Al-Quds Al-Arabi

مبادرة من داخل السجون المصرية: تجميد الصراع السياسي لمواجهة الوباء

وفيات وإصابات بين المعتقلين… والداخلية تؤكد اتخاذ إجراءات احترازية

- القاهرة ـ «القدس العربي»:

«نداء من على حافة الجائحة»، عنوان مبادرة نشرتها صفحة «الموقف المصري» على «فيسبوك»، قالت إنها وصلتها من سجناء مصريين من مختلف التوجهــات اختاروا التجمع تحت اســم «منتدى الأسير المصري».

ووفق الرســالة «جائحة كورونــا وصلت إلى الســجون، حيث لم تفرق بين حارس وســجين، ودخلت الزنازين ولم تفرق بين مســجون جنائي أو سياســي، واقتحمت المعتقــات فلم تفرق بين إسلامي وعلماني».

وأضافــت أن «جائحة كورونا جــاءت لتثبت تهافت نزاعاتنا وتواضــع صراعاتنا أمام الإرادة الإلهية وقلة حيلتنا وضعــف خصومنا أمام قوة الطبيعة، ولتذكرنا بأن حماية أرواح الكل ضرورة لا سبيل لها إلا بالتكاتف والتضامن».

أصحاب الرسالة بينوا أنهم يوجهون خطابهم «إلى كل عقلاء المجتمع المصري ولكل قواه الفاعلة، إما أن ننجو معا، وإما نخسر معا خسائر لا تعوض ولا سقف لها».

هدنة سياسية

وتابع الســجناء في رســالتهم: «بعد التأكيد على أن ســامة الســجين ضرورة لســامة ابن القاضي، وسلامة المعتقل ضرورة لسلامة الضابط وأسرته، أكد منتدى الأســير المصري أن مبادرته هذه تهدف للوصول إلى هدنة سياســية إنسانية مفتوحة يجــري فيهــا تجميد كافــة الصراعات والنزاعات السياســية من أجل التفــرغ لمواجهة الجائحــة، معربا عن أملــه فــي أن تتفاعل كافة القــوى والتيارات والأحزاب والحــركات المعبرة عن كامل الطيف السياســي المصري )وجلها ممثل في السجون والمقرات( بجدية مع هذه المبادرة».

كما ناشــد «منتدى الأســير المصــري»، «كافة العقلاء في مؤسســات الدولــة المصرية التعاطي بإيجابية مع هذه المبادرة لوقــف الإدارة الأمنية وتنحية الحلــول القمعية واســتبدال­ها بالإدارة الجماعية والحلول العلمية».

وحسب الرسالة، فقد اقترح أصحابها «تشكيل خلية لإدارة الأزمة مشــكلة من القوات المســلحة ونقابة الأطباء والمجلس القومي لحقوق الإنسان، بمســاندة دولية مــن الهلال والصليــب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية، تقوم هذه الخلية بإدارة وتعبئة كل جهود وموارد المجتمع المصري وإطلاق الطاقــة الكامنة فيــه لإنقاذ المســتقبل ومواجهة الجائحة».

كما طالــب المنتدى المتشــكل حديثــاً «حكماء وشــيوخ القضــاء بالانضمام إلى هــذه المبادرة بالعمل على إطلاق ســراح كل الخبرات والطاقات المحبوسة في الســجون والمنفية إلى الخارج من أطباء وممرضين ومتطوعين، والنظر بعين الرحمة للأمهات والمرضى والمســنين المهددة أرواحهم في السجون بسبب الأزمة السياسية وإعادة توحيد الموارد والجهــود المهدرة في ســاحات التقاضي وإعاشة ورعاية السجناء والمعتقلين وأسرهم.»

وأكد على «ضرورة إنهاء التكدس في السجون عن طريق الاستخدام الواســع والشامل لأدوات العفو والإفراج الشــرطي والصحي وصلاحيات وقف تنفيذ الأحكام وإخلاءات السبيل كإجراءات ضروريــة لحمايــة المجتمع كله، ومــن باب أولى الإخلاء التام لمقرات الاحتجاز غير الشرعية أسوة بكل الدول التي تمكنت من الســيطرة على انتشار الوباء .»

ويعاني الســجناء وأســرهم من قــرار وقف الزيارات الذي اتخذتــه وزارة الداخلية المصرية منذ شــهر مارس/ آذار الماضي خوفا من انتشــار الفيروس في الســجون، فــي وقــت ترتفع فيه المخاوف من تحول السجون إلى مراكز للعدوى.

وحســب منظمات حقوقية محلية، وصل عدد المعتقلــن الذين ماتوا نتيجــة الإهمال الطبي في الســجون ومقار الاحتجــاز المختلفــة في مصر، خلال يونيو/ حزيــران الماضي إلــى 10 معتقلين ومحتجزين.

وشهد شهر مايو/ أيار الماضي ارتفاعاً كبيراً في الوفيات نتيجة الإهمال الطبي داخل الســجون، في ظلّ تفشــي جائحة كورونا، ووسط تحذيرات الأوســاط الطبية والحقوقية وإهمال الســلطات المصرية.

رسالة استغاثة

ونقل مركز «الشــهاب لحقوق الإنسان» رسالة استغاثة للمعتقلين في سجن شديد الحراسة 992، والمعروف بـ«ســجن العقرب»، أعلنوا من خلالها انتشــار وباء كورونا في عدد من العنابر، وظهور الأعراض على أكثر من 300 سجين، وطالبوا بنقل المصابين إلى المستشــفي­ات، وعزل بقية المعتقلين لحين بيان مدى سلامتهم.

كذلك طالب المعتقلون في استغاثتهم بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين، ليس في سجن العقرب فقط، ولكن في كل السجون المصرية، لأن الأوضاع على وشــك الخروج الكامل عن السيطرة في ظل منع الزيارات، وســوء التغذية، وسوء التهوية، وانتشار الحشــرات، وخصوصا أن كثيرين منهم حصلوا على أحكام بالبــراءة، ولكن تم تدويرهم فــي قضايــا أخــرى، وأن كثيريــن محتجزون احتياطياً منذ سنوات على ذمة قضايا ملفقة.

وتساءل المعتقلون: «أين النيابة العامة المشرفة على الســجون مما يحدث، أم تكتفي باستخراج تصاريح الدفن؟ أين ضمير القائمين على مصلحة الســجون، وماذا يفعلون للحفــاظ على حياتنا ونحن لسنا مجرمين بل ضحايا تهم ملفقة نتيجة خلاف سياســي يمكن حله في أي وقت، فلا توجد خطوات ولا إجراءات للعلاج أو الوقاية، بل حالة مــن التكتم الشــديد عن حقيقــة الأوضاع داخل السجن».

الحركة «المدنيــة الديمقراطي­ــة» التي تضم 8 أحزاب معارضة، طالبت في وقت ســابق، بإجراء

مسح شامل للمخالطين من نزلاء وضباط وعاملين في السجن دون استثناء، وتعيد المطالبة بالإفراج عن الســجناء المحبوســن احتياطيــاً تحت أي ضمانــات أو تدابيــر احترازية حتــى لا تتعرض حياتهم داخل الســجن للخطر، بعد وفاة المواطن سيد أحمد أحمد حجازي، أحد موظفي سجن طرة تحقيق، يوم الجمعة 29 مايو/ أيار الماضي، متأثرا بإصابتــه بفيروس كورونا المســتجد، حســبما نشــرت ابنته زينب على صفحتها الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

وقالــت الحركة:»هنــاك أنباء متناثرة شــبه مؤكدة قد ترددت مؤخراً دون نفي اَي جهة رسمية حول انتشــار أعراض مشــابهة تمامــا لأعراض فيروس كورونا داخل ســجن تحقيــق طرة، من

صورة لأحد عنابر سجن برج العرب التقطت خلال جولة نظمتها خدمة معلومات الدولة المصرية

أهمها «الســخونة، وهمدان وخدر في الجســم، ورشح وصداع والتهاب في الحلق والأذن، وفقدان حاسة الشم، بالإضافة لوجود السعال عند بعض المعتقلين»، في ظل ما وصفته هذه الأنباء بتجاهل تام من قبل إدارة السجن فضلا عن الإهمال المتعمد بحقهم ومنع دخول الأدوية لهم».

وتنفي وزارة الداخلية المصرية وجود إصابات بفيروس كورونا في الســجون أو مقر الاحتجاز، وتؤكــد أن «قطــاع الســجون يواصــل اتخــاذ الإجراءات الوقائية والاحترازي­ة».

وقالــت الوزارة فــي بيان أمــس الجمعة، إنه «في إطــار إســتراتيج­ية وزارة الداخلية الهادفة في أحــد محاورها إلى تقديم كافــة أوجه الرعاية لنــزلاء الســجون من خــال منظومــة متكاملة

لتقــديم الخدمات الصحيــة والتعليميـ­ـة وإنفاذ أحدث برامج إعــداد وتأهيل الســجناء وتفعيلاً لإجراءات الطب الوقائي داخل الســجون اتساقاً مع الخطة الشــاملة التي أعدتهــا الدولة لمجابهة فيروس كورونــا، واصل قطاع الســجون اتخاذ التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية وتعقيم وتطهير كافــة الســجون من خلال فــرق الطب الوقائي بالإدارة العامة للخدمات الطبية التابعة لقطاع الســجون، وذلك في إطار الخطة المتكاملة التي تنفذها الوزارة لتطهير وتقيم كافة المنشــآت الشرطية لحماية المترددين عليها بدايةً من ظهور فيروس كورونا .»

وأضافت :» تم توجيه قافلة طبية لمنطقة سجون برج العرب تضــم أطباء في مختلف التخصصات الطبيــة بالإضافة إلى اصطحاب أجهزة «أشــعة - تحاليل» وقد أســفرت جهود أعمال تلك القافلة عن توقيع الكشف على العديد من النزلاء وصرف العلاج للمرضى، كما تم إجراء الكشف الطبي على كافة العاملين به، وتم إعادة إجراء أعمال التطهير والتعقيم لكافة مرافق منطقة سجون برج العرب مــن بينها )عنابر النــزلاء ـ المكتبــات ـ المطابخ ـ المستشفيات ـ العيادات الخارجية(.

وزادت:» تلك الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تنفذها وزارة الداخلية داخل كافة السجون ضمن الخطة المتبعة للحفاظ على ســامة النزلاء والعاملين بها، واســتمرار­اً لأوجه الرعاية الطبية المقدمــة لنــزلاء الســجون، وبما يضمــن أفضل مستويات الوقاية من فيروس كورونا».

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom