Al-Quds Al-Arabi

ترحيل مهاجرين من اسبانيا إلى المغرب يثير مخاوف الرباط

- «الأناضول»

■ الرباط تاج الديــن العبدلاوي : خلف ترحيــل مهاجرين غير نظاميين من إســبانيا إلى المغرب ردودًا متباينة في المملكة المغربية. ترفــض الحكومة المغربية لعب دور «شــرطي المنطقة» بشــأن المهاجرين، وتدعو إلى تفعيل مبــدأ المســؤولي­ة المشــتركة، للقضــاء على شبكات الهجرة السرية. لكن هيئات حقوقية مغربية تخشــى من تحول المغــرب إلى مركز كبيــر لتجميــع المهاجرين الأفارقــة من دول جنوب الصحــراء، الذين ترفض دول الاتحاد الأوروبي اســتقباله­م. هذا التخوف المغربي يمتد إلــى احتمــال تصدير ظاهــرة الهجرة، بتداعياتهـ­ـا وتكاليفها الباهظــة، إلى المغرب الذي يراد له أن يلعب دور «شرطي» المنطقة.

فــي 23 آب /أغســطس الماضــي، رحلــت إسبانيا نحو 116 مهاجرًا غير نظامي من دول إفريقية جنوب الصحراء إلى المغرب.

هذه الخطوة شــكلت منعطفًــا جديدًا في تدبير ملف الهجرة بين البلدين، لا ســيما وأن المغــرب كان يرفض منذ ســنوات قبول عودة مهاجرين إلــى أراضيه. الترحيل الإســباني تزامن مع حملات تشنها السلطات المغربية ضد المهاجريــ­ن القادمين من دول جنوب الصحراء إلــى المغرب. هــؤلاء يحلمــون بالهجرة إلى أوروبــا، علــى الضفة الشــمالية مــن البحر المتوسط، انطلاقًا من سواحل المغرب.

وترحل الســلطات المغربيــة المهاجرين من مدينة طنجة أقصى شــمال المملكة إلى مناطق أخــرى، في خطــوة لاقت انتقــادات حقوقية واســعة. الحكومة المغربية تــرى أن ترحيل المهاجرين من الشمال إلى مدن جنوب ووسط المملكة هو مجرد خطوة عادية ضمن مساعيها لمكافحــة شــبكات الهجرة والاتجار بالبشــر الناشــطة بالمنطقــة. وقال المتحدث باســم الحكومــة المغربيــة، مصطفى الخلفــي، في 6 أيلول/سبتمبر الجاري، إنها «لا تعتبر عمليات إعادة قسرية.» وتابع، في مؤتمر صحافي، أن هذه «العمليات تهــدف إلى نقل المهاجرين إلى مدن أخــرى، وفقًا للقوانــن الوطنية الهادفة إلى مكافحــة الهجرة غير المشــروعة.» رغم تصريحــات المســؤولي­ن المغاربــة، رأى خالد الشــيات، أســتاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بمدينــة وجدة )شــرق(، أن أي إجراء تقوم به الرباط «لا يمكن أن يكون خارج أي إطار أو اتفاق.»

وأردف الشــيات، أن الاتحــاد الأوروبــي والمغــرب كان بينهما «نوع من الســعي نحو إيجاد صيغــة قانونية واتفاقيــة فيما يتعلق بتدبير الهجرة غير النظامية.» وشدد على أن «قبول المغرب بعــودة مهاجرين غير نظاميين إلــى أراضيه لا يمكــن أن يكــون مجانيًا ومن دون مقابل اســتراتيج­ي أو مادي.» ورأى أن «مقاربة المغــرب لملف مهاجــري دول جنوب الصحراء تتسم بالكثير من الارتجالية وتبين أنه ليســت لديه سياســات واضحة، خاصة وأنهم يعتبرون المملكة مجرد محطة للعبور». واعتبر أن قبول المغرب اســتضافة مهاجرين طردتهم إسبانيا «ســيثير الكثير من المشاكل داخــل البــاد». وحــذر الأكاديمــ­ي المغربي ســلطات بلده من التمادي في هذه الخطوة، ومن إقامــة مراكــز أو اســتقبال المهاجرين. وقال رئيس مرصد الشــمال لحقوق الإنسان )غيــر حكومي(، محمــد بن عيســى، إن هذا الترحيل يتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقيا­ت الدولية في مجال الهجرة واللجوء.

وتابعأن «قرار إبعاد المهاجرين تم في غياب ضمانات يشــترطها القانون الدولي بالنسبة للمهاجر، منها: حــق الطعن في القرار وغياب المترجم».

وشــدد على أن «هذا الترحيــل جرى وفق قــرارات إداريــة، وليس قضائيــة، في خرق واضح لحقوق المهاجريــ­ن». وحذر الحقوقي المغربي مــن انخــراط الرباط فيما أســماها «سياسة تصدير الحدود»، التي تعتمدها دول الاتحــاد الأوروبي. ورأى أن هذه السياســة تهدف إلــى جعل دول جنوب المتوســط تقوم بــدور «الدركــي في حمايــة الحــدود مقابل الاســتفاد­ة مــن إعانــات مادية نظيــر هذه الخدمات».

وأردف أن الكلفــة القانونيــ­ة والحقوقية والاجتماعي­ة لهذه الانتهاكات «ستســيء إلى المغــرب وســمعته». وأضاف «بن عيســى»: «إذا كانت أوروبا بقوتهــا وإمكانياته­ا المادية والاقتصادي­ــة الهائلة لا تســتطيع تحمل كلفة الهجرة، فما بالك بدول جنوب المتوسط».

وأوضح أن دول جنوب المتوســط «تعرف صعوبات اقتصادية بتحمل مثل هذه الظاهرة، رغم مــا يمكــن أن يقدمه الاتحــاد الأوروبي من مســاعدات.» وفق عبد الكــريم بلكندوز، الخبير المغربي في مجال الهجرة، فإن «أغلبية الحكومــات الأوروبيــ­ة تتعامل مــع الهجرة بمنطق التهويل لأســباب انتخابيــة.. وهذه الأمــور أصبحت محوريــة». وتابع أن «قبول المغرب اســتقبال مهاجرين رحلتهم إســبانيا يرجع إلــى اتفاقية بين البلديــن، عام 1992، تلتزم الرباط بموجبها باســتقبال المهاجرين غير النظاميين الذي مروا عبر ترابها».

وانتقــد قبــول المغــرب اســتقبال هؤلاء المهاجريــ­ن، خاصة وأنها كانت ترفض ذلك في ســنوات ماضية. وأضاف أن «أوروبا صعدت من مراقبــة حدودهــا لمحاربة الهجــرة غير النظامية، خصوصًا مع المغرب.»

وانتقد الخبير المغربي «سياســة الانغلاق التي بدأت تنهجها الدول الأوروبية.»

وقال إن «الدول الأوروبية تحاول تضخيم أرقــام المهاجريــ­ن غيــر النظاميين لأســباب سياســية، وتريد أن تعطي انطباعًا بأن أمنها مهدد.» وشــدد علــى أن القانــون الدولي لا يسمح بسياســة الانغلاق، إذ تنص المادة 13 من ميثاق حقوق الإنسان على حرية التنقل.

ومضــى بلكنــدوز قائــلًا: «يحــب أن نطرح أســئلة بخصــوص سياســة انغلاق أوروبــا، خاصة وأن دولهــا قلصت من تقديم التأشيرات .»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom