Al-Quds Al-Arabi

الأردني ربيع زريقات يسعى لبث روح جديدة في الناي

-

■ عمــان رويتــرز: مــن يريد عــازف الناي الأردني ربيع زريقات يســهل لــه العثور عليه بين الأوراق الطويلة لنباتات الغاب )القصب( في وادي )غور( الأردن.

فبينما يمســك منشــارا في يد ومجــزا في يده الأخــرى يبحث زريقــات )38 عاما( عــن الجذوع المثالية لأعواد الغاب التي تصلح لأن تصبح نايات )جمع ناي( جيدة.

ويســتخدم الناي في منطقة الشــرق الأوسط منذ ما يزيد على ســبعة آلاف ســنة. لكن زريقات يقول إن شــعبية هذه الآلة بدأت تتراجع في الآونة الأخيرة لأســباب عديدة بينها الاستخدام المتزايد للتكنولوجي­ا في الموســيقى وصعوبة العثور على المواد الملائمة بشكل جيد لصنع النايات.

وقال «الفكرة تحولــت لقضية، بدأت الفكرة إنه آلــة من منطقتنا، مــن مصادرنا، ومــش موجودة وعــم تختفي، ومعظم النــاس بطلت تعرف الآلات الشــعبية، يعني زي اليرغول والمجوز والشبابة، وحتى الناي في الموســيقى العربيــة. هاي الآلات بدأت تختفي لأنه بطل في حدا يسمعها لأنه دخلت التكنولوجي­ا والســماعا­ت. فالعــازف بطل له دور يكون موجود، فبــدأت الآلة تختفــي، والناس ما بتعــزف هاي الآلة لأنها مش متوفرة. يعني إذا أنت مش لاقية هي الآلة بالســوق ليش بــدك تعزفيها، بتروحــي لآلة ثانيــة، فكان أول هــدف إنه نرجع نحيي هي الآلة من خلال صناعتها».

وألهــم ذلــك زريقــات ليخرج فــي رحلة بحث اســتمرت عاما في جميــع أنحاء المملكــة الأردنية لاستكشاف مناطق مختلفة تنمو فيها أعواد الغاب والتشــاور مع موســيقيين محترفين، ليتسنى له إنتــاج نــاي مثالي. وصنــع حتــى الآن مئات من النايات )جمع ناي(. ويبدأ عملية الصنع بترك عود الغاب ليجف ثــم يمررها على النار قبل تنظيفها ثم عمل الثقــوب الضرورية فيها، وهي عملية يمكن أن تستغرق عدة ساعات حتى تكتمل.

وهــذه العملية، فــي رأيه، ليســت مجرد صنع ناي. فهو يرى الناي أداة ترتبط بالطبيعة وتحيي عادات وتقاليد قديمة تختفي تدريجيا.

وعن ذلك أضاف صانــع آلة الناي «إحنا مهتمين في الآلات الشعبية ومهتمين أكثر بالقيم اللي كانت مرتبطة فــي هاي الآلات. يعني هــاي الآلات كانوا يغنــوا فيها أو يعزفوا فيها قصــة، كل قرية كان لها قصتها بكل أغنيــة عن الحصاد، عن البطولات، عن علاقات الناس مع بعض. فكان لها قيم تجمع، حتى الموسيقى الشعبية في أي قرية كانت الناس كلها لها دور في الموسيقى».

وعلــى أمل نشــر المعرفة والوعي بهــذه الأمور بــدأ زريقات مبادرة أخرى ســماها «بيــت الناي» حيث يعلم طلابه التاريــخ والقيم المرتبطة بالناي إضافة إلى الطريقة الملائمــة لصنع الناي والعزف به. وعلم زريقــات حتى الآن نحو 60 طالبا. وينظر زريقات للناي باعتباره آلة ســحرية بمثابة منحة من الطبيعة للبشرية.

وقــال «فكل قصبة )عــود غاب( بالنســبة لي، يعني لما أشــوف قصبة، بتتحول لناي. بالنسبة لي شــيء ســاحر، يعني كيف هي الأرض طلعت هاي النبتة؟ طلعت آلة من الأرض، يعني إحنا بس فعلياً بننظفها وبنجلســها ونثقبها، بــس هي طالعة من الأرض كآلة والإنســان، صحيح هي بتموت، يمكن لما نقصها بتموت، بس لما تموت بيرجع الإنســان لما ينفخ فيها بيرجع بيحيي فيها روح جديدة».

وزريقــات هو مؤســس مبادرة «ذكــرى» التي تجســد مبدأ تبادل الذكريات بين أطــراف تربطها اهتمامات مشتركة وتنظم أنشــطة بين مجتمعات الحضر والريف، بهدف جسر الفجوات الاجتماعية وإحياء ثقافة الريف.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom