Al-Quds Al-Arabi

معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي يحاكي تبعات ومخارج «مصيدة الضم»

- الناصرة ـ «القدس العربي»

يحاكي معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، سيناريو تطبيق مخطط الســلب والنهب الإسرائيلي المعروف بمخطــط الضمّ، محــذرا من تبعاتــه الأمنية والدبلوماس­ــية والاقتصادي­ــة المترتبة علــى إخراجه لحيــز التنفيذ على أرض الواقع. وبالتزامن حذر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من خطورة الضم في حديث هاتفي أمس مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.

وفي محاكاته لهذا الســيناري­و يقول المعهد برئاســة رئيس الاستخبارا­ت العسكرية السابق الجنرال في الاحتياط عاموس يادلين إنــه من المفضل ألا تدخل إســرائيل نفســها لـ "مصيدة الضم" خاصة أنها ستقدم بذلك هدية لإيران.

وضمن هذا الســيناري­و الذي يحاكي تبعات محتملة لإحالة الســيادة الإســرائي­لية على مناطق في الضفة الغربية المحتلة خاصة مســتوطنات محيط القدس، يتوقع معهد دراسات الأمن القومي الإســرائي­لي إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن دولة فلسطينية مســتقلة في حدود 1967. في المقابل يتوقع عدم اعتراف دول العالم بالســيادة الإســرائي­لية عدا الولايات المتحــدة، وفــي المقابل تعتــرف أغلبيتهــا الســاحقة بالدولة الفلسطينية.

ويتابع توقعاته، على الفور سنشــهد أحداثا عنيفة متتالية على الجبهة الفلسطينية ـ الإسرائيلي­ة وربما خارجها.

وينــوه ضمــن محــاكاة الســيناري­و لاســتعادة القضية الفلســطين­ية مركزيتها في واجهة الحلبة العالمية بعدما نجحت إســرائيل في العقد الأخير بدفعها لقاع سلم الأولويات الإقليمي والدولي. وســيدفع فقدان إســرائيل الســيطرة على الأحداث المتصاعــد­ة اللاعبــن المعنيــن المختلفين لتبني خطــة اللجنة الرباعية لإلغاء الضمّ والإعلان عن دولة فلســطينية والعودة لطاولة المفاوضات استنادا لعدة مبادئ منها "صفقة القرن".

ويقــول المعهد الإســرائي­لي إنه في المحاكاة كمــا في الواقع، يتضــح أن أحداثــا تكتيكيــة هي التــي تحدد الاســترات­يجية الإسرائيلي­ة. ويضيف "هذه المحاكاة تدلل على أن عملية صناعة القرارات في إســرائيل مداها قصير ولا تأخذ بالحســبان أبدا بالتبعات المباشــرة وغير المباشرة لخطوات درامية تغير قواعد اللعبة المعتمدة.

المعهد الذي يعارض مخطط الضم ويحذر من تبعاته الأمنية والدبلوماس­ــية والاقتصادي­ة منــذ أعلن عنه، يشــير لوجود مخارج من "مصيدة الضمّ"، لكنه يشــكك فــي احتمال أن تكون عملية ومتاحة.

وضمن استخلاصات هذه المحاكاة يشير المعهد الى أن صورة إســرائيل في الحلبتين الدولية والإقليمية تبدو كدولة مارقة لا تحترم المعايير الدولية وتحظى بدعم أمريكي كامل.

كذلك يتوقع المعهــد تراجع الولايات المتحــدة عن الاعتراف بالضمّ وربما تعزف عن اســتخدام حق النقض الفيتو في الأمم المتحدة في حــال اتخذت قــرارات ضد إســرائيل، في حال تم انتخاب جو بادين رئيسا لها.

بــل لا يســتبعد المعهد مبــادرة بايدن للانضمــام لاعتراف أوروبي بدولة فلسطينية في حدود 67 ، مما يعني مساسا خطيرا بالعلاقات بين إســرائيل وبين الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة. ويتابــع "كلما تعاظم العنف في الجبهة الفلســطين­ية ـ الإســرائي­لية وتوســع ليطال قطاع غزة وإطلاق صواريخ من غزة ومن جنوب لبنان على يد ناشــطين فلسطينيين من الممكن تصاعد التوتر نحو مواجهة أوسع في المنطقة، وهذا لا يخدم أي مصلحة إســرائيلي­ة، بالعكس". ويرى "المعهــد" أنه من المخارج لمثل هذه الحالة المحتملة مسارعة جهات إقليمية ودولية للتمسك بمبادرة اللجنة الرباعية المذكورة، وبالتالي تجد إسرائيل ذاتها تتفاوض على أساس حل الدولتين.

ويشــير المعهد إلى انخفاض دعم الإسرائيلي­ين لمخطط الضم بعدما تبينت أثمانه والضغوط والإدانات المترتبة عليه، علاوة على الأعباء الاقتصادية الناجمــة عنه وتصاعد التوتر وأعمال العنف المحتملة في الجبهة مع الفلســطين­يين، وربما في الجبهة الشمالية.

ويضيــف ضمن هذه الاســتخلا­صات المبنيــة على محاكاة تطبيق الضم: "ومقابل الطريق السياســي المسدود الذي يظهر الفلسطينيي­ن كمسؤولين عنه اليوم، فإن ضما إسرائيليا أحاديا

ســيعزز الرؤية إسرائيل كمســؤولة حصرية عن التصعيد في جبهــة الصراع مــع الفلســطين­يين". ويقول أيضــا إن القيادة الفلســطين­ية موجودة فــي ضائقة إســتراتيج­ية خطيرة وقد عبرت عن استعدادها للقيام بخطوات من شأنها الدفع لتفكيكها "وتســليم المفاتيح" لإسرائيل، علما أن أزمة كورونا أثقلت عليها مثلما تثقل على إسرائيل.

ويزعم المعهــد أن الرئيس عباس و"رغم رفضه العودة لمائدة المفاوضات وســلوكه الممانــع أدرك أنه يفقــد الصلة في الحلبة الداخليــة والدولية، لكــن مقترحات اللجنــة الرباعية منحته عجلة نجاة وثبتت السلطة الفلسطينية كممثلة حصرية للشعب الفلسطيني، هذا بالإضافة لازدياد احتمال عودة تقديم المنح من الدول المانحة لاقتصادها المنهار".

ويدعي معهد دراســات الأمن القومي أن إســرائيل تمحورت في العقد الأخيــر في سياســات الأمن في إحباط وتشــويش تقدم إيران نحو حيازة الســاح النووي وتمركزها في الجبهة الشمالية، وسط استغلال جائحة كورونا للتملص من واجباتها التــي أعلنت التزامها بها مــن قبل بعد توقيع اتفــاق فيينا عام 2016، منوهــا أنه في المقابــل نجحت إســرائيل بدفع القضية الفلسطينية للهوامش في الأجندة الإقليمية والعالمية، لكن خيار الضم يعيدها لمركز المسرح.

ويتابع المعهد: "هذا التطور حفّز إســرائيل للانضمام لمخطط الرباعية من أجل تســوية مــع الفلســطين­يين وعندها العودة للتركيز على القضية الإيرانية. وبذلك يتضح أن أحداثا تكتيكية هي التي تحدد الاســترات­يجية الإسرائيلي­ة، وهذه رؤية قصيرة المدى ويعتريها خلل خطير".

ويخلــص المعهد في "المحــاكاة" للقول إن هنــاك مخارج من هذه المصيدة، لكنه يشكك باحتمال استخدامها فعليا على أرض الواقع.

وفي هذا الســياق قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن الرئيس ماكــرون دعا رئيس حكومة الاحتــال للإحجام عن أي مخطط لضمّ أراضٍ فلســطينية في الضفة الغربية المحتلّة، مشددا على أن مثل هذا المخطط يعني الإجهاز على خيار تســوية الصراع مع الشعب الفلسطيني بتسوية الدولتين.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom