Al-Quds Al-Arabi

الأردن خارج «المصالحة» الفلسطينية ويسأل السلطة عن الخطة «ب»

ذخيرة تشكيك أم سوء تعبير؟ بعدما خلط الطراونة الأوراق:

- عمان ـ «القدس العربي»: بسام البدارين

الجدل الذي أثاره الدكتور فايز الطراونة بتصريحه الغريب يخدم إضعاف الرواية الأردنية للأحداث ويستفيد منه في المحصلة المشككون سواء بالطرف الفلسطيني أو حتى داخل الأردن في صفوف المعارضة الانتقائية.

لا يقف الجـدل في الأردن عند ملف أو قضية أو مفصل حساس.

هذا ما يمكن استنتاجه من تجدد النقاش في مسألة مشروع الضم الإسرائيلي ومن موجة التشكيك التي تطل برأسها بين الحين والآخر في الموقف الرسمي الأردنــي خصوصا بعدما قرر مصطادون في المياه ركوب موجة التشكيك عبر الذخيرة التي وفرها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور فايز الطراونة بسؤاله العلني الذي أثار ضجيجا: شو دخل الأردن؟

أغلب التقدير أن تعبيرات الطراونة خانته أمام الكاميرا وهو يتحدث عن فلسطينية الأغوار رغم أنها فلسطينية في كل حال.

ورغــم أن بعض المراقبين يشككون في إنتاجية الاعتماد على «ســوء تعبير فقط» إلا إن الرئيس الطراونة والـذي بدا هزيلا قليلا وفقد بعض وزنه بسبب المرض لاذ إلى موقف هزيل أيضا في السياسة يغرد خارج السرب.

القيادة الفلسطينية ومؤسسات السلطة والشعب الفلسطيني ابتداء من الرئيس محمود عباس وانتهاء بقائد حركة حماس اسماعيل هنية، مرورا بجبريل رجوب وصائب عريقات والمجلس الوطني الفلسطيني، عبرت علنا عن الامتنان الشديد حصريا للموقف الملكي الأردني الرافض حتى الآن مشروع الضم الإسرائيلي مــن حـيـث الـشـكـل والمــضــم­ــون ومـــن دون نقاش بالتفاصيل.

هنا تبدو عبارة الملك عبد الله الثاني الشهيرة «رنانة» وهو يؤشر على أن المشروع الإسرائيلي وصفة قد تؤدي إلى الصراع مع الأردن مع أن المقصود خلاف جذري أعمق بكثير مما يتصوره الإسرائيلي­ون.

ثبت ذلك في الوجه الشرعي، فالأردن الرسمي لم يقف عند حدود التعبير بل بدأ حملة دبلوماسية مكثفة حاولت بذكاء دبلوماسي الاستثمار في موقف دولة مثل الإمــارات وتقاربت مع المصريين وتواصلت مع الرئيس عباس ودعمت خيار المصالحة الفلسطينية ووجهت رسائل ناعمة لدمشق ثم اجتهدت في بلورة موقف موحد لدول الجـوار، الأمر الذي يبرر زيارتي وزير الخارجية أيمن الصفدي إلى بغداد ورام الله ثم استقباله لنظيره اللبناني في عمان.

لا أحد سياسيا حتى اللحظة على الأقل يعلم بصورة محددة ما الذي يبتغيه الصفدي أو ما الذي قاله في بغداد، فقد تعطلت واردت النفط العراقي إلى الأردن بعد تلك الزيارة. وطبعا لا يمكن الرهان على تواصل دبلوماسي عميق مع لبنان الغارق في المشكلات ولم تقدم وصفة تشرح ما الذي أراده الصفدي باسم بلاده طبعا من لقاء الرئيس محمود عباس الذي يمكن بدوره ملاحظة عدم زيارته للأردن منذ وقت طويل.

لوحظ في الرواية الأردنية المحكية لمسار الأحداث

أن سلطة رام الله حجبت عن الصفدي أي معطيات أو معلومات تتعلق باللقاء الشهير بين الثنائي الرجوب ـ العاروري.

كالعادة فوجئت عمان بملف المصالحة الفلسطينية يتدحرج ويبدو أن الجنرال جبريل الرجوب التزم بتعليمات الرئيس عباس بأن لا تتدخل أي قناة عربية بمسألة المصالحة وأن تبحث مباشرة مع قيادة حركة حماس في وجبتها الأولى بعيدا عن أي مظلة وسيطة، وهنا حجبت المعلومات مجددا عن عمان.

وهنا أيضا كسبت النخب الأردنية التي تحذر دوما من معلومات محجوبة عن الشقيق الفلسطيني بين الحين والآخـر خصوصا وأن الصفدي على الأرجح عندما زار رام الله كـان يبحث عن استراتيجية رد موحدة وعملية تنسيق مع الفلسطينيي­ن لا توجد أدلة مؤكدة على انها متفاعلة بنشاط.

لا تزال أوسـاط عمان السياسية في حالة بحث عن الخطة الفلسطينية «ب» أو السيناريو البديل إذا ما انفلتت الأمور وقرر اليمين الإسرائيلي قلب الطاولة بإنجاز الضم وخلط جميع الأوراق وسط رسالة من الرئيس عباس للأردنيين.

يبدو في التقدير الأردنــي ان تلك الخطة أما غير موجودة أو محجوبة عن الشريك الأردني أيضا.

في كل حال لدى الجانب الفلسطيني ملاحظات مكتومة على التنسيق مـع الأردن وســط مساحة مشتركة هـذه المـرة وبصورة نــادرة قوامها ضعف آليات تواصل الجانبين معا بالإدارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب وضعف هوامش التنسيق أيضا مع طاقمه.

إلى هنا تبقى عناصر الاشتباك الأردني مع أجندة مشروع الضم الإسرائيلي مربوطة بالعاملين الدولي والإقليمي.

لكن الجــدل الــذي أثــاره الدكتور فايز الطراونة بتصريحه الغريب يخدم إضعاف الرواية الأردنية لـأحـداث وهـو أمـر يستثمر بـه ويستفيد منه في المحصلة المشككون سواء بالطرف الفلسطيني أو حتى داخل الأردن في صفوف المعارضة الانتقائية.

من الصعب توقع انحسار الجدل إلا إذا صدر موقف رسمي أردني يشخصن تعليق الطراونة أو يتبرأ منه سياسيا ويعتبره مجرد رأي قيل في مقابلة تلفزيونية شهدت تغريدا نسبيا خارج السرب، فالدولة الأردنية بالمحصلة ليست مسؤولة عن نصوص أو تعليقات تصدر عن موظفين سابقين أو أميل للتقاعد أو يحاولون إنتاج مساحات للجدل يمكن الاستغناء عنها بهدف أما تبديد الضجر أو العودة للمسرح على أي نحو.

 ??  ?? الاستيطان في غور الأردن
الاستيطان في غور الأردن

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom