Al-Quds Al-Arabi

الحفاظ على نصيبنا من المياه أهم من تحرير سيناء... وديليسبس صنم للتقرّب من فرنسا

غياب القوانين الرادعة يفاقم ظاهرة الجريمة والتحرش... والـ«تيك توك» يقود الشباب إلى المجهول

- القاهرة ـ «القدس العربي» من حسام عبد البصير:

حرصــت وزارة الصحة والســكان في صحف أمــس الجمعة 10 يوليو/تموز علــى التصدي للمخاوف التي انتابت الكثيرين بشــأن ظهــور الطاعــون في الصــن، حيث أكــدت أن مصر آمنــة تماما من عدوى «الطاعون الدبلي» الذي ظهر في الصين مؤخرا، مشــيرة إلى أن لديها نظام ترصد قويا يتصدى لـ41 مرضا ووباء، مشــددة على أن نظام الترصــد المصري قادر على حمايــة المجتمع من أي مخاطر وبائية.

كمــا نفت وخــز الأطفــال بحقن كتطعيمــات ضد شــلل الأطفال تســبب العقــم، مُشــددةً على مطابقــة كافــة التطعيمــا­ت للمعايير الدولية، وعدم تســببها في العقم أو غيره، وأن لقاح شــلل الأطفال بالحقن )ســولك( آمن تمامــاً وبالمجان للمصريــن وغير المصريين المقيمين على أرض مصر، ولا يتسبب بأي أضرار للأطفال، في إطار

فرض الأمر الواقع

أجاب عمار علي حســن في «المصري اليوم» على ســؤال تلقاه من أحد القراء: «ما موقفك مما يجرى في «ســد إثيوبيا»؟ أجبته: كأي رجل محب للســام، أتمنى أن نصل إلى حل بالتفاوض، ونحــن نفهم أن أديس أبابا تتخذ منه وسيلة لكســب الوقت، وفرض الأمر الواقع. هز رأسه وسألني من جديد: فإن لم نصل؟ ابتســمت وقلت: أتمنى أن نســتيقظ ذات صباح فنجد كل القنوات الفضائية تقول: كل شيء على ما يرام، ونكون هذه المرة أمام حقائق، وليست فقط وعودا أو رهانات أو أوهاما. عاد القارئ ليسأل هل تعتقد أن قرار إثيوبيا حول الســد مستقل؟ ربما لو كان حرا ومستقلا لرأينا تصرفا آخر، يجعل من القاهرة والخرطوم شريكين وليسا خصمين. فالســد لتوليد الكهرباء، وأمانه الفني وتأمينه العسكري قضية جوهرية لمصر والســودان أيضا. زفر حزينا وبان لي أنه في نكد مقيم، وعاد يسأل: هل أنت واثق من أن قضية «الســد» ستحل بما لا يضر بمصر؟ أجاب عمار علي حســن: لا أنسى خروج الشــعب المصري بعد هزيمة 67. كان رافضا لضياع ســيناء. واليوم هو أمام قضية أبعد وأعمق، إنها النيل، فهل تعتقد أنه سيقبل بضياعه؟ أجابني: لا، وألف لا. قلت: هنا موضع ثقتي».

مشكلة أبدية

بعد مطالعته آراء ما يزيد على عشــرات الباحثين حول أزمة المياه في مصر خلص أحمد بهاء الدين شــعبان في «الدستور» إلى أن مصر عامرة بالقدرات الهندســية والفكرية والعلمية والسياسية والاقتصادي­ة، التي تعــرف أدق تفاصيل ملف نهر النيل ومشــتملات­ه، وتملــك رؤى حصيفة فــي التعامل مــع دقائقــه ومشــكلاته، وإذا أضفناهم إلى عشــرات، بل مئات الخبراء الُمدربــن والُمجربين، في وزارات الزراعــة والري والموارد المائية، ووزارة الخارجية والأجهزة الســيادية، والمثقفين ورجال الوعي والسياسة - لأمكننا أن نجمع من تلاقح أفكارهم، وتبادل وجهات نظرهم، الرأي السديد، في وضع «سيناريوهات» مواجهة المشكلة، واقتراح أفضل الحلول لمعالجــة تداعياتها. وليس الأمــر مقصورًا على «ســد النهضة» وقضيته في البداية والنهاية، فحتى لو استجابت إثيوبيا، وهو أمر ليس بالسهل اليسير، لكامل طلبات مصر المشروعة وضماناتها الواجبة، ستظل قضية المياه قائمة، فالـ55.5 مليار متر مكعب، نصيبنا من مياه النيل، كانت قائمــة حين كان عدد أبناء شــعبنا لا يتجاوز بضعة ملايــن، وهو المقدار نفســه وعددهم الآن يزيد على الملايين المئة، وكل المؤشــرات الموضوعية تُشــير إلى أننا دخلنــا مرحلة «الشُــح المائي»، التي تفــرض منهجيات مُختلفة، ومســلكيات مغايرة، وســبلًا جديدة في النظر إلى هذه المسألة برمتها. مــا أحوجنا الآن إلــى أن تبادر الجهات المســؤولة إلى دعوة كل الأطراف المعنية، والعلماء إلى مؤتمر وطني شــامل لكي يضعوا برنامجًا شــاملًا للتعامل مع هذه الأزمة المصيرية، يتجاوز مســألة «سد النهضة» الراهنة، ويضع تصورات لمقاربة القضية، بعد ثلاثين أو خمســن عامًا من الآن، حينما يصل تعدادنا إلى مئة وخمســن أو مئتى مليون مواطن، مع التآكل اليومى لنصيب الفرد من إكسير الحياة.

فساد متعدد الطوابق

بــدأت محافظة القاهرة، إزالــة أعلى برج مخالف فيهــا يتكون من 18 طابقا. الســؤال الذي يبحث له عماد الدين حسين في «الشروق» عن حل هو: «كيف تمكن صاحب هذا البرج في عين شــمس من تنفيذ جريمته، وما هي القوة الجهنمية التي مكّنته من بناء البرج، وبدون ترخيص؟ المؤكد أنه كان يشــعر بأنه فوق القانون، والحمد لله أنه اكتشف خطأ ذلك. الرئيس السيســي يتحدث في موضوع مخالفات البناء منذ شهور طويلة، وطلب من الحكومة والمحليات وقف إصدار تراخيص بناء جديدة، ووضع معايير سليمة للبناء، وتشدد الأمر أكثر بوقف تنفيذ التراخيص القديمة، تحسبا أن تكون فاسدة، وبالتالي كيف اســتمر صاحب هذا البرج في «التطاول في البنيان»؟ وشدد الكاتب على أن المتهم الأول ليس هم أصحاب الأبراج والمباني المخالفة فقط، بل من يسمح لهم بذلك، ليس فقط بإعطاء الرخصة من دون وجه حق، ولكــن بتركهم يفعلون ما يحلو لهــم، من دون رادع. المجرم الحقيقي هو المهندس أو رئيس الحي أو مســؤول الجهاز أو صاحب أي منصب تنفيذي يســاعد هؤلاء المجرمين المخالفين، بحثا عن رشوة، أو مســاعدة لقريب، أو صديق أو صاحب حظوة ونفوذ. وطالب الكاتب بأن يتم البحث في أرشــيف المحليات عن المجرمين الذين ساعدوا كل أصحاب البناء المخالف، وأن يتم تجريســهم ومحاســبته­م، وهنا أقــدم اقتراحا محددا، لماذا لا يتم البحث في ثروات هؤلاء وسؤالهم «من أين لكم هذا؟»، ومصادرة هذه الثروات الحرام بعد تحقيق قانوني سليم وشفاف، بحيث نوجه حصيلة هذه الأموال لإعادة إصلاح التشوه والقبح العمراني الذي تسببوا فيه. الرئيس السيسي كان صريحا وواضحا في الشهور الأخيرة، وهو يطالب بتطبيق القانون بصورة متشــددة ، مخاطبا المسؤولين بألا يتهاونــوا في حقوق الدولة. ويــرى الكاتب أن إزالة الأبراج والمنشــآت المخالفة أمام عيون أصحابها، هي أفضل رادع.»

حمل ثقيل

نبقى مع أزمة مخالفات البناء، حيث أشار محمد الهواري في «الأخبار» إلى أن: «هناك ميــراث صعب لثورة 30 يونيو/حزيران في عشــوائيات البناء والأبراج، التي تجاوزت كل القوانين والتراخيص البنائية، في ظل فســاد المحليات، ما أوجد صعوبات أمام الدولة في إنشاء محاور جديدة تخترق هذه الأبراج، ومعظمها مخالف لكل شيء بما فيها البناء على أرض الدولة. لقد تغاضى البعض عن كل عوامل التخطيط العمراني، ما ســاهم في ضغوط كبيرة على المرافق، خاصة في بعض المناطق مثل، مدينة نصر وغيرهــا ومحاور المريوطية وفي العديد من المناطق الأخرى، ما اســتلزم إجراءات مشــددة من جانب الدولة لإزالة مخالفــات البناء، خاصة على الأراضــي الزراعية وأراضي املاك الدولة. لا شــك في أن تطبيق القانون بكل قوة وحزم لن يســمح بمثل هذه المخالفات، ولن يسمح بالاعتداء على حرمات الطرق، إضافــة إلى الدور المهم لهيئة التخطيط العمراني للتدخل الفوري في أي مناطق فيها توســعات على مســتوى جميــع المحافظات، حتــى لا تكون لدينا عشــوائيات جديدة بعد عشــرات المليــارا­ت، التي انفقتها الدولة في بناء مســاكن بديلة للعشوائيات القائمة في العديد من المحافظات، إضافة لضرورة الحد من الهجرة من الريف إلى المدن، في ظل ما يتم تنفيذه من مشــروعات جديدة في كل المحافظات، التي تســتوعب مئات الآلاف مــن العمالة. لقد تغيــرت صورة مصر بفضــل رؤية القائد والدولة في بناء مصر الجديدة في كل شيء».

الوضع للأفضل

من بــن المتفائلين أمس عبد العظيم الباســل في «الوفــد»: «في عقود سابقة انتشــرت العشــوائي­ات في أحياء القاهرة ومختلف المحافظات، تحت سمع وبصر الدولة التي كانت تعتبرها مخرجا لأزمة الإسكان في ظل حرص الوزارة على سلامة جميع الأطفال.

فيما أكد الدكتور محمد إبراهيم المتحدث باســم وزارة المالية، أن الدولة تدعم الشــمول المالي، وأصبحــت لا تقبل أي مدفوعات تزيد عــن 500 جنيه، إلا بطريقــة إلكترونيــ­ة. وأكد أن مبلغ الـــ100 مليار جنيــه المخصصة لمجابهة فيروس كورونــا في مصر، لم يتم إنفاقها بالكامــل، مشــددًا علــى أن أي جهــة حكومية تحتــاج أي تعزيزات إضافية يتم صرفها لها على الفور.

فيما اهتم أمس الجمعة أنصار السلطة القائمة بالرد على المزاعم المنتشــرة بشــأن إهمال القاهرة القديمة، من أجــل تعمير العاصمة الإداريــة، وقــدّم هؤلاء مــا اعتبروه دليــاً يبرئ ســاحة الحكومة، مــن تلك التهمــة، مؤكدين علــى أن بدء تطوير مياديــن طلعت حرب والأوبرا والعتبة على غرار ميدان التحرير، يؤكد أن الدولة لن تذهب إلــى العاصمة الجديدة، وتتــرك القاهرة القديمة بمشــاكلها، وإنما ستكون قاهرة المستقبل بتاريخها القديم. توقف الدولة عن بناء مساكن جديدة، تواكب الزيادة السكانية المتلاحقة، حتى اســتوطنت هذه البؤر العشــوائي­ة 68 منطقة على مســتوى أحياء القاهرة، فتحول بعضها إلى «مفرخة» للجريمة والإرهاب. وعندما جاءت دولة يوليو/تموز وضعت هــذه القضية على رأس أولوياتها فاختفى )تل العقارب( وظهرت )الأســمرات(، كما احتلت )بشائر الخير( عشوائيات الإسكندرية وبدأ يتلاشى النمط العشــوائي من مختلف المحافظات، بعد أن أنفقت الدولة مليارات الجنيهات في بناء مســاكن آدمية وتأثيثها لنقل الســكان إليها، باعتبار أن تطوير هذه الأماكن من أهم حقوق الإنســان. وبجهود مضنية واصلت الدولة مشــوارها حتى تمكنت خلال 6 ســنوات فقط من بناء 160 ألف وحدة ســكنية لأهالي المناطق العشــوائي­ة لتوفير حياة كريمــة، ولكن رغم هذه الطفــرة الحضارية فــإن مخالفات البناء العشــوائي لم تتوقف، ما دفــع الحكومة إلى إعلان الحــرب لإزالة هذه المخالفــا­ت، التي ارتكبتهــا الضمائر الميتة خلال انشــغال الدولة ببعض الأزمات، مستغلة نفوذها بمساعدة فساد الأحياء. وهنا انتفضت الحكومة بتوجيه من القيادة السياســية، لإزالة تلك المخالفــا­ت، ووقف البناء في بعض أحياء القاهرة والجيزة، إلا بتخطيط مســبق يحافظ على الشــكل الجمالى للبناء، وترك مســاحات خضراء تمثل رئة جديدة لتلك الأحياء. أما البنيات المخالفة التي شــبت بلا ترخيص، أو تلاعبت برسوم الإنشاء أو خرجت إلى عــرض الطريق، أو ارتفعت فوق المســموح به، أو حولت الجراج إلى محلات تجارية، فقد فتحت الحكومة بابها للتصالح بشــأنها، وعلى المخالفــن أن يثبتوا «جدية التصالح»، ويدفعــوا مقدماً مقبولا من المســتحقا­ت المقررة عليهم، بدلاً من دفع مبالغ رمزية لوقف الإزالة، وهذا لن تقبله الدولة بعد أن كشفت ألاعيبهم.»

غير قابلين للشفاء

قال الدكتور أحمد عكاشــة أستاذ الطب النفســي ومستشار الرئيس للصحة النفســية والتوافــق الاجتماعي، أن أغلب المتحرشــن مجرمون يجب عقوبتهم وليس مرضى يحتاجون علاجًا، مشــيرًا إلى أن العلاج في هذه الحالات محدود للغاية. وأضاف عكاشة وفقا لـ «الوطن»، التي نقلت مداخلة أجراها الطبيب عبر خاصية «سكايب»، مع الإعلامي شريف عامر، مقدم برنامج «يحدث في مصر »، عبر شاشــة «إم بي ســي مصر :» 85٪« من مرتكبي جرائم القتل والاغتصاب، لا يكونون مرضى نفســييين، لكنهم مصابون باضطراب في الشخصية، وهو أمر مختلف عن المرض النفسي.»

وتابع الدكتور أحمد عكاشة مؤكداً، أن استعداد الشخصية هو ما يجعل المتحــرش يرتكب جريمة التحرش، مشــيرًا إلى أن «هشاشــة الضمير،» تســببت في زيادة هذا الأمر في مصــر على فترات طويلة، بســبب عدم وجود قانون يُقاضى بسببه المتحرش. وشدد مستشار الرئيس السيسي للصحة النفســية والتوافق الاجتماعي، على أنه من الناحية العلمية فإن زي المرأة ليس له علاقة بتعرضها للتحرش، مؤكدًا أنها لا تشجع المتحرش بسبب زيها، مدللًا على ذلك بقلة حوادث التحرش في الشواطئ في الدول الأجنبية: «ســبب هذه الأزمة، هو إحســاس المرأة بالدونيــة، وأنها أقل من الرجل، ولــو كانت البنت مدربة على رياضة الجودو لاســتطاعت رد الاعتداءات عن نفسها .»

الأزواج يتحرشون أيضاً

يعتبر البعض أن الكبت أو الحرمان ســبب للتحرش. وبدورها تسأل ناديــن عبد الله في «المصــري اليوم»، لكن ماذا عــن تحرش المتزوجين؟ وماذا عن حوادث تحرش آباء أو أفــراد العائلة ببناتهم؟ ويعتبر آخرون أن التحرش ســببه ملابس المرأة، ولكن ماذا عــن التحرش بالمنتقبات أو المحجبات اللاتي يشــكلن أغلبية النســاء في مصر أصــاً؟ يقول أحدهم إن التحرش بهن ســببه عدم القدرة على كبح جماح الشــهوة، بسبب ما تــراه العين من انفلات فــي ملابس أخريات، لكن ماذا عن عقل الإنســان وتحكمه في غرائزه؟ أليس في ذلك تحقير من شــأن الرجل قبل المرأة في مصر؟ ولماذا يضطر الشــخص إلى تغيير ســلوكه في بلاد أخرى حتى إن كان مفتونا؟ نعرف أنه لن يتجرأ على الاقتراب من أي فتاة في شارع دولة أوروبية، لأنه ســيتلقى عقابًا قاســيًا من الدولة، كمــا أن غالبية المجتمع ســيلفظه باعتباره متحرشًــا لا يؤتمن. لذا دعونا نواجه الحقيقة المؤلمة: التحــرش في مصر هو نتاج لثقافة الاســتباح­ة التي تأصلت في المجتمع، بــل والتطبيع معها عبر روايات ربما اعتبرتــه خطيئة، ولكنها في الوقت ذاته أعطت فرصًا لتبريره على شاكلة أن ملبس المرأة هو سبب من أسباب تحرش الرجل بها؛ وكأن المرأة مسلوبة الإرادة وعدم ارتدائها لما تراه أنت مناسبًا يعطيك حق اســتباحة جسدها. ألست مطالبا بغض البصر؟ وهل نعيش في دولة قانون أم في غابة؟

أغلقوا جروبات الأمهات

متــى ينصلح حال التعليم؟ أجاب وليد طوغــان في «الوطن»: «حينما تنصلح أفــكار «جروبات الماميــز».. وتنصلح أفكار «الماميــز» لما ينصلح مفهومنا عن التعليــم والغرض منه. اتجاهات «جروبــات الماميز» دلائل وإشارات على مفاهيم غلط عن غرض التعليم في أذهان الوعي الجمعي.. وإشــارات على لخبطة في العرف الاجتماعي عما تعنيه السنة الدراسية. في الوعي الجمعي الطالب يدخل الامتحان لينجح.. وبسهولة.. في مرحلة نقل إلى سنة تالية.. ولو بدون مجهود يذكر. لذلك فالمطلب الأول لجروبات الماميز هو إصلاح التعليــم.. والإصلاح )وفق مفاهيم الماميز( يعنى نجاح كل الطلبــة.. ووزير التعليم الجيد )عند أوليــاء الأمور( هو الذي يلتحق بالجامعة في عهده كل طلاب الثانوية.. بلا ســوابق حساب.. ولا عذاب. والعذاب هو امتحانات بأســئلة محتاجة إلى تفكير.. وإجابات محتاجة إلى فهم.. يســبقه تحصيل. تتغير أحوال التعليــم عندنا إلى الأفضل.. لما ترجع أغراض الدراســة ومعناها في أذهاننا إلى ســابق عهدها، وعندما نعيــد التفكير في الغــرض المفترض من إلحاق أطفالنــا بالمدارس. يتابع الكاتب: بيقول لك: امتحــان صعب! يعنى إيه امتحان صعب؟ لو مفترض في الامتحان ســهولة، فلماذا ينعقد من الأساس؟ ثم إيه معايير الامتحان الســهل؟ في اللغة )الامتحــان( من )محنة(.. يعني تعمّــد وضع الطالب في )محنــة( لتقييم فهمه.. الامتحان اختبار.. وهــو معيار لفرز جهد عام دراســي. الامتحان قدرة على اجتياز محنة، ليس الامتحان مجرد محطة في الطريق لنجاح مســتحق. لا أحد يعرف ما الذي غيّر مفهوم التعليم في وعينا الجمعي لنصل إلى هذا الشــكل؟ يرى خبراء أن التغيّرات بدأت من الثمانينيا­ت، لما كثرت المدارس الخاصة، وتعلم طلاب كثيرون غير مؤهلين بفلوســهم، وقتها بدت الثانوية لدى هؤلاء حائطــاً قوياً لا تكفي الفلوس وحدها لتخطيها».

هكذا الأبوة

اهتم أحمد عبد التواب في «الأهرام، بواقعة أثارت الكثيرين: «اســتفاد الرأي العام كثيرا من نشــر صورة أحد الآباء وهو يربط حذاء ابنته وهي خارجة من امتحان الثانوية العامة. وكانت أهم المؤشــرات التي تعبر عن

صحة المجتمع، هذا التقدير الكبير والتعاطف الجارف من جماهير المعلقين مــع الأب، لأنه لم يكتف بالذهاب مع ابنته إلى الامتحان، وانتظارها وإنما أيضاً أن يربط حذاءهــا بعد أن لاحظ أنه مفكوك، وأنهــا يمكن أن تتعثر فيه فجلس الأب علــى الرصيف ليتمكن من ربط الحذاء في لقطة يمكن أن تفوز في مســابقة أجمل اللقطات. لم يعترض سوى عدد محدود جداً ممن شــاهدوا اللقطة، الذين رأوا فيها تدليلاً مفرطا من الأب لابنته، ومنهم من قال إن الفتاة ناضجة بما يكفي لأن تربط حذاءها بنفســها! ولكن سرعان ما تلاشــت هذه الأصوات أمام موجة التأييد الجارف، ممن اســتخلصوا جوهر الموضوع ومعناه الأساســي، الذين أدركوا أن أهم ما تنطوي عليه اللقطــة هو حب الأب لابنته، بإصراره على القيام بما يراه واجبه، بما في ذلك تدليله لابنته، في وقت تحتاج الفتــاة لحنان الأب، في عز الامتحان والتوتر الرهيب الذي تعيشــه، ومــا كان الأب وابنته يدركان أن مصوراً يسجل اللقطة، وأنه سوف ينشــرها للرأي العام، وأن تصرفهما التلقائي سوف ينال ما يستحقه من متابعة للرأي العام، وهو ما حدث بالفعل. وقد نشــرت بعض المواقع أن اســم الأب، أحمد صالح العطار، يعمل مهندساً، ويقيم فــي منطقة فيصل في الجيزة، والطالبة اســمها ســارة، وهي في الصف الثالث الثانوي علمي علوم، وتؤدي امتحاناتها في إحدي مدارس المهندسين، وكنت أتمني أن أعرف اســم المصور لنشره، لأن بفضل ذكائه المهنــي راجت هذه الصورة، حتــى قيل إن جمهور المشــاهدي­ن تجاوزوا الملايين.

سنغيب يوماً ويحضرون

دق كــرم جبر في «الأخبــار» ناقوس الخطر محذراً مــن عدم الاهتمام بشــبابنا: «فتيات تيك توك لســن بنات شــوارع، كما قرأت في القضايا المنشــورة، ولا يمارسن الأعمال الشاذة بالطرق المعتادة للدعارة - آسف لاستخدام اللفظ - شقة وقواد وزبون، ولكن فتيات متعلمات ويستخدمن سوشــيال ميديا بطرق مبتكرة. وأغرب شــيء في قضايــا تيك توك أن الأســرة والعائلة والأب والأخ والأخت لا يرون ذلك عيباً، بل يحتشدون مع المتهمات في النيابات والمحاكم، ويعتبروهن أبرياء ولم يفعلن شــيئاً. إما العائلة واثقة فعلاً من براءة البنت وتدافع عن اتهامها ظلماً، أو تغيرت المفاهيم، وســقطت مقولة «لا يسلم الشــرف الرفيع من الأذى، حتى يراق على جوانبه الــدم»، أو ثقافة أجيال تتغير بتغير الظروف، فلم يعد ما كنا نراه عيباً بالأمس، هو في الدرجة نفسها اليوم، أو رد فعل من البنات على ظلم المجتمع ومشــاكل الزواج والطلاق والعنوســة والبطالة، أو التطلع إلى حياة مادية أفضل على حساب الشــرف والأخلاق والعفة، أو ظواهر جديدة تحتاج إلى الدراسة، بدون أن ندفن رؤوسنا في الرمال، فأكيد كثير من الشــباب والشــابات في حالة تعاطف مع فتيات تيك توك ويدافعون عنهن. لا نعرف شيئاً عنهم، ويخيم الصمت على البيوت والأسر، وأصبح كل يبكي علــى ليلاه، وتراجع الأب القدوة والأم المدرســة والبيت الكبير الدافئ، الذي يحــوي الجميع، ويضفي على أخلاقهم وســلوكيات­هم قيماً نبيلة. شــئنا أم أبينا فهؤلاء هم المستقبل، بعد خمســة أعوام أو عشرة، ســوف تختفى وجوه وتظهر وجوه، وهذا الشــاب الذي نستنكر بعض أفعاله اليوم، هو الوزير والمسؤول والأســتاذ والعامل والمهندس وغيره في المســتقبل، وإذا لم يتم تجهيزه بشكل مناسب، ســيكون المجتمع مثل القطار الذي يمضي بسرعة كبيرة إلى المجهول».

فليذهب للجحيم

وجد الدكتور أحمد الصاوي نفســه في «المشــهد» مرغما على الكتابة في قضية نقل تمثال ديليســبس لكونها وثيقــة الصلة بجوهر التحديات التي تواجهنا، وهي تحديات الإمبريالي­ــة الجديدة، التي ترتكن لخبرات الاستعمار القديم، الذي يعد ديليسبس أحد رموزه القبيحة. كان التناقض مؤذيا للمشــاعر الوطنية وتساءل الكاتب، إذن كيف نطلب من الشعب أن يجابه الاســتعما­ر الجديد، بينما هناك من يســعى لإعادة الاعتبار لأحد رموزه القديمــة؟ وذاك التناقض يثير ما هو أكثر مــن الريبة حول نوايا إثــارة الموضوع وتوقيته، فذاك أمر يوقظ فتنا نائمة في وقت تحتاج مصر فيه أقصى درجات التضامن، حتى بين الفرقاء السياســيي­ن. ولســت هنا بصدد السعي لإقناع الذين يســعون «في الخفاء» أو العلن لإعادة نصب تمثال ديليســبس ولكنني فقط أترافــع أمام الرأي العــام لنكون جميعا على بينة من مغزى ما ينوي البعــض إتيانه من منكر وطني. يروج دعاة نصب «الصنم» لأربع خرافــات يرونها مبررات كافية لنقض قرار المقاومة الشعبية، إبان عدوان 1956 بإســقاط التمثال، وهذا هو بالضبط مسمى هذا الإجراء، لأن التمثال لم يســقط من جراء عاصفــة أو بقرار حكومي. وتســتحق تلك الخرافات أن نتوقف عندها واحدة تلو الأخرى. الخرافة الأولى: ديليسبس مهندس قناة السويس تلك فرية، ينبغي أن يخجل كل من يروج لها لأنها شــيء لم يدعيه ديليســبس نفسه ولا يجرؤ أن يفعل. فالرجــل درس القانون لمدة عــام واحد فقط ولم يدرس شــيئا غير ذلك. وطبقا لما تذكره مراجع مختلفة أنه «ســرق» مخططات مشروع القناة من مهندســها، والتوصيف الواقعــي لديليســبس، أن تغاضينا عن جرائمه التي ســنأتي إليها لاحقا أنه كان «صاحب عقد الامتياز» أي المقاول المنفذ. طبعا القيمة المفترضة من ترويج تلك الخرافة هي إســباغ صفة العبقرية الهندســية على الرجل، وفي ذلك تســويغ أولي لإعادة التمثال إذ «كيف تتنكر مصر لمهندس القناة ومصممها».

تخاريف لا أصل لها

واصل الدكتــور أحمد الصاوي تفنيده لمزاعم بعض المســؤولي­ن حول أسباب نقل التمثال: «الخرافة الثانية احترام التاريخ وعدم تزييفه، وتلك لعمرك فرية أوقح من ســابقتها، وعدوان جاهل وجهول على التاريخ بكل أحداثه ووثائقه ودراســاته باللغات الحية كافة. فمن الناحية الشــكلية لم يكن هذا التمثال قائما عند افتتاح قناة السويس، مثـــــلما يريــــــد البعض أن يلمــح لذلك، بل ولم ينصب في حياة ديليســبس ذاته، وإنما قامت شــركة قناة السويس بنصب هذا التمــــــ­ثال بعد وفاتـــــه على ســبيل التكريم لمؤسس الشركة. الخرافة الثالثــــ­ة فرنســــا تريد إقامة التمثال، وأكد الكاتب أنـــــه لا يوجد مســـؤول حكــومي فرنسي من أي درجة طلب ذلك، ويصعب أن تطلب فرنســا ذلك بصفة رسمية أو تخاطب الحكومــة المصرية لإعادة تمثال ديليســبس لقاعدتــه. الخرافة الرابعة إيرادات الســياحة، حيث يروج المرجفون في المدينة إلى أن نصب تمثال ديليسبس ســيجعل من بورسعيد مزارا سياحيا تهوى إليه أفئدة المحبين له لتحقق المدينة ثروات هائلة من إيرادات بالغ كل من شــاءت له معارفه الضحلة بالســياحة العالمية في ســردها بالملايين من الــدولارا­ت. وتلك أكذوبة وتعلة تشــابه في كذبها البواح صاحب النداء الشــهير شربة عم محمود اللي تقتل الدود.»

شعور مختلف

انتصف العام، وقد امتزجت أيامه وشــهوره الصعبة، كما أشــار علي مرجان في «الوفد» بتشابكات غريبة ومفاجآت عجيبة، وتحديات كبيرة وغيــر متوقعة - ربما لا تتكــرر كثيراً في حياتنا - لكــن الأمل بأن المقبل أفضل، ســيظل قائماً ما دام في العمر بقيــة! انتصف هذا العام، وأصبحنا نمضــي في الحياة مــن وراء «كمامــة» تحمينا.. تغيرت معهــا ملامحنا، حتى أنك لا تســتطيع التعرف بســهولة إلى أقرب أصدقائك، وهو يرتدى «الكمامة»، تماماً مثلما يفشــل صديقك هو الآخر في فهم لغة العيون، الذي ينتابه الشــعور من نظرة عينيك تجاهه بأنك لا تبدو على ما يرام. )يبدو أننا نحتاج اليوم إلى تعلُّم لغة جديدة في حياتنا.. لغة العيون والكمامة(! من وراء الكمامة، ينتابك الشــعور في أوقات كثيرة بأن أحباءك قد تبدلت ملامحهم وانفعالاته­ــم، وكأنكم تلتقون لأول مرة، لكــن لكل منا حكايته الخاصة مع عالــم «الكمامة»، التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا هذه الأيام وهذا الصيف ومــا بعده! لقد أصبح ارتداء الكمامة أســلوب حياة لا يمكن التخلي عنه فــي حياتنا اليومية بســهولة، وباتت تحظى اليوم باهتمام الكثير من الاقتصاديا­ت وبيوت الأزياء العالمية، للدخول إلى هذا العالم الجديد بخطوط إنتاج تضــم تصميمات متنوعة، تلبي احتياجات زبائنهم مــن وراء الكمامة في مختلف الأوقــات والأماكن(. الخلاصة: لا تتهــاون في أمر الكمامة، وكل ما يجب عليك فعلــه، هو الالتزام بارتدائها حفاظاً على ســامتك وصحة أحبائك، فقط حاول أن تكتشــف نفسك من جديد وأنت تتأمل الحياة والأشــياء من وراء الكمامة.. ولا تنسى أن تنزع الأقنعة والكمامات الوهمية في حياتك!

عار فقاوموه

نبقى مع شــأن التمثال إذ كشف الدكتور حســن السعدي في «البوابة نيــوز» عن صيحات تعلــو، مفادها ضرورة إعادة تمثال ديليســبس في مدخل القنــاة على قاعدتــه الخالية منــذ إنزاله بعد العــدوان الثلاثي وتشــوينه في مخازن هيئة القناة. وقد جاءت حجــة هؤلاء المنادين من منطلقات رســمية وغير رســمية. حيث أكد على الجانب الرسمي محافظ بورسعيد باعتبار الأمر قرارًا سياديًا، في حين تكفل ما دونه بطرح مفهوم المصالحة مع التاريخ، فضلًا عن أهمية الأمر في تشجيع السياحة. وبعيدًا عن كل هذا الصخب نقول بهدوء إن مفهوم القرارات السيادية تم الترويج له بهدف غير الذي أريد منه، إذ طالما أن الســيادة للشعب فإن ما يتطلبه المجموع ولا يكون مخالفًا للدستور والقانون هو القرار السيادي الحقيقي، الذي يســتوجب على الجهــة التنفيذية صياغته في صورتــه التنفيذية ذات الطابع الرســمي. أما أن يتم الترويج للســيادية بتجاهل الرغبة أو الحس الشــعبي من منطلق أن صاحب القرار يعرف ما لا يعرفه الشعب، وأنه يدرك مصلحته أكثــر منه، فذاك يمثل حالة مــن الوصاية والانفراد بالقرار، الذي لا يقبله شــعب بورســعيد، بما قدّم من تضحيات، ولكونه صاحب قرار الإزاحة منذ ما يربو على الستين عامًا. أما عن مسألة تشجيع الســياحة فلســت أدري ما العلاقــة الوثيقة بين التمثال والســياحة في بورسعيد، ذلك أن المقومات السياحية للمدينة الباسلة لا يندرج فيها، بل لن ينعشها وضع التمثال كسابق عهده، حتى لو حظي بالتسجيل الأثري مــن قِبل اللجنة الدائمة للآثار. وتبقى قضيــة المصالحة مع التاريخ، وهو تعبير يحتاج إلــى وقفة متأنية، مفادها أن المصالحــة المزعومة إنما تأتي باعتذارات من الجانب المعتدِي لأصحاب الحق المعتدَى عليهم. وهو حق لا يسقط بالتقادم، لاسيما إذا ارتبطت به بعض الالتزامات الأدبية والمادية. وعلى الذين يتــوارون خلف درع التاريخ أن يراجعــوا مفهوم المصالحة التاريخية.

لا يحسن القراءة

يبــدو أن الرئيس ماكرون كما يرى وحيد عبــد المجيد في «الأهرام» لم يقرأ جيدا محتوى الرســالة المتضمنة في صناديــق الاقتراع في الجولة الثانية للانتخابــ­ات البلدية، التي أُجريت في 28 يونيو/حزيران الماضي. فقــد اكتفى بعنوان الرســالة الذي يفيــد بأن حزبه تلقــى ضربة مؤلمة. لم يســتهن ماكرون بهذا العنوان، أو يفســره مثلا بضعف المشــاركة في الانتخابــ­ات )٪40 فقــط(. وليس هناك مــا يدل على أنــه يراهن على تحويل رئيس الحكومة المستقيل إدوارد فيليب إلى كبش فداء، لأن غضب الناخبين ســبق أزمة كورونا، وأداء الحكومة فــي مواجهتها. كما فهم أن الرســالة موجهة إليه أيضا، وليس إلى حزبه وحكومته فقط. ولم يحاول طمأنة نفسه بأن المسؤولية لا تقع على رئيس الجمهورية حين يتعلق الأمر بانتخابات بلدية يهتم الناخبون فيها بقضايا محلية معظمها صغيرة. فقد أصبح هذا النــوع من القضايا أكثر أهمية لدى كثيــر من الناخبين مقارنة بأكبر قضايا العالم. قرأ ماكرون، إذن، عنوان الرسالة جيدا. ولكن الأرجح أنه لم يُحســن قراءة محتواها، فتصور أن نتيجــة الانتخابات تعود إلى إهمال قضايا المنــاخ، انطلاقا من أن حزب البيئة حقــق فيها أكبر فوز في تاريخه، وأصبح قوة مركزية تُحسب لها كل الحسابات، وصار في إمكانه جمع شــتات اليسار الفرنسي في إطار جبهة اجتماعية- بيئية قوية. ركز ماكرون سعيه إلى ترميم سياسته، التي أظهرت الانتخابات تصدعها، في منح اهتمام غير مسبوق لقضايا البيئة. وواضحة تماماً دلالة هذا التوجه. يريد ماكرون ســحب البســاط من تحت أقدام الخُضــر وحزبهم الصاعد بقوة، وكأنه يســعى إلى تفكيك قنبلة موقوتة معــدة للانفجار في وجهه في الانتخابات المقبلة عام 2022. غير أن قراءة محتوى رســالة الناخبين والغضــب المتضمن فيها، على هــذا النحو، تبدو جزئيــة لأن عوامل هذا الغضب أوسع بكثير. الناخبون غاضبون لأسباب اقتصادية - اجتماعية وسياسية، وليست بيئية فقط.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom