعاقــل التي يســيطر عليها، وتشــير الترجيحات إلى أن سياســة التنظيــم للفتــرة المقبلــة ســتكون مشــابهة لسياســته فــي العراق بــن العامــن 2004 - 2010، ويتواجــد مدنيــون محاصــرون فــي مناطــق التنظيم تقــدر اعدادهــم بنحو 50 ألــف مدنــي معرضون للقصــف اليومي من قســد وغــارات التحالف الدولــي ، ومن يســتطيع الفــرار منهــم خارج مناطــق نفوذ داعش تعتقله قســد وتزج به فــي مخيمات تحــت تهمــة الانتمــاء للتنظيــم ، وبالطبع لا أحد يفكر بتأمين ممرات آمنة لهؤلاء المدنيين ولا يمكن ان تدخل الاغذية للمنطقة الا عندما يبــرم اتفــاق بين داعش وقســد فــي بعض الأحـيان».

ويرى عمر أبو ليلى مدير شبكة «دير الزور 24» أن «قسد حضرت للمعركة والتي سوف تنتهــي عما قريــب، فجيوب داعــش المتبقية ســوف يتم القضاء عليها ضمن وقت قصير فلم يعد للتنظيم فعلياً تلك القوة العســكرية الكبرى كما كان قبل الحملة العسكرية ضده منذ ما يقارب السنة.

وقــال ابــو ليلــى في حديثــه لـــ «القدس العربــي» «بتصوري ســوف تكــون المعركة ضــد التنظيــم قويــة ومحتدمــة فــي بعض المراحــل وليــس أغلبهــا، ولكــن الخلاصــة فيها ان قســد اســتطاعت في فترة الركودة الماضية مــن تأمين الثغرات التــي من الممكن ان يســتخدمها داعــش فــي حــال هاجمته «قســد» مــن جديــد، وهــذه الثغــرات هــي الصحــراء الشاســعة في المحافظــة ، فالان داعــش لــم يبــق أمامــه إلا القتــال او الموت أو الاعتقــال، مســألة الهــروب أو التخفــي أصبحــت شــبه مســتحيلة في ظــل إطباق الحصــار عليه ســواء مــن الطــرف العراقي أو مــن طــرف قــوات ســوريا الديمقراطي­ة، اضافة إلى ان قوات النظام الذي لن يشارك بالطبــع ولــن يتمكن مــن فتح محــور علني ضــد التنظيم، فهو فــي الواقع وحــزب الله والحرس الثوري الايراني يعاونون بشــكل كبير مــن الهجمات الانفراديـ­ـة التي ينفذها مقاتلو داعــش المتخفون فــي الصحراء في ضفــة غــرب الفــرات، فالنظــام ســيحاول خطــف الانظار بأنه هو أكفأ في اســتئصال داعــش وخصوصــاً فــي المعركــة الأخيرة، ولكن لن ينجــح لان القاصي والداني يعرف ان الثقــل الحقيقــي فــي طرد داعــش يعود للتحالــف الدولــي بالاشــترا­ك مــع قــوات ســوريا الديمقراطي­ة، فلم يعد التنظيم يتمتع بحضور عسكري قوي كما كان من قبل، فلو تحدثنا عــن اعداد عناصره فهــي لا تتجاوز بضــع مئــات متفرقة هنــا وهناك وتســعى لتنفيذ عمليات كر وفر ولذلك التنظيم لم يعد يعتمــد على العدد بقدر اعتمــاده على نوعية العمليات التي ينفذها».

ويذهب أبــو ليلى إلــى أن «إطلاق عنوان انتهاء وجود داعش هــو عنوان خاطئ، في امكاننــا القــول ان داعــش اختفــى واندحر ولكن لا ضمانة مطلقــاً لاختفاء أي هجمات مســتقبلية ســوف ينفذهــا هــذا التنظيــم خصوصاً ان له جواســيس واعــن كثيرين يزودونــه بما يريد أن يخطط لــه، فبالتأكيد ســيتعرض التنظيــم للاضمحــال ولحجم خســائر بشــرية وعســكرية كبيــرة فــي صفوفه، لكن يجب ان نأخذ الحيطة والحذر من إطــاق عنوان أن «داعــش» زال بالكامل ولم يعد له تواجد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom